الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعايير الدولية!؟

عذري مازغ

2018 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تسكت إسرائيل صوت طفلة فلسطينية بسجنها (أقصد عهد التميمي)، ولكي تبرهن على مدلول سحرها، أمر القضاة ايضا أن تكون جلسات محاكمتها سرية حتى لا ينالنا سحر الشغب الطفولي، وفي يوم الأرض ، أبدعت طقسا جديدا في الحياة بقصف الناس على ظهورها برصاص الرحمة وبشكل علني تام، تماما كما كانت الولايات المتحدة وعبرها مهاجري أوربا في الشعوب الأصلية للقارة الأمريكية... والمجتمع الدولي، كل هذه الدول الملتحمة حول فاجعة بريطانيا في جاسوسها، لم يكن يعنيها الأمر، كانت القضية هي قضية قنص خنازير، وكان مسؤول إسرائيلي قد نبه إليها ولذلك، مجلس الأمن "الدولي" تكيف مع الأمر على أنه عملية قنص إسرائيلية.
كيف يستقيم العواء الغربي في هذه الحالات؟ وهل يستقيم مدلول وجود "مجلس دولي" عندما تكون المصالح السياسية هي تبرير القتل هنا وإباحته هناك؟؟؟
كيف أتضامن مع حالة معينة ولا أتضامن مع أخرى أكثر بشاعة من الأولى؟
وهنا تحضرني مواقف كثيرة في التضامن لا زالت ترن في مسامعي، كيف يكون دهس مواطنين في فرنسا او قتل مواطنين بها له صدى أكثر من قتل آلاف المواطنين بطائرات الغرب في الدول المقصوفة؟
هل يمكننا مثلا ان نستصيغ المبررات من قبيل وجود اهداف هذه الطائرات بمقر معين، مستشفى حتى، عرس عائلي ؟ بأي خشوع انساني تم ذلك القصف؟؟
هي المصالح السياسية، وتعني عند الكثير من القنافذ الليبرالية ، حسابات خاصة بعيدة عن العواطف الإنسانية ، وعليه فقد بررت كل هذا القتل العاصف على شعوبنا وبررت أيضا كل هذا الحصاد في البشر الممتد من المشرق إلى المغرب . ومعنى ذلك أن الجندي، الكائن الإنساني الهمجي على الإطلاق، له كل الحرية في ذبح مايشاء.
عندما نتأمل الأمر جيدا، بوجاهة دبلوماسية أيضا، نفهم مثلا من تصريحات "الناتو" في موقفه تجاه روسيا حول التعاون المسموم أيضا لتجنب حرب باردة والذي صرح فيه الجينيرال بافال لصحيفة "Aktualne حيث قال: "نحن من جانبنا نحاول تفادي المواجهة مع روسيا، ولكن لا يمكننا تجاهل انتهاكاتها لمعايير القانون الدولي"، يقصد فقط قضية الجاسوس المسموم، فهو لا يمت البثة بانه يزدوج في المعايير، بل إن المعايير الدولية هي مفهومة بقياس خاص، هي معايير الدول الرأسمالية المهيمنة على باقي الشعوب، فقضية جاسوس واعي بخطورة عمله، ويعي لأنه معرض لخطر الموت، هي أكثر أهمية من مواطن قصف في عرس عائلي بخلفية قصف هدف مهين (حتى لا نكون نكرة في القصد) قصف هدف معين، لطائرات التحالف الغربي ، في أفغانستان، في العراق ، في اليمن وفي سوريا) قصف هدف معين يبرر قتل آلاف الضحايا معه ... ليست هناك ازدواجية في المعايير، هناك سوء فهم للمعايير، المعايير الدولية هي معايير تقاس بلغة الهيمنة على الكرة الأرضية، بشكل، من شروط الإستقلال الآن، من المبادئ الأساسية فيه، هو أن تعلن بدئيا أنك لا تنتمي إلى الهيأة الدولية في شكل هيكلتها الآنية. فالشعوب المهيمن عليها هي في مقام العبيد، ليس لها وجهة نظر مختلفة، بل عليها أن تتكيف مع وجهات النظر "الدولية" أي وجهات نظر الدول السائدة. إن روسيا في مواقفها الآنية تخترق الميثاق الدولي .
عادة نحن المكيفون بشكل جيد مع الخطاب السياسي نفتقر كثيرا إلى النباهة القصوى، المعيار في أحكامنا هو المعيار قياسا على مواقف إنسانية خارجة عن خلفيات دولية سائدة، لكن "المجتمع الدولي" يفترض فهما أعمق، أن يكون القياس بمعيار "دولي" لا نمثل فيه إلا أقنانا جيدة تحسن الرقص والهتاف، وفي أحسن الحالات التصفيق.

في المواقف الدولية، ليست هناك ازدواجية، بل هي مواقف تستند إلى إرادة القوة، هي مواقف دول قوية تسيد معاييرها، ونحن الشعوب المتخلفة عليها إما ان تكون تابعة للموقف السائد وهو ما نحكمه بجلاء حين نبكي ضحايا من دول مثل فرنسا أو المانيا ولا نبكي ضحايانا لأنها مجرد "سوء في التخطيط،" (ضحايا نيران صديقة بالتعبير الامريكي)، هم مجرد ضحايا قصف هدف معين. قتل آلاف الأسر في العراق مثلا لأجل قتل صدام حسين (لايتعجلن أحد علي، لست من مؤيدي نظام صدام، لكن لست ايضا راضيا على الثمن، وأعرف جيدا أن الحي أحسن بكثير من المقتول حسب لسان الشريعة الموؤودة) هو اخبث تبرير لوداع ضحايا حرب جورج بوش الثاني ، أكثر من ستمائة الف قتيل حسب الإحصائيات الرسمية، أكثر وقاحة من ذلك هي أن يعلن جينيرال أمركي بأنه لا يحصي الجثث، يعني كانت في عداد ضحايا الهدف، أجرم موقف إنساني في التاريخ هو ان يبرر شعب ضحايا أفراده وطنه الأبرياء (بكل صدق أكره الشيوعي العراقي، الاناركي، المذهبي في أي وحل على موقفه من قتل أكثر من مليوني عراقي حسب إحصائيات أخرى، فقط لأجل قتل صدام ، هذا بالتحديد ما يقام الآن لزعيم كوريا الشمالية، لنرى هل حقا الشعب الكوري الشمالي سيقبل بالتضحية وهو الذي جرب في فجر الحروب الإيمبريالية أمريكا التي قصفته بالأسلحة البيولوجية ؟؟ .
المعيار الإنساني القح، في هذا الزمن، ليس معيارا حقيقيا، بل هو معيار يقاس على أساس درجات النفوذ، كانت في الماضي حركة التحرر الوطني لدى كل الشعوب هي تحرير الوطن، وكان القصد هو تحرير الثروات الإقتصادية الطبيعية والبشرية من استغلال المستعمر، الآن، الكثير من ممثلي النضال التحرري يرون أن تقدم الشعوب هو استثمار الشركات الراسماية في الهموم الوطنية، ويرون أن تخصيص مائهم وارضهم الفلاحية لهؤلاء هو جزء من التقدم، وفي كل لحظة اليوم، تنزع منا حقوق ونحمدها باسم أرقام موازنات يحمد لها الراسماليون (جزء من الطبقة العالمية المهيمنة) ويحمد لها فقراء الشعوب على أساس أنها أرقام موثقة في بورصات التعاملات "الدولية".
أصبح لا يهم هل هي تدخل في رفاهية الفرد عندنا بل أصبحت رفاهيته ان يكون الرقم كبيرا، كبيرا في استغلاله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي