الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرادة....أنشودة الرغيف الأسود

علي أحماد

2018 / 4 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


آه جرادة .. أرض الفحم من حجر أسود ، لقمة تسد الرمق رزقا من عمق الآبار ( الساندريات ) غير مستجداة أو ممنوحة صدقة تضامن ...مكان يسوده السخم في رحلة بين الحياة والموت لتستحق منذ الأمد البعيد إسم " مدينة الأيتام " الذين أريد لهم - مع سبق الإصرار- أن يظلوا في مأذبة اللئام . تتدلى الرقاب ، تنحني الهامات حفرا في غياهب الجب قد تصعد الروح في لحظات اختناق أو تصدع الشقوق الى الرب وقد تسعفها الأنفاس لتشرئب الأعناق الى الأفق وثبا وهروبا من ضيق الثقب وتعب جرعات من هواء / أكسجين ، لو استطاع سماسرة الوطن لمنعوه عنا وعلبوه بيعا لا عطاء . لنختنق كأسماك علقت في الشباك وبعد أن تنفق ينتظرها مجمر الشواء في حفلة العربدة المنذورة للعهر...لن يهنأ لكم بال ، فأينما وليتم وجوهكم نحو السهل ..الجبل .. الصحراء . .في الحضر أو الريف ثمة من ينتفض وينشد العدالة الإجتماعية . فجرادة ولادة أشاوس يأبون الذل والهوان ، فالبلدة عنوان كرامة أهلها لا يرهبهم تهديد الجلاد، فالتاريخ علمهم كم إنتصرت الضحية على الجلاد! المجد لأهلك الأفداد الذين هبوا زرافات وفرادى لصد القمع / الاستبداد وقطع الأرزاق . التاريخ شاهد على حراك الشرق بعد حراك الريف.. وعود الدولة خطابات تذروها الرياح ، رماد يذر على العيون . فهل تمتد يد البطش لتنال من شبابك ( إناثا وذكورا ) لإسكات صرخات تدوي محتجة مطالبة بالحق في العيش بكرامة أو الموت بشرف وكبرياء .
فنحن ندري أن المخزن إذا يئس من رد الأمور إلى نصابها علق فشله على المشجاب ( تدخل جهات معادية أو تنظيمات تخدم أجندة أجنبية تروم زعزعة الإستقرار الذي ينعم به الوطن الأمين..! ) . ولكن الحقيقة الساطعة أن أبناء هذا الوطن أكثر وطنية من الجلاد ، فلهم ( الأغنياء ) الوطن ولنا ( الفقراء ) المواطنة ...لا ننشد غير كريم العيش وجودة التعليم وتعميم خدمات الصحة ، ضمانا لحقوق دستورية وكونية . لقد ولى زمن العبيد وباد عهد الأسياد والإستبداد ، فلا استعباد وقد ولد ابن آدم حرا منذ الأبد . فالبتر ليد معاند لإمتداد الحراك الشعبي لشرفاء هذا البلد . فلغتكم تمتح من قاموس القهر القرسطوي ، فمنها السحق والشنق والحرق والإختناق تدافعا من أجل كيس دقيق .
تكشفت للعالمين عوراتكم ،فأين توارون سوء أعمالكم وهشاشة نظامكم ؟ وكيف تبررون لناظركم عنفكم ؟ وإلى متى تصمون آذانكم عن صرخات شعب مقهور ؟ وهل رفعتم اليد عن الفساد ونهب ثروات البلد في قعر البحر وعمق الأرض ؟
أفيقوا فقد ملأ الجور البلاد ، وفاض الكيل بالعباد في كل ناد ! فهل بحق السماء تنال الهبَّات من هيبة الدولة أم تراها تهدد كراسي الحظوة والإمتياز ؟ أم أن الحكومات بمختلف أطيافها السياسية والإيديولوجية تعلق عليها فشلها في تدبير الملفات الإجتماعية لأن الحركات الإحتجاجية تربك حساباتها ومخططاتها من أجل إمتصاص ما تبقى من دم هذا الشعب المقهور وإقباره حيا ويتفرق دم الأعزل المناضل بين القبائل السياسية والنظام ودواليب الحكم .
نحن حكومة تتغنى ب (الديمقراطية) و( الإنتقال الديمقراطي) و( العدالة الإجتماعية ) و ( حقوق الإنسان ) وتسوقها في الغرب ، ولكننا العرب لا نستوعب من الغرب العبر ، ففي بلد " الكفار " يستقيل الوزير ويترك المنصب وقد ينتحر كالساموراي تكفيرا عن الذنب.....أما سادتنا الوزراء والحكام فتنتفخ منه الأوداج بعد سقم ويستقيم منهم القد بعد إعوجاج ، همهم إقتناء السيارات الفارهة وخطبة النساء ( إغواء زوجات الغير ) الجميلات وبناء الفيلات الفخمة وتدريس الأبناء في أرقى جامعات أمريكا..
فهل لنا من معاول لنهدم هذا ال"وتن" الذي إغتنى من ورائه أسلاف أبي جهل وأبي الحكم ومن أجله أوزعت هند لوحشي بقتل حمزة لتأكل منه الكبد ، فكم يكفي هذا الوطن من قرابين آدمية من لحم ودم تقدم فداء للشعب ضد الفساد الذي استشرى في الأرض لعل البعض الباقي يحيون ( عيشة راضية لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) ومن يظنون أنهم ( من الحزب الحاكم ) يحاربون الفساد فهم كالدونكيشوت يحارب طواحين الهواء وحجة عجزهم العفاريت والتماسيح أعداء الإصلاح ..
فلنجعل من هذا الوطن خيمة / ملاذا للجميع من لسع القر وهجير الحر ومن أنواء الشتاء ولهيب الرمضاء حتى لا يتسابق الكل إلى أرض المهجر / أرض الأحلام في بلاد العم سام !
نشد على أيادي الأهل بجرادة الذين ورثوا من الأجداد حب البلاد وقد رضعوه من أثداء الأمهات رغم قساوة المشاهد وسادية المخزن . وطن لا يحنو على أبنائه فهم إما طريد وإما شهيد...أو نزيل زنزانة أو مصحة أمراض نفسية ، فكل الأدواء لصيقة بالفقراء فمنهم الأجرب والأحدب والأعرج والأعوج والمهبول والمخبول والعاطل يلتمسون دواؤهم عند الفقهاء لا الأطباء..لافرق بين العربي والأمازيغي!
عندما يضيق الأفق وتنعدم فرص الرزق تجد المخزن وحشا مكشر الأنياب يبطش بكل جاهر بالحق مطالبا بالعدل قبل طهور المهدي المنتظر والمسيح الدجال ..يجهضون حلمك واملك في الإنعتاق من رسن الرق الذي يطوق الأعناق..
لكن الأمل معقود ومنشود مهما بلغت المحن وحبكت المكائد ونصبت المصائد ، فإذا الشعب أراد الحياة لابد أن تنكسر الأصفاد والقيود..
لابد من يوم يتحول "السواد " في جرادة الى فجر أبيض...











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024