الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطر والجفاف ورحمة الله (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ)

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2018 / 4 / 14
المساعدة و المقترحات


قبل اسابيع عرض على الفيس بوك صورا لنهر الفرات في مدينة العمارة وقد ظهرت الرمال في قاع النهر وخلا من المياه ،واشتكى الناس الجفاف حتى لم يبق مورد لمياه الشرب هناك ،وفي بغداد انخفضت المياه عن مستوى مكائن ضخ مياه الشرب .ولكن ارادة الله هي الاقوى حيث استجاب الله لدعوات الناس و شهد الشهر الحالي والسابق له امطارا غزيرة وصوّر الناس مجموعة من الاعاصير قاعها في الارض وقمتها في السماء وسط الغيوم الداكنة المحملة في الماء حيث كانت قصيدة شناشيل ابنة الجلبي للشاعر المرحوم بدر شاكر السياب تعزف سمفونيتها ....
يا مطرا يا حلبي
عبر بنات الجلبي
يا مطرا يا شاشا
عبر بنات الباشا
يا مطرا من ذهب
والماء اليوم لا غني للبشرية عنه ، ان نسبة الماء في جسم الانسان البالّغ من (70-90%) ولا يستطيع الانسان العيش بدون الماء الا اياما معدودة ،ولعل القصة التالية تبين قيمة شربة من الماء حيث " دخل ابن السماك على الرشيد يوماً فبينما هو عنده إذ استسقى ماء، فأتى بقلة من ماء- وفي الإحياء: فقال لابن السماك عظني- فلما أهوى بالماء إلى فيه ليشربه قال له ابن السماك: على رسلك يا أمير المؤمنين أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو منعت هذه الشربة فبكم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي، قال: اشرب، هنأك الله، فلما شربها، قال له: أسالك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو منعت خروجها من بدنك فبماذا كنت تشتريها، قال: بجميع ملكي، قال ابن السماك: إن ملكاً قيمته شربة ماء وبولة لجدير ألا ينافس فيه! فبكى هارون."
لكن هذه البلاد رغم ما حصل فيها من ويلات فان الله يرى ، يرى دموع الثكالى وانيين الجياع ، ودعوات اليتامى والشيوخ .ويرى تعجرف بعض الدول التي تحجز الماء عن العراق وتبني السدود وتحجز المياه من دون وازع لما سيحل بارض العراق ، مخالفة لكل ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية في تنظيم واستغلال المياه .وذلك من قبل جيران العراق على حد سواء وبالأخص تركيا ،ودون وازع لما سيحل بالبشر والحيوانات والشجر . وفي الآية (18) من سورة الحج يقول الله تعالى " الَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء" .فالله جل جلاله لا يعزب عنه مثقال حبة من خردل في السموات او في الارض.
والماء اليوم مشكلة البشرية ..........
والماء سبب الحضارات...فأينما يوجد الماء توجد الحضارة ...
الماء قوة اقتصادية ومال فلا صناعة ولا زراعة ولا ثروة حيوانية بدون ماء...
الماء لا يصنع لذلك لابد من استخدامه بحكمة وحذر ....
يقول اجدادنا عن شهر اذار بانه (شهر الهزاهز والامطار) وعن نيسان بانه (مغرّق الجدسان -اي اكداس الحنطة والشعير التي يجري حصادها فتغرقها الامطار )، ولكن للجفاف دورات فقد تمر سنيين تقل فيها الامطار وسنيين خلاف ذلك، ربما يبررون ذلك بأنه تغيرات الطقس ولكنا نقول انها مشيئة الله ،حيث يخاطب نوح (ع) قومه كما ورد في القران الكريم سورة نوح " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)"، فالابتعاد عن طاعة الله والاغراق في الذنوب وارتكاب المعاصي والفساد بين العباد يمكن ان تكون احدى عوامل حجب المطر ، لذلك كان الاتقياء والصالحون يجتمعون ليصلو صلاة الاستسقاء وكثيرا ما كانت تستجاب دعواهم فتهطل السماء المطر كأفواه القرب . .يقول الله في محكم كتابه المبين في سورة فاطر الآية (9)" وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كذلك النُّشُورُ " وكذلك في الآية (48) من سورة الروم " اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ۖ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ "وفي الآية(28) من سورة الشورى " وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ". وهكذا بلحظ من الله سبحانه وتعالى ملا السدود والخزانات بالمياه في العراق ، بعدما أوشكنا ان نعلن ان البلد يمر بعام جفاف .
لكن هذا يجب ان لا يجعلنا ننسى ما مر به البلد من ان يوشك على الجفاف فالله جل جلاله يدعو الى التدبّر وعدم التبذير والاسراف حيث :
1- قال الله تعالى في سورة الاعراف الآية (31) "......وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ".
2- قال النبي ﷺ: "كل واشرب والبس وتصدّق في غير سرف ولا مخيلة". فالمؤمن مأمور بالاقتصاد في كل شيء منهي عن الإسراف في كل شيء، حتى الماء حتى في الوضوء والغسل يقتصد.
3- وندرج ادناه عددا من المقترحات في معالجة شحة المياه وتوفيره وقت الجفاف وكالاتي :
أ‌- ان لا نحمّل المواطن تبعات شحة المياه بأن نرفع كلفة الاستهلاك بشكل يثقل كاهل المواطن ، ولا نهمله بحيث نترك المواطن يترك حنفية الماء مفتوحة دون شعور بالمسؤولية ولكن بتوازن يتفق ونسبة دخله .
ب‌- ان لا تكون معالجة شحة المياه بغياب دور الدولة في الحرص على عدم ترك المياه تذهب لتصب في البحر دون الاستفادة منها ، من خلال بناء الخزانات والسدود ، وتبطين شبكات الري للحيلولة دون تسرب المياه الى باطن الارض.
ت‌- بناء خزانات من المياه في باطن الارض في المدن وخاصة المدن المعرّضة للجفاف لخزن مياه الامطار وفقا لما تفعله العديد من دول العالم والاستفادة من المياه المخزونة وقت الجفاف والاستفادة من تجارب دول العالم في هذا الشأن.
ث‌- ان تمارس ووسائل الاعلام و دور العبادة و المدارس والمنظمات المدنية وغيرها من شرائح المجتمع دورها في نشر ثقافة الاسلام في عدم الاسراف والهدر .
ج‌- منع تلويث المياه الجارية في الانهار فلو نظر احد من جسر الشهداء للمياه السوداء التي تصب في نهر دجله لتملكه الفزع ، وتفعيل دور الجهات المسؤولة عن حماية البيئة لمنع ذلك ومحاسبة المخالفين ، فالله وحده يعلم ما تترك هذه النفايات من امراض في الناس على طول مجرى النهر .فبالوقت الذي تقوم بعض دول العالم بإعادة تنقية مياه الصرف الصحي للاستخدام نحن نفعل العكس بأن نلقي بالمياه الملوثة الى المياه الجارية فتتحول بعض الانهار الى انهار للمياه الاسنة .
ح‌- ان تكون السدود المائية واماكن خزن المياه تحت سيطرة السلطات الاتحادية وجزء من موارد الامن القومي للبلد، وان يخصص جزء من موارد الخزينة لتوسيع مجالات الخزن وبناء المزيد من السدود والخزانات في خطط قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى ،ضمن استراتيجية تهدف الى الاستفادة من كل قطرة ماء يرسلها الله رحمة للعباد والعدالة في توزيع المياه اسوة في العدالة بتوزيع الثروات النفطية .
ورغم ان المياه تغطي 90% من مساحة الكرة الارضية فان نسبة 97% منها هي مياه بحر غير صالحة للاستهلاك البشري، وما فائدة النفط في المستقبل فلربما يأتي حين من الدهر تستبدل برميل نفط مقابل برميل ماء .اذا لم يستغل النفط الان ونحن نقترب من ازمة شحة المياه في تامين الحاجة من المياه لتلافي موجات الجفاف وما يهدد الناس من مشكلة شحة المياه في المستقبل القريب ، رغم انا لا نقنط من رحمة الله وكرمه في نزول المطر لكن ان نخزن ذلك المطر ونستغله افضل استغلال وان نستفاد من مياه الانهار الجارية خاصة وقت الامطار والفيضانات لسنيين الجفاف هو المطلوب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ