الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعاد (قصة قصيرة) الحلقة الثالثة

احمد عبدول

2018 / 4 / 8
الادب والفن


كانت سعاد تتعرض لاحراج شديد امام صويحباتها اللواتي كن يسالنها عن علاقتها بام ام رائدة ولما اختارتها من بين سائر البنات ثم ما السر وراء دعواتها لسعاد بزيارة البيت بين آونة واخرى فكانت سعاد تؤكد لهن بان ام رائدة تعرف اهلها من قبل وان علاقتها بها علاقة الاخت الكبرى باختها الصغرى بل انها تعتبرها احدى بناتها وليس هناك غرابة في الامر لكن اجوبة سعاد لصويحباتها كانت غير مقنعة وان كن يبدين قناعتهن لسعاد حبا بها وحياء منها .
اضطرت سعاد ان تغيب وجهها عن ام رائدة لبضعة ايام عسى ان تذهب الى بغداد وتتخلص هي من ذلك الهاجس الذي بات يؤرقها بين الخوف من عاقبة السفر والطمع بقضاء اوقات ممتعة داخل بغداد فكانت خلال تلك الايام تأتي الى بيت ابو الياس في وقت مبكر بمفردها لكي تفوت فرصة اللقاء بام رائدة لكنها صارت معها وجه لوجه بعد ان همت بالرجوع الى البيت فكان ان احتضنتها ام رائدة واخذت تقبلها وتعرب عن اشتياقها لها طوال الايام الفائتة وهي تقسم على سعاد ان تذهب معها للبيت وان مكوثها لن يطول سوى وقت قصير .
ذهبت سعاد مع ام رائدة فوجدت بناتها وبعد ان سلمت عليهن جلسن سوية داخل الغرفة التي تقع في مقدمة الدار وقد جاءت ام رائدة بالشربت وقطع الحلوى وصارت تكلم سعاد عن ضرورة السفر الى بيت اختها التي تسكن في شقة فخمة في احدى احياء العاصمة بغداد المعروفة بجمال شوارعها وساحاتها العامة وفنادقها ومسارحها ومعالمها وان زيارتهم لبغداد سوف تكون قصيرة ليوم او يومين سوف ترى فيها سعاد برج الزوراء ومدينة الالعاب كما انها سترتاد الفنادق المشهورة داخل العاصمة كانت سعاد تستمع لام رائدة وقد جمح بها الخيال بعيدا وتاقت نفسها لكل ما يلقى على سمعها لكنها كانت ترد على ام رائدة بانها اذا ذهبت دون علم اهلها فانهم سوف يقتلونها لا محال لكن الاخيرة كانت تطمئنها بانها سوف تقف معها بل ان الامر اذا تطلب فانها سوف تكون شفيعتها فتدخل معها البيت وتلتمس لها العذر وتقول لجبر ووالدها انها من اصرت على سفر سعاد معها ثم ان اهلها لا يمكمن ان لا يقدموا على اي مكروه لابنتهم الوحيدة وان كل ما سيفعلونه هو انهم سيوبخونها او يلقوا عليها باللوم فهي اليوم لم تعد طفلة فقد اصبحت امراة ناضجة لها حرية الراي والاختيار .
اخذت سعاد تكلم نفسها اثناء عودتها للبيت وهي تشعر بان ما يقدم لها من عرض لا يمكن التفريط به بسهولة فهي لم تعش حياتها كسائر البنات وانها اذا رفضت ذلك فانها سوف تقضي حياتها بين شغل البيت وبين جلب علف المواشي ثم انها اليوم لم تعد طفلة وان اهلها اخذوا يحسبون لها اكثر من حساب وبالتالي فان سفرها سوف يفوت بشيء من العتب واللوم لا غير .
التقت ام رائدة بسعاد بعد ايام قلائل وقد اكدت لها بانها سوف تسافر الى بغداد بعد يومين لذا عليها ان تحدد موقفها من السفر بأسرع وجه طلبت سعاد منها ان تمهلها بعض الوقت لكي ترد عليها الجواب الاخير فقبلت منها ام رائدة وقد امتلىء فؤادها بهجة وسرورا .
لم تذق سعاد للنوم طعما تلك الليلة فقد كانت الافكار والمخاوف من جهة والتوق والطمع لرؤية العاصمة والاطلاع على مباهجها ومفاتنها من جهة اخرى يسيطران على تفكيرها وياخذان عليها نفسها في اليوم التالي كانت سعاد تقف امام بيت ام رائدة وقد حسمت امرها للذهاب الى بغداد دون علم اهلها على ان تتكفل لها ام رائدة بالوقوف الى جانبها اذا تأزمت الامور وان لا تتركها في كل الاحوال ما ان سمعت ام رائدة بموافقة سعاد حتى فرحت ايما فرح فاخذت تقبلها وتثني على شجاعتها وهي تقسم لها انها ستكون بجانبها وان جبر ما يزال يحتفط بكل الود والاحترام لها ولابنتها وكيف لا وقد قضى شطرا من حياته في بيتها لذا على سعاد ان لا تخاف وان لا تحزن وان ترافقها ورائدة الى بغداد .
شرحت ام رائدة لسعاد بعد ذلك تفاصيل الذهاب الى بغداد عندما أكدت لها بان هناك سيارة اجرة تاكسي بيضاء اللون يقودها شاب وسيم سوف تقلهم الى بغداد بعد صلاة الصبح وان السيارة سوف تقف لها بجانب الساقية التي تقع بمحاذاة دارهم وما على سعاد الا ان تخرج خلسة دون علم احد وان تأتي لها بملابس اضافية لانهم سوف يقضون ليلة او ليلتين عند اختها.
في صبيحة اليوم التالي وبينما كانت خيوط الفجر تشق وجه السماء كانت سعاد تقف وراء باب الدار وقد تناهى الى سمعها صوت سيارة توقفت على الجانب الاخر للساقية التي تمر من امام البيت فتحت سعاد الباب وهي ترتجف خوفا وفرقا من ان تبصرها والدتها التي عادت للنوم بعد ان حضرت الفطور لزوجها قبل ان يذهب لمزرعته ابصرت سعاد سيارة تاكسي تقف بجانب الساقية كانت السيارة كما وصفتها لها ام رائدة خرجت سعاد وقد حملت بيدها كيسا فيه شيء من الثياب والطيب ثم غادرت الدار واخذت تغلق الباب بهدوء وهي تلتفت يمينا وشمالا اقتربت من السيارة اسدلت عباءتها على راسها كانت ام رائدة تجلس في المقعد الامامي للسيارة بينما كانت رائدة تجلس بمفردها في الخلف سارعت ام رائدة لفتح الباب الخلفي لسعاد وهي جالسة في مكانها وبعد ان القت سعاد عليهم السلام استقرت مع رائدة في الخلف لتنطلق السيارة مسرعة نحو بغداد مخلفة وراءها اعمدة من الغباروقد اشتد نباح الكلاب من وراءها .
عند الساعة الثامنة كانت السيارة تقف امام العمارة التي تقطن فيها الاخت الصغرى لام رائدة والتي توفي زوجها في حادث غامض داخل احد حانات الخمر داخل بغداد بعد ان انجب منها بنتا واحدة .
نزل الجميع من السيارة وقد دفعت ام رائدة للسائق اجرته بينما همت رائدة بحمل الحقائب دخل الجميع الى العمارة وقد استقلوا المصعد الكهربائي الى الطابق الثاني وما ان طرقت ام رائدة باب الشقة حتى فتح الباب فقد كانت اختها تنتظر قدومها منذ الصباح الباكر اخذت ام رائدة تقبل اختها ثم عانقت رائدة خالتها بادرت ام رائدة بتقديم سعاد لاختها وهي تثني عليها ففرحت اختها بقدومها وهي تقول لسعاد ان البيت بيتها وان اختها قد كلمتها عنها كثيرا .
سارعت ام زينة الاخت الصغرى لام رائدة بايقاظ ابنتها وهي تعرفها على سعاد وقد اعدت صحون القيمر والبيض وقطع الجبن والزيتون بينما كان الشاي على نار هادئة ثم ما لبثت ان اتت بالخبز وهي تؤكد ان يومهم سوف سيكون جميلا لا سيما لسعاد التي لم تر العاصمة من قبل .
ما ان استيقضت والدة سعاد حتى اخذت تصيح على ابنتها التي تعودت ان تجدها بالقرب منها صبيحة كل يوم وقد شارفت على الانتهاء من اعمال المنزل وتهيئة العلف للماشية وفتح اقفاص الدجاج وجمع البيض من داخلها اخذت ام جبر تصيح بأعلى صوتها لكن دون جدوى نهضت وصارت تدور داخل باحة البيت سارعت الى باب الدار فوجدته مفتوحا وكانت قد اغلقته بيدها بعد ان خرج زوجها لمزرعته اخذ الخوف والهلع يدب في قلبها اسرعت نحو سطح الدار وهي تصيح على ابنها علي الذي كان ما يزال نائما خرج علي من غرفته مرعوبا ليجد والدته تنزل من اعلى الدار وهي تضرب على وجهها فلما سألها ردت عليه بان اخته غير موجودة داخل الدار تسمر علي في مكانه وهو لا يصدق ما يسمعه من والدته غادر علي البيت قاصدا بيت اخيه ليخبره بالامر فلما علم جبر بالامر دفع باخيه بقوة محملا اياه مسؤولية ما حدث فأين كان عندما غادرت سعاد الدار اما علي فقد كان يريد من جبر ان لايستعجل بالحكم على اخته لكن جبر كان يرد عليه معنفا موبخا دخل جبر البيت وهو يصيح بأعلى صوته مهددا متوعدا سعاد بالقتل
.
علم الحاج جاسب بالخبر فسارع للعودة للبيت وقد بلغ به الغضب والحزن ايما مبلغ كانت والدة سعاد تتوسط الدار وهي تصرخ باعلى صوتها بينما كان جبر يكلم والده وقد انتفخت اوداجه بان سعاد سوف تلقى على يده مصيرها اما على فكان يجلس عند عتبة الباب وقد وضع يديه على راسه في حالة من الحزن والانكسار .
هرع الجيران على وقع صياح ام جبر وصراخها فكان ان علموا بالامر بعد ساعات اجتمع ابناء عمومة الحاج جاسب الى الدار من داخل القرية وكل فرد منهم يضع مسدسه في جنبه لغرض الانتقام من سعاد ومن ذلك الذي اغراها بالهرب من بيت والدها الذي دست انفه في الوحل .

كانت سعاد تجلس في تلك الاثناء داخل برج الزوراء وهي تشرب العصير وهي تتوسط ام رائدة واختها بينما كانت رائدة وزينه يجلسان قبالتها بعد الانتهاء من تلك الجلسة كان الجميع يركبون دولاب الهواء وقد اخذت سعاد تصيح باعلى صوتها كلما اسرع الدولاب في دورانه . عند المساء كانت سعاد وسط احدى صالات العرض داخل شارع السعدون وقد سحرتها اضواء الصالة وهى ترى لاول مرة تلك الجموع الغفيرة التي كانت مشدودة لتلك الشاشة الملونة الكبيرة وهي تعرض احد الافلام المصرية وقد وضعت رائدة في يدها كيسا من المكسرات .
بعد عودتهم للشقة كانت سعاد تشاهد رائدة وزينة وهن يكلمن بين وقت واخر رجال غرباء وهن يتضاحكن والسيكارة لا تفارق يد رائدة كانت زينة تشير لسعاد بان تشاركهن تلك المكالمات مع هؤلاء الرجال فهم اصدقاء ليس الا لكن سعاد كانت تمتنع بشدة فكانت زينة تمتعض من امتناعها .
في اليوم التالي كان العشاء داخل احد الفنادق الفخمة على وقع اغاني احدى الفرق الغنائية وزينة ترقص من وراء الطاولة وهي ترتدي القصير وقد ظهر شيء من نهديها الابضين المرتفعين وخالتها تصفق لها بحرارة بعد ما اقتنعت سعاد بان تشاركهم التصفيق.
بعد قضاء سهرة ممتعة استمرت لساعة متاخرة من الليل عاد الجميع وقد قررت ام رائدة بان عودتهم للقرية سوف تكون عند الساعة السابعة صباحا مع نفس السائق الوسيم الذي سارعت ام رائدة واتصلت به وهي تؤكد عليه عليه المجيء صباحا فكان ان وعدها خيرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا