الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصاصات سيلوسية 15 : تاريخ تسميات الكتب المقدسة اليهودية

سيلوس العراقي

2018 / 4 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اليوم هناك استخدامان رئيسيّان شائعان للكتب المقدسة اليهودية وهما : التنخ بالتسمية العبرية، والعهد القديم بالتسمية المسيحية، وربما في الكتابات الاسلامية اليوم أيضًا

ويجدر السؤال، كيف كانت تسمى هذه الكتب قبل أن تظهر هاتين التسميتين؟

في الحقيقة إنه لا يمكنك أن تسمّي كتابًا أو مجموعة كتب قبل أن تتمّ النهاية من كتابتها وجمعها، ففي الحقبة الكتابية التي دامت ما يقارب 1000 سنة لا يتوفر أيّ اسمٍ واحد موحد أُعطي لها

يخبرنا مثلا المؤرخ اليهودي الشهير يوسيفوس فلافيوس عن هذه النصوص في كتاباته، فيسمّيها بـ : الكتابات المقدسة، كما يسميها أيضًا باسم :الكتابات

في الأدب الرابيني كان هناك تسميتان معروفتان وهما : ميقرا (ما يُقرأ أو ما يرتل بصوت عال) أو:ـ " كتفاي ها قوديش" وتعني: الكتابات المقدسة
أحيانا كان يشير الرابيين اليها (الى البيبليا) ببساطة : التوراه ، و النيفييم و كيتوفيم

في القرون الوسطى، في القرن التاسع الميلادي بدأ الكتبة اليهود باستخدام المختصر (تنخ) ولا زال اليهود يستخدمون غالبًا هذه التسمية للبيبليا العبرية، مع أن بعضهم يسميها بالبيبليا العبرية

فالجزء الأول ،" التوراة" ويتم ترجمتها من قبل الكنيسة المسيحية بكلمة "الشريعة" وهذا لا يمثل بدقة ما تحويه مجموعة كتب هذا الجزء التي تتضمن الكثير مما ليس بالشريعة كنصوصٍ روائية (لروايات) ونصوص شعرية، وبنفس الوقت ربما يكون في التسمية تشويه (مقصود ؟) أو عدم فهم لليهودية باعتبارها كديانة الشريعة

فالتوراه بالعبرية كلمة تعني التعليم والارشاد
يطلق على التوراه أحيانًا : البنتاتيوك أي الأجزاء الخمسة لأنها تتألف من خمسة أسفار
وأحيانا تتم تسميتها : كتب موسى الخمسة

أما كتب الأنبياء (نفييم) التي بعض أسفارها ليست أعمالا نبوية، فبعضها يعتبر نصوصًا روائية
من جهة ثانية هذه الكتب تعتبر استمرارية لما بدأ في التوراه، مع أن أنبياء يلعبون دورًا مهمًا في هذه الروايات مثل صموئيل واشعيا وحزقييل والمراثي وحبقوق وزكريا
بتعبير آخر أن جزء الأنبياء من التنخ يتضمن : روايات تاريخية ورسالات لأنبياء. فالروايات تتضمن تاريخ اسرائيل منذ وصوله الى أرض الوعد الى قيام وسقوط مملكة داؤد وسليمان، واحتلال الاشوريين وتدميرهم لمملكة الشمال وأسر غالبية العشائر العشرة ومن ثم الاحتلال البابلي لاورشليم وتدمير الهيكل وأخذ أبناء من اليهودية أسرى الى بابل. ومن ثم رسائل الأنبياء وأسلوبهم الأدبي الشعري (غالبًا) الموجهة الى شعب اسرائيل من قبل الله لتعزيتهم ووعدهم بالعودة وبالفداء الآتي. بربط المجموعتين بشكليهما وأسلوبهما الأدبيين المختلفين يتكون جزء الأنبياء
وكل ماعدا ذلك فيتضمنه جزء الكتوفيم ـ الكتب


للمزيد يرجى الاطلاع على قصاصات سيلوسية ـ 7 المنشورة سابقًا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=589813



كيف تمّت تسمية الكتب المقدسة (البيبليا) العبرية في كتابات العهد الجديد ومن بعده في كتابات القرآن؟

في الحقيقة إن كتابات العهد الجديد (وهي : الأناجيل وأعمال الرسل والرسائل والرؤيا) لم تسمّيَ أبدًا الكتب اليهودية بالعهد القديم
ومن الغريب أن القرآن أيضًا لم يستخدم عبارة " العهد القديم " مع أنها كانت مستخدمة من قبل المسيحيين عمومًا

فتأتي تسميات الكتب العبرية المقدسة في الأناجيل ورسائل بولس بأشكال مختلفة سنستعرضها بايجاز من دون ذكر كلّ أرقام الفصول والآيات لعدم الاطالة كثيرًا في المقال

ففي انجيل متى ترد هكذا :ـ
لأنّ هذا ما "كتبَ النبي"، ليتم "ما قال الأنبياء"، "الشريعة وتعاليم الأنبياء"، فهو الذي يقول فيه "الكتاب"، أما قرأتم في "شريعة موسى"، "فالكتاب" يقول، لكن حدث هذا كله لتتم "كتب الأنبياء
وفي انجيل مرقس مثلا: انكم تجهلون "الكتب المقدسة"، أما قرأتم في "كتاب موسى" خبر العليقة، لكن حدث هذا لتتم "الكتب المقدسة"، فتم قول "الكتاب" أحصوه مع المجرمين


وفي لوقا : ـ
كما هو "مكتوب في شريعة الرب"، يسوع للمجرب:"يقول الكتاب"، فهم الذي يقول فيه "الكتاب"، بقيت "الشريعة وتعاليم الأنبياء" الى أن جاء يوحنا، ويقول لهم: جاء في "الكتاب" بيتي بيت صلاة، وشرح لهما ما جاء عنه في جميع "الكتب المقدسة من موسى الى سائر الأنبياء" وهكذا

ومن انجيل يوحنا : ـ
تفحصون "الكتب المقدسة"، كما جاء في "الكتاب"، فتعجب اليهود وقالوا: كيف يعرف "الكتب المقدسة وما تعلّم؟

ومن بولس بعض الاستشهادات
من الرسالة الى الرومانيين
سبق أن وعد بها على ألسنة انبيائه في "الكتب المقدسة "1: 2 ، على ماورد في"الكتاب" 9: 13
و"كتب موسى" 10: 5 ، "الكتاب يقول" ( 10 : 11، 13 ، 18 ، 11: 2، 8 ، 26 ، 34 ، 12 : 19)، وفي روما 15 : 4 كل ماجاء في "الكتب المقدسة". ومن كورونتوس الأولى 15 : 3 ، 4 كما جاء في "الكتب" وهناك العشرات الأخرى من تكرار لهذه التسميات
وهذا يؤكد على عدم وجود الاجماع في فترة كتابة أسفار العهد الجديد حيث لم تكن تبلورت تسمية واحدة موحدة بعدُ للكتب المقدسة العبرية


في القرآن : ـ

نكون زمنيًا في تناولنا للاستشهادات من القرآن، في القرنين السابع والثامن الميلاديين أو ربما ما بعدهما، سنستعرضها بايجاز

من المعروف أن أركان الاسلام هي خمسة، ومن الممكن أن تكون ستة لو أضيف اليها ركنًا مهمًا يشدّد عليه القرآن وهو ركن الايمان بالكتب السماوية الذي يعتبر واجب تقتضيه العقيدة الاسلامية، وهو الايمان بجميع الرسل والأنبياء السابقين وبما أتوا به. وفيما يخص موضوعنا هنا فأن القرآن يذكر اسم : "الكتاب" و"التوراة" و"الزبور" و "كتاب الله"...ففي سورة الانعام : 154 "ثم أتينا موسى "الكتاب" تمامًا على الذي أحسنَ وتفصيلاً لكلّ شيءٍ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون". وفي سورة المائدة : 44 إنا أنزلنا "التوراة" فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله

وربما في الاشارة الى (الربانييون والأحبار) يشير القرآن إلى التوراة الشفهية أيضًا
إضافة الى ذلك، ورود كلمة "الزبور" اشارة الى كتاب مزامير داؤد في سورة النساء : 163

والى القصاصة السيلوسية التالية : تحية وسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصديق والزميل سيلوس العراقي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 4 / 11 - 16:40 )
مقال مهم وممتع ..

اعجبني المقال جدا لكنه لايتناقض مع العهد الجديد..

الكنيسة المسيحية تسمي الاسفار الخمسة المنسوبة الى موسى بالتوراة

الرسول بولس كما تفضلتم استخدم عبارة ..كل الكتاب موحى به ..

يوسيفوس عاش في القرن الاول الميلادي وكذلك بولس

وهما عاشا قبل انعقاد المجمع اليهودي الاول والذي وضع قانونية اسفار اليهود

واستبعد منها الاسفار اليونانية

وهو نفس الخلاف بين الكنيسة الكاثوليكية والارثوذكسية والكنيسة البروتستانتية

كما قرر المجمع اليهودي قطع الصلة بالمسيحيين

ختاما لكم وافر الصحة والمحبة ودوام التواصل

لكم احترامي


2 - الاخ سيلوس العراقي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 4 / 11 - 16:47 )
تتمة ..

تم تسمية العهد القديم والجديد من قبل الكنيسة المسيحية استنادا الى رسائل بولس عندما تحدث في رسائله خصوصا رسالتيه الى رومية وغلاطية عن اولاد العبودية ويقصد اولاد الجارية هاجر وبين اولادالحرة ويقصد بها سارة لذا فان شريعة موسى تمثل العهد القديم وهو عهد العبودية بينما يمثل العهد الجديد عهد الحرية بالايمان بالمسيح انه عهد النعمة لذا انتهت الشريعة بموت وقيامة المسيح من الموت
يقول بولس في غلاطية (والذين منكم يطلبون التبرير بالناموس يقطعون كل صلة لهم بالمسيح ويسقطون عن النعمة ففي المسيح يسوع لاالختان ولا عدمه ينفع الانسان شيئا بل الايمان العامل بالمحبة ).

ختاما دمت اخا وصديقا عزيزا ..


3 - الزميل العزيز وليد يوسف
سيلوس العراقي ( 2018 / 4 / 11 - 23:01 )
شكرا لمرورك
ولتعليقيك المهمين على ضوء اللاهوت المسيحي
تقبل احترامي ومحبتي

اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار