الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار - العدد 14

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2018 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


المسار- العدد (14)- آذار/مارس 2018



- افتتاحية:

وظيفة الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)
كان الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)هو حركة التمرد الأساسية في الحركة الشيوعية العربية ضد الوصاية السوفياتية،وقد جاء هذا من إرادة أغلبية الحزب الشيوعي السوري نحو جعل الماركسية ليست نسخة حرفية تُحمل من موسكو إلى دمشق ومن اتجاه الشيوعيين السوريين بغالبيتهم نحو مزج الماركسية مع القضايا العربية والسورية ومن الرغبة في عدم التكرار الكارثي لللإملاءات السوفياتية التي قادت لقبول الحزب بقرار تقسيم فلسطين وفي المصادمة مع الرئيس عبدالناصر عام1958أثناء الوحدة السورية- المصرية وفي القبول بصيغة"الجبهة الوطنية التقدمية"التي أعلنت بيوم7آذار1972.كان اصطدام أغلبية الحزب مع موسكو هو الذي دفع السوفيات لتشجيع انشقاق الأمين العام للحزب خالد بكداش وأقلية في اللجنة المركزية والمكتب السياسي والجسم الحزبي المعلن ببيان علني يوم3نيسان1972وبالتالي ولادة الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)بوصفه معبراً عن استمرارية تنظيمية - سياسية لأغلبية الحزب الشيوعي السوري.
من هنا جسَد الحزب عبر خلافه مع السوفيات وخالد بكداش خط الاستقلالية عن موسكو عبر تأسيس نهج ماركسي عربي- سوري يحاول القول من خلاله بأن الماركسية ليست هي فقط تلك الموجودة في الاتحاد السوفياتي وأن هناك طبعات مختلفة للماركسية تنتهجها الأحزاب الشيوعية حسب الظروف الملموسة في بلدانها.كانت (قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري)أساساً مع السوفيات وقد جاءت(الملاحظات السوفياتية على مشروع البرنامج السياسي للحزب)في أيار1971انعكاساً لذلك،ولو لم تأتي تلك الملاحظات،التي أشرف المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي على صياغتها وشارك فيها مسؤولون كبار أحدهم رئيس الوزراء الروسي بالتسعينيات يفغيني بريماكوف،لمااستطاع خالد بكداش أن يجمع ماجمعه من حزبيين وصلوا يوم 3نيسان1972 لثلث عدد أعضاء الحزب.كانت قضايا الخلاف مع السوفيات متركزة في ثلاثة قضايا:(الوحدة العربية- فلسطين- الموقف من السلطة السورية).
تركزت وظيفة الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي) على مسارات متعددة:إعادة الاعتبار لمفهوم (الديموقراطية)بعيداً عن مفاهيم(الديمقراطية الشعبية)و(الديمقراطية الثورية)،وقد كان الحزب هو الحزب السوري اليساري الأول،بدءاً من عام1978،الذي تبنى هذا المفهوم الذي انبنى عليه ميثاق (التجمع الوطني الديمقراطي)كانون أول1979الذي قدم برنامج التغيير الديمقراطي الجذري للأوضاع السورية.كانت مساهمة الحزب رئيسية في انشاء(التجمع)كإطار يجمع أحزاب يسارية عروبية وماركسية على برنامج موحد وفي إطار تحالفي جديد لتقديم (خط ثالث)في ظل بدء المجابهة منذ صيف1979بين السلطة السورية والمعارضة الاسلامية.لم يكن خط (التجمع)خطاً ديمقراطياً محضاً بل مزج (الوطنية)و(الديموقراطية)في بوتقة واحدة واعتبر أن الثانية شرطاً لازماً لتحقيق الأهداف الوطنية والقومية ،وكان في المواضيع (الوطنية)و(القومية)على يسار السلطة السورية.
كان(التجمع)هو كيان المعارضة السورية الرئيسي في فترة مابعد هزيمة المعارضة الاسلامية عام1982،وفي النصف الثاني من التسعينيات كان هو الكيان المعارض الوحيد المتبقي.ظل الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي)فاعلاً رئيسياً في الجسم المعارض رغم تعرضه لحملات اعتقال متعددة قادت المئات من أعضائه للسجون،وظل هو الحزب السوري السري الوحيد التي ظلت قيادته تقود تنظيماته من الداخل ولم يصل لدرجة الموت التنظيمي في الداخل السوري وللتحول لجسم خارجي.كان الاستمرار السياسي- التنظيمي عند (التجمع)جسراً للعبور،في ظل (الصمت عن السياسة)التي سادت كحالة المجتمع السوري منذ أواسط الثمانينيات وحتى عام2000،إلى حياة سياسية جديدة وانتعاش في حالة المعارضة السورية بدءاً من عام2001وفي بدء عودة المجتمع السوري للسياسة.كان دور الحزب رئيسياً،مع الكثير من أحزاب المعارضة و(لجان احياء المجتمع المدني)،في تلك العودة عند الكثير من السوريين إلى السياسة،والحقيقة هنا أنه لولاتلك المراهنات الخاطئة،مبدئياً وعملياً،عند الأمين الأول للحزب رياض الترك،بتأثير تجربة اسقاط الأميركان لصدام حسين عبر غزو العراق عام2003،لماحصل تكرار لتجربة 1979-1982عندما تصدر الاسلاميون المعارضة السورية ولكانت المعارضة اليسارية العروبية والماركسية هي التي قادت المعارضة السورية في تجربتي2005-2008و2011-2018،حيث كان انقسام اليساريين السوريين بين مراهن على الأجنبي لاحداث التغيير الداخلي السوري وبين يساري رافض لتلك المراهنة ومحافظ على الجمع بين حدي(الوطنية)و(الديمقراطية)هو الذي أتاح للاسلاميين الفرصة من جديد لكي يستطيعوا عبر هذا الانشقاق في صفوف اليساريين أن يتصدروا الحراك المعارض من جديد بدءاً من عام2005.
كان ذهاب أعضاء (الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي)في اتجاهات مختلفة أحد مظاهر ذلك:من ذهب في نيسان 2005نحو تأسيس(حزب الشعب الديمقراطي)كان في خط المراهنة على المشروع الأميركي البادىء بالعراق وبالتحالف مع الاسلاميين نحو تأسيس "اعلان دمشق" ومن ثم2011و2012"المجلس الوطني"و"الائتلاف".من ذهب في أيار2005نحو الابقاء على اسم(الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي)أراد الحفاظ على الخط الماركسي وعلى الخط الوطني الديمقراطي وأراد التصدي لمراهنات معارضين سوريين على (الخارج)على غرار التجربة العراقية لاحداث تغيير داخلي سوري.كانت مساهمة الحزب عام2007في تأسيس (تجمع اليسار الماركسي- تيم)تحوي اتجاهات عدة:الحفاظ على خط ماركسي سوري معارض،في ظل وجود شيوعيين موالين للسلطة وشيوعيين تحولوا نحو أيديولوجية ليبرالية بدأوا بالمراهنة على الأجنبي ،والاتجاه الثاني هو الحفاظ على خط(وطني ديمقراطي).تعزز اتجاه(تيم)مع انشقاق "اعلان دمشق"عام2007بين يساريين عروبيين وماركسيين رفضوا التعويل على المشروع الأميركي ضد تحالف اسلامي- ليبرالي جديد- قومي كردي سيطر على المجلس الوطني لاعلان دمشق بجلسته المنعقدة في 1كانون أول2007.كان ماسمي ب(الخط الثالث)الذي تشكلت أوراقه عبر جلسات استغرقت أعوام2008-9-10وشارك فيها(تيم)و(حزب الاتحاد الاشتراكي)،وقوى وشخصيات مستقلة،هي النواة لتأسيس (هيئة التنسيق)في25حزيران2011والتي أكدت على رفض(التدخل العسكري الخارجي)و(العنف السلطوي والمعارض)مع التأكيد على ضرورة التسوية للأزمة السورية من خلال (انتقال سياسي نحو نظام جديد).كان للحزب دوراً أساسياً،من خلال(تيم)و(الخط الثالث)و(هيئة التنسيق)في الهزيمة الفكرية – السياسية لخطي (الاستعانة بالخارج) و(العنف)،وفي تقديم خط التسوية.
كآفاق مستقبلية،الحزب يشتغل على خطوط عدة:1- خط وطني يتلاقى فيه الحزب مع من يتلاقى معه على خط (التسوية)للأزمة السورية،وللحفاظ على وحدة الأرض والشعب السوريين،وعلى خط تخليص سوريا من هيمنة الخارج الدولي- الاقليمي الذي تدل الكثير من المعطيات أنه بدأ بفرض تلك الهيمنة المتعددة الأسماء والعناوين على هذه البقعة الجغرافية السورية أوتلك.
2- خط يساري عام من أجل تجمع يساري بمرحلة الانتقال مابعد تسوية الأزمة يضم ماركسيين وعروبيين وقوميين أكراد يكون عنواناً لليساريين أمام الليبراليين والاسلاميين من أجل تحقيق أهداف اليسار العامة الوطنية- الديمقراطية- الاقتصادية- الاجتماعية- الثقافية- التشريعية.
- خط يسعى من خلاله الحزب إلى تأسيس تجمع ماركسي للشيوعيين والماركسيين السوريين وصولاً إلى حزب واحد.


تعريف جرائم الحرب
(مكتب الدراسات والتوثيق بهيئة التنسيق الوطنية)



عندما كانت الدول تشن الحروب، فإن ممارستها لأفعال الحرب تظل مطلقة دون قيود ،ولم تكن هذه الدول تهتم بنتائج وويلات هذه الحروب على الأفراد ، أو المجتمع ،أو المنشآت، التابعة لدولة العدو ،وكانت تمارس كافة الأعمال الحربية، وترتكب الجرائم والفظائع بحق العدوالمقابل، ولكن في نهاية القرن التاسع عشر 1899وفي بداية القرن العشرين عقدت أول المؤتمرات الدولية من أجل تقنين ووضع قواعد للحرب، ثم جاء بعدها مؤتمرات جنيف ، بمساعدةاللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي والإعداد لها منذ عام 1864، وذلك من أجل وضع قواعد شاملة تقوم على توفير الحماية لضحايا الحرب، وكانت أول محاكمات بخصوص جرائم الحرب في القرن العشرين هي محاكماتنورمبرج ، التي تمت بموجب إتفاقية لندن عام 1945 ،ومن ثم محاكمات طوكيو بموجب القرار الصادرعن القائد الأعلى للقوات المسلحة لدول الحلفاء عام 1946، وبعد هذه المحاكمات ونشوء النزاع المسلح الدولي في البوسنةوالهرسك، والإنتهاكات الخطيرة التي أدت إلى إرتكاب جرائم حرب ، تم إنشاء محكمة دولية جنائية خاصة بمحاكمة مجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة، وإتخذت مقرا" لها في لاهاي، وتم ذلك بموجب قراري مجلس الأمن ذواتالأرقام 808 و827 لعام 1993، ومن ثم تم إنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب في راوندا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 595 لعام 1994، وبعد ذلك تم إنشاء محكمة دولية يكون من إختصاصاتها متابعة جرائمالحرب المرتكبة في كافة أنحاء العالم، وقامت هذه المحكمة بتلافي كافة النواقص التي شابت المحاكم الجنائية الخاصة السابقة وتم ذلك عبر مؤتمر دبلوماسي عام 1998 الذي أقر نظام هذه المحكمة .
وقد كان لفقه القانون الدولي تعريفات مختلفة لجرائم الحرب منها تقول: بأن جرائم الحرب هي " أعمال العداء التي يقوم بها الجنود أو غيرهم من أفراد العدو ، متى كان من الممكن عقابه والقبض عليه ". وجاء بتعريف آخر" جرائم الحرب هي كل جريمة معا قب عليها تكون خرقا" للقا نون الدولي، وترتكب أثناء أو بمناسبة قتال وسواء كانت ضارة بالمجموعة الدولية، أو ضارة بالأفراد ". وعرِفت أيضا" بأنها" تلك الجرائم التي ترتكب ضد قوانين وعادات وأعراف الحرب ، سواء صدرت عن المتحاربين أو من غيرهم" وقد جاء تعريف جرائم الحرب عن طريق الإتفاقيات والتصريحات الدولية ومن ثم عن طريق المحكمة الدوليةالجنائة.
أولا"ـا تفاقيات لاهاي لعام 1899 و1907 : عرَفت هذه الإتفاقيات جرائم الحرب على سبيل التعداد، حيث إعتبرت أ نه تعد جريمة حرب 1ـ استخدام أسلحة سامة 2ـالإستخدام الغادر لشارات دولة العدو 3ـ قتل وجرح من ألقى سلاحه 4ـ تدمير ممتلكات العدو دون ضرورة عسكرية ......الخ
ثانيا"ـ اتفاقيات جنيف لعام 1949:عرَفت هذه الاتفاقيات جرائم الحرب بأ نها الجرائم الخطرة المحددة في هذه الاتفاقيات ،و كل جريمة أخرى من جرائم القانون الدولي ، لو لم يرد ذكرها في هذا التعداد، حيث عددت هذه الجرائم ب13 جريمةوذلك في نص المادتين 50 و53 من الاتفاقية الأولى، والمادتين 44 و 54 من الاتفاقية الثانية والمادة 130 من الاتفاقية الثالثة، والمادة 147 من الاتفاقية الرابعة، وهذه الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقيات الأربعة هي على النحو التالي :1ـ القتل العمد ـ2ـالتعذيب ـ 3ـ التجارب البيولوجية ـ4 إحداث ألام كبرى مقصودة ـ5 ـايذاءات خطرة ضد السلامة الجسدية والصحيةـ 6ت المعاملة غير الإنسانية ـ 7ـتخريب الأموال وتملكها بصورة لا تبررها الضرورات العسكرية ، التي تنفذ على مقياس واسع غير مشروع تعسفي ـ 8 ـإكراه شخص على الخدمة في القوات العسكرية لدولة الأعداء ـ9ـحرمان شخص محمي من حقه في محاكمة قانونية وحيادية ، حسبما تفرضه االاتفاقيات الدولية ـ 10ـ إقصاء الأشخاص ونقلهم من أماكن تواجدهم بصورة غير مشروعة ـ 11ـ الإعتقال غير المشروع ـ 12 ـأخذ الرهائن ـ 13 ـ سوء استعمال علم الصليب الحمر أو شارات أ والأعلام المماثلة .
ثالثا"ـ تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة لجرائم الحرب : جاءفي المادة الثانية من قانون الجرائم المخلة بسلم وأمن البشرية لعام 1952بأنها : الأفعال المرتكبة إخلالا"بقوانين وعادات الحرب، والتي تشمل على سبيل المثال لا الحصر: الإغتيالات ـ إساءة معاملة السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، أو نفيهم لإغراض الأشغال الشاقة أو لأي أغراض أخرى ـ قتل او إساءة معاملة أسرى الحرب أو راكبي البحرـ أعمال التخريب الذي لا تبرره المقتضياتالعسكرية.
رابعا"ـ تعريف نظام المحكمة الدولية الجنائية الدائمة : نصت المادة /5/ من نظامها على أشد الجرائم خطورة، والتي هي موضع إهتمام المجتمع الدولي بأسره ومنها جرائم الحرب ، كما نصت المادة /8/ بفقراتها حصرا"على الأفعال التي تعد جرائم حرب ، فهي لم يرد فيها النص على أن هذه الأفعال واردة على سبيل المثال ، فعرفتها بأنها : 1ـ الإنتهاكات الجسيمة لإتفاقيات جنيف لعام 19492 . 2ـ الإنتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف التي تطبق فيالمنازعات المسلحة الدولية في إطارالقاتون الدولي القائم حاليا". 3ـ الإنتهاكات الجسيمة للمادة /3/ المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذات طابع دولي. 4 ـ الإنتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين و الأعراف التي تطبق في المنازاعات المسلحة غيرذات الطابع الدولي في إطار القانون القائم.
**التمييز بين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية: المادة /5/ و/6/ من نظامي محكمتي نورمبرج وطوكيو قد اشترطت قيام حالة الحرب بربطها لإرتكاب جرائم الحرب ضد الإنسانية بإرتكاب جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، وعرَفتها محكمة يوغسلافيا السابقة في المادة /5/ بالنص على أن للمحكمة الدولية الإختصاص القضائي لمحاكمة الأفراد و المسؤولين عن الجرائم التالية عندما يتم إرتكابها في نزاع مسلح إذا كان هذا النزاع ذو صفة دولية أونزاع داخلي، وتم توجيهه ضد السكان المدنيين 1ـ القتل 2ـ الإبادة 3ـ الإستعباد4ـ النفي 5ـ السجن والتعذيب 6ـ الإغتصاب 7ـ الإضطهاد السياسي والعنصري والديني 8ـ الأعمال اللإنسانية الإخرى. في حين أن محكمة راوندا لم تشترطذلك ، وإكتفت بإرتكاب الأفعال المشكلة لها كجزء من هجوم منهجي أو واسع النطاق ضد السكان المدنيين، لأن اشتراط الإرتباط بالنزاع المسلح سيؤدي إلى عدم إمكانية مساءلة مرتكبي هذه الجرائم جنائيا"، وقد أيد نص المادة /7/ مننظام المحكمة الدولية الجنائية الدائمة الشرط الوارد في نظام محكمة راوندا، حيث نصت على أن: لفرض هذا النظام الأساسي ، يشكِل أي فعل من لأفعال التالية جريمة ضد الإنسانية، متى إرتكبت في إطار هجوم واسع النطاق ، أو منهجي موجَه ضد أيِ مجموعة من السكان المدنيين ، وإعتبرت هذه المادة أن الجرائم ضد الإنسانية قد ترتكب في وقت السلم وفي زمن الحرب ، إذا تم وفق إطار مخطط مدروس وممنهج، فجرا ئم الحرب لا يمكن أن ترتكب إلاَ فيزمن الحرب ،في حين أن جرائم ضد الإنسانية يمكن أن ترتكب أثناء الحرب أو في حالة السلم،فإذا إرتكبت الجرائم ضد الإنسانية في وقت السلم فهي جرائم ضد الإ نسانية ، أما إذا إرتكبت وقت الحرب فهي جرائم حرب .
**التمييز بين جرائم الإبادة وجرائم الحرب: جاء في إتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري لعام 1948 : بأن جريمة إبادة الجنس البشري ضد قانون الشعوب وهي ترتكب في وقت السلم والحرب معا" ،وجاء تعريفها في المادتين /2/ و/4/ من هذا القانون وإ عتبرها من الجرائم الدولية، وقد أخذت المادة /5/ من نظام المحكمة الدولية الجنائية بهذا التعريف ، ويمكن إعتبار جريمة إبادة مرتكبة من قبل طرف ممثلي الدولة أو أطراف أشخاص أخرين ،زمن الحرب أو السلم بمناسبة نزاع مسلح دولي أو داخلي ،بأنها الأفعال الخمسة التالية المرتكبة، بقصد التحطيم الكلي أو الجزئي لجماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية عبر: القتل لأفراد الجماعة أو إصابة جسيمة للكيان الجسمي والنفسي لأفراد الجماعة، وإخضاع الجماعة بصورة مقصودة لشروط حياة، من شأنها أن تحدث تدميرا" كليا"، او جزئيا". يمكن الإستنتاج من ذلك إن جريمة الإبادة يمكن أن تقع في زمن السلم ، كما في زمن الحرب ، وجريمة الإبادة تتميز عنجريمة الحرب بالقصد ، والمقصود بالقصد أن تتوفر لدى الجاني العلم والإرادة، بالإضافة إلى قصد خاص هو الإبادة، ولذلك يمكن أن يتصور وقوع جريمة الإبادة لو لم تتحقق الإبادة بالفعل، طالما أنه صدر عن الجاني الأفعال المادية السابقة، وكان قصده جريمة افبادة ، أما جريمة الحرب فلا تتطلب قصدا" خاصا"، بل يكتفي بالقصد العام ، والمتمثل في العلم بإرتكاب أفعال مشكِلة لجرائم الحرب و إنصراف الإرادة إلى مثل تلك الأفعال أوالنتيجة.
-------------------------------------------------------------------------------------------

350ألف قتيل حصيلة سبع سنوات من الحرب السورية
موقع"الجزيرة أونلاين"1232018

تسبب النزاع السوري الذي ينهي بعد يومين عامه السابع بمقتل أكثر من 350 ألف شخص، بينهم أكثر من مئة ألف مدني، وفق حصيلة أوردها المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن حصيلة القتلى منذ اندلاع النزاع في سوريا منتصف آذار/مارس 2011 حتى اليوم بلغت "353,935 شخصاً على الأقل بينهم 106,390 مدنياً".
وأوضح أن من بين القتلى المدنيين 19,811 طفلاً وأكثر من 12500 امرأة. وكانت الحصيلة الأخيرة للمرصد في 24 تشرين الثاني/نوفمبر أفادت بمقتل أكثر من 340 ألف شخص. وتشهد سوريا منذ سبع سنوات نزاعاً دامياً بدأ باحتجاجات سلمية ضد النظام، سرعان ما واجهها بالقمع والقوة قبل أن تتحول حرباً مسلحة تشارك فيها أطراف عدة. وفي ما يتعلق بالقتلى غير المدنيين، أحصى المرصد مقتل نحو 122 ألف عنصر من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، بينهم 63,820 جندياً سورياً و1630 عنصراً من حزب الله اللبناني. في المقابل، قتل أكثر من 62 ألفاً من مقاتلي الفصائل المعارضة والإسلامية وقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية أبرز مكوناتها وخاضت معارك عنيفة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. كما قتل 63,360 من مقاتلي جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) وتنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى مقاتلين أجانب من مجموعات متطرفة أخرى. وأحدث النزاع منذ اندلاعه دماراً هائلاً في البُنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. -
--------------------------------------------------------------

في ذكرى اغتيال المفكر حسين مروة.
من كلمة المفكر مهدي عامل الذي اغتيل في 18 مايو 1987 يوم وداع رفيق دربه حسين مروة الذي اغتيل يوم 17 فبراير 1987 .
ها نحن نودّعك ونشهد بأنك ما استعديْت إلا ظالمًا هو بنظامه قامع مستبد. حاورت الجميع، ناقدًا متسامحًا، مسكشتفًا أفق المعارف، صارمًا في الحق حتى ضد نفسك، صادقًا، والحق عندك في التغيير في خدمة الانسان. حاورت الرفاق والاصدقاء، وحتى خصومًا هم في حوارك اصدقاؤك. فلماذا قتلوك؟ لانك الرمز، تنخسف الظلامية كلما خطّت يداك النهج في بحث التراث؛ ترى فيه الصراع المستديم بين قوى القهر وقوى الحرية، بين العقل والجهل. ألهذا قتلوك؟ لانك قلت ان الفلسفة العربية الاسلامية ليست واحدة، بل متناقضة، يتجاذبها تياران: تيار النور وتيار الظلمات، تيار الثائرين وتيار المستبدّين حتى بالدين، وطبعًا بالانسان، لانك أثبتّ أنهم كذبوا. قتلوك، وأثبتّ ان قاعدة الفكر في وثباته الخلاقة علمية وثورية.
من الجنوب انطلقتَ، فأطلقت الجنوبَ وفكرَ الجنوبِ، وقلت: يا ايها المثقفون اتحدوا ضد الطغيان، ولتكن كلماتكم سلاحكم. أنتم اقلام الشعب . ألهذا قتلوك؟ لانك الشيعي الشيوعي.
- المصدر: مجلة الطريق اللبنانية -العدد الثالث- تموز/يوليو 1987-

-------------------------------------------------------------------------------------------







___________________


حول تشكيل حكومة ألمانيا الاتحادية الجديدة
-الدكتور جون نسطة-
جرى مراسيم الإعلان عن تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، الاثنين ١٢ آذار/مارس2018 برئاسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للمرة الرابعة على التوالي، وبذلك تكون قد خطت على خطوات اثنين فقط من سابقيها “كونراد أيديناور” و “فيلهام كول”.
والمراسيم تجلت بالذهاب إلى قصر رئيس الدولة “شتاينماير” وتسلم كتاب التكليف برئاسة الحكومة.
وكذلك توجه كافة الوزراء لتسلم أوراق تعيينهم في الحكومة الجديدة. ومن ثم توجه الجميع إلى بناء البوندستاغ (البرلمان) لنيل الثقة. ونتيجة التصويت كانت بحصول الحكومة على تسعة أصوات فقط عن الحد الأدنى للحصول على الثقة، مما يشكل نقطة ضعف في موقف الحكومة. وبعد نيل الثقة جرى حلف اليمين أمام أعضاء البرلمان.
من المعلوم إن عملية التوافق على تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، تطلب من الوقت مدة ١٧٨ يوما كاملاً، بين ظهور النتائج الانتخابية، والتوصل إلى التحالف الحالي بين الأحزاب الثلاثة:
١- الاتحاد المسيحي الديموقراطي.
٢- الحزب الاجتماعي الديموقراطي.
٣- الحزب الاجتماعي المسيحي في ولاية بافاريا.
وهذه الظاهرة تشكل حدثاً سياسياً ملفتاً للنظر في تاريخ ألمانيا الاتحادية، ويشكل دلالة على الأمور التالية:
١- لقد ولى زمن حصول حزب واحد على أكثرية أصوات الناخبين ليس في ألمانيا فقط، بل في كل بلدان أوروبا.
٢- توضح أن خلافات اليمين واليسار ليست إلا خلافات شكلية بين الاتحاد المسيحي الديموقراطي والحزب الاجتماعي الديموقراطي، ويجتمعون على خدمة مصالح أسيادهم أصحاب الصناعات والبنوك والتجارة.
٣- توضح أن عدم تشكل جبهة يسارية حقيقية تفرض وجودها القوي على الساحة، ساهم بتقديم تنازلات كبيرة وهامة من قبل الحزب الاجتماعي الديموقراطي، أمام الحزبين المسيحيين خلال عملية التفاوض على تشكيل الحكومة الحالية.
إن التوصل إلى تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، يشكل عودة الاستقرار للشارع السياسي الألماني، ويجعل الاتحاد الأوروبي يتنفس الصعداء، وخصوصاً فرنسا الحليف الرئيس لألمانيا.
وبالنسبة لانعكاس تشكيل الوزارة على ساحة السياسة الخارجية الألمانية، فيظهر أن هذه السياسة لن تتغير إزاء الأزمة السورية، أو إزاء القضية الفلسطينية، والموقف من دولة العدوان “إسرائيل”، لا بل هناك معلومات تشير إلى تعاطف وزير الخارجية الجديد مع إسرائيل، أكثر من سابقه بكثير.
----------------------------------------------------------------------------------------------------


هذا ما فعلته الصين لتصبح عملاقاً اقتصادياً

تشهد الصين، منذ عقود تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، نمواً مذهلاً جعلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، متجاوزة اليابان وألمانيا، كما جعلت الإصلاحات الاقتصادية البلاد مركزاً للصناعة في العالم، وأكبر دولة تجارية على الإطلاق، وانتشلت مئات ملايين الفقراء من حالتهم، لكن رغم التطور المتسارع فإن الصين تواجه تحديات كبيرة مثل نمو التفاوت الاجتماعي والاقتصادي والشيخوخة السكانية والبيئة.
ماذا فعل الحزب الشيوعي الصيني؟
بعد وفاة القائد الصيني "ماو تسي تونغ" عام ١٩٧٦، أصبح "دينغ شياو بينغ" (جوهر الجيل الثاني من القيادة الصينية) الزعيم الأول للصين.
دفع "دينغ" بإصلاحات جبارة أعادت هيكلة اقتصاد الصين، وجعلتها منفتحة على الخارج، اعتباراً من العام ١٩٧٨، وتضمنت تحديثات في أربعة مجالات: الزراعة، والصناعة، والعلوم والتكنولوجيا، والدفاع.
كانت الصين وقتها في المرتبة التاسعة عالمياً وفق تصنيف الناتج المحلي الإجمالي بـ ٢١٤ مليار دولار، لتقفز إلى المرتبة الثانية عام ٢٠١٣ (بعد ٣٥ عاماً) بناتج محلي إجمالي 9,2 تريليون دولار.
أدت الإصلاحات إلى زيادة دور آليات السوق وخفض سيطرة الحكومة على الاقتصاد. وشملت إلغاء المزارع الجماعية، وفتح الصين أمام الاستثمارات الأجنبية، وتشجيع ريادة الأعمال التجارية، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة، وإدخال حوافز سوقية في الشركات المملوكة من قبل الدولة.
وعلاوة على ذلك، بدأت الصين فى المشاركة فى الاقتصاد العالمي وانضمت إلى صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي عام ١٩٨٠.
دخلت قيادة الجيل الثالث الصينية، مطلع التسعينيات، مع "جيانغ زيمين" مطبقة إصلاحات اقتصادية كبيرة، منها خصخصة وتصفية معظم الشركات المملوكة للدولة، باستثناء الاحتكارات الكبيرة، مما وسع دور القطاع الخاص في الاقتصاد، كما تم خفض الحواجز التجارية، وإنهاء تخطيط الدولة، واستحداث المنافسة، وإلغاء القيود التنظيمية، وفرض ضرائب جديدة، وإصلاح النظام المصرفي وإدارته بكفالة، وإزاحة الطبقة العسكرية عن الاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، قاد "جيانغ زيمين" الصين للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية عام ٢٠٠١، لكنه استقال عام ٢٠٠٢ من منصبه كأمين عام للحزب الشيوعي، وبدأ بذلك دخول الجيل الرابع من القيادة مع الرئيس "هو جينتاو"، الذي حاول مع إدارته خفض الفوارق في الدخل بين المدن الساحلية والريف، التي سببها النمو الضخم للصين. فتمت زيادة المعونات، وإلغاء الضرائب الزراعية، وإبطاء خصخصة أصول الدولة، وعززت الرفاه الاجتماعي.
شهدت الصين عام ٢٠٠٥ نمواً اقتصادياً غير مسبوق يرجع في الأساس إلى ازدهار الصادرات، التي زادت بنسبة هائلة ٢٧٪ بين عامي ٢٠٠٢ - ٢٠٠٨، وارتفاع الاستهلاك الخاص، والصناعات التحويلية، والاستثمارات الضخمة.
ومع ذلك، أجبرت الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ السلطات الصينية على تبني سياسة نقدية فضفاضة وإطلاق حزمة تحفيز قوية بقيمة ٥٨٥ مليار دولار، أدت إلى تعزيز النمو عبر المشاريع الاستثمارية الضخمة، وسط موقف مالي قوي للحكومة الصينية، وبالتالي نجت البلاد من الأزمة الاقتصادية بشكل أفضل من الدول الأخرى، وخرجت بناتج محلي إجمالي مرتفع بأكثر من ٩٪ ونسبة تضخم منخفضة.
ومع ذلك شكل الخروج من الأزمة تخلخلات في الاقتصاد الكلي، وخفض من معدل الاستهلاك، لكن وصول الجيل الخامس إلى السلطة عام ٢٠١٢ مع "شي جين بينغ" كشف عن تدابير اقتصادية تهدف إلى تعزيز توازن النموذج الاقتصادي على حساب تسريع عملية النمو، عبر خطة إصلاح طموحة في محاولة لتغيير الأسس الاقتصادية للبلاد وضمان نموذج نمو مستدام، أي تَحمُّل معدلات نمو أقل لدفع الإصلاحات الاقتصادية إلى الأمام.
صاغ "شي جين بينغ" مصطلح "الحلم الصيني" كمساهمة له في أيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني، تأكيداً على سعادة الناس وفكرة الصين القوية، كما عمل على الإبطاء من الاستثمار في الصناعة والبنية التحتية مع تحول الأمة من نموذج نمو مدفوع بالاستثمار إلى نموذج يركز على طلب المستهلكين.
أكبر دولة تجارية في العالم
يشكل الميزان التجاري في الصين فائضاً منذ العام ١٩٩٤، كما تجاوزت الصين الولايات المتحدة كأكبر دولة تجارية في العالم عام ٢٠١٣، وهي تمتلك احتياطي من النقد الأجنبي يبلغ ٤ تريليون دولار عام ٢٠١٤.
استفادت الصين من التدفقات القوية للاستثمار الأجنبي المباشر، بأرقام قياسية بلغت ١١٨ مليار دولار عام ٢٠١٣، وبذلك أصبحت ثاني أكبر متلق للاستثمار الأجنبي في العالم. وتعتبر هونغ كونغ وسنغافورة واليابان وتايوان والولايات المتحدة من أكثر الدول استثماراً في الصين.
علاوة على ذلك، شاركت الصين في العديد من الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف التي فتحت أسواق جديدة لمنتجاتها.
عام ٢٠٠٣، وقعت الصين اتفاقية شراكة اقتصادية وثيقة مع هونغ كونغ وماكاو. كما دخلت اتفاقية التجارة الحرة (FTA) بين الصين ودول الآسيان حيز التنفيذ مطلع العام ٢٠١٠، والتي خلقت ثالث أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي. كما أنشأت الصين اتفاقية تجارة حرة مع دول مثل: أستراليا وتشيلي وكوستاريكا وكوريا وباكستان والبيرو ونيوزيلندا وسنغافورة، إلى جانب اتفاقيات تجارة حرة أخرى تخضع للتفاوض مع دول مجلس التعاون الخليجي واليابان والنرويج وسريلانكا.
وتعتبر الأجهزة الإلكترونية والآليات والتجهيزات ٥٥٪ من مجموعة الصادرات الصينية، فيما تشكل الملابس ١٣٪، ومواد البناء والمعدات ٧٪.
المبيعات إلى آسيا تمثل أكثر من ٤٠٪ من إجمالي صادرات الصين، أما أمريكا الشمالية تمثل ٢٤٪ وأوروبا ٢٣٪، ورغم ازدياد الصادرات إلى أفريقيا وأمريكا الجنوبية إلا أنها لا تمثل سوى ٨٪.
ومن أجل تزويد المصانع ودعم نمو الصين السريع، تستورد البلاد مجموعة ضخمة ومتنوعة من السلع والمواد مثل النفط والحديد الخام والنحاس والحبوب. وأدى هذا الطلب على المواد الخام إلى ارتفاع أسعار السلع العالمية وتعزيز خزائن الدول النامية، حتى العام ٢٠١٥، الذي شهد انخفاضاً في الطلب الصيني انعكس على الأسعار.
وتشكل الدول الآسيوية ٣٠٪ من واردات الصين، والأوروبية ١٢٪ والأمريكية ٨٪، فيما تشكل أفريقيا وأستراليا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية ٥٠٪.
اليوان كعملة احتياطية عالمية
قبل عام ١٩٧٨ كان النظام المالي الصيني مركزي للغاية، انعكاساً للنظام الاقتصادي المخطط، وكانت تجمع الحكومة المركزية كل العائدات لتوزعها على الإدارة والمؤسسات العامة، وبالتوازي مع الإصلاحات المطبقة منذ عهد "دينغ جياو بينغ" (الجيل الثاني) بدأت الحكومة بتطبيق اللامركزية على النظام المالي، وفي العام ١٩٩٤ أطلقت الحكومة إصلاحات مالية جريئة من أجل مكافحة التراجع السريع في الناتج المحلي الإجمالي، الذي أضعف من قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات الاقتصاد الكلي وإعادة التوزيع.
أطلقت الصين إصلاحات على النظام الضريبي واعتمدت خطة لتوزيع الضرائب، إلى جانب تلقي الحكومة لعائدات ضريبة القيمة المضافة وضريبة دخل الشركات والمؤسسات، وبالتالي ازداد ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من ١٠,٨٪ عام ١٩٩٤ إلى ٢٢,٧٪ عام ٢٠١٣.
وتعتبر معظم ديون الحكومة الصينية بالعملة المحلية (اليوان) ومملوكة من قبل المؤسسات المحلية، كما أن الحكومة لديها في البنك الشعبي مدخرات نقدية تعادل ٦٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا الوضع يحمي الاقتصاد الصيني من أزمات الديون. وكان الدين العام ١٥,٦٪ من الناتج المحلي عام ٢٠١٥.
تشير التوقعات الاقتصادية إلى استمرار نمو الاقتصاد الصيني، وتواصل الطلب المحلي بشكل مرن عبر نمو الواردات القوي في شهر كانون الثاني/يناير ٢٠١٨، وسط نشاط صناعي وتصديري يدفعه الطلب العالمي، إلى جانب تعزيز العملة "اليوان".
ورغم أن اليوان الصيني يمكن تحويله بحرية، إلا أنه يبقى منظم بصرامة ضمن ضوابط في حساب رأس المال، وقد أعربت السلطات الصينية عن رغبتها بتسهيل تحويل العملة والحسابات وتحرير أسعار الفائدة. وتقوم السلطات الصينية تدريجياً بتعزيز استخدام عملتها في الخارج لتصبح عملة احتياطية عالمية. ورغم أن العملية بعيدة عن الانتهاء إلا أن الصين رسخت مستوطنات تجارية مع دول مختارة وأطلقت سلسلة من اتفاقية تبادل العملات مع أكثر من ٢٠ بنكاً مركزياً.
أرقام للمقارنة:
عام ٢٠١٦ الولايات المتحدة الصين اليابان ألمانيا
عدد السكان ٣٢٣ مليون ١٣٨٣ مليون ١٢٧ مليون ٨٢,٧ مليون
الناتج المحلي الإجمالي ١٨,٥٦٩ تريليون دولار ١١,٢١٢ تريليون دولار ٤٩٦٠ تريليون دولار ٣١٢٩ تريليون دولار
الناتج المحلي الإجمالي للفرد ٥٧,٤٣٦ دولار ٨,١٠٩ دولار ٣٩,٠٨٩ دولار ٣٧,٨١٧ دولار
نسبة البطالة ٤,٩٪ ٤٪ ٣,١٪ ٦,١٪

تمكن النموذج الاقتصادي الصيني من انتشال مئات الملايين من الفقر ودفع النمو الاقتصادي والاجتماعي إلى أرقام قياسية، لكن يرافق هذا التطور العديد من التحديات مثل الاختلالات الاقتصادية الحادة وتزايد في عدم المساواة الاقتصادية والشيخوخة السكانية وتضرر البيئة، وهذه القضايا تواجه قيادة "شي جين بينغ" لمعالجتها من أجل ضمان استدامة الصين.
السؤال الأهم المتبقي هو: ما هي الدروس التي يمكننا تعلمها من هذه التجربة؟
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------

المسألة الزراعية في سوريا
عانى الشعب العربي والقوميات الأخرى من ويلات الحكم العثماني ونتائجه في انعدام التنمية الريفية والفقر والجوع والحرمان حيث السلطان عبد الحميد كان يملك ما لا يقل عن 15 مليون دنم و 1114 قرية مع صدور قانون العشائر حتى تم الغاءه في خمسينيات القرن الماضي ....و مما لا شك فيه ان القطاع الزراعي يحتل مرتبة في الاقتصاد الوطني من خلال الإنتاجية الزراعية ومن خلال نسبته من الإنتاج المحلي وهناك العديد من المشاكل التي تواجه هذا القطاع وادخلت الدولة الكثير من التطويرات به على سبيل المثال التعديلات على المحاصيل الزراعية لإنتاج أصناف اكثر مقاومة للمرض والظروف الجوية ويعتبر قانون 1958 للإصلاح الزراعي وتحديد الملكيات خطوة تقدمية عظيمة في سبيل الغاء التملك الكبير والواسع للأرض وحصلت عدة تدابير اجتماعية واقتصادية منذ استلام حزب البعث كتحديد نظام الملكية الزراعية وأعطى للدولة مفعولا سيطرت على التجارة وضربت في كل زوايا البلاد واجبرت على شراء المحاصيل من الفلاحين وحصل تعاون إيجابي بين الفلاح والدولة في سبيل تلبية احتياجاته من مستلزمات الإنتاج .
والآن يواجه هذا القطاع تحدي متمثل في التغير المناخي في سوريا حيث يواجه انخفاض في هطول الأمطار حسب تقرير هيئة البحوث العلمية السورية والتوزع غير المناسب للهطول المطري الأمر الذي يحتاج لمد شبكات ري للمناطق التي تخضع لهذه الظروف المناخية وإرتفاع حرارة الشتاء والموجات الحرارية خلال نضج المحاصيل وظهور امراض وآفات وبائية مثل كتلة البندورة وأمراض الصدأ على القمح ونقص في المياه الجوفية والسطحية وارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق الامر الذي يحتاج لمزيد من العناية والدراية وتخصيص نسبة من ميزانية الخطط الخمسية لأجل تحسينه وتوفير مستلزمات الإنتاج ، وبعض العمليات الزراعية ومكننة إنتاج بعض المحاصيل الزراعية كالري السطحي وتجهيز الأراضي للزراعة وزراعة البذار وتفتت الحيازات الزراعية وغيرها من المشاكل والصعوبات التي تواجه هذا القطاع إضافة لقانون العلاقات الزراعية رقم 56 بتاريخ 29/12/2004 واعتبر نافذاً بعد ثلاث سنوات على صدوره والذي حصر حق فسخ العقد الذي يوقع بين المالك والمزارع بالمالك حصراً وخلو القانون من هذا الحق يعطي المالك سلطة مطلقة على الفلاح ومن الصعوبات أيضاً ممارسات المالكين التي تضر بمصلحة الفلاح المزارع الشريك ومنها غياب المالك حين جني المواسم ويعتمد المالك بعد ذلك لإقامة الدعاوى وطلب تقدير الإنتاج لتقاضي قيمة حصته من الإنتاج وفق تقدير الخبراء (وما أدراك ما الخبراء) فيتكبد المزارع نفقات الدعاوى وأتعاب المحاماة التي ربما تفوق ما جناه المزارع ويعمد المالكون إلى هذا الأسلوب للضغط على المزارع ليترك مزرعته ربما من دون مقابل أو بلا تعويض أو تعويض زهيد لذلك من العاجل والهام تعديل هذا القانون بما يتناسب ومصلحة الفلاحين و ( الأرض لمن يعمل بها ) ومعالجة هذه الصعوبات أو تلك مما ذكرناهم ام لم نذكرها وتحسين الشروط مما لا شك فيه سيرفع من إنتاجية القطاع الزراعي ونسبة هذا القطاع الهام والحيوي بالنسبة للإقتصاد الوطني .

ومن الهام ذكر أهمية برامج الهيئة الزراعية السورية التي تم إنشائها عام 2001 حيث أشار التقرير السنوي لعام 2014 الى الأهداف العامة لقطاع الزراعة حسب وزارة الزراعة :
1- تحقيق الأمن الغذائي وتوفير حاجة المستهلك الوطني من السلع الغذائية .
2 – استدامة الموارد الطبيعية والاستثمار الاقتصادي المرشد لها وتسويق المنتجات الزراعية
- توسيع دور النظام المصرفي في التمويل والتأمين والضمان الزراعي
- الحد من الفقر بتنمية ريفية شاملة تساهم في تكامل سياسات التنمية مع القطاعات الأخرى

ويشير بنفس الوقت تقرير 2013 إلى أن إحداث الهيئة للقانون رقم 42 لعام 2001وحدثت بموجب المرسوم24 لعام 2012 مما أضفى عليها الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري على ان تكون مرتبطة بالوزير وواجب هنا التوضيح على أهمية استقلال عملها وتطوير عملها بما يخدم الإنتاج الزراعي حيث أشار التقرير السنوي لعامين و2013 2011 للهيئة من حيث إستنباط اصناف :
- عالية الإنتاج
- مكافحة للأمراض والآفات .
- متحملة الجفاف .
- ذات احتياج مائي قليل ومقاومة للملوحة
وتطوير الزراعة العضوية والعمليات الزراعية كالزراعة الحافظة ومعدلات البذار وعروات زراعية جديدة و مكننة الزراعة وتطوير طرق الري رذاذ وتنقيط والسطحي وتسوية الأرض بالليزر وحصاد ونشر المياه وتنويع المحاصيل وتحسين الثروة الحيوانية للعروق المحلية والإستفادة من المخلفات الزراعية في التغذية والإهتمام بها غنم العواس وبقر شامي وجولاني وإبل وجاموس ..الخ وخفض تكاليف الإنتاج وتعزيز القدرات الفنية للباحثين وتطوير آليات نقل المعرفة والخبرة والإرشاد الزراعي للفلاحين أما عن الصعوبات التي تواجه الهيئة الصعوبات الإستثمارية من حيث عدم كفاية الإنفاق المالي على الأبحاث الزراعية حيث تحتل 0,2 من الناتج الزراعي .

وفقا لتقرير 2014 وصلت الأبحاث الشاملة ل 1134 المنفذ منها 825 ونسبة التنفيذ 72,80 وتوزع ميزانية الهيئة الاستثمارية فالاعتماد 405,000,000 والانفاق 366,550,961 ونسبة التنفيذ 90,51 ووفق البحث العلمي للهيئة فادارة البحوث للموارد الطبيعية تضع نصب عينيها التالي :
- الادارة المتكاملة والمتسدامة للموارد الطبيعية للاغراضالزراعية .
- زيادة الانتاج الزراعي
- ايجاد المعايير القياسية لاستخدام المياه غير التقليدية في الري الزراعي
- مكافحة التصحر والحد من الانجراف المائي والريحيللتربة .
- ايجاد المعادلات السمادية المتوازنة لكافة الزراعات .
- ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الاسمدة المختلفة
- استخدام النمذجة الرياضية في ادارة الموارد الطبيعية
- رفع الكفاءة العلمية للباحثين
- تقديم الخدمات الفنية الارشادية في مجال ادارة وترشيد استخدامات الموارد الطبيعية من خلال تقديم حزمة تكنولوجية متكاملة للفلاحين .
وفق ادارة بحوث المحاصيل فانها تعمل على
- استباط اصناف وتقييم طرز وراثية مدخلة من اجل اعتمادها كاصناف ملائمة للبيئة المحلية
- تقييم مدخلات من الشوندر وعباد الشمس وفول الصويا لاعتماد الملائم منها في الزراعة
- ايجاد الحزمة المتكاملة لكل محصول
- تزويد المؤسسة العامة لاكثار البذار بنويات الاصناف المعتمدة لاكثارها وتوزيعها على المزارعين .
وادارة بحوث القطن تعمل من اجل :
- استنباط اصناف جديدة ملائمة لمناطق زراعة القطن
- تزويد المؤسسة العامة لاكثار البذار بنويات الاصناف المعتمدة
- المكافحة المتكاملة لمحصول القطن
- المعاملات الزراعية المناسبة لمحصول القطن بما فيها المكننة
- ادارة بحوث البستنة تعمل :
- - تطوير زراعة وانتاج الاشجار المثمرة والخضار والنباتات البستانية الاخرى
- تنشيط الزراعة العضوية
- وضع خريطة زراعية لانتشار انواع واصناف الاشجار المثمرة ومناطق التوسع الملائمة
- دراسة المعاملات الزراعية والزيادة الانتاجية وتحسين مواصفات المنتج وجودته وخفض تكاليف انتاجه
ادارة بحوث الثروة الحيوانية تعمل :
التربية والرعاية والتحسين الوراثي للحيوانات المحلية
- التغذية والاعلاف والمراعي
- فيزيولوجيا الحيوان والتقانات الحيوية
- الصحة الحيوانية
- نثل التقانة وتنفيذ بعض الاعمال الارشادية
ادارة بحوث الدراسات الاقتصادية والاجتماعية تعمل من اجل
- اقتصاديات الانتاج الزراعي والنباتي والحيواني والاستخدام الامثل للموارد الزراعية
- ادارة المزارع والتسويق الزراعي
- تقديم المشاريع ودراسات الجدوى
- تحليل السياسات الزراعية
- التنمية الريفية وتمكين المراة الريفية والحد من الفقر
- استثمار نتائج البحوث العلمية الزراعية
- الفجوة الانتاجية بين الباحثين والمزارعين
قسم الاصول الوراثية تعمل
- جمع الموارد الوراثية وتوثيقها واكثارها
- تقييم وتوصيف ودراسة المدخلات واكثارها
قسم بحوث تكنولوجيا الاغذية تعمل
- تحديد جودة الانتاج
- حل المشاكل التصنيعية
- توصيف المنتجات الزراعية
- سلامة المنتجات الزراعية
قسم بحوث التقانة الحيوية يعمل :
- التوصيف الجزيئي وتحديد البصمة الوراثية
- التوصيف البيوكيميائي لبعض اصناف القمح الطري
- الاكثار الخضري الدقيق للعديد من الانواع النباتية الهامة اقتصادياً
- تطوير تقنية التحوير الوراثي
- الكشف عن وجود مواد معدلة وراثياً
نسب التنفيذ وعدد الدراسات والبحوث والتجارب المخططة لعام 2014 تبلغ 915 والمنفذ 812 بنسب تنفيذ 87,75 .
تم تطبيق مراسيم كثيرة وقوانين للعلاقات الزراعية في الريف تبدو متأخرة لكنها مفيدة حالياً بالنسبة للفلاحين والاستمرار في تطبيق هذه السياسة سيؤدي لكثير من تطوير حصة القطاع الزراعي من الاقتصاد الوطني ويمتنه ويؤمن الاكتفاء الذاتي الموعودين به .
-----------------------------------------------


المسألة الزراعية
الجزء الثاني :
انخفضت معدلات الفقر بين 1996 -1997و 2003 -2004 من 14,4 الى 11,3 إلا أن الانخفاض في المناطق الحضرية وصل الى ضعفي الانخفاض في المناطق الريفية 3.9 ـ و1.8 ـ نقطة مئوية في المناطق الحضرية والريفية على التوالي أي ان النسبة مازالت مرتفعة في الريف و تشير الدراسات الى وجود علاقة وثيقة بين الفقر والجهل ،فالاسر التي يكون رب الاسرة فيها غير متعلم وليس لديه مورد رزق فإن الحاجة تفرض عليه الاستفادة من عمالة الأولاد وبالتالي حرمانهم من التعليم، علما ان التعليم مجاني في سورية إلا أن الحالة الاجتماعية التي تعيشها الاسر الفقيرة فرضت نفسها وبالتالي تحب تفعيل برامج انعاش الريف سواء البرامج الحكومية أو الأهلية للحد من الفقر والجهل. ‏
وقد بلغ حصة القطاع الزراعي من الصادرات السورية 2007 ما يقارب 15% من الصادرات واسهام هذا القطاع الهام في انتاج الدخل القومي يتراوح ما بين 20% ل 22% واسهامها في الناتج المحلي لعام 2000 هو22% و انخفضت في عامي 2005 2006 الى 21% 20% ولا بد من التنويه ان الأراضي القابلة للزراعة في سوريا تشكل 32,1% من اجمالي مساحة الجمهورية العربية السورية والمستثمر منها 93,9% فقط أي ان نسبة الأراضي المزروعة لا تتجاوز في احسن الأحوال 25,6% من المساحة الاجمالية للقطر ونسبة الأراضي التي تستخدم الري الحديث لا تتجاوز 16,8% من الأراضي المسقية ونسبة الأراضي المروية فيها29,6% من الأراضي المزروعة فعلاً .
نسبة القوى العاملة في الزراعة عام 1971 يشكلون 56% من مجموع القوى العاملة في سوريا وتراجع عام 1980 الى 39% وانخفض 1986حتى 31,8% واستمر الانخفاض عام2005 الى 25,7% وتشكل الزراعة مورد معيشة لأكثر من 51% من السكان وبلغت نسبة المشتغلين في الزراعة 95% من نسبة العاملين في القطاع الزراعي .
ويعاني الريف السوري من انتشار الامية في معظم مناطق الريف وجهل معظم المزارعين بأصول الزراعة الحديثة وضعف الارشاد الزراعي وانعدامه في مناطق الإنتاج وقلة عدد الفنيين وسوء توزعهم في مناطق الإنتاج الزراعي وسوء مكننة الزراعة رغم الاتجاه نحو تزويد القطاع بمستلزمات الإنتاج الزراعي وتشتت الحيازات الزراعية وبلغت الزيادة في مجموع القوة البشرية 32,8% من عدد السكان ونسبة الزيادة في القوة البشرية الزراعية 10,8% فقط مما يؤشر الى تناقص قوة العمل الزراعية في سوريا ويفسر التدني بالهجرة الداخلية لسكان الريف للمناطق الحضرية ولا شك توجد حلول كثيرة ومختلفة من بينها تشجيع التعاون الإنتاجي لتوسيع الحيازات الزراعية وزيادة إمكانية ادخال المكننة الزراعية وتوسيع مزارع الدولة ومكننتها توسيع الكادر الفني واللازم لخدمة أراضي المزارعين الصغار .
تمثل الملكية الصغيرة والمتوسطة للأراضي الشكل الأكثر شيوعاً في الإنتاج الزراعي بذلك أصبحت الملكية الزراعية اقل تمركزاً مما كانت عليه من قبل تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي الذي نص على الا تزيد الأرض الممنوحة للعائلة الفلاحية المنتفعة عن 8 هكتار سقي و 30 الى 45 هكتار بعل وتتوزع اشكال الاستثمار الزراعي ما بين الحكومي والتعاوني والاستثمار الخاص حتى بلغت نسبة الاستثمار الخاص في اجمالي المساحة المحصولية 59% في عام 2006 ونسبة الاستثمار التعاوني 40,7% ونسبة اسهام القطاع الحكومي وصلت الى 0.02 لعام 2006 وهنا نلاحظ ان الاستثمار الخاص مازال مسيطراً على الإنتاج الزراعي في سوريا وهو الذي يحدد طرق وآليات تطور الزراعة في البلاد اما القطاع العام فمعظم أراضيه حلت ووزعت على الفلاحين .

يرجع الضعف في الإنتاجية الحيوانية وفق دراسة اعدت من جامعة تشرين الى نقص العليقة العلفية وضعف اعمال المزارعين باعمال الرعاية والصحة وضعف الخدمات الصحية والرعاية البيطرية لذلك من الضروري حسب الدراسة تأمين المزارع الحكومية النموذجية لارشاد الفلاحين على الطرق الحديثة لتربية المواشي والدواجن بالشكل الأمثل واستخدام احدث الطرق لزيادة عددها وانتاجها ، ووفق للدراسة فان عند دخول المنتجات الزراعية مرحلة التسويق يمكن السير في ثلاث قنوات :
• السوق الراسمالية بانواعها الحرة والسوداء والمراقبة
• طريق التسويق الحكومي
• طريق التسويق التعاوني
وتقوم الدولة بتسويق ما لا يقل عن نصف الإنتاج النباتي والحيواني وتخضع لنظام التسعير الحكومي وتتدخل الدولة في تسعير المنتجات التي يسوقها القطاع الخاص ، والمستفيد الرئيسي من عملية التسويق هنا هو التاجر الوسيط الذي يتحكم بالسعر الذي يريد والحل في دعم جمعيات التسويق التعاونية والتوسع في تأسيسها وتوفير مستلزمات الإنتاج ومحاسبة المسيئين لعملها مما يؤمن للدولة فوائض تستطيع بها دعم التنمية الزراعية .
ووفق الدراسة فان السمسار ينال في سوق الهال 5% عمولة والتاجر معدال ربحه 20% الى 30% بصورة شرعية اما المنتج فمتروك لقوانين السوق التي تفعل فعلها كما ان السياسة السعرية للحكومة لا تقوم بتصحيح العلاقة بين الدخول الريفية والدخول المدنية ولم تمنح السعر المشجع على زيادة الإنتاج من المحاصيل المرغوب في زيادتها وتجدر الإشارة لأهمية وضع سياسة تسعيرية تقوم على أساس موضوعي تحسن من معيشة الفلاح ورفع مستوى دخولهم ليس على أساس تخفيض أسعار مستلزمات الإنتاج دون التكلفة وتحقيق خسارة للدولة السورية ويجب للسعر النهائي ان يزيد سعر الأساس عن التكلفة المحسوبة بنسبة تغطي جزءا من الاخطار المحتملة ثم إضافة هامش ربح للفلاح يرفع من مستوى معيشته ويضمن له دخلا مستقراً نوعا ما .
في النهاية لا بد من وضع خطط اقتصادية واجتماعية للتنمية المستدامة تقوم على تامين ما يمكن من حاجة الاستهلاك من :
• السلع الغذائية التي تتصف كونها غذاءا رئيسياً
• المواد الأولية للصناعات الزراعية المحلية
• المحاصيل الزراعية التصديرية
• تضمين خطط التنمية والبرامج والوسائل والاستثمارات اللازمة للوصول للاهداف الإنتاجية المحددة واهمها :
• تحسين طرق ووسائل الاستثمار الزراعي والادخال المدروس والمخطط لمكننة الزراعة في مختلف مراحل الاستثمار الزراعي
• تطوير إنتاجية العمل في القطاع الزراعي وتدريب الفلاحين على الزراعة الحديثة وتحسين المستوى المعيشي للفلاحين
• التوسع في استصلاح الأراضي وإقامة مشاريع الري وانهاء مشاكل الملوحة والتصحر
• التوسع في تقديم الخدمات الزراعية
• تطوير البحوث الزراعية
• تطوير ودعم القطاع التعاوني الزراعي
• تكثيف استخدام الأراضي الزراعية البعلية منها والمروية
• تنمية وتطوير الثروة الحيوانية وتامين الرعاية الصحية لها والتكامل بين الانتاجين النباتي والحيواني وتحسين صفات الثروة الحيوانية الإنتاجية .
• اتباع التخطيط الشامل للزراعة .

المصادر :
القطاع الزراعي في سورية ( الخصائص ، الواقع والآفاق ) دراسة تحليلية الدكتور فادي خليل مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية سلسة العلوم الاقتصادية والقانونية .
تقارير 2011 2012 2013 2014 للهيئة الزراعية السورية التابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في سوريا



ملخص كتاب:
كتاب :أصول الفلسفة الماركسية" لمؤلفه جورج بوليتزر
جورج بوليتزر:ولد صاحب كتب " أصول الفلسفة الماركسية " و"مبادئ أولية في الفلسفة " و"الثورة والثورة المضادة "و"البرغسونية تخريف فلسفة " و"الفلسفة والاساطير "و" أسس علم النفس "و "فلسفة الأنوار"،أي جورج بوليتزر، في (نافيغارود) بهنغاريا عام 1903 وغادرها عام 1921 اثر استيلاء القوى الرجعية على السلطة التي كانت تلاحق والده. درس في السوربون بباريس وأسس مع هنري لوفيفر وآخرين مجلات نشر فيها دراسات في علم النفس والتحليل النفسي ونقداً للبرغسونية والكتاب "أصول الفلسفة الماركسية" يمثل لحظة من نضال الفيلسوف الشهيد ضد النازية وساهم في تأسيس الجامعة العمالية 1935 – 1936 في باريس قبل اقفالها من القوى الموالية لهتلر ثم قام بالتدريس في ليسية دومولون وانتقل بعد نيله لقب أستاذ الي ليسيه شربورغ واخيراً إلى ليسيه سان موز كما أسس مركز التوثيق التابع للحزب الشيوعي الفرنسي وأشرف عليه، وأصبح محرراً في صحيفة "الأومانيته" وهي الصحيفة المركزية للحزب ويجمع بعمله بين البساطة والدقة ويعرف كيف يكون واضحاً وعميقاً في آن واحد وفي ذلك تكمن عبقريته، واضطلع بمهام في المقاومة الفرنسية ضد النازية ابتداءاً من 6 حزيران علم 1940 واعتقلته القوات النازية عام1942 واستشهد على يدها من عمر 39 عاماً في 23 مايو 1942 .
.....................................

ملخص لكتاب "أصول الفلسفة الماركسية"
تاتي كلمة فلسفة من فيلوسوفيا والتي اشتقت منها كلمة فلسفة وتعني معرفة العالم والانسان وتمدنا بقواعد عامة للسلوك الإنساني فمثلاً في اول ظهور للبرجوازية تم القول بإمكانية معرفة العالم والانسان في القرن الثامن عشر في فرنسا حيث كانت قوة تسعى لالغاء العلاقات ما قبل الراسمالية الاقطاعية اما عندما تغيرت مصالحها في القرن التاسع عشر في فرنسا فاصبحت تنادي باستحالة معرفة العالم والانسان وسبر غور الطبيعة الإنسانية من الوضعيين الى التلفيقين حيث ان الفلسفة بالحالة تحزبية طبقية ، يقول انجلس " تعني النظرة المادية الى العالم النظر الى الطبيعة كما هي بدون أي إضافة خارجية " فالمادية الجدلية فلسفة الطبقة العاملة تدرس الطبيعة والمجتمع وتوجد القوانين المشتركة بينهما لتكَون نظرة عامة للكون من خلال ترابط النظرية والتطبيق ومن خلال الترابط بين القول والفعل ويغذيهم المنهج والمنهج السبيل للوصول للهدف وكذلك المنهج المادي السبيل للوصول لمعرفة العالم والطبيعة الإنسانية من دون إضافة خارجية فالميتافيزيقيا كلمة مركبة حيث تعني ميتا " ماوراء " وفيزيقيا تعني " علم الطبيعة " فتصبح ما وراء علم الطبيعة ، والفرق بين المادية والميتافيزيقيا في الثانية تعتبر الكون ثابتاً لا يتغير ولا ترابط بين مكوناته بينما الجدلية تراه في تغير مستمر وتحول وترابط دائم لا ينفصل عراه وكون الحركة مطلقة والسكون جانباً نسبيا من الواقع أي خاضع للحركة الدائمة المستمرة والفصل بين العلوم نسبي وليس مطلق ومعلوم قول (هرقليط) اننا " لا نمر بنفس النهر مرتين " كونه في تغير متبادل ومستمر دائم وهذا ما يقود الى ميزة المنهج الجدلي الأولى المتمثلة في كون كل شيء مترابط مع بعضه البعض مثال على ذلك الفيلسوف الجدلي فلدمان الفرنسي عندما اعدموه الجنود الالمان صرخ بوجههم " يا لكم من اغبياء فانا اقاتل من اجلكم " وهذا دليل على ترابط النضال الشعبي الألماني مع نضال الشعب الفرنسي من اجل الحرية والقضاء على النازية وهذا الواقع هو حركة بالتالي فان ميزة الجدلية الثانية هي كل شيء ينمو ويتحول فالزهرة مثلما تحمل بذور بقائها تحمل بذور فنائها ايضاً وهذا دليل على ان كل شيء متحول وينمو وفي حركة مثلما الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج فليست ابدية فهي مثلما تحمل بذور بقائها تحمل بذور فنائها واولها التنظيم الاجتماعي للإنتاج والعمال الذين لا يملكون شيئا سوى قوة عملهم وهذا يقودنا للميزة الثالثة للمادية الجدلية المتمثلة بأنه يرافق كل تحول كمي تحول نوعي فالماء عند غليانه يتحول من حالة السيولة الى بخار ماء الى غاز وهذه معادلة كيميائية فالقليل من العمل السياسي الملتزم بمصالح تطور المجتمع هنا وهناك من شانه توحيده واعطائه دفعة جديدة كيفية نوعية ، لكن ما هو سبب الحركة ؟ سببه يكمن في تناقض الاضداد في الطاقة في صراعها بين الطاقة الإيجابية والسلبية بين وحدتهما ايضاً بين تقدم الايجاب وحصر السلب بين جهلي ووعيي لجهلي الذي يلزمني بان اقرأ واتعلم مثلاً فلولا التناقض ووحدة طرفي التناقض لما كان بالإمكان التطور والتحديث والتقدم للأمام فالنمو على حد تعبير لينين هو نضال الاضداد أي صراعها فالاشتراكية اثناء انتقالها للشيوعية تحوي تناقض بين قوى الإنتاج البشرية وعلاقات الإنتاج الاقتصادية الخاصة بها ويفعل هذا القانون عمله حتى فترة المجتمع الشيوعي فالبروليتاريا عندما تلغي البرجوزاية وتحقق الملكية الاجتماعية فانها تقضي على نفسها كطبقة مستغلة وتبدأ تناقضات جديدة خاصة بالمجتمع الجديد ، فماذا فعل ماركس وانجلس ؟ ...لقد طبقوا التطور العلمي في قرنهم على المجتمع فاوجدوا ما يسمى الصراع الطبقي بين البروليتاريا والبرجوازية بين العبد والسيد بين الاقطاعي والفلاح وكل تطور له ظروفه المحيطة به وشروط تجاوزه ونموه وصراعه ، لا ينفي وجود التعارض والتناقض ووحدتها واهميتها عدم قدرة المجتمعات على حل ازماتها بل وجودها يغذيها لحل مشاكلها وهناك فرق بين التعارض وبين التناقض فالتناقض مثلا بين العمل والراسمال وببلوغ الاشتراكية ينحل التناقض ويبقى التعارض موجودا ليغذي عملية حل للازمات والنواقص بالمجتمع الاشتراكي الجديد دون بلوغه لحد التناقض التاريخي ، والتحليل والتركيب يفيداننا فهما عمليتان فكريتان ضديتان ومرتبطتين فتحليل أجزاء الكل والاجزاء جزء من الكل فحصولنا على التركيب والتحليل فرط للاجزاء التي تشكل جزءاً من الكل فأصبح تناقض الاضداد ووحدتها قانوناً عاماً مشتركاً بين كافة الظواهر الطبيعية والمجتمعية فصراع البرجوازيات القومية لتقاسم الأسواق رغم وحدة بنيتها امام خصمها الطبقة العاملة حيث لا تكف عن اللهث وراء المال والثروة الاجتماعية منتجة العديد من الصراعات المحلية والإقليمية والعالمية ، ثم العام موجود في الخاص ولا ينقضه فلذلك العام والخاص مترابطين بانسجام فالحديث عن التنمية بشكل عام في بلد "ما" من غير ما تخصيص النقاش حول مشكلة التنمية في الريف فهنا يظهر الخاص في خصوصيته والعام في عموميته وفي وجوده بالمشكلة الخاصة ايضاً لذلك بدايات الدراسة الأولى تتجه من التخصص الى العام من دراسة الخاص بعلم معين الى كشف قوانينه العامة المتحركة باستمرار وبالحركة هناك تناقض رئيسي وثانوي وتتغير مكانة المتناقضات فيصبح ماهو ثانوي رئيسي والعكس صحيح فبلادنا عشية الانتداب الفرنسي كان الصراع بين البرجوازية المحلية الصناعية والبرجوازية الفرنسية رئيسياً رافعة شعار الاستقلال الوطني والحريات الديمقراطية ودعم الصناعة وإلغاء الاقطاع الاقتصادي والسياسي وهكذا حتى تغيرت الأحوال واصبح الصراع بين السلطة المتسلطة على رقاب الأغلبية والاغلبية المهمشة اقتصاديا وسياسياً صراعاً رئيسيا حتى بلبوس ديني فالتوجه الديني اصبح يحتل ببعض الحالات السياسية صراعاً رئيسياً مثال " لبنان " والعراق " رغم ان التناقض او الصراع بين الكتل الدينية والطائفية صراعاً ثانوياً ويعبر عن حالة الصراع الطبقي الموجود بالمجتمع و بالفعل تقوم البرجوازيات الحاكمة بدعم هذا التناقض وتجذيره ليصبح شعاراً في الأقطار والبلاد لاخفاء كنه الصراع الرئيسي في المجتمع البشري للراسمالية بين العمل والراسمال بين الأغلبية المسحوقة المهمشة وبين السلطات المتخلفة نظرياً وسياسياً فكما قال ماركس اذا كانت الظروف تًنشىء الانسان فيجب تكوين هذه الظروف بصورة انسانية ، فالجدلية هي دراسة التناقض في جوهر الأشياء نفسها والتطور حصيلة تناقض على حد الفيلسوف هيجل ، فقد تطورت المادية الجدلية في صراع ضاري بين القوى على أساس احدث الاكتشافات العلمية التي يمكن تلخيصها بالتالي : 1 –اكتشاف تحول الطاقة 2 – اكتشاف الخلية الحية وهو الذي أاتاح تصور الانتقال من الجسم الكيميائي الى الجسم الحيوي ونمو الخلايا الحية 3 – اكتشاف تطور الاصناف الحية واكتشاف نظرية التطور .
1. فالوعي هو عملية انعكاس الواقع الموضوعي الخارج عن ارادتنا وعن وعينا في دماغنا وسلاح الانسان منذ البداية كان الدماغ العضو المفكر في الجسم الحيوي وهو مادة كأي مادة أخرى تتطور وتنحصر وتخرج منه انفعالات ومواقف وتحاليل وتصيبه الامراض والخلل فدماغ الانسان نتاج الظروف الطبيعية والاجتماعية الموضوعية والموقف البسيط بتحويل تلك الظروف لمصلحة الإنسانية بدون تمييز وبدون الحد من تطور الطبيعة ووجودها ايضاً بإعادة انتاج الحياة في كل لحظة ، فالمجتمع مجموع العلاقات التي تؤمن للناس نضالا ينتصر على الطبيعة الموضوعية بالمجتمع وفي هذه العلاقات الموضوعية خرجت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من الرق إلى الاقطاع الى الراسمالية فلم تكن العدالة والحرية بعد انقضاء الاقطاعية الا عدالة البرجوازية وحرية الإنتاج والمتاجرة والربح الأقصى والسلطة السياسية فلا ينتقل المجتمع من الرأسمالية الى الاشتراكية الا اذا رأى ان ما يحصل عليه بالاشتراكية اكثر مما يحصل عليه بظل الرأسمالية هذه اولاً اما ثانياً التطور التكنولوجي والتقني اوجد ظروفا اجتماعية جديدة وترتيب ولوحة طبقية جديدة فكان اعدام آلة على يد عمال ألمان احدى النضالات الثورية من اجل لقمة العيش التي قامت بها الطبقة العاملة فما حصل ويحصل فصل بين العمل الفكري والعضلي بين الريف والمدينة بين عمل الآلة وإنتاج العامل وهذه التناقضات لا تحلها سوى الثورة والثورة هنا ليست حمل سلاح وحجارة وتسكير الطرقات كما يقولون عنها بل هي تغيير في العلاقات الاقتصادية واللوحة الطبقية للمجتمع اما لصالح الأغلبية المفقرة او لصعود استقطاب طبقي جديد واستعصاء جديد فالواقع المادي والواقع موضوعي ( خارج عن إرادة الانسان ووعيه ) انتج كل تلك التحزبات والتغيرات الطبقية واللوحات المادية والتشكيلات المختلفة من حيث قوانين عملية الإنتاج والسوق والبنية الفوقية ( الفكرية والتشريعية والقضائية أي مجموع العلاقات الاقتصادية ) والحركة ملازمة للمادة فالملكية الاجتماعية ستحدث وبها ستتوزع الثروة بعدالة لكنها عدالة الفقراء والمهمشين وعندها ستنفتح أبواب حياة المجتمع الروحية ( هي محصلة انعكاس عن حياة المجتمع المادية وتطوره ) والمادية لتبني عالماً جديداً خالياً وبعيداً عن الإرهاب والقمع والتسلط والديكتاتوريات والقتل والسرقة والنهب والجهل والامية والتجويع والفقر والبطالة وتوزيع الثروة على فئة من المجتمع على حساب اغلبية المجتمع ، فالمادية الحديثة انما تقول ان الفكر والمادة لا يمكن فصمهما والفكر نتاج تناقضات حركة المادة ، وبالتالي الظروف المادية للمجتمع محددة للوعي الاجتماعي أي الوضع المعيشي للفرد محدد لوعيه النظري والسياسي واي تغير بظروف المجتمع المادية هي تغيير في كل وعيه وبنيته الفوقية واللوحة الاقتصادية الاجتماعية ويعمل بعض العاملين على تبسيط المادية على ان القوانين الاقتصادية هي التطور التاريخي فيخلصون لنتيجة خاطئة وهي انهم يعتقدون يكفي ان ندع هذه القوانين تفعل فعلها لتحصيل التطور التاريخي وبهذا يدعون الفرد الاجتماعي للكسل والتقاعس عن الحركة وتبريد عمله المنتج والواقع يقول كلما ازدادت معرفة الناس لقوانين المجتمع الموضوعية كلما ازداد نضالهم ضد القوى الاجتماعية الرجعية التي تضيق ذرعاً بالقوانين فتحاول وقف عجلة التاريخ وتطوره ، مثلاً الازمات الدورية التي تقع بها الراسمالية بين حين الى آخر تعكس التناقض بين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وطابع عملية الإنتاج الاجتماعي فلا تظهر الأفكار والنظريات الجديدة الا حين يثير تطور المجتمعات المادية ( الظروف الموجودة مستقلة عن إرادة الناس التي توفرها لنمو المجتمع ) مهاماً جديدة امام المجتمع فظهورها يسهل عملية حل المهام الجديدة للمجتمع فالنظرية تصبح قوة مادية عندما تؤمن بها الجماهير( ماركس) ، فيمكن تلخيص الماركسية بارجاعها لمصادرها الثلاث الاقتصاد الإنكليزي حيث كانت إنكلترا قد انتقلت من الصناعة اليدوية للصناعة الآلية والاشتراكية الفرنسية الطوباوية (هولباخ وهلفتيوس وبابوف الذي شنقته أجهزة البرجوازية الفرنسية) والفلسفة الألمانية من هيجل وفورباخ المثاليين ، فقوى الإنتاج تعني في الواقع إضافة للآلات التي تشكل وسائل الانتاج العنصر البشري والناس في اطار عملية الإنتاج يقومون بعلاقات اقتصادية فيما بينهم وهذه هي علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج لا تؤثر الا بحدود علاقات الإنتاج الحديثة فوسائل الإنتاج هي المحددة لمدى تطور قوى الإنتاج والمقصود بوسائل الإنتاج كل ماهو ضروري لاستمرار عملية الإنتاج كالارض والغابات والنفط والمواد الأولية وابنية المصانع ومنشآت المناجم ووسائل النقل والمواصلات ووسائل التبادل بين الناس كالمستودعات والسوق والمصارف ، وتتضمن علاقات الانتاج : 1- نمط ملكية الإنتاج خاصة ام اجتماعية ام شخصية 2 – وضع الفئات الاجتماعية في الإنتاج وعلاقاتهم المتبادلة 3 – صور توزيع المنتوجات حيث يمتاز الإنتاج الراسمالي في الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وطريقة توزيع المنتوج فيطرحه في السوق ليحصل على فضل القيمة فلا توجد عدالة في توزيع الثروة بدون تغيير طريقة الإنتاج أي علاقات الإنتاج وقوى الانتاج مفتاح التطور الاجتماعي للمجتمع فهما ضدين لكنهما مرتبطين ببعضهما ارتباط وثيق ويدخلوا في حالة انسجام مهما توافرت الظروف المادية لأجل ذلك فالاشتراكية تفتح الطريق لنمو علاقات انتاج جديدة وتفسح المجال امام نمو الآلات والعنصر البشري مادياً وروحياً وبهذه العملية تتوافق علاقات الإنتاج الجديدة مع قوى الإنتاج فيؤدي لنمو الإنتاج أي نمو الاقتصاد والمجتمع عموماً ، فقد ظهرت التشكيلة الاقطاعية من رحم الرق مع حالة من امتلاك شبه الشخصي للفلاح وظهرت البرجوازية التجارية طلائع البرجوازية من رحم الاقطاع وهكذا دشنت المصانع الكبرى فخرجت البرجوازية من رحم الاقطاع فنمت البرجوازية الإنجليزية والبلجيكية شيئاً فشيئاً على يد بائع الاقمشة ارتيفلد واتين مارسيل وانحط التقدم التقني الحربي للأسياد اذ بلغ غلاء الأسلحة النارية لحد أن الملك وحده يستطيع شراءها باموال التجار التي كان يقترضها فحدثت الاكتشافات الكبرى في نهاية القرن الخامس عشر للاستيلاء على الذهب فقد كان لتدفق الذهب الى الأسواق نتائج مبهرة حيث تكونت ثروات هائلة وارتفعت الأسعار وافلس الاسياد وأصبحت البرجوازية الكبيرة ملوك العصر الحقيقيين الذين يملكون سلطة يحسب حسابها وتم الانتقال من الصناعة اليدوية المفلسة الى الصناعة الآلية ومن الصناعة البخارية الى الصناعة الآلية الضخمة وفي القرن الثامن عشر وقعت ثورة صناعية كونت لوحة طبقية جديدة وفكرية جديدة فوقفت ضد تسلط الكنيسة وانتقدت تربية القرون الوسطى على يد دافنشي ومونتيني فبدل أن يكون هدف الإنتاج الاستهلاك تم الأخذ بمبدأ الفائدة في السوق ومحل التناقض بين الفلاح والاقطاع حل التناقض بين العمل والراسمال بين الفقير والغني بين العامل والبرجوازي واخذت تدخل الراسمالية بأزمة دورية ناجم عن التناقض بين الإنتاج والاستهلاك فنراها تدخل في حالة كساد بضاعي وانخفاض القدرة الشرائية للفرد وارتفاع الأسعار والازمة تحدد السياسة المالية والاقتصادية للبرجوازية في حالة الكساد فتحرق البضائع رغم معاناة الملايين من العوز والجوع والفقر المدقع فالاستقطاب الطبقي خلال ازمة لا بد وان ينتج حالة ثورية من شانها ان تحل التناقض بين العمل والراسمال ، ففي النظام الاشتراكي محل استبداد الإنتاج يحل محله قانون النمو الاقتصادي الاجتماعي وتحول فائض البضائع لتنمية المجتمع مادياً وروحياً ويحل محل تنظيم الإنتاج على أساس الربح والمضاربة والتناقض بين الإنتاج والاستهلاك وبين ما تنتجه الآلة وما ينتجه العامل والأزمات الاقتصادية والملكية الخاصة ..الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج والتنافس الاشتراكي الهادف لتحسين أحوال المجتمعات مادياً وعلمياً " من لا يعمل لا يأكل " فالاشتراكية ليست تعميم البؤس والبطالة التي هي من منتجات النظام الراسمالي بل تعميم الرخاء المادي والعلمي ....
فماهي هي شروط الاشتراكية ؟
1- وجود صناعة ثقيلة أي تجمعات صناعية كبرى تحتل البروليتاريا نسبة عالية من القوى الاجتماعية ووجود تكنيك بامكانه النهوض بالاشتراكية وتصنيع الزراعة 2 – وجود قوى فكرية سياسية عمالية تؤمن بان طريق الاشتراكية الطريق السوي لتحقيق مصالحها المادية من شانها قيادة نضال الطبقة العاملة لتحقيق غاياتها المثلى في تحرير المجتمع من الاستثمار الطبقي 3 – تلازم النضال الطبقي مع التضامن الاممي العمالي من شأنه ان يخفف الضغط عن بعضهم البعض 4 – انتزاع الطبقة العاملة السلطة من ايدي البرجوازية من خلال السيطرة على كافة المنشآت المادية ووسائل الإنتاج والانتخاب الحر المباشر والسري والنزيه لمندوبي العمال وخضوعه للمراقبة المباشرة للعمال أي خضوع الإنتاج للمراقبة العمالية الشعبية والمساواة بالمراتب دون أي تمييز طبقي والقضاء تدريجياً على الفصل بين العمل الفكري والعضلي وبين الريف والمدينة 5 – فتح المجال امام تطور قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج الاشتراكية من خلال المراقبة الصارمة للعمال والحريات الديمقراطية حرية الاضراب والنشر والعمل السياسي والتظاهر وتشكيل جمعيات وأحزاب دون رادع واحترام حقوق الانسان والفصل بين السلطات وخضوع سلوك وبرنامج الأجهزة الحكومية للمراقبة العمالية المباشرة ،
2- ماهي مميزات النظام الاشتراكي ؟
مميزاته تتمثل في حق العمل مضمون وترابط الأجور مع سلم الأسعار ونمو الناتج المحلي وتصنيع الزراعة ونمو قوى الإنتاج المستمر وإزالة إمكانية نشوء أزمات اقتصادية والقضاء على البطالة والفقر والجوع والحرمان والتشرد والبطالة والفوضى بتنظيم الإنتاج الاجتماعي وخضوعه للمراقبة العمالية من الأدنى الى الأعلى وضمان الحريات الديمقراطية بأوسع أبوابها وإزالة التناقض بين الإنتاج والاستهلاك ورفع الحياة الثقافية للشعوب وضمان الاجر المتساوي لجميع العمال والتنافس الاشتراكي لصالح المجتمعات والمصانع وتطوير الإنتاج وشيئاً فشيئاً تزول الدولة كضرورة اقتصادية ويحل محلها التنظيم الاجتماعي للإنتاج وإمتلاك المجتمع لثرواته المادية بما فيها دعم العلم والتنظيمات الطلابية ورفع المستوى العلمي والتقني وامتلاك احدث نظام تعليمي تربوي فالشيوعية وهي المرحلة الأعلى من التنظيم الاجتماعي " كل فرد يؤدي حسب طاقاته وان ينال حسب حاجاته " فقد جاء في الدستور السوفيتي " العمل فرض ومسألة شرف ومن لا يعمل لا يأكل " فيصبح الانسان هنا سيد مصيره وتزول الفروق تدريجياً بين العمل الصناعي والزراعي وبدل ان يكون التعليم العالي محصوراً بفئة معينة يجري تعميمه على كافة المجتمع ليصبح تعليما صناعياً منتجاً يوفر الرخاء المادي والروحي للمجتمع
فالدولة البرجوازية لها حدود طبقية في مصلحة استغلال الانسان لاخيه الانسان فالحرية التي تنادي بها حرية السوق وحرية صاحب المصنع في طرد العمال وفي تثبيت الأجور تؤدي لمزيد من الازمات السياسية والاجتماعية ويزداد الفارق الطبقي بين الأغنياء والفقراء ويزداد الاستقطاب الطبقي في معالجة المشاكل الناجمة عن طريقة الإنتاج وتشريعاته وهي حسب قول ماركس أداة سيطرة طبقية طبقة ضد طبقة اما بالمجتمع الشيوعي فالدولة انحلت ويصبح كل فرد مسؤول امام المجتمع عن انتاجيته وعمله وتحررت شخصيته من براثن الملكية الخاصة ويصبح المجتمع مسؤولا امام الفرد عن مكافاته وزيادة مستوى معيشته ورخاءه المادي والعلمي وعن أولاده وتعليمهم وتربيتهم واسرته وتتحقق المساواة بين الرجل والمرأة وتزول الفروق النفسية بينهما ويتحرر المجتمع وتندفع القوى الإنتاجية للأمام ويصبح الإنتاج تحت مسؤولية العمال اليومية والديمقراطية تكون في اوج وجودها الاجتماعي السياسي فهذه بعض الفروق بين النظام الرأسمالي وأسلوب انتاج الاشتراكية والشيوعية فالدولة بالشيوعية انحلت والمجتمع مسؤول عن نفسه وعلاقاته الاقتصادية وعن كل فرد ينتمي إليه .
أما الامة فلها ثلاث مستويات وهناك تجربة يجب ان نتطرق اليها :وحدة الأرض واللغة والحياة الاقتصادية المشتركة وبالمجال نفسه كانت الامة الفرنسية مجزءة بالحمايات والحواجز الاقطاعية رغم امتلاكها هذا الثالوث وبفضل الثورة البرجوازية في الإنتاج انمحت الحواجز وتكونت الامة الفرنسية فلها لغة وارض واحدة واقتصاد مشترك أي أساس مادي لنمو القوى الإنتاجية الثوري ، ومثلاً الأمة العربية لها الحق في تقرير مصيرها فكان خروج القوات الأجنبية عن ارضنا بداية لمعركة الحفاظ على الاستقلال السياسي والاقتصادي أي استقلال القرار السياسي عن الضغوطات الأجنبية وحماية الاقتصاد الوطني من العوامل الضاغطة من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي بالزراعة والصناعة وبناء عامل منتج ومتعلم وتنمية القوى الاجتماعية التي ترى مصلحتها في هذا الاتجاه .
-------------------------------------------------------------------------------------------------
عن أبي الشيوعي و عن بيروت الناصرية
حسام عيتاني
الإثنين، ١٩ فبراير/ شباط ٢٠١٨ |
موقع(درج)
Daraj.com

"قل لأبيك أن الله عندما خلقَ العالم، أرسل معه كتالوغ ليعرف البشر كيف يسيّرون حياتهم. هذا الكتالوغ هو القرآن. كيف يتصور أبوك وأصحابه أن يمشي العالم من دون دليل ومرشد؟ بل كيف يتصورون أن العالم قد وُجد أولا". بهذه الكلمات قابلني زوج قريبتي التي كنت أمضي بضعة ايام من عطلتي الصيفية في منزلها الجبلي. الرجل الخمسيني والعامل الميكانيكي الماهر، أي الهدف النموذجي المفترض للدعاية الشيوعية، كان يستشيط غضباً في وجهي أنا الفتى البالغ من العمر 13 عاماً، بسبب إلحاد والدي المزعوم وتأييده للشيوعيين الكفار.

لم تكن تلك المرّة الأولى التي أُكلّفُ فيها بنقل رسائل إلى والدي، إذ اعتدت أن أبلغه طلبات صاحب الدكان القريب من البيت، بضرورة تسديد فاتورة الشهر الماضي، "لأن الحسبة صارت ثقيلة"، أو أن أحضر من المدرسة إنذارات بقرب صرفي، إخوتي وأنا، بسبب التأخر في دفع الأقساط المتوجبة، قبل أن ينقلنا جميعاً إلى المدارس الرسمية حيث تابعنا دراستنا. لكنها ربما كانت المرّة الأولى التي أحمل فيها استفساراً ايديولوجياً بنكهة اتهامية. ولا أذكر أن والدي كان يسعى إلى بثّ الفكر الماركسي بين أفراد العائلة الأقربين، ربما للحفاظ على نوع من "السلم الأهلي"، أو ليأسٍ أصابه من تصلّب البيارتة السنّة، في موقفهم المعادي للشيوعية، الذي اختبره على الأرجح قبل أن أبدأ، مبكراً جداً، بسماع كلمات من نوع لينين والإتحاد السوفياتي والإمبريالية والفاشية وسائر المصطلحات المشابهة.

بيد أن أبي لم يكن، في المقابل، من النوع المهادن أو ممن يسمعون إهانة لمعتقداتهم ويسكت عليها. فقد قصّت أمي علينا ما جرى، أثناء مشاركتها ووالدي في حفل عقد قران واحدة من قريباتها. وكان الصراع الشيوعي الناصري حين ذاك في ذروته، وبعد انتهاء مهمته، راح الشيخ الذي أجرى عقد الزواج، يتلو أدعية لتوفيق وسعادة الزوجين الجديدين ثمّ بدأ يقترب في الدعاء من "الشأن العام" فدعا الله إلى القضاء على الملاحدة وتاركي الدين. لم يردّ أبي معتبراً أن الكلام ليس موجهاً اليه. بعد ذلك انتقل الشيخ إلى الدعاء على الشيوعيين، ما حمل والدي إلى مقاطعة الشيخ وسؤاله عن سبب اطلاق هذه الأدعية في مناسبة عائلية. تطور السجال بين أبي والشيخ ووصل إلى أن يقوم أبي من مكانه ويوجه صفعة أو لكمة إلى رجل الدين. فتسارع أمي بسحب والدي من يده ودفعه إلى الخروج من الحفل. بعد سنوات طويلة، وعندما سألتَه عن حقيقة ما جرى مع الشيخ، لم يرد والدي وأشاح بيده في إشارة إلى أن الموضوع لا يستأهل المزيد من الكلام عنه.

أما الجمهور الذي كان والدي يركز جهوده عليه في بث أفكاره، فكان في الدرجة الاولى سائقي سيارات الأجرة حيث أرسى نوعاً من التقليد في التعامل معهم، ذلك أنه كان يبدأ بسؤال السائق عن مسقط رأسه. الإجابة لم تكن مهمة. فوالدي كان يعرف جيداً مناطق كثيرة من لبنان بفضل تعليمه في مدارس البقاع الغربي وصور، وصداقات واسعة مع أشخاص من كل أنحاء البلد ومن الدول العربية أيضاً. كان كشف السائق لاسم منطقته كافياً ليبدأ والدي بتعداد الأشخاص الذين يعرفهم هناك. وغالباً ما يحصل "تقاطع" بين معارف أبي وأولئك الذين يقربون السائق أو يمتون إليه بصلة نسب أو ودّ. عند ذاك تبدأ مرحلة التحريض. فيستفهم من السائق عن الأحوال وبدل إيجار اللوحة الحمراء، وإذا كانت السيارة ملك السائق، أو أنه يعمل عليها فقط، وهل هو منتسب إلى النقابة أم لا، وكم عدد أولاده وأين يدرسون، وهل بيته مستأجر أم ملكه. بديهي أن هذه الاسئلة تتيح للسائق الاستفهام من الراكب عن أوضاعه ما يجعل أبي يستطرد في الحديث عن أوضاعنا العائلية والمالية، ما يُغضب والدتي أشد الغضب عندما تكون برفقته. فهي لا تود أبدا أن تكون شؤون بيتها موضع حديث في السرفيسات، وعلى ألسنة سائقي السيارات العمومية. أما الخصم فواضح دائماً. إذا كان السائق يعمل بالأجرة على سيارة ليست له، فالعدو هو صاحب السيارة الذي يمتص دم السائق، ويمنع عنه التمتع بثمار جهده. أما إذا كان مالكاِ للسيارة وللوحتها الحمراء، فسبب مشاكل السائق هم السياسيون الفاسدون وكبار التجار والمحتكرين.

سائقو وراكبو السيارات العمومية وشبان المحلة التي يقع بيتنا فيها، والعشرات ممن كان يقابلهم في العمل والمقهى كانوا جمهوره، الذي يشرح له أهمية الوعي الطبقي ويحرضه على تحصيل الحقوق، منزلاً لغة المصطلحات الماركسية من تجريدها إلى أرض الواقع، المؤلف من صاحب عمل يرفض تسجيل العاملين في الضمان الاجتماعي، أو يجحف في دفع الرواتب، أو مالك شقة يزيد إيجارها من دون وجه حق، أو تاجر يحتكر السلع الغذائية مستفيداً من حماية السياسيين له. ورغم أنه ترجم كتاب كارل ماركس "رأس المال" في الخمسينات، لم يكن يستعير أياً من التعابير الماركسية في أحاديثه اليومية. ليس هناك في قاموسه برجوازية وطبقة عاملة، وكمبرادور وفائض قيمة وعلاقات انتاج وشبكات انتاج وما شاكل. بل هناك فقراء وأغنياء وصراع يدور بين الفئتين.

الحوارات التي أذكرها أكثر من غيرها كانت مع الحاج بشير حلاق المحلة، وبائع الجرائد والسجائر فيها. ولطالما دفعت ودفع أخوتي ثمن عصبية الحاج بشير، خرائط عميقة على رؤوسنا، تعكس اضطراب العلاقات المصرية السوفياتية، أو أدوار التنظيمات الناصرية في بيروت ومرشحها الفذ حينذاك، نجاح واكيم. وترك طرد السادات للخبراء السوفيات من مصر سنة 1972، علامات فارقة على رأسي حيث احتدم النقاش يومها بين والدي وبين الحاج بشير، من دون أن يلاحظ أبي أن خصمه الناصري يلوح بمقص كبير قرب عنقي.

كان موقف أبي في الحياة اليومية وفي العديد من أعماله القصصية، أن بيروت قادرة على احتضان اليسار والشيوعيين اللبنانيين، ليس كمكان جغرافي فحسب، بل أيضاً ضمن مكوناتها الكبيرة خصوصاً بين السنّة البيارتة الذين يضمون الفقراء والأغنياء والعمال والكادحين، مثلهم مثل باقي فئات اللبنانيين. وكان جمهور الحزب الشيوعي بين مسيحيي بيروت، وخصوصاً من الطائفة الأرثوذكسية حاضراً حضوراً مؤثراً في مناطق تواجده، خلافاً للشيوعيين السنّة، الذين ظلوا طوال عقود يُعدون على أصابع اليدين. علّة انخراط البيارتة الأرثوذكس في الحزب الشيوعي انخراطاً كثيفاً، وعزوف نظرائهم السنّة عن ذلك، ترجع إلى مسألة الأقلية والأكثرية واسقاطاتها على الانتماءات الحزبية، سيان أكانت يمينية أو يسارية، حيث قدمت الأحزاب العقائدية العلمانية مخرجاً للأقليات، من معضلة العدد والحصة الهامشية، التي يمكن أن تحصل عليها من السلطة إذا اعتمدت على الأرقام. الهروب إلى الحلول الخلاصية في "سوريا الكبرى" وفي الأممية الإشتراكية ،أرقى وأكثر انسجاماً مع العصر من بناء السياسة على العدد. الطبقة وليس الطائفة هو الشعار. (القومية وليس المذهب، بالنسبة إلى القوميين والبعثيين). لكن هذا حديث آخر.

فضّل الشيوعيون اللبنانيون الموقف الجبلي – الريفي حيال "المدينة"، بعبارات صاغها قبلهم مخائيل نعيمة، الذي لم تكن المدن عنده سوى "عاهرات"، وغيره من كتّاب الرومانسية الريفية اللبنانية، على العمل الجاد بين السنّة البيارتة. ولم تخن الشيوعيين عبارات جاهزة على الحكم على أكثرية أهل المدينة، بأنهم من البرجوازية الصغيرة أصحاب الدكاكين وصغار المالكين وموظفي الإدارات الحكومية، الذين لن يكونوا يوماً من مؤيدي الثورة وقضية الطبقة العاملة. وقابل البيارتة هذا الموقف بموقف يعتبر من يلتحق من بينهم بالشيوعية، خائنا لطائفته يستحق النبذ والإقصاء. الأسماء البيروتية المعروفة بين الشيوعيين، تعود لأفراد لم يسجلوا نجاحاً كبيراً، في التقريب بين البيئتين، اليسارية والبيروتية، فتحولوا إلى موضع شك وإهمال من الجانبين.

وبينما كان الثقل العددي لليسار اللبناني ينتقل في ستينات القرن الماضي من جبل لبنان وشماله إلى جنوبه، من مسيحييه إلى شيعته، ظل أهل بيروت في حال اغتراب عن العمل الحزبي اليساري، يميل أكثرهم إلى جمال عبد الناصر، على الرغم من أن مركز نشاط اليسار وبؤرة عمله وسكن قياداته كان في العاصمة. ولم ينتبه الشيوعيون اللبنانيون، إلى أن اليسار كمفهوم سياسي ارتبط في الغرب، حيث نشأ، بالمدينة وعمالها وكادحيها، واهتم بهؤلاء أكثر بكثير مما اهتم بالمزارعين، الذين يعرف اليساريون لائحة الإهانات الطويلة التي كالها كارل ماركس لهم، استناداً إلى تشخيصه لدور الفلاحين كسند للرجعية وموئل لكل الحركات المعادية للتقدم، اضافة إلى تشبعهم بالإيمان الديني والخرافي.

لكن تلك الفترة من تاريخ لبنان قدمت حلاً بديلاً لهذه المعضلة. فمجيء أهالي الأرياف وخصوصاً من الجنوب المهمل و"المحروم"، بحسب المصطلح الذي اشتقه الإمام موسى الصدر، مجيئهم للعمل في مصانع ومؤسسات العاصمة وتشكيلهم "حزام بؤس" حولها، أعفى الشيوعيين من عبء التحليل والبحث السوسيولوجي. بل قدم صورة لصراع طبقي ناجز الأطراف: الريفيون الفقراء يتحولون إلى عمال مدن، شيء يشبه ما شهدته أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عندما امتصت الثورة الصناعية فائض السكان الريفيين وحولتهم إلى أسنان في ماكنة الإنتاج الرأسمالي الهائلة المنطلقة بكل قوتها. لم يكن ينقص اليسار اللبناني إلا "ماركسه" الذي يؤطر صعود الطبقة العاملة اللبنانية إلى مواقع الهيمنة السياسية. الثورة على الأبواب، قال اليساريون. بل إنها بدأت فعلاً، زايد عليهم رفاق لهم سارعوا إلى إنشاء مجموعات مسلحة، شنت عدداً من الهجمات، لعل أشهرها اقتحام "بنك اوف أميركا" في وسط بيروت، وخطف ضابط أميركي ومبادلته بطحين لمناطق البؤس في الضواحي. هل تكرس الإنتماء الطبقي عند اليساريين اللبنانيين، وغلب الوعي به ذلك السابق عليه، الطائفي الجهوي؟ هل تشكلت طبقة عاملة "لذاتها"؟ ما جرى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وعودة الكثير من الشيوعيين الى طوائفهم وقبض سوية رديئة من الوعي والممارسة، على ما تبقى من تنظيماتهم يجيبان بالنفي. وهذا أيضاً شرحه يطول.

مهما يكن من أمر، غابت الولاءات الطائفية والجهوية في عقود اليسار الذهبية، بين الستينات والثمانينات من القرن الماضي، عن واجهة الحدث واستطراداً عن أفكار اليسار. ولم يعد من أهمية لفكرة إدماج البيارتة بالصراع الطبقي وإدخالهم في دائرة اهتمام الشيوعيين. فمن ذا الذي سيضيع جهده ووقته في إقناع البيارتة السنّة، بمحاسن الاشتراكية العلمية، وقد سبقتهم السيدة أم كلثوم مخاطبة النبي محمداً "الاشتراكيون أنت أمامهم" في غنائها قصيدة أحمد شوقي "ولد الهدى". بكلمات ثانية، لم يكن ينقص البيارتة الذرائع اللازمة لدفع "غائلة" الشيوعية الملحدة بالاستناد إلى عدالة دينهم الموروث، وإلى عظمة زعامتهم الناصرية. إهمال الدعاة الشيوعيين قابله إهمال الجمهور البيروتي للشيوعية ونفوره منها.

لفظت التجربة اليسارية أنفاسهاا الأخيرة في لبنان وسط صراعات الورثة وظهور أجيال جديدة من دعاة ثورة لا تستثني رموز الاستبداد من قائمة الحلفاء. ومن جهتها، دخلت بيروت بعد الحرب الأهلية طوراً جديداً من أطوار تبدلها التي لا تنتهي
-------------------------------------------------------------------------------------------------------


تواريخ سورية:
- معركة ميسلون24تموز1920
- احتلال الفرنسيين لدمشق25تموز1920
- اعلان قيام دولة اسرائيل14أيار1948
- حرب فلسطين15أيار1948
- أول انقلاب عسكري سوري بقيادة حسني الزعيم30آذار1949
- حرب السويس29تشرين أول1956
- الوحدة السورية المصرية22شباط1958
- الانفصال28أيلول1961







زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث