الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي جمعةٍ هي إذا ؟

محمد صالح أبو طعيمه

2018 / 4 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كانت الجمعة الأخيرة من آذار، هي الجمعة الأولى من مسيرات العودة في غزة، التي دعت إليها القوى الإسلامية والوطنية والحراكات الشبابية، ما اعتقدناه أن الداعي لها، هي بعض الجهات التنظيمية بعينها في غزة، بدأت هذه التنظيمات عن طريق ما يسمى بالحراكات الشبابية الدعوة إلى مسيرات العودة، وبعدما اكتمل التصور لدى العامة، ألقت تلك التنظيمات بثقلها لتدعم وتمول هذه المسيرات كما أسلفنا في مقالات سابقة، نجحت هذه التنظيمات في إدارة دفة الصراع من داخل شوارع غزة إلى حدودها، حيث كانت تخرج جموع بالآلاف في جل محافظات القطاع، من الشمال وحتى الجنوب، مرورا بمناطق الوسط، رفضا للانقسام والواقع المهين اقتصاديا وإنسانيا في غزة، وحملت طلبا رئيسيا يقضي بإنجاز المصالحة، وتخفيف المعاناة في غزة، بدأ التفاف الناس حول مسيرات الكرامة بالتزايد، لا سيما وأنه لم يعد يُرفع فيها غير العلم الفلسطيني، الأمر الذي أرق بعض التنظيمات، لتنتقل بهذه الجموع بكل ذكاء إلى الحدود، مستغلة عاطفة الشعب نحو قضيته، ناهيك عن اليأس من الحياة لجمع الغزيين، فالموت شهادة، خير من الموت جوعا أنى كان السبب.
سقط في الجمعة الأولى العشرات ما بين شهيد وجريح، وحالات بتر، وموت سريري، استشهد منهم الكثير بعد أيام قليلة، الأمر الذي أدى إلى وعي الناس بحقيقة ما يجري من التضحية المباشرة بتلك الجموع، وبدأ التوافد بالضعف شيئا فشيئا على الحدود من المواطنين، الأمر الذي دعا الجهات التي تدعم المظاهرات، بشكل خفي ودون علم الناس، دعاهم إلى التفكير بحيلة جديدة، يلعبوا فيها على الأوتار الحساسة لدى الناس، تحت مسمى جمعة الكوشوك، وبدأ الحشد والتمويل الخفي لهذه الجمعة، ليتم استفزاز شعور الناس وإلهاب الشباب اليائس القانت من جدوى الحياة، ليتوجه إلى الحدود مرة أخرى، ويلاقوا الموت الزؤام في الجمعة الأولى من نيسان، والثانية من مسيرات العودة.
بدأت بعض الجهات ببث شائعات هنا وهناك، حول مساومات لإيقاف مسيرات العودة، منها فتح المعبر، مقابل إيقاف مسيرات العودة، الأمر الذي استغلته الجهات المروجة له، ليخاطبوا الناس اتريدون الكرامة أم العودة؟!
وما أشبه البارحة باليوم، وبدأ الحديث عن قمم ثلاثية في القاهرة ، لكن العامل المشترك بين هذه الأخبار واحد، لا يوجد مصدر رسمي صرح بها، وإن سُئل أي مسؤول عنها قال أنه لم يسمع بها، المعنى أن قسم الشائعات في الأجهزة الاستخبارية للتنظيمات، فاعل ونشيط على قدم وساق.
انتهت الجمعة الثانية وبدأت الجموع تبهت من جديد، ولا بد الآن من جمعة ثالثة حتى يعود الوطن في مسيرات العودة! وهنا يبدأ العقد بالانفراط وتسقط ورقة التوت، لقد استغلت بعض التنظيمات، مسيرات العودة لإدلاء تصريحات معادية للمصالحة بشكل واضح، وللسلطة الوطنية ضمينا، وادعت أن هذه مسيرات الكرامة والعودة، لكنه تصريح غير محسوب كان صريحا جدا لأحد كبار قادة تلك التنظيمات، أكد فيه أن هذه المسيرات لأجل المادة لا الكرامة، عندما قال أن غزة تأكل بدماء رجالها، فالتفاف الناس حولهم كما يخيلون للعالم بإعلامهم، يعطيهم شرعية جديدة لإكمال السيطرة على مقاليد الحياة هنا.
تشعبت الآراء حول العنوان القادم للجمعة الثالثة من مسيرات العودة، ولم يجئ هذا التشعب من تلك التنظيمات بل جاء من جموع المثقفين والناس، وبعض الذين وجدوا في هذه المسيرات مادة دسمة لتحقيق ذواتهم وتفريغ انفعالاتهم وتظهير أنفسهم والحصول على قدر من شهرة، وأولئك تم استغلالهم بكل سهولة من التنظيمات، ليكونوا هياكل تتحرك تحت مسماهم.
من المقترحين من قال عليها أن تكون جمعة الأحذية في وجه إسرائيل، ومنهم من قال إنها جمعة رفع الإعلام لدول العالم، ومنهم من أرادها جمعة الملتوف، وآخرون جمعة حرق العلم، وأصحاب الهم الوطني التائهون في دهاليز السياسة القذرة، قالوا نريدها جمعة إنهاء الانقسام.
وهنا فقط تبدأ التعرية الحقيقية، لذلك الحق الذي يُراد به باطل، أقصد لمسيرات العودة التي يحاول البعض الالتفاف حولها لمآرب حزبية ضيقة، فأي جمعة ستكون الآتية، جمعة إنهاء الانقسام تضع التنظيمات في حيز ضيق، ومحرج جدا، لذلك لن تكون، وإن كانت لن تأخذ الطابع العام للمسيرة، وجمعة الملتوف أيضا لن تكون وستُمنع، ستمنعها الجهات المسيطرة على غزة، فليس وقتها الآن بالنسبة لهم، وباقي الاقتراحات خرجت من هنا وهناك، وليس من الضرورة مناقشتها، أما الخيار المحبب للتنظيمات، والذي لن يُضيع دفة القيادة الخفية من أيديهم، وستظل السيطرة قائمة على تلك الجُمَع، فهو جمعة إحراق العلم.
وكما تم تمويل الجمعة الأخيرة من آذار، والأولى من نيسان، سيمولون الثانية من نيسان، لن يدفعوا الكثير، فباستقطابهم لبعض الهواة، مدعين الفكر والثورة، ستظل محاولاتهم للاستفادة من تلك المسيرات، وتغيير وجهتها لمصالح الحزب قائمة، والأرواح التي يزهقها فيها الاحتلالللا إنساني، هي الوقود والثمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز


.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ




.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا


.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟




.. تصريح الرفيقين جمال براجع وعبد الله الحريف حول المهرجان الخط