الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذبحة الصحافة

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2018 / 4 / 6
الصحافة والاعلام


لا أعتقد أن هناك ما يخشاه النظام المصري أكثر من خشيته للكلمة الحرة وللقلم الحر، فحكمه بالكامل قائما على التضليل التسويف والتعمية وغسيل العقول، وهو يتعمد نشر الاكاذيب الفاضحة والاصرار عليها والتنكيل بكل من يحاول الاعتراض على هذا النوع من الكذب الفج المفضوح.

وهو يعتمد في ذلك على الطبقات المنتفعة من حكمه والتي استغلت الوسط الفاسد الذي يوفره لها لتنمو وتتضخم وتنشر جذورها في الأرض مفسدة كل ما حولها.

المحتكرون يؤيديون النظام، والمتهربون من الضرائب يؤيدون النظام، والمرتشون يؤيدون النظام، والجهلاء عديمو الموهبة ممن نالوا مناصب لا يستحقونها أو أفردت لهم الساعات الطوال على الفضائيات ليلقوا علينا بقاذوراتهم وينشرون جهلهم يؤيدون النظام.
أما باقي الشعب فقد تعلم عبر عقود وعقود من الاذلال والتنكيل أن يتعايش مع الظلم والفساد والقهر وغياب القانون، ولديه فلسفته الخاصة التي يعتقد أنها تحميه من فجور أنظمة ليس لديها أي خطوط حمراء وتفعل ما شاء لها بلا حسيب أو رقيب.

وإن كان القلة القليلة ممن هم ثابتون على موقفهم رغم الظلم ورغم القهر ورغم التنكيل يعتبرون أن الظلم الواقع على أي شخص في اي زمان ومكان هو تهديد لباقي أفراد الشعب في كل زمان ومكان، ومن هنا علينا دعم المظلوم وطلب القصاص من الظالم، فعلى العكس من ذلك يجد الغالبية العظمى من الشعب أن التنكيل بشخص ما يعني أن عليهم دفن رؤوسهم في الرمال والسير جانب الحائط وطاعة الفاجر والظالم والتزلف له فربما يبقي على حياتهم أو يلقي عليهم شيئا من فتات مائدته العامرة من كدهم ودمائهم وثروات بلادهم المنهوبة.

ولذلك فإن مشكلة النظام الوحيدة والتي تقض مضجعه هي كيف يقضي على هذه القلة القليلة الرافضة للظلم والتي لا تخضع ولا تلين رغم كل ما يفعل بها من تنكيل وملاحقة وتشهير وتلفيق.

نظام يقتله كلمة الحق، وعلى استعداد لمصادرة جريدة وسجن رئيس تحريرها بسبب عنوان يحتمل معنى قد يسبب له الانزعاج، أو يغلق جريدة تجرأت على ترجمة مقال نشر في أحد الصحف العالمية الكبرى ذات المصادقية العالية.

نظام يتمنى لو أوتي من قوة لوضع حارس على كل عين فلا ترى الا ما يريده وحارس على كل أذن فلا تسمع الا ما يقوله وحارس على كل فم فلا ينطق الا بلسانه هو.

نظام وصل الى درجة من الفجور أنه يسوق الشعب كالخراف لترقص في الوقت الذي يريده، حيث اصبح الوضع شبيها بما حدث في الفيلم العبقري " 12 عاما من العبودية " الذي كان فيه صاحب العبيد يجبرهم بعد يوم طويل من العمل على ارتداء ملابس فاخرة والرقص امامه لتسليته، هم يرقصون بالأمر ويصوتون بالأمر وينفذون رغباته وخيالاته المريضة بالأمر فهم عبيده الذين يحق له فعل أي شيء يراه بهم وليس عليهم الا السمع والطاعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار