الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون والأمن المائي

وفاء البوعيسي

2018 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن عدداً كبيراً من الطاعات في الإسلام، لا يصح تأديتها إلا بعد الطهارة الصغرى (الوضوء) [1] أو الكبرى (الغُسل) [2]، ولنا أن نسأل أنفسنا، كم عدد المسلمين بالعالم اليوم؟ وكم عدد المكلفين منهم تحديداً؟ هل يمكن أن يكون الرقم 750 مليون بالغ ومكلف؟ وكم عدد المتزوجين؟ 375 مليون يا ترى؟
لنتخيل أن 750 مليون شخصاً المفترضين، إنما يؤدون الصلوات المكتوبة عليهم، ما يعني أنهم يحتاجون إلى الوضوء عدة مرات باليوم، وهو ما يعني أيضاً، حاجة الواحد منهم من 10 إلى 15 لتر ماء يومياً على الأقل، والمتزوجون بحاجة من 50 إلى 100 لتر ماء عن كل مرة يتم فيها الغُسل من الجنابة [3]، يومياً أو شبه يوميّ، أي أن العالم يفقد 10 لتر وضوء مضروبة في 750 مليون، زائد 50 لتر غُسل مضروبة في 375 مليون كحد أدنى، ناهيك عن الاغتسال من أجل الإحرام للحج، حيث تٌهرق ملايين الليترات في بضعة أيام فقط، ويتكرر هذا سنوياً منذ مئات السنين، أضف إلى ذلك الاغتسال للعيدين ولصلاة الجمعة وتغسيل الميت، واغتسال من اعتنق الإسلام، ومن عاد إليه بعد ردة، وكميات أخرى مهولة تُراق بمناسبة ذبح العقيقة للمولود الجديد (قد تكون شاتان خاصةً للصبي)، وذبح الهَدي بموسم الحج، ولنتخيل الآن نواتج هذه الكميات المهولة، لنعرف كم نهراً أو بحراً يُهرق المسلمون سنوياً لأداء فرائضهم وسننهم؟

ليس المسلمون وحدهم المسرفون في هدر المياه، فهناك المسيحيون الأورثوذوكس، الذين يعمّدون المؤمنين بحوض كبير يُراق بعدها مباشرةً، وقد تهدر بعض الحكومات والشركات المياه، لأسباب تتعلق بالترفيه والصناعة، لكنها تُواجه بالنقد والضغط والملاحقة القضائية، من المنظمات المعنية بحماية البيئة، وعلى العكس نجد طوائف أخرى كالكاثوليك والمندائيين والهندوس، يقتصدون كثيراً في التعميد، الأولى تُهرق حفنات صغيرة من الماء على رأس المُعَمد، وتعمّد الثانية مؤمنيها بالمياه الجارية، في حين يتوافد الهندوس بعشرات الملايين مرة كل 12 سنة على نهر الغانغ، للتطهر من الخطايا.

من المؤسف جداً، أن توزيع المياه على كوكب الأرض ليس متوازناً، فهناك بلدانٌ غارقة في المياه كهولندا، وأخرى يقتلها الجفاف كالصومال، والعالم يئن من نقص مصادر المياه وتلوثها، لكن المنظمات الدولية لا تدخر جهداً لتحذيرنا من مخاطر ذلك[4]، وهي تُحشّد الإعلام والأثرياء والمشاهير الغربيين، للتوعية بمخاطر تبذيره على مستقبل الوجود البشري، ولا تفتأ توجه انتقاداتها وتوصياتها للدول بالخصوص، في حين يصعب عليها انتقاد المسلمين على هدرهم الشنيع وغير المسؤول للمياه، لأن المسلمين ينؤون بأنفسهم عن التفاعل الإيجابي مع مشاكل الكوكب، وليس بحوزتهم أي إسهامات فقهية مفيدة تواكب هذا العصر، كالتفكير في مدى ملاءمة عباداتهم مع احتياجات الأسرة البشرية إلى الأمن المائي، والإسهام في تقليل العطش والجفاف، وليس بإمكانهم جعل طقوسهم صديقةً للبيئة عن طريق إعادة قراءتها من جديد، والتفكير في بدائل عن الطهارة المائية، فدأبهم الدائم كان وما زال تأدية الأوامر الإلهية بحذافيرها كما أُنزلت منذ 1400 سنة، ولو كان من شأنها التأثير الخطير على الكوكب، بل إن عدداً منهم يستنكرون ويحرّمون يوم الأرض، ويعتبرونه بدعةً من بدع الكفار[5]، ما يجعلهم خارج أي حل وخارج الزمن وخارج الحضارة، وهذا يعمق المشكلة أكثر.

مبدئياً أقترحُ التيمم [6] للصلاة كبديل من الآن فصاعداً، وعدم الغُسل بعد ممارسة الحب، فالاغتسال من ممارسة الجنس مع الحبيب أو الحبيبة، وفرك الأعضاء التناسلية بقوة باليد اليسرى، مع تلاوة بعض الأذكار النبوية، سينزع عن العملية رقيها ونقاوتها، ويحيلها لعملية بيولوجية مستقذرة لتفريغ السوائل وحسب، ولنولي وجوهنا شطر الماء في صلاتنا، معلنين أننا أعضاء بالأسرة البشرية، وأننا نخاف على أمنها المائي، ونعترف بأهمية يوم الأرض.

المراجع
[1] غسل الوجه والأطراف استعداداً للصلاة أو قراءةً للقرآن.
[2] الاستحمام.
[3] ممارسة الجنس.

[4] Ixpower.com
Security and Produced Water, 2013
[5] alwasat.ly
موقع بوابة الوسط الليبي، "أوقاف الموقتة" تصف محتفلي ساعة الأرض ببنغازي بـ"الأراذل"، 28/3/2017.
[6] ضرب التراب بظاهر اليدين ونفضهما، ومسح الوجه واليدين بهما، وهو يقوم مقام الوضوء بالماء في حال قلته، أو بحال كان في استعماله خطر على صحة المتيمم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نسيت
احمد علي ( 2018 / 4 / 1 - 20:00 )
وحديث لا تصرف بالماء ولو كنت على نهر جاري
نعم صيغته ليست كذلك ولكن معناه نفس المعنى
فصيغة الحديث اخطر وهي
نَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ) .


2 - الجندى
على سالم ( 2018 / 4 / 2 - 16:27 )
هل كان الله يتوضأ عندما كان يصلى على حبيبه وقره عينه محمد فى سدره المنتهى ام كان يتمم برش التراب على عضوه فى حاله عدم وجود الماء , السوال ايضا كان هل يوجد تراب وماء فى سدره المنتهى ؟


3 - سيد علي سالم
احمد علي ( 2018 / 4 / 2 - 20:54 )
كان الله يتوضا او لم يكن يتوضا هل ذلك يمنع جديث انه لا تصرف وحتى باقدس شيء وهو الوضوء
هل تنفي ذلك ؟؟؟؟؟
اما تراب وماء في سدرة المنتهى
نعم يوجد فيها كل ما تشتهيه العين
طالما كان طاهرا
اما هل كان الله متوضئ
حبيبي هل صلاة الله هي صلاة الانسان ام نسيت ان الكلمة في العربية لها الف معنى ومن المعاني دلالات ومن الدلالات اصطلاح والاصطلاح اتفاق الناس على معنى للكلمة ولو خالف معناها الاصلي ؟؟؟؟؟
هممم
يعني كلمة صلاة لها عشر معاني فليس معناها فقط الصلاة المشهورة امامك والتي هي دعاء لله
فالصلاة من معانيها ايضا
الغفران
رفع المكانة
والرحمة
وصلاة الله على النبي علهي السلام تقدير ورفع مكانة
اما صلاته على البشر
غفران ورفع مكانة
فعن ماذا تتحدث رجاء
ام انك بش شايف خطا بكلامي


4 - سيد علي سالم
احمد علي ( 2018 / 4 / 2 - 20:56 )
الصرف حرام في الاسلام دوما دائما
(كل واشرب والبس وتصدق في غير سرف ولا مخيلة)


5 - مرة اخرى سيد علي
احمد علي ( 2018 / 4 / 2 - 20:59 )
۞-;- يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ-;- إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)

هنا السرف معمم على كل شيء
ولا تقل لي فقط بالشراب والطعام
لان الاية انتهت بصفة ربانية
وهي كراهية الصرف
انه لا يحب المصرفين


6 - تعليق 6
احمد علي ( 2018 / 4 / 3 - 08:37 )
لا اعلم لمن تعليق 6 ولكن متشوق لمعرفة محتواه


7 - توضيح بسيط
جلال العبار ( 2018 / 5 / 9 - 12:33 )
سلام استاذه وفاء
لو الإنسان يصنع الماء فهناك يمكن ان نأخذ كلامك بعين الاعتبار اى على المسلم ان يتيمم بدل من الوضوء ولكن الذى خلق الماء هوالله فهل يعقل ان يطلب الوضوء ولا يخلق الماء وهو الذى أمر الوضوء بالماء ام بالنسبه للدول التى تعيش فى مناطق جافه ءه يفترض ان تساعدها الدول الاخرى حتى من باب الانسانيه وانا اعتقد ان المياه متوفره تكفى بكمبه يه كثيره لأنها يحتاج إليها حتى البهائم والطبيعه والزراعة
لذلك كونى مطمئنة على المياه لان الذى خلقها الله وليس إنسان حتى نخاف عليها من الإسراف


8 - سؤال
جلال العبار ( 2018 / 5 / 14 - 04:46 )
سلام استاذه وفاء
فى سوره الملك يسأل الله لو أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين يعنى انتى تتفقى مع الدين لان فعلا قضيه مهمه المياه وفى نفس الوقت الدين لا يحب التبذير فهل فكرتى لو ان الله يذهب بالماء هل يستطيع الإنسان ان يصنع الماء او
ان ياتى بها بعد ما غورها الله فهل حظرتك تتفقى مع الدين فى هذا المقال سبحان لله

اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب