الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


04-07-2017 الفصل الاول

ذياب فهد الطائي

2018 / 4 / 4
الادب والفن


الفل الاول
يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثير
حرائق الرصاص في وجناته
وصدره... ووجهه...
لا تشرحوا الأمور!
أنا رأيت جرحه
حدقّت في أبعاده كثيرا...
" قلبي على أطفالنا "
وكل أم تحضن السرير!
يا أصدقاء الراحل البعيد
لا تسألوا: متى يعود؟
لا تسألوا كثيرا
بل اسألوا: متى يستيقظ الرجال؟
محمود درويش



يضفي عمق السكون وحالة الترقب قلقا إضافيا .... كانت الاوامر التي استلمها (الفوج )ان نكون مستعدين للحركة الساعة الثالثة فجرا،كنا سبعة جنود في الغرفة الامامية لدار لم نستكشفها بالكامل ،الارضية تغطيها سجادة لم اتبين لونها فقد كان الظلام يسد مساحات الرؤية تماما ،وزميلي الى جانبي يتنفس بصوت مسموع وقد يكون هذا علامة لخوف غامض ،الطابق العلوي استكشفه امر الحضيرة ذو الوجه الصارم ...قال بانه( آمن ) ،من الجوانب في الشوارع المجاورة تنطلق بين الحين والاخر اصوات خرساء لطلقات متتالية من بندقية كلاشنكوف ،ثم يشغل الظلام الذي بدأ يخالطه شحوب حائل ،هواجسنا
حين التحقت بالجيش في العام المنصرم ، كنت ابحث عن بديل لسنوات من الضياع في شوارع العاصمة بحثا عن عمل ...ابي يتقدم في السن وامي منهكة من (عمل) معظم حاجاتنا الغذائية في البيت ومعظم الوقت امام التنور، لتخفف من الحاجة للنقود ،
بكى أبي وأنا أودعه ...فيما كانت عيناه معلقتان بصورة أخي الأكبر المعلقة على الجدار الكونكريتي بمسمار بارز ،زمت أمي شفتيها فيما تجمدت دمعة كبيرة فوق خدها المتغضن ،شعرت انا نستسلم لقدر لا مفر منه
قال امر الحضيرة :كونوا مستعدين !
أحكمت الخوذة المعدنية .....قال الجندي على يميني :سنتحرك
نسيم مشبع برائحة الدخان انتشر في الغرفة التي اعطتني شعورا مواربا بالامان ، نقلت الكلاشنكوف من كتفي ليستقر بين يدي وشعرت باني أرى افضل
قال امر الحضيرة :لنتحرك
فتح العدو البيوت الصغيرة المتلاصقة على بعضها بفتحات كافية للعبور،
قال امر الحضيرة :لن نتوقف عند العوائل المحاصرة ،ستتكفل بهم فرق الانقاذ.
رائحة رطوبة تنتشر ببطئ ، اعقبتها زخات مطر يصدر صوتا كئيبا ،المطر الصيفي العابر محمل برطوبة تضغط على الجسد وتشعرني بالاختناق .
خيوط الفجر الاولى تمنح المشهد شحوبا حزينا وبدى الخراب لا يصدق، تعثرت بكومة حجارة وصخور جبلية كانت جزءا من جدار تم نسفه ،اندفعت لا اراديا منحرفا عن المسار لادخل غرفة نوم ، السرير الخشبي محطما وعلى الأرض خمسة اشخاص يتكومون برعب متلاصقين الى بعضهم ،التصقت صبيتان بالام التي غطت وجهها بالكامل فيما يجلس طفل في الثالثة في حظن ألأب ،عند اندفاعي المفاجئ اصبح الجميع كتلة متراصة ،الطفل وحده يتطلع نحوي ،انعكس الخيط الشاحب الذي تسلل عبر النافذة في عينيه ،شدتني دعوة في نظراته فيها رجاء ان اقدم له شيئا .....مد يده الصغيرة بكوب معدني فارغ
حين تقدمت نحوهم تحرك في حظن أبيه محاولا ان يصل بيده إلّي، وضعت في الكوب بضع مكعبات صغيرة من شيكولاتة محلية وأعطيته علبة بسكويت بالسكر ،لم يبتسم واكتفى بأخذ الهدية الصغيرة وهز الكوب أمام أختيه،
بدأنا نتقدم بحذر فقد كان العدو قد زرع الطريق بالمتفجرات بطريقة بدائية ،ورغم إن الفريق الهدنسي قد نظف الممر إلا إن آمر الحضيرة قال :الامر مازال يحتمل الخطر
رشقات متقطعة من الحضيرة المتقدمة من الفوج ورد العدو بزخات كثيفة من رشاشات متنوعة ....وحين تكثف الرمي المتبادل قال الجندي الى جانبي ...نحن نقترب
اطلقت طائرة مروحية صاروخا أحدث انفجاره دويا صاخبا وتطاير الحجر الجبلي والآجر بكل اتجاه وانتشر غبار رطب ،قال آمر الحضيرة :بدأ التمهيد للاقتحام
منذ يومين لم نتقابل على نحو مباشر مع العدو ،فهو ينسحب مخلفا قتلى وبعض الجرحى وفي الشارع الممتد داخل حي( الزنجيلي ) يدفع بانتحاري بسيارة مفخخة تم تصفيحها ،
غالبا ما كانت قواتنا المتربصة في البيوت المحررة في الازقة الضيقة ما تقوم باستهدافها بقذائف كورنيت الموجهة ويتختلط صراخ الفرح الهستيري بصوت ارتطام القطع المتناثرة من السيارة المهاجمة بالجدران على الجانبين
فرق الانقاذ تتقدم بحذر وهي ترفع الانقاض لتسحب بعض العالقين من سكان الحي او لترفع الجثث التي طمرتها الحجارة والاتربة .....اصبح المنظر عاديا تماما ولم اتعرض لردة فعل وانا اشاهد يدا مقطوعة او جثة بلا رأس ...بدأ الفجر أكثر جرأة وهو يتدفق من الفتحات التي تباعد قليلا بين السحب المتقطعة والتي تعبر السماء فوق الموصل الى الجنوب ،على الارض البيوت المهدمة والحجارة المتناثرة وبضع كلاب سائبة ورائحة الموت الىي تنبعث من تحت اكوام الحجارة والجدران الكونكريتية المنهارة والخوف المتجمد في عيون الباقين من سكان حي الزنجيلي يقابله في السماء الغيوم المندفعة بعجالة والفتحات التي تسمح لضوء الفجر بأن يضفي على الارض تتابعا لصور من كابوس مركب لخيال مريض ،
في تقدمنا بدأت تتكشف صورة المعارك الشرسة التي خاضتها قوات مكافحة الارهاب ،فعلى امتداد الازقة الضيقة كانت تختلط بقايا ادمية لافراد العدو وجنودنا وكانت التعزيزات التي دفعتها الفرقة المدرعة التاسعة قد أسهمت في تصفية جيوب المقاومة للعدو ولكن هذا أوقع عشرات الاصابات بالسكان المدنيين
تقدمت امامنا مجموعة من العوائل الهاربة من جحيم المعارك ...قال رجل وكانه يقدم تقريرا محايدا ولكن بنبرة محبطة :لقد قتلوا الكثير
قام العدو بزرع العديد من القناصين المحترفين في أسطح المنازل التي قاومت التدمير ....في بيت من الحجر الابيض تتوسطه باحة واسعة ، مقاتل منكفئ على وجهه بدا شعره الاشقر غريبا ، قطعا من مقاتلي العدو .....تقدمت منه ببطئ في حين وقف خلفي جنديان برشاشاتيهما مشرعتان ،تفحصت الجسد المدد من كل جوانبه دون ان المسه فقد كان العدو يفخخ جثث جنوده كمصائد ،كان سلاحه ملقى على مقربة ويداه تحيطان برأسه فيما خيط من دم كثيف انساب على السيراميك الازرق ،حين قلبته شاهدت منظرا مؤلما ..... افرغت رصاصة تجويف العين وحطمت مقدمة الجمجمة لتخرج من الرأس ....لم استطع التفتيش في جيوبه، تقدم جندي من الخلف وأخرج محفظة جلدية :أبو الخطاب الشيشاني معاون قائد الشرطة الدينية
في المحفظة ايضا صورة لإمرأة ترتدي وشاحا أسودا حول راسها، ذات بشرة ناصعة البياض وعينان واسعتان عسليتان ،وصورة ثانية لصبي في الثالثة
فكرت انه تزوج في الموصل بعيدا عن أبويه ، ربما ستقتل زوجته ولكن الصبي سيواجه مصيرا بالغ الصعوبة
تراجعت حدة القصف المركّز لتجمعات العدو وفي الشارع الرئيس كانت مدرعات صغيرة تتقدم مسرعة لتحكم السيطرة على خطوط التماس المتقدمة ،
للمرة الاولى يتجمع فوجنا في مساحة مكشوفة ،ورغم شعور الانتصار الطافح على وجوه الجنود فقد كان التعب والاجهاد وساعات الترقب الطويلة، قد ترك انطباعا قلقا
استاذ التسويق تحدث عن المنافسة في السوق ...قال بان الربح او الخسارة رغم انهما متلازمان الا ان ما يجب الانتباه اليه ان ذلك يحتمل نتائج نسبية، الحرب وحدها ، الربح والخسارة فيها تعني ان تكون قاتلا او مقتولا ،تماما كما في لعبة الشطرنج ....الجنود هم من يقتلون ...الملك يبقى للنهاية ولكن لا نسبية في الربح او الخسارة
قال احد الطلاب ولكن قد يتوصل الفريقان الى حل وسط ،قال الاستاذ صحيح ولكن بعد ان يقتل الجنود
الفوج المنتشر قد فقد الكثير من عناصره ولكن انتشار الفرقة التاسعة ساعد على بقائه متماسكا كما إن المروحيات لعبت دورا مهما في تدمير مواقع العدوالمتقدمة ،شعرت بان هناك مفارقة في الحشدين المتقاتلين ....نحن من معظم مناطق العراق وعلى وجه الخصوص من أبناء الجنوب ،والعدو من بلدان مختلفة لم اسمع بها سابقا ...ودار بخلدي تساؤلا عما يريده هؤلاء الغرباء.
الى الحائط كان جنديا يركن بندقيته ويجلس على الارض العارية ممدا رجليه،رفع الخوذة المعدنية عن رأسه وتطلع نحوي :هل لديك سيكارة ؟
قلت :لا ..انا لاأدخن
ابتسم بمرارة اشعرتني بشيء من الحزن
قال :الغريب اني لم ادخن !!! ولكني اشعر برغبة في ذلك
لم أجبه وجلست الى جانبه : قال بانه جاء من ناحية السلام .... كان يعشق الغناء وكثيرا ما يجلس الى نهر البتيرة ليغني للماء والقصب والطيور التي تحط على الضفاف لتستريح ومن ثم تتابع طيرانها ....حين سألته عن المدرسة ، أمسك بخوذته المعدنية وكأنه يتفحصها وأجابني : بعد الابتدائية ....لم اتابع ....كان والدي وحيدا وهو بحاجة الى المساعدة في الارض ....ولكن الارض هي الاخرى تركتنا فقد اصبح من العبث الاستمرار بزراعتها .....بعد سنتين من العطالة ساعدني خالي في التطوع .....ارسل كل الراتب الى والدي ....هنا لا أحتاج النقود ....لم اتعلم كيف اصرفها ولكني تعلمت القتل .... في التدريب كان على الدوام هناك عدوا مفترضا عليك ان تقضي عليه....حين دخلنا الزنجيلي تأخرت عن زملائي بسبب مغص حاد في المعدة ...وانا الحق بهم واجهت صبيا في الثانية عشر يوجه بندقيته نحوي،في عينيه كمية من الحقد لم اعتقد ان انسانا يتحمل ثقلها ،اندفعت نحوه ولم يخطر ببالي ان اطلق عليه النار ،ضغط على الزناد فانطلقت بضع رصاصات استقرت في الجدار ....ضربته بقوة باخمس البندقية فتهشمت جمجمته وتناثر الدم بكل اتجاه....لم يصرخ
:هل جربت القتل؟
كان السؤال خال من اية نبرة موحية ، كأنه يسأل ان كنت قد تشاجرت مع زميل في لعبة دومينو في مقهى الحي
: نعم ...بضعة عناصر في الجانب الايسر ...كنا نطهر الجامعة، وفي جوانب البناية كنا نتبادل الرمي ،كنت دائما دقيق التصويب كنت لا اخطئ الطير الذي استهدفه ....لم يكن الامر استثنائيا ...ان تقتل عدوك وهو يقابلك بنية قتلك أمر عادي تماما ، ولكن الذي ظل في ذاكرتي هوشاب ضئيل الحجم داكن السمرة ، كان يقود سيارة مفخخة قفز منها على عجل حين شاهد جندي يصوب نحوه صاروخ كرونت محمول على الكتف ، كان يهرب مرعوبا ،على الرصيف سقط وهو يصرخ بعواء جاف فيما انثق الدم من صدره خيطا رفيعا ،كان نحيلا وحين اقربت منه لاسحبة الى الحائط انفجرت سيارته بفعل الصاروخ الذي رفعها دافعا اياها الى الخلف ، في عينيه رعب طاغ وكانت أصابعه الصغيرة تشد على صدره بتشبت يائس فيما تسمع حشرجته الخافتة لهاثا متتابعا ،كان وهو يفارق الحياة يتطلع نحوي بحقد ،قال جندي كان يقف خلفي هل تعلم لماذا يكرهك ...قلت لأني قتلته ....قال لا ....كان يتطلع الى ان يرفع مع انفجار السيارة بدون الشعور بالالم او بمغادرة الحياة ليدخل مسرعا الى خيمته في الجنة حيث تنتظره نساؤه....أنت افسدت عليه الدخول السلس! !!
بدأت الشمس ترتفع وهي تواصل دفع اشعتها الحارة الى المدينة وقد خلت السماء من أي اثر للغيوم الصيفية الخفيفة ،
قال امر الحضيرة سنستمع الى ملاحظات امر الفوج عن مرحلة ما بعد الظهر ويمكنكم الان استلام تعييناتكم من الطعام والشاي.
وسط الساحة وقف جندي طويل القامة يلوح ببندقيته برشاقة وبعد ان دار حول نفسه مرتين ضرب الارض بحذائه بقوة وتطلع الى الجميع الذين انصتوا مستطلعين
انثنى الجندي قلبلا ثم اعتدل رافع البندقية وصرخ ...ها ها ها ،تجمع عدد من الجنود حوله بدائرة فقد فهموا النداء
ولد حامي الحميّة اليوم بالميدان
خَلّوا هالزلم تلبس لبس نسوان
ما لبسوا دروع الملبس الأكفان
وردّوهه الڴاع المغصوبة
ردد الجميع وهم يرقصون حوله ...وردّوهه الكاع المغصوبة
قال آمر الفوج وهو شاب في الثلاثينيات :القائد العام للقوات المسلحة يهديكم تحياته ويبارك لكم هذا الانجاز ....امامنا مهمة أخيرة في حي الزنجيلي ،سنتحرك بعد ،ساعة ،على الجميع فحص اسلحتهم
بدأت الفرقة التاسعة بقصف مكثف من الدبابات وسمعنا صوت انفجار بضعة صواريخ ...الارض تهتز بعنف وارتفع في الجو سحابات كثيفة من الاتربة والدخان، فكرت ان العودة الى بغداد حلم مؤجل و تحركنا في خضم المعركة كابوس لابد من تحمله حتى ساعة الصحوة ،
تتمدد المدينه تحت شراع الموت المرتفع وكأنه يقودها بفعل ريح مواتية الى قبر يتسع للجميع ،ومن الشرفات المدمرة والتي بدأت تضيؤها شمس تصعد بتثاقل ممل في شهر مايو يطل صمت صارخ، غير مبال بهدير الدبابات ولا اصوات المدافع وهي تقتحم بقايا البيوت ،كان الشيخ في الجامع القريب من بيتنا يشرح في خطبة الجمعة :
ولولا دفع الله للناس بعضهم ببعض لفسدت الارض
وحينما سألت أحد زملائي في الجامعة ،وضع يده على لحيته وقال :نعم لفسدت الارض
قلت -الم يك من الافضل للبشرية لو ان هذا التدافع وقع بالتي هي احسن !
قال –ستضيق الارض بمن عليها
يقول مدرس النظرية الاقتصادية إن الحرب جزء من الطبيعة البشرية والتطور رهين بهذه المرحلة ،حين تنتهي....... تكون الاوضاع العامة قد نضجت للتغيير، شعرت اني اختبر هذا التشخيص في صور الدمار الشامل
بدأت القذائف تتساقط عشوائيا وبكل الاتجاهات وكأن العدو استيقظ الان ليقاتل، واصبح الفضاء المفعم بالدخان والاتربة ودوي القذائف المتفجرة خانقا ، لم نلتحم بالعدو فالشوارع الضيقة خالية تماما وخلف كل كومة تراب او أحجار مكومة بعناية كانت قذيفة تنفجر فور تحريكها ،كان امر الفوح يحدث ثلاثة من امراء الحضائر بجدية وهو يلوح بيديه، وسرعان ماصدرت الاوامر بالخروج الى الازقة والاندفاع شمالا
حين تفقدت حاوية الماء الصغيرة لم اجدها ،ناولني جندي حاويته ،الدار الصغيرة التي كنت فيها ما زال مطبخها يحتفظ برائحة الثوم والمخلل ،ورغم المساحة الضيقة كانت غرفة النوم مرتبة على نحو يشي بان المرأة التي كانت هنا تملك ذوقا رفيعا ،الحجارة المنتشرة في المدخل والسياج الملاصق للجيران كان قد فقد نصفه،
اعتقدت اني اسمع صوت تكسر صحن معدني تحت وقع حذائي الثقيل ولكني وانا اتبينه وجدت انه كان (رضاعة طفل ) بلاستيكية ،شعرت بشيء من المرارة تمتزج بطعم الدخان والاتربة
لم يعد العالم مدن ومساحات صحراوية وغابات ومحيطات ،غدا هذه المساحة المحصورة في حي الزنجيلي ،ربما بعد تحرير الحي سينفتح العالم ثانية ،
كان ابي يقول :العالم حيث انت ! ولم افهم في حينه ما يقصده ، ولكني الان فقط ادرك ما كان يعنيه ،ربما اقتل هنا ...وربما تنتشر اشلائي في هذه المساحة المحشورة بين السياج وغرفة النوم وقد لا يصل إلي احد وأظل الى الابد تحت الانقاض التي لن ترفع ....ويكون العالم هو حيث أنا
تباعدت اصوات الرماية المعادية وفي الساعة السادسة من مساء 04-07 كنا نركن الى حائط مسجد اسقطت منارته
قال آمر الحضيرة :لقد تم تحرير حي الزنجيلي
تقدمت فصائل من الشرطة الاتحادية لتستقر في مركز الشرطة والدوائر الحكومية والمستشفى والمدارس ،كانت الابنية مهدمة على نحو مريع ولم تكن هناك غرف في الابنية بالمعنى الذي نعرفه ، بعضها بلا سقوف وبعضها فقدت جدار او اثنين ، ولكن وجود الشرطة يعني وجود الدولة بغض النظر عن واقع البناية ،كما ان رفع العلم فوق تلك الابنية يعزز رمزية تواجد الحكومة ،
ظل ابي المتقاعد والعاجز عن الحركة يردد:لقد الغى الربيع العربي الدولة ولهذا فالفوضى هي التي تحمي اللصوص
وترد امي باستمرار :كل شيء بحساب
بدأ مساء 04-07- 2017 يخيم على حي الزنجيلي ثقيلا وداكنا ، فيما أنين مختلط ينبعث من كل مكان ، انين غامض كرجع الصدى يمتد أفقيا في حي الزنجيلي، ويعبر الشوارع والازقة ويقفز فوق الأسطح المكشوفة ويتجاوز العربات المصفحة وهو يلامس الوجوه المعفرة بالتراب والمصبوغة بلون الدخان الذي امتصه عرق القسمات المجهدة
لم نضع البنادق الى الحائط او على اكتافنا ،كانت ماتزال مشرعة بحالة تأهب فالعدو ما يزال يملك القدرة على دفع بعض عناصره من( الانغماسيين ) لمهاجمة مواقعنا
فرق الانقاذ تخلي الجرحى وتسحب القتلى من تحت الانقاض ،بعد العاشرة ليلا بدأ نسيم رخي اخف وطأة يعبر الشوارع ويتمدد في الازقة ويدخل البيوت المشرعة الابواب ،جلست قرب جندي استند الى حائط لسياج مهدم ،كنت الحظه في فترات الاستراحة او عند تراخي الرمي المتبادل يخرج كراسا يدون به شيئا ما وهو يرسل نظرات تائهة وكأنها تهرب من الواقع المر
لم يلتفت نحوي ،كان يكتب في كراسه ،شعرت بفضول لأسأله :هل يكتب الأخ مذكرات ؟
اغلق الكراس وتطلع نحوي ، لم تكن نظرته تحمل انطباعا ،كانت محايدة قال: لآ .....شعر
:شعر !
لم اتمالك من تسلط نبرة الاستغراب التي شعرت انها اقرب الى الاستهجان،ولكنه رد بهدوء :نعم شعر
:ولكن ....
: لا تكمل الشعر حالة وليس صناعة واكتب عن الحرب ...عن الجنود وعن القتلى وعن الجرحى وصراخهم ،عن الدمار والهمجية
: شوقتني فهل اسمع شيئا
:لا ...قوة الشعر في الذكرى
بدأ اطلاق نار متقطع ،وجاءت الاوامر بالاستعداد فقد دفع العدو بعدد من السيارات المصفحة والمفخخة الى مواقعنا رافقها رمي مكثف من مدافع هاون ، تمكنت قطعات الصد من تدمير ست سيارات ولكن مدرعة عالية التصفيح اندفعت بسرعة لتضرب دبابة كانت تسد الشارع ....كل ما سمعته هو الانفجار الرهيب وسد الرؤيا امامي دخان اسود كثيف وشعرت اني احلق في فضاء لا متناه ، كنت وانا صبي في الابتدائية احلم ليلة الامتحان باني اطير وكانت أمي تقول ستكون الاول وعليك مراجعة ما ذاكرته قبل ان تنام....كانت الرؤيا تتحقق ....والى اية نتيجة أصل اليوم! !
لم اكن اشعر بالم، واقرب الى احساس مسافر عبر الزمن وبالتاكيد الى مكان دون ملامح :كنت اشعر بالهواء يضرب وجهي بقوة فتنتابني نشوة غريبة
حين سقطت كان ذلك فوق سطح البيت المجاور ،ورغم الذهول الذي افقدني الاحساس باي شيء إلا اني كنت فيما يشبه حالة فوق الحلم ،اسمع بوضوح صوت أمي وهي تدعوني أن استيقظ فقد حان وقت الذهاب الى المدرسة ،فيما بدأضجيج صاخب يسد الفضاء
سمعت صوتا ينادي على الجنود لرفعي الى سيارة الإسعاف ، وشعرت بالم حاد يجتاح جسدي كله، ولكن مفصل الورك كان ينبض على نحو يشعرني باني لم اعد املك نصفي الاسفل، و دفق دافئ يتممد على طول الساق اليسرى يحفظه البنطال العسكري من التسرب ليصل الى قدمي ويستقر في الحذاء السميك
ينعدم الزمن كتاريخ او مرحلة او حتى احساس حينما يستغرق الانسان بنوبة اغماء ولكنه يظل على صلة بالحياة وكانها مقطع سينمائي عابر ،قال لي الجندي الذي كان يغير عبوة الدم ..لقد تجاوزت الخطر
:شكرا ...
.كان صوتي يطرق مسامعي وكأنه قادم من بئر يتسلقها مترنحا بين جوانبها الحجرية فيفقد الكثير من خصوصية نبرته ويصبح أجوفا وكأنه يماثل الارتفاع الاسطواني للبئر
:لقد كنت تضحك !....وكأنك بلا آلام
لم اجبه ولكني تذكرت اني فعلا كنت اضحك ....كانت جارتنا ام حيدر تجلس الى سرير ابنها الذي تعرض لبتر ساقه بسبب انفجار في مركز شرطة ...كان حيدر الشرطي المكلف بحراسة الباب الرئيس
:مو كتلك ي يمه ما تقيديش .....طلابة حكومة وما تفليش
لقد فكرت بالكثير من الاشياء ولكني لم افكر بالموت ،حتى اني لم استحضره كحالة ممكنة رغم انه موضوعيا يجب ان يكون الاقرب الى ذهني ،لقد شاهدت الكثير من الاجساد تتحول الى اشلاء وهي تطير في الهواء ....هل كانوا يفكرون بالموت ؟
قال الجندي الذي يتولى تمريضي :يجب ان تشكر الله على نجاتك ،لقد استشهد الجندي الذي كان يجلس الى جانبك ،عندك الكثير من الكسور والرضوض ولكنا نقول انها في الريش....هل سمعت بهذا المثل ...حسنا الريش يعود ثانية لينمو وكسورك ستشفى لتعود ثانية الى الحياة.....هل انت نتزوج؟
كان يتكلم بمواصلة اتعبتني فلم أجبه واغمضت عيني فيما كانت الغرفة المعزولة بستائر ربما كان لها في يوم ما لونا تتصاعد فيها روائح ادوية مختلفة وتتعرض لدخول اصوات مختلطة لمرضى وممرضين ،عالم لا صلة له بعوالمي التي عبرتها منذ فتحت عيني على الدنيا وحتى يوم إنتسابي للجيش كمتطوع يبحث عن الوظيفة والراتب ....بعدان انهيت دراسة الاقتصاد في كلية الاداب كنت اشعر باني ساسهم في تخطي الفوضى في ما يدور حولنا في العراق الذي اسموه جديدا وعلى نحو يغبر عن هويتي وانتمائي وكل ما درسته في مادة النظرية الاقتصادية،ولكني وما أن وقفت في الصف في ساحة العرضات لأرمي نحو شواخص الاهداف شعرت باني بلا هوية شخصية فانا اتحرك مع الاخرين بهدف تم صناعته بعيدا عنا وان ما نفعله هو حركة جماعية لا خصوصية مميزة فيها ،حركة لا عقلانية لانها تحمل في بنيتها تناقضات متعارضة ،الجيش يحارب لطرد العدو وترصد الحكومة الكثير للرواتب وللاسلحة والموتى وايضا الجرحى ،وفي المدن اعشاش تفقس كل نهار اشكالا من الفساد الذي يمارسه الساسة والعديد من القيادات الجديدة،
فكرت انه لابد ان ينتهي الامر بانتصار احد هذين التوجهين والامر يتوقف على الايمان بالانسان كقيمة بذاتها لتحديد من هو الذي سيفوز ،كان زميلي في الجامعة والذي كنا نسميه للدعابة عادل استراتيجي، يقول ان التوجهين متلازمان ، فالفساد يبحث عن غطاء والحرب هي الغطاء الملائم وانتهاء احدهما على نحو جاد سينهي الاخر
عاد الممرض ثانية منتهزا فرصة تطلعي الى جدران الخيمة ليقول:تم تطهير الحي بالكامل والمشكلة الان هي سحب الجثث من تحت الانقاض ،بعضها لسكان حي الزنجيلي الذين رفضوا المغادرة ، وبعضها للدواعش الذين تشبثوا بمواقعهم بانتظار الانتقال الى مساكنهم الجديدة مع الحور ،كانوا على عجلة يعمدون الى تقليص المسافات ، ولهذا يواجهون جنودنا مكشوفين
لم ارد
قال :ستكون مع المجموعة التي سيتم اخلائها الى المستشفى..... ستتماثل كسورك للشفاء وستتذكر هذه الايام
كنت اشعر بحزن قابض وانا أتطلع الى سقف الخيمة ورائحة الدواء تبعث في نفسي احساسا بالوحدة لانها كانت تسد عليّ حتى القدرة على التخيل فيما الأوجاع التي بدأت تشتد تملأني قنوطا
عدت ثانية الى الذكريات فهي الجزء الذي املكه من حياتي اليوم ، كانت أمي في المطبخ وانا أعود جائعا من المدرسة أنطلق بوصف كل الساعات التي غادرت بها البيت ... الساقية الصغيرة امام البيت والتي تحتفي في البستان المجاور وسباب التلاميذ ودرس الرياضة المسلي ومعلم الدين الذي كان يحدثنا عن الدولة العثمانية ونكات متفرقة فيما اخالس امي لاتناول قليلا من الخبز او حبات التمر...ويناديني ابي
:شاكر تعال هنا دع أمك تنهي الطبيخ
وهي ترد عليه:دعه يسرد فحديثه يسليني
أمي كانت تعرف السرد الذي قرأت عنه بعد سنوات في مجلة الثقافة الجديدة ،الذكريات هي الخصوصية ،وحتى الذكريات المشتركة فيها جوانب شخصية ضيقة،ويمكن ان اقول انها الهوية الحقيقية لأي منا والتي لا يمكن ان تضيع في تداخل العلاقات في المجتمع
تزايدت اعداد الجرحى الذين استهدفهم العدو وهم يحاولون الفرار ...بعض الاطفال يملئهم الخوف وهم يتشبثون برداء الاب او الام المسجى على سرير حديدي او على الارض ،قربي كان طفلان تجمدت نظراتها فيما إحباط يخنق أية مشاعر للطفولة على وجهيهما ، مددت لهما بتفاحتين من طعامي الذي يقدمه المستشفى الميداني ،شعرت بانهما جائعان ولكن أي منهما لم يمد يده ،فكرت انه لو كان بمقدوري ان أنهض لقبلتهما ،كانت الأم بحاله هلع هستيري وتصرخ من آلام حادة في الظهر بسبب طلق ناري ،قلت للممرض أن يعطيهما التفاحتين فقد يقبلان
قال :نعم ....
كان الممرض يرتدي رداء ابيضا ،وحين قدم لهما التفاحتين اخذاهما بالية وكانهما ينفذان أمرا ،وبدأ الصغير بقضم تفاحته بهدوء
داخلني شعور بالغضب وأنا أاشاهد الخراب الذي حل كنازلة عمياء على المدينة التي غدت أاكوام من الحجارة ، وبقايا جدران كشفت عن أسرار البيوت وهي تعرض بقايا من اسرة مقلوبة وفرش نصف محترقة ، ولن تستطيع سعاد ان تصعد الدرج برجلها المحنات فقد وفر عليها القصف المتبادل تهديم السطح ،اشهر طويلة ونحن نتقدم ببطئ بأشكال من الاسلحة والطائرات وبمعاونة من طيران التحالف ، والعدو ليس الا بضعة آلاف لايعرفون المدينة ،فكيف اذا قاموا باحتلالها وطرد مئات الالف من الجنود والشرطة مدججين بالسلاح!!!
كانت سيارة الاسعاف تسير ببطء لتتفادى الحفر التي أحدثها القصف المدفعي ، و رغم ذلك كانت الام حادة تمزقني ،ربطوا الساق الى خشبتين على امتدادها ليكون ثابتا حتى نصل الى المستشفي في القيارة ليقوموا بتجبيرها ، أما الحوض فقد ربطوه بخشبة عريضة تمتد حتى منتصف الظهر ،وشعرت بان ظهري يتقيح فقد ظل بلا تنظيف او غسل اكثر من عشرة ايام في صيف لاهب وغبار لا ينفك يملئ الاجواء ويتخلل الى كل الجسد الناضح بالرطوبة ، وتسرب مع الهواء الذي نستنشقه الى الرئتين،كنت اشعر اني مثقل بالغبار
توقفنا عند الجسر العسكري الذي نصبه سلاح الهندسة لتأمين مرور العربات العسكرية والاليات وافواج الهاربين من المدنيين عبر ما يسمى بالممر الامن ،كانت شاحنة عسكرية تنقل دبابة خفيفة قد تعرضت لاصابة مباشر بالعجلة الامامية اوقفتها في منتصف الجسر وقطعت حركة العبور ،وتعمل فرق الصاينة الهنسية على اصلاح الضرر
كان الالم الذي تسببه حركة السيارة وهي تعبر الحفر او تضطر للسير فوق الحجارة المتناثرة ،لا يطاق ،في فمي قطعة قماش اكز عليها باسناني لأمنع نفسي من الصراخ ،وكان ما يضاعف الالم التوقف المفاجئ للسائق بسبب اختناق الشارع بالعربات العسكرية وكون السائق ،كما يبدو ،تحت التمرين
قال الممرض المرافق :اشعر بمعاناتك ولكني لا استطيع ان افعل شيئا ،لقد اعطيك اقوى المسكنات التي معي
لم استطع التعليق وبدأت السيارة بعبور الجسر الهندسي وهي تتأرجح مما يزيد من الالم الذي يمزقني الى درجة لاتطاق وشعرت ان فكي سيتحطمان جراء الاطباق على قطعة القماش في فمي
قال الممرض :يمكنك ان تصرخ فقد يريجك ذلك كما ان احدا لن يسمعك
التفّت السيارة يسارا لتنزل الى القيارة ،لم اسمع صوتا وكأنا انقطعنا عن الدنيا تماما فيما تكاثفت الظلمة إلا من مصباح إنارة صغير بدى ضوؤه مشعا ،الطريق الان اكثر سلاسة فقد تقلصت الحفر وانعدمت الحجارة
وصلنا الى المستشفى بوقت متاخر وسمعت السائق يقول انه يحمل حالة حرجة ومستعجلة
اعطوني مخدرا لتخفيف الالم ولأستطيع النوم حتى الصباح بانتظار الدكتور الجراح ليقرر الاجراء المناسب
مرت بي ليلة كنت انتقل فيها من كابوس الى ذكرى بعيدة ،كم هي لاعقلانية الاحلام التي تراودنا
امي في الطريق الى المدرسة وابي يسبح في شط العرب وبساتين ابو الخصيب يسكنها غول شردّ السكان ،وفي أزقة الموصل بضع فتيات يهربن متسلقات الجدران المهدمة وعباءة احداهن اخذها الهواء الذي يضحك بغباء....كيف لي ان اتابع تتابع الصور وقد بدأ الألم يعود على نحو قاس
الدكتور الجراح يقف فوق رأسي فيما يشق ممرض البنطال العسكري الملتصق بالشاش الذي يربط الخشبتين على امتداد الساق
قال الدكتور ان الساق مهشمة تماما وليس امامنا الى ان نقوم ببترها سيما ان الساق نعاني من بداية ما يعرف بالغرغرينا الجافة .....سألني ما اذا شعرت بخدر في الساق ....كيف ساواجة امي ...اتقدم نحوها بقدم واحدة وعلى عكازة بدلا من الساق الثانية ....كيف ساواجه الحياة ...أي عمل يمكن أن امارسه ....ذهبت في إغفاءة عميقة تحت تاثير المخدر
اعطاني جندي ينام الى جانبي هاتفه ....قلت لجيراننا في بغداد اني بخير وسأتأخر وطمنوا امي وابي الى اني ساكون معهم قريبا ....ارسلت لهم مع صلاح مبلغا ارجو ان يكونا قد استلماه ....صرخت فتاة في البيت :قالت ام شاكر انهم استلموا المبلغ
بعد اسبوع من المعاناة ،خفّت الالام وبدأ الجرح بالالتحام ،قال الدكتور :انك تتعافى بسرعة ....شباب !
أغمضت عيني متعبا ....كان حي الزنجيلي ليلا تسكنه شياطين ممسوخة تتقافز بين الشرفات المفتوحة واكوام الحجارة والمنعطفات ،لم تك تصدر صوتا لتحافظ على سكون الصمت المعرش كظلال موحشة فيما تتحرك كلاب سائبة بين الانقاض تختار ما تتناوله وقد تحولت الى حيوانات وحشية شديدة الخطورة تتجول دونما خوف وقد تخلت تماما عن طاعتها أو أية مظاهر للخضوع وقد اطمأنت تماما الى انها لن تقابل اي من رعاتها القدامى فقد شاهدت هجرتهم وتاكدت من انهم لن يعودوا
في النهار يبدو الحي خرابا وكأنه مقبرة مهجورة انفتحت قبورها التي بدت مكتظة بالموتى الذين لم تستطع شمس الربيع أن تكشف عن وجوههم .....في ذات الشوارع كان الاطفال يتدافعون بمرح طفولي وهم يدرجون الى مدارسهم وكانت العربات تنقل الموظفين والنساء الخارجات للتبضع ،لم يكن شياطين الموت الذي افترش الطرقات قد ظهر بعد ،كن يجادلن الباعة على السعر ويحاولن ان يحصلن على افضل السلع ....الاطفال اليوم يسكنهم خوف يلازمهم في احلامهم ،والنساء يقضمن الخبز الجاف الذي تقدمه مجموعات الاعانة الدولية .
قال الطبيب :ستغادرنا اليوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى