الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البناء الروائي في -سكوربيو- عادل فودة

رائد الحواري

2018 / 4 / 3
الادب والفن


البناء الروائي في
"سكوربيو"
عادل فودة
رواية مبنية بشكل متين، وتتنامى فيها الاحداث بشكل منطقي، ففي البداية يكون الدكتور "عبد الله" يسعى للهروب من واقعه وما تعرض له من مشاهد مخجلة ومؤلمة، خاصة بعد أن شاهد أمه في وضع لا يليق بها كأم ولا كزوجة، فالعقدة عنده تكمن في الجنس، الجنس المحرم تحديدا، فهو من جعله يتجه بتفكيره بطريقة غير سوية.
"فتحي بيك" يمثل رجل السلطة المطلقة، ويمثل الرجل الشرقي الشهواني الفحل، حتى أن زوجته لا تقدر على اشباع حاجته الجنسية ولهذا يتزوج الأولى ولا تستطيع أن تتحمل فحولته، فيتزوج الثانية ثم الثالثة والرابعة.
إذا الجنس هو من يحرك الشخصيات وهو الحدث الأهم والأبرز في الرواية، فيقدمه لنا الراوي على أنه النقطة التي تبدأ منها الأفعال البشرية، فهي من تدفع الدكتور "عبد الله" إلى الانحدار شئيا فشيئا نحو "الفرانكشتاين" فيجعل من عشيقته الأرملة "سندس" مجرمة وقاتلة لحماتها "محفوظة" بعد أن تضع لها كمية كبيرة من المنوم في الشراب، وهذه الجريمة تمت لكي يأخذ راحته معها في الجنس المحرم، ومن ثم يطور سيطرته عليها أكثر بعد أن أخذت العلاقة الجنسية بينهما الشكل العادي، الذي لا تستطيع "سندس" التخلي عنه، فهي أرملة وتحتاج إلى من يشبع حاجتها الجسدية، ولهذا يقترح أن يفتح عيادة في القاهرة متخصصة في علاج مرض "الإيدز" لكنه بحاجة إلى من يمول فتح العيادة والمختبر،
فتكون هي الممولة لهذا المشروع الطبي والذي يحتاج إلى عشرين ألف جنيه، ويتم فعلا الحصول على التمويل منها، طمعا في أن يصبح عقد الزوج الذي وقعه معها زواجا طبيعيا وقانونيا متعارف عليه بين الناس، وليس الزوج الذي يتم في الخفاء.
إذا أول ضحايا الرغبة الجنسية عند |"عبد الله" كان "سندس" أما فحولة "فتحي بيك" فيتم التعرض لها من خلال احدى زوجاته التي لا تنجب، فيتم تمرير "دواء له لكي تقدمه لزوجها الفحل، على أساس أنه العقدة والخلل فيه هو وليس فيها هي، رغم عدد الأولاد الذي انجبتهم الزوجات الثلاثة، لكن عقدة الجنس وما ينتج عنه من حمل جعلتها تقوم بإعطاء زوجها "فتحي بيك" الدواء، وهنا تنام وتتوقف فحولته الجنسية تماما، ولا يستطيع أن يعود إلى سابق عهده مع زوجاته، ولهذا يتم الاتجاه إلى الدكتور "عبد الله" لكي يعالجه، فيتم حقنه بإبرة على أساس أنها من ستعيد له فحولته، وهنا يتم اصدار أمر إلى عشيقته "سندس" لكي تخبر زوجته بالتوقف عن اعطائه الدواء، وفعلا تعود فحولة "فتحي بيك" إلى ما كانت عليه، لكنه هنا أصبح الدكتور "عبدا الله" صاحب الفضل عليه، وهنا أيضا نجد الجنس قد أحدث تغيرا في سلوك هذا الرجل السلطوي تجاه "عبد الله".
فالضحية الثانية كانت "زوجة فتحي بيك وفتحي نفسه" الذي تم استغفالهما واستغلالهما معا تمهيدا للحصول الدم المطلوب لقيام بالتجارب التي سيجريها "عبد الله" والذي يستغل عبد سطو هذا الرجل "فتحي بيك" في اجبار واقناع أهل القرية في التبرع بالدم، لكي يقوم بتجاربه على مرضى "الكلى والإيدز" الضحية الثالثة كانت "شهد" التي احبها وعمل على جعل أخاها "توفيق" يقدم على محاولة قتل حبيبها "فؤاد" بعد أن أخبره بأنه شاهد أحد الملثمين يحاول الدخول إلى المنزل من الباب الخلفي، فيتم اطلاق النار على "فؤاد" لكنه يصاب ولا يقتل، ثم يفر إلى الاسكندرية بعيدا عن الخطر الذي يتهدده، لكي يستطيع أن يؤثر على "سندس" وينفرد بها بعد أن ابتعد حبيبها "فؤاد" هاربا من مطارديه.
"شهد" تمثل المرأة الوحيد التي لم تنحرف أو تنزلق نحو الهاوية، وبقيت محافظة على روحها بعيدا عن التلوث، حتى أنها كانت السبب الأساسي في إزالة الخلاف بين عائلتها وعائلة "فؤاد" بعد أن قام فؤاد بمحاولة انقاذها من الاختطاف الذي خطط له "عبدالله" والذي انتهى بمقتل "فؤاد" ومقتل "عبد الله" أيضا.
الضحية الرابعة والأخيرة للجنس كانت الممرضة "سلمى" التي أيضا اسهمت بطريقة فاعلة في احضار العينات البشرية من مرضى الإيدز ل"عبد الله" طمعا في أن يتزوجها، خاصة بعد أن دعاها ولأكثر من مرة إلى مطعم فخم، بحيث توطدت العلاقة معه أكثر، لكنها تعرف بأنه له علاقة (شريعة) "بسندس" بعد ان اتصلت على جواله وهو منهمك في البحث والسؤال عن مكان سكن مرضاه الذين لم يحضروا لمتابعة العلاج.
ضحايا "عبد الله" كانوا من المرضى أيضا، فكل من حقنه بكمية من الدماء التي احضارها من القرية اصابه الإنهاك والضعف بعد أن ضرب (المصل) كل اعضاء الجسم، أحدى ضحايا "عبد الله" كانت أمه، التي يفاجأ بها بعد أن جاءت مع صديقتها "شادية" للعلاج من مرضها المخجل "الإيدز" يبدأ بالتفكير بالتخلص منها وقتلها، وهنا تكون الأم التي تسبر أغوار النفس وتعرف بحدسها طبيعة وليدها "عبد الله" جيدا فتطلب منه أن ينفذ ما يفكر فيه، فيدعي أنه لا يفكر بشيء، تصر وتؤكد له بأنها ملت الحياة، وما عليه سوى أن يحضر إلى بيتها وأن يعطيها الحقنة المناسبة لكي ينهي تعبها وألمها، وفعل يأتي إلى منزل والدته ويقوم بقتلها.
الراوي قدم لنا "عبد الله" على أنه يمثل "فرانكشتاين" الذي يخلق ضحاياها بنفسه، فمن خلال حاجة ورغبة الناس في الجنس يعمل على احداث الخلل بين الأفراد وفي المجتمع، ولهذا كانت العقدة الأساسية في الرواية هي الجنس، فجرائم القتل التي نفذت بحق "محفوظة وأمه" كانت بدوافع أو بسبب الجنس، مقتل "فؤاد" كان أيضا بسبب حاجة "عبد الله" للجنس، استغلال "سندس وسلمى وفتحي وزوجته" كان أيضا من خلال الجنس، نهايات الموت التي طالت كلا من الشخصيات الرئيسة في الرواية تشير إلى أن هذا الفعل هو سبب الشرور كلها، فهل أراد الراوي من هذا الأمر أن يقلل من أهمية الجنس؟، أم أنه أراد أن يشير إلى ضرورة التعاطي معه بطريقة جديدة؟.
الرواية من منشورات دار الفاروق، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 2018.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة