الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب -مروة-: تشاطر متهافت ؟؟(1/2)

عبدالامير الركابي

2018 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كتاب*"مروّه" : تشاطر متهافت؟؟(1/2)
عبدالاميرالركابي
قرات مقدمة كريم مروة لكريم مروة، المصدر هو "الحوار المتمدن"، وفي نفس المكان قرات جوقة المقالات الموضوعة حوله، احتفاء ب "المنجز" الهام، بحسب اولئك الذين تعرضوا له، الكاتب من جهته، حرص على تغليف دعايته لنفسه، بنسائم طرية من نغمة التواضع الكاذب، ربما لكي يزيد من وقع الامتداحات التي تلقاها من اصحابه، وسط حفلة نسميها بالعراقي "عرس عبادة اله ولاولادة"، هذا على الاقل، لان مروة ذكر ثورة الزنج والقرامطة، الى جانب سبارتاكوس، والثورتين الفرنسية والروسية ( طبعا هو كماركسي لايعرف ثورة كوراجينا 2355 قبل الميلاد، حيث وردت لاول مرة في التاريخ الانساني، في وثيقة مكتوبة عثر على نصها كاملا، كلمة (حرية/ امارجي) وكل حقوق الانسان المتشدق بها اليوم ( وهو مايتوجب بناء عليه مطالبة الامم المتحدة بالاحتفاء السنوي به باعتباره "يوم الحرية العالمي" )، وكلمة عدالة، وحقوق الفقراء والمستضعفين/ اي ان اول ثورة في التاريخ الانساني، مسجلة باسم حضارة مابين النهرين، في لكش/سومر، وتركت شريعة كونية، باسم شريعة كوراجينا، هي الاولى بين شرائع اربعه، اخرها شريعة حامورابي لاحقا، و(بالمناسبة والشيء بالشيء يذكر، فان كلية بيروت للقانون التاريخية، المكتشفة اثارها ليس من بعيد، كانت تدرس القانون العراقي، اي الشرائع العراقية الاربعة، للتلاميذ اليونانيين من طالبي العلم في حينه الذين كانوا يعبرون المتوسط طلبا للمعرفة في ارضها الاولى) هذا وان ثورة القرامطة، والزنج، وغيرهما، في الطور الحضاري العراقي الثاني، العباسي/ القرمطي، لاعلاقة لها بالاسلام الجزيري، الذي لم يكن له من دور، سوى انه حرر الاليات الحضارية العراقية، من ثقل ووطاة الحضور الفارسي المدمر والمعطل، بل بتاريخ العراق وخصوصياته، ودوراته الحضارية التاريخية/ وهو مالايعلمة مروة ايضا، لاهو ولا الذين صفقوا لمنجزه "العظيم".
لا اذهب الى الجزم بخصوص الممكنات الاجتماعية، المشجعه على الاستسهال، والفهلوة، في مناطق بعينها، كشكل مفبرك ومتشاطر من اشكال، رفض الاعتراف بالحقيقة التاريخية، ومحاولة تزويقها، واذا كان ذلك دالا على ضعف جرعة المصداقية التكوينية، الا انني استغرب في الوقت نفسه، ان يكون الحزب الشيوعي اللبناني، وليس السوداني، او العراقي، او السوري، هو من يبادر لمثل هذه الانماط من الخفة، والعجالة المغمسة بالفهلوة، والاستهانة بمهمة الفكر، ودور العقل ومغامرته، مايدل على قصر النفس، بمواجهة الازمة الشاملة الحالية، واحتمالات تفاعلها الخطيرتاريخيا. والملفت في الكتاب، كما هو معروض، ليس ماقد احتواه، بل الطريقة التي قدم بها، وال "العجقة" او " الطبيلة/ بالعراقي مرة اخرى"،التي رافقت صدوره، وكانه حجر فلاسفة اليسار العربي المنقذ من الانهيار، مع عدد المشاركين في تقريضه، الادنى منه سوية، بدليل ان انتباه هؤلاء، لم يذهب الى الجانب الجوهري في بنائه "النظري"، الايديلوجي الاصطناعي المكرر، لابل مع غمط هذا الجانب البارز، وافتعال جلبه حول جدته وفرادته، مع انه يمكن ان يلخص في الجوهر، بحسب ماورد على لسان كاتبة، بالتراجع والانقلاب الى حدود مطلب اقامة "الدولة الديمقراطية"/ البعض يسميها نصا " الدولة المدنية"، والعمل على الخروج بمجتمعاتنا من "التخلف" المزمن، العالق باذيالها، وهذا برايي موقف، او دعوة رجعية، مضادة لمنطق التاريخ، وسائرة عكسه، عدا معاداتها لمصالح الغالبية من ابناء هذه المنطقة، فاقحام هذا الموضع من العالم قسرا، وتكرارا، في اتون الراسمالية، وفظاعاتها، باعتماد نظمها، هو اتجاه ارادوي مستعار، يلوي عنق التاريخ، ويصر على زج مجتمعات غير خاضعة بنيويا لاحكام مثل هكذا تحول، امتازت تاريخيا بكونها، كما راى ماركس نفسه، مجتمعات غياب الملكية الخاصة، التي يعود لها بحسب وجهة نظر ابو الماركسية، حتى الحضور القوى ل"الله"، وبحسب اعتقادي، فان جريمة محاولة، والعمل على سحق "مجتمع اللادولة" العراقي التاريخي، الذي داب الاستعمار الغربي البريطاني، ومن ثم الشيوعيين، متحالفين مع البعثين ( الجبهة الوطنية والقومية التقدمية بين 1973/1977) على محاولة انجازها، لصالح صيغة مفترضة، من صيغ نموذج الحداثة الغربية الراسمالية على مرتكز الريعية النفطية، هو جريمة ضد التاريخ، وضد مساراته المضمرة، التي قد يكون يتضمنها، بغض النظرعما اذا كان مثل هذا الاحتمال، يحظى باهتمام ماركس والمتعبدين لنموذج الغرب، او لا.
وما لايمكن اغفاله طبعا، كون هذا النمط من الناظرين لموقعهم بعين الغرب وماركس في قلبه، كمنظر اكبرللخاصيات الطبقية الاوربية، من المستحيل ان يتصوروا بان المنطقة العربية يمكن ان تكون "متقدمه" تاريخيا على اوربا البرجوازية، وان كانت متاخرة عنها آنيا، و بالنسبة لذاتها هي بالدرجة الاولى،فمثل هذا التعقيد في النظر للاشياء، لايناسب عقولا اسقاطية استعارية، عاشت على ترديد المقولات الجاهزة، خصوصا اذا كان مثل هذا التقدير يشترط ادخال احتسابات المستقبل، المغايرة كليا لتوهماتهم، بالعودة للاحتمالات المستقبلية المتضمنه في الموضعين( لايقصد باي معنى هنا التصور السلفي الماضوي خصوصا ولا القوموي طبعا)، بما لايستبعد او ينفي، احتمال كون الغرب سائر الى الانهيار، والى نهاية منجزه في الاطار الكوني، ودون ان يستبعد ذلك، احتمال صعود المنطقة، الى مابعد الطور الحضاري الثاني، الذي سبق وغادرته منذ القرن الثالث عشر، مع سقوط بغداد، القمة الحضارية الكونية الثانية، بعد بابل، عاصمة العالم، في الدورة الرافدينية الحضارية الاولى.
تدخل قضايا النوع القابل للانجاز، وبحسب المتاح تركيبا، للبنى الحضارية المتباينة، بين منطقتنا، الابراهيمية الناطقة بالعربية، وتلك التي تقوم عبر المتوسط قبالتنا، جوهر العملية الحضارية وتراكماتها، فبغداد العباسيين مثلا، لم تنتقل في حينه الى الثورة الصناعية، مع توفر كل اسبابها نظريا وافتراضا( التساؤل حول مثل هذا الانتقال، ولماذا لم يتحقق، ورد لدى الدكتور طيب تيزيني منذ السبعينات في مشروع رؤيته الجديدة للعصور الوسطى العربية)، الا ان تصور الممكنات الكامنه في البنى المختلفة، ليست متوفرة دائما كرؤية، وماقد حققه الغرب منذ القرن السابع عشر، لم يكن بالامكان مجرد تخيله، قبل وقوعه، وحصول الثورة الصناعية، في حين ان ماكان غالبا ومهيمنا، على العقل البشري( باستثناء الصين وجزء من الهند) وفي اوربا نفسها، على مدى قرون مديدة، كان شرقيا ابراهيميا، اي من خارجها، ظل متحكما بالعقل الغربي بصرامة كلية، حتى القرن الثامن عشر، لابل والتاسع عشر، ومن يتصور الان، او يعتقد ان الغرب ونموذجه، ومقترحه الحياتي الراسمالي، والاشتراكي، حقيقة مطلقة، واجبة الاتباع، يمارس نفس ماكان يمارسه الرهبان والكنيسه في الغرب، على مدى قرون طويله مظلمه. اكثر من ذلك، يجب ان يعلم من يتعبدون الغرب، وماركس، ان امريكا بنيت على شعار"مدينه على جبل" التوراتي الابراهيمي، وهي اخر مكتشفات الانسان الحديثة، فالشرق ورؤاه، وليس اي شرق كان، بل الشرق المتوسطي، هو الذي كان حاضرا هناك، مرسوما فوق علم البيوريتانيين الاستيطانيين.
استخلصت من قراءة ماعرض من محتوايات الكتاب المحتفى به، ثلاثة محاور اساسية:
ـ ان الطور العولمي من الراسمالية، هو تطور موضوعي داخل الراسمالية، دال على حيويتها المطردة واستمرارها.
ـ ان ماانهار في الاتحاد السوفياتي هو "التجربة الاشتراكية الاولى".
ـ المطلوب تحشيد قوى اليسار على طريق رسملة مجتمعاتنا، بحسب مايقترحه الكاتب من صيغ دولة ونظام، نعلم بالطبع انهما مشروطان موضوعيا، بنوع من البنية الاجتماعو/ اقتصادية راسمالية، حتمية،اي انه يفترض ماقد تم تجاوزه فالعولمة اساسها تدمير الدولة لصالح الشركات متعددة الجنسية، مايجعل قصد الكاتب منصب على اقامة دول ديمقراطية افتراضية، حصيلتها مدمرة، " طائفو قراطية"، لاوجود لها الاّ تخيليا و ارادويا.
الجانب الاضافي، المتعلق بالمقاربة النظرية المقترحة للماركسية، ليس باساسي، فهو تسويغي، ينتهي عند مقولة متداولة منذ زمن بعيد عن "الماركسية كمرشد"، انما لاغراض مختلفة، تبطن في الحالة الراهنة، التخلي التام عنها، تحت يافطة انتقاد المواضبة الطويلةعلى اتباع ماركسية روسيا( في العراق بعد ثورة تموز 1958 ،وفي غمرتها، كان عامر عبدالله يصرخ انها ثورة البرجوازية لاثورتنا، وقد ايده الروس عمليا وواقعيا في ذلك، بالضد من سلام عادل، سكرتير الحزب وقتها، كما ان خط " اب 1964 يقع في نفس الباب، عدا نظرية "طريق التطور اللاراسمالي"، وصولا الى النضال تحت راية بريمر والاحتلال الامريكي)، مع شيء من التنويه بناحية ضعف الابداعية الماركسية في منطقتنا، وكل هذا الكلام لامعنى له، لانه ابلاغي وصفي، غير مقرون باي ملمح يدلل على مايتعداه، او يثبت القدرة على تجاوزه، او يقترح سبيلا كهذا، وهذا نمط من الفبركة، مألوف، وتكرر في السابق كثيرا جدا، بالاخص خلال لحظات الانشقاقات الكبرى، او التمايزات بين الشيوعيين الدوغمائيين دائما، وغيرهم من مقاربي الاشتراكية، من مواقع غير منظوية داخل خيام الشيوعية الرسمية الروسيه.
واول مايدل على الفبركة المقصودة ربما، او الناتجه عن السذاجة والوفاء العضوي واللاواعي للايديلوجية كمنهج، هو رفض الكاتب لمنطق الاحتمالات، مايضعه خارج الفعل العقلاني ويبقيه خارجه كما يستحق، محبوسا ضمن دائرة الايديلوجيا التي لايعرف غيرها، من نوع او قبيل نفي اي احتمالية لا تقول بان الراسمالية العولمية، هي المكمل الحيوي ل"الراسمالية" نفسها، بما يوحي بتنبني موقف افتراض استمراريتها المطلقة، من دون ان يخطر على باله، او يتراءى له، احتمال ان تكون هذه الظاهرة سائرة الى الانحدار، على طريق مزيد من التازم قبل الزوال، على الاقل لكي يقنعنا بانه قد خرج فعلا، من بوتقة الترسيمات الجاهزة والمسطرة، ولاجل منح موضوعوته احتمالية اغتناء، وسعة على مستوى ممكنات، او احتمالات التناول.
يتصل بهذا الجانب، الجانب الاخر الموصول به، والذي يصر على اعتبار تجربة روسيا، اشتراكية،هي الاولى .(... متى الثانية ياترى؟)، هل بعد ان يحقق "مروة" رسملة المنطقة العربية في غير الاوان الممكن، بجهوده الفذه، من دون فسح اي مجال للتساؤل حول احتمالية ان تكون، ليست كذلك، عدا عن احتمالية ان يكون ماحدث وقتها، بناء لراسمالية دولة، او شكل من اختصار الطريق الى الراسمالية، بوسائل غير راسمالية كلاسيكية، اكثر من هذا، ان يخطر له مثلا، كون الحدث الروسي، يقع في صلب الظاهرة الغربية الراسمالية الحديثة، ومندمجا بها عضويا، وان انهيار التجربة الروسية، هو عتبة على طريق تحلل وانتهاء طور من التاريخ، مثله الغرب المعاصر، وتجربته الراسمالية، وفرعها الراسمالي في البلدان الاقل تطورا راسماليا، كمقدمة لانهيار شامل متوقع( ياخذ معه تجربة الغرب الراسمالية والاشتراكية معا)، تحت وطاة ومفاعيل الانتقال، من الانتاج الالي، الى التكنولوجيا، والانتاج المعرفي، بما هو الطور الصاعد اليوم.
ويبقى مقترحه الغريب العجيب، عن الانتقال بعد ان "خربت البصرة"، الى النضال لاجل نقل بلداننا الى النظم الديمقراطية ( ذكرنا نماذج سابقة شهيرة من امثال هذه الدعوة )، مع الاستبعاد الكلي لاحتمالا ت انتهاء الراسمالية وتحللها، وكما يقال لكي "يطعمنا الحج والناس راجعه"، وهو هنا محق كايديلوجي، يريد معالجة مرض ايديلوجي مستعص، يفوق طاقاته على الصعد كافة، فجوهر ما يركز عليه، ولو بدون اعلان صريح شجاع ـ لايمتلكه الايديلوجيون ـ ان الشيوعية في منطقتنا، كانت موجودة فكرا وحضورا، اعتمادا على قوة حضور روسيا، والاتحاد السوفياتي، وبالطبع موضوعاته، وعلى راسها القول الشكلي الدعائي: بان الراسمالية ايله للانهيار، الامر الذي ياتي "مروة" اليوم لينفية نفيا كليا / مرة اخرى مواربة وبلا تصريح/ ومن دون ان يجرؤعلى القول صراحة، بان الراسمالية انتصرت والشيوعية هزمت.
ـ يتبع ـ
(كتاب "مروة" : ترحيل اليسار لخدمة الرأسمال)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس