الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الزعيم عبد الكريم قاسم الذي لم يرى النور

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2018 / 3 / 31
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


حزب الزعيم عبد الكريم قاسم الذي لم يرى النور
نبيل عبد الأمير الربيعي
من خلال متابعتنا واطلاعنا على اعداد جريدة (الثورة) الصادرة في عهد الجمهورية الأولى والزعيم عبد الكريم قاسم خلال شهر تشرين الأول 1959م, تبين لنا أن هناك قد حدثت طروحات من قبل رئيس تحرير الجريدة السيد يونس الطائي المهتم بأحداث ثورة 14 تموز 1958 ودور الزعيم عبد الكريم قاسم فيها, منذُ صدور عددها الأول في الثامن من تشرين الأول 1958 ولغاية اغلاقها يوم 7 شباط 1963 وقد صدر عددها الأخير يحمل العدد (1118), قد اهتم يونس الطائي بالترويج لتأسيس حزب سياسي وطرح الاستفتاء تحت عنوان (الشعب يطالب ملحاً بتأسيس الحزب السياسي المنشود) جاء فيه :"طرحت هذه الجريدة شعاراً تاريخياً على الشعب استفتتهُ والمسؤولين الآخرين فيه ... وكان الشعار واضحاً وليس جديداً بالنسبة إلى بعض المسؤولين الذين واكبوا الاحداث وعاصروا الحوادث ومناكفاتها, فقد تجاوبوا مع شعارنا الذي طرحناه والذي خلصنا فيه إلى مناشدة الزعيم الحبيب بتأسيس حزب سياسي بعد انتهاء فترة الانتقال ليساهم مع الأحزاب المجازة في تركيز الحياة الحزبية على النهج الديمقراطي السليم"(1).
كانت هذه الطروحات من قبل رئيس تحرير جريدة الثورة بسبب الاحداث والصراعات التي حدثت بين القوميين والشيوعيين واحداث الموصل وكركوك, فقد هاجم قبلها الزعيم قاسم الحزبية والاحزاب في الثالث من نيسان 1959 قائلاً :"ان الاستعمار يحاول اليوم تفرقة الصفوف بالدعوة إلى احزاب ضيقّة وتكتلات محدودة, القصد منها أن يضرب الواحد منها الآخر... إننا سوف نسّد عليه هذا المنفذ, فالتكتلات الضيقّة والحزبية والاحزاب في هذا الوقت لا تفيد البلاد... جاء إليَّ الأخ يونس الطائي وبعض الضباط الأحرار وقالوا أيها الزعيم لو إنك تغنينا في هذا الوقت وتأمر بتشكيل حزب يلتف حولك وبذلك تخلصنا من هذه الأحزاب وهذه التكتلات, فكان جوابي إليهم أنني في عهد انتقال وإن حزبي هو مجموع الشعب, وإني أنتمي إلى مجموع الشعب, وإننا كلنا حزب الله, وحزب الحق وحزب العدل وحزب الكفاح"(2).
حارب الزعيم قاسم من خلال خطبه الحزبية والأحزاب, ودعا أفراد الجيش العراقي أن يكونوا بعيدين عن الاتجاهات والميول الحزبية ليبقى ناصع البياض وأكد على أن يكون الجيش "إنما ينتسب إلى حزب الحق والعدل"(3), وقد اخذ الصحفي يونس الطائي على عاتقه اقناع الزعيم قاسم لتأسيس حزب سياسي ليلتف الشعب حوله وابعاده عن حدة الصراعات السياسية وقتذاك ليحقق سياسة الوسط, بعد محاولة حزب البعث اغتياله في 19 تشرين الأول 1959, متحدثاً الطائي قائلاً "قلت للزعيم عبد الكريم قاسم أن عليه أن يعلن فترة انتقال لوقف التطاحن والقتال بين القوميين والشيوعيين, واقترحت عليه أيضاً تأسيس حزب سياسي يسير على منهج اقتصادي وسياسي واجتماعي معين يدخل فيه الانتخابات مع الأحزاب الأخرى التي ستجاز, وأكدت له أن نجاح حزبه وضمان زعامته أكيدان وبدون أي تدخل من جانب الحكومة, لأن الناس ما زالوا ينظرونه زعيم الثورة العظيمة التي اطاحت بالنظام الملكي"(4).
وفي يوم الثلاثاء المصادف 20 تشرين الأول 1959, العدد 286 وعلى صفحتها الأولى نشرت جريدة الثورة مقالاً بعنوان (أضواء الثورة), كان المقال لرئيس التحرير يونس الطائي, جاء فيه :"إننا هنا نطالب ونناشد سيادة الزعيم الحبيب القائد العبقري المفجّر الذي قاد الشعب وحرره, نناشده وفترة الانتقال على وشك الانتهاء بالشروع بتأسيس حزب سياسي يلعب أكبر دور مع الاحزاب التي ستقوم في تعزيز النهج الديمقراطي... إن الشعب يعيش اليوم وسط تيارين يتناطحان, ولا يمكن أن نجعل الشعب كبش فداء... وفي الواقع هناك طريقان, أما أن تكون فترة الانتقال طويلة الأمد, وأما العودة إلى الحياة الحزبية والنيابية وفقاً للروح الديمقراطية.. على افساح المجال للزعيم لأن يعكف على تحقيق انجازات الثورة وتحقيق نجاحات كبيرة عن طريق الاعتماد على حزب سياسي يقوده الزعيم كما قاد ثورة تموز"(5).
ثم تعود جريدة الثورة بمقال جديد في افتتاحيتها ليوم 21 تشرين الأول 1959 حول المطالبة بتأسيس حزب جديد بقيادة الزعيم قاسم تحت عنوان (مدرسة الزعيم عبد الكريم قاسم) جاء فيها :"عندما نطالب بتأسيس حزب سياسي يرأسه الزعيم الحبيب فنحن في الواقع نطالب تحصيل حاصل, أن الثورة وأهدافها ومدرسة عبد الكريم قاسم في تاريخ الشرق العربي على الوجه الخصوص لا يمكنها أن تحقق أهدافها وتفرغ نظريتها بدون الركون إلى التنظيم الحزبي, أي بدون تأسيس حزب"(6).
ثم تعود جريدة الثورة لتثير الشارع العراقي حول تأسيس حزب سياسي لكل العراقيين يقوده الزعيم قاسم بعيداً عن التناحرات الحزبية والقومية بمقال افتتاحي يوم الجمعة المصادف 6 تشرين الثاني 1959 وبعددها 301 بعنوان (الشعب يطالب ملحاً بتأسيس الحزب السياسي المنشود), جاء فيه "طرحت هذه الجريدة شعاراً تاريخياً على الشعب, استفته والمسؤولين الآخرين وكان الشعار واضحاً وليس جديداً بالنسبة إلى بعض المسؤولين الذين واكبوا الأحداث وعاصروا الحوادث ومناكفاتها, فقد تجاوبوا مع شعارنا الذي طرحناه والذي خلصنا فيه إلى مناشدة الزعيم الحبيب بتأسيس حزب سياسي بعد انتهاء فترة الانتقال"(7).
كان هدف رئيس تحرير جريدة الثورة من الدعوة لتأسيس حزب يترأسه الزعيم قاسم هو نكاية الطائي بالحزب الشيوعي العراقي والقوميين على حدٍ سواء, فأراد الطائي بعد محاولة اغتيال الزعيم وابتعاد قاسم عن المتناحرين إلى استغلال هذا التناحر, إلا أن الزعيم رفض فكرة تأسيس الحزب جملةً وتفصيلاً.
من خلال افتتاحيات جريدة الثورة ومناشدتها الشعب العراقي ومطالبتها للزعيم قاسم بتأسيس حزب سياسي يتزعمه عبد الكريم قاسم, وردت لجريدة الثورة المكالمات الهاتفية وبرقيات ورسائل التأييد للدعوة بتأسيس حزب سياسي, منهم ضباط كبار وقادة فرق وألوية في الجيش العراقي, ومن الاسماء التي طالبت الزعيم قاسم من خلال البرقيات والمكالمات الهاتفية : تصريح العقيد الركن فاضل عباس المهداوي(8), برقية العقيد عبد الكريم الجدة آمر الانضباط العسكري(9), برقية الزعيم الركن علي غالب عزيز قائد الفرقة الخامسة(10), برقية الزعيم الركن صبري النعيمي آمر كلية الاحتياط(11), برقية وزير الدولة فؤاد عارف(12), والمكالمة الهاتفية للعقيد عبد اللطيف الدراجي متصرف لواء الكوت, واللواء الركن المتقاعد عبد الرزاق عبد الوهاب متصرف لواء البصرة, وزير المواصلات حسن الطباطبائي, وزير المعارف محي الدين عبد الحميد, الزعيم خليل سعيد قائد الفرقة الثانية, الزعيم حميد حسن الحصونة قائد الفرقة الأولى(13).
كانت دعوة القيادات العسكرية ومتصرفو الألوية لدعم تشكيل حزب سياسي يقوده الزعيم قاسم غير صادقة, والدليل على ذلك انقلاب البعض من الداعمين والمؤيدين لهذا الحزب ومواقفه مع الزعيم بعد انقلاب 8 شباط 1963, وقد تنصل اغلب هؤلاء عن موقفهم السابقة.
مع كل هذا التأييد واعتراض المعارضين للفكرة من قبل الشيوعيين, رفض الزعيم قاسم فكرة تأسيس حزب سياسي, ورفض الزعيم عمل كل الأحزاب لأنه بعيد عن الأحزاب والحزبية, لذلك قال الزعيم قاسم في فترة الانتقال "أن حزبي الشعب العراقي كله, واننا كلنا حزب الله وحزب الكفاح وحزب العدل"(14), لكن الزعيم اجاز فيما بعد عدداً من الاحزاب السياسية هي الحزب الوطني الديمقراطي , وحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي بزعامة داود الصائغ كانون الثاني 1960م.

المصادر
1- جريدة الثورة العدد 301 في يوم الجمعة 6 تشرين الثاني 1959. ص1.
2- جريدة الثورة العدد 161 ليوم السبت 9 آيار 1959. ص2.
3- المصدر السابق. ص2.
4- جريدة الثورة العدد 175 ليوم الاربعاء 27 آيار 1959. ص2.
5- جريدة الثورة الثلاثاء المصادف 20 تشرين الأول 1959, العدد 286. ص1.
6- جريدة الثورة العدد 278 ليوم الاربعاء 21 تشرين الأول 1959. ص1.
7- جريدة الثورة الجمعة المصادف 6 تشرين الثاني 1959 وبعددها 301. ص1.
8- جريدة الثورة العدد 309 ليوم الاثنين 16 تشرين الثاني 1959. ص2.
9- جريدة الثورة. المصدر السابق.
10- جريدة الثورة. العدد 299. ليوم الاربعاء 4 تشرين الثاني 1959. ص2.
11- جريدة الثورة. العدد 298 ليوم الثلاثاء 3 تشرين الثاني 1959. ص1.
12- جريدة الثورة. العدد 294. ليوم الاربعاء 29 تشرين الأول 1959. ص1.
13- جريدة الثورة . المصدر السابق.
14- جريدة الثورة. العدد 309. ليوم الاثنين 16 تشرين الثاني 1959. ص3.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا