الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفسي نفسي، وإن كان أخي

محمد صالح أبو طعيمه

2018 / 4 / 13
المجتمع المدني


نفسي نفسي، وإن كان أخي
كثيرة هي الأخبار الداعية للإيثار، سواء كان مصدرها الدين، أم العادات والتقاليد، ولا نختلف قيد أنملة إن قلنا: إنّ هذا الخلق القويم من أنبل وأجلِّ الأخلاق التي دُعي إليها الإنسان، ولم يتصف بها، سواء كانت دعوته، منبعها الدين، أو العرف والمروءة.
"وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ" "ويطعمون الطعام على حبه ..." "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به" "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى"
هذه بضع من النصوص الدينية الداعية للإيثار، وإليكم بعض الأمثال "كلو راح، فرقو فاح"
و"لقمة هنية بتكفي مية"
أما السؤال الطارئ هنا!
هل أصبح هذا الكلام ضربًا من تراث، أو بدعًا من خيال؟ أو أنه يُقال للاستئناس، و تدعيم النظرية الكلامية فقط؟
وليس لنا أن نرجع إليه في وقتنا الذي نعيش الآن إلا لتك الأغراض؟!
ما الحال الذي كان الناس عليه عندما قيل هذا الكلام؟
لقد أصبح من السهل الوصول إلى أسباب النزول للآيات، وأسباب الورود للأحاديث، فيكفيك أن تبحث في الشبكة المعلوماتية الضخمة التي ستنبيك بما جهلت، فواضحٌ أن تلك الآيات جاءت تمدح أولئك المُؤْثرين، والمنفقين، وبعضها تحذر، وأخرى تحث وتنصح، والأمثال مثلها في الغالب، تتقلبُ قصصها ما بين ناصح ومحذر.

فما الخلل إذا؟
وقد غدى الإيثار في زماننا ضرب من الماضي، ففي كل حارة وشارع، هناك الفقير والغني، علاقة متشابكة منذ الأزل، وربما يُسمع الأنين الحزين، عبر تشققات الجدران، ولا يأبه بأمر صاحبها إنسان، حتى الذي يزيد من الطعام تراه يُفرغ في أكياس القمامة، والنتيجة ظاهرة على قطط الشوارع وكلابها، فأحياء بعينها تجد قططها وقد توشحت التخمة والكسل وأدمنت الشمس والراحة، فلا عناء في الحصول على الطعام، وبباب كل بيت منه الكثير، أرزاق وزعها الخالق منذ الأزل.
ولكن هل ذلك التوزيع يقتضي بأن يجوع الفقير، ويصاب بالتخمة الغني؟
والأكثر غرابة من ذلك، أن تلك الذاتية قد أصابت البيت الواحد، والعائلة الواحدة، فهذا الأخ الغني الذي أسعفته الظروف، وأعطته الحياة، يعيش في مبنى من خمس طوابق وولداه، وأخوه يعيش وأولاده الستة، في منزل العائلة المهترئ الذي أكل عليه الزمان وشرب، فما ذنب الغني في حال الفقير؟ يقول الغني!
أأنا الذي أفقرته؟ قمة الأنانية حتى في أفكارنا وتساؤلاتنا التي بها نعيش ونمضي، ونورثها لأبنائنا لتخرج تلك الأجيال الطبقية، التي ورِثت الطبقية فعلا وممارسة لا نظرية ودراسة، ونمضي في محاسبة الفقير على كثرة إنجابه، ونزيد في معاتبته وبالتالي معاناته، فلا ساعدناه ولا قدمنا نصحًا لمن بعده، وليست الغاية أبدا في نصحه، فلو كانت كذلك لشاركنا الدولة في تطلعاتها التنموية كافة، ولكننا نستخرج النصح من النصوص، وتبدع افكارنا به إذا ما كاد الفقير يقترب إلى جيوبنا فيطلبنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن: طرفا الصراع في السودان ارتكبا جرائم حرب


.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش




.. برنامج الأغذية العالمي: السودان ربما يشهد -أكبر أزمة غذائية


.. تونس: أكثر من 100 جثة لمهاجرين غير نظاميين بمستشفى بورقيبة ب




.. عام على الحرب.. العربية ترصد أوضاع النازحين السودانيين في تش