الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية المؤامرة وأثرها على مجتمعاتنا (1/2)!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


(الجزء الأول)
**********
رفضنا لنظرية المؤامرة لا نقصد به أنه لا توجد مؤامرات في الحياة السياسية بل نقصد بها عادة ذهنية عربية سائدة تعطل العقل وتحُول دون التفكير العلمي والتحليل الموضوعي للأحداث!، فهي حالة تعكس افلاس وعجز العقل العربي أو فلنقل تعكس حالة من التخلف العقلي العربي!!.. فنظرية المؤامرة بنسختها العربية الشعبوية السائدة منذ زمن بعيد تقوم على تفسير كل أحداث التاريخ والواقع المعاصر على أنه نتاج مؤامرة غربية صليبية صهيونية مسبقة قائمة على ((مخطط مخابراتي جهنمي لتحطيم العالم العربي وسلب خيراته ومنعه من الرقي والتقدم!)) .. مخطط جهنمي موضوع سلفًا منذ قرون بكل تفاصيله ويتم تطبيقه فقرة فقرة ضدنا منذ أيام ثورة بعض المسلمين الأوائل على الخليفة (عثمان) وقتله[1] حتى ثورات الربيع العربي التي نعيش خريفها حاليًا[2] مما جعلنا - بسبب تعلق عقولنا بعقيدة المؤامرة العالمية ضدنا - نعلق نكباتنا المتكررة وتخلفنا وفشلنا المزمن على اليهود والصهاينة والغرب ونُعطل بالتالي عقولنا عن التفكير العلمي الموضوعي في فهم حقيقة أسباب فشلنا وتخلفنا وفهم طبيعة تلك الاحداث والكوارث التاريخية أو المعاصرة ومعرفة أسبابها الحقيقية العميقة حيث ظللنا نجتر (نظرية وعقيدة المؤامرة) منذ ذلك الزمن حتى يومنا الحاضر كتفسير وحيد وأكيد لفشلنا وذلتنا!.. والحقيقة أن وجود مخطط جهنمي بذلك الشكل الموجود في عقيدة المؤامرة الكبرى لإفشالنا أو إذلالنا غير موجود! ، هو أمر خرافي!، عبارة عن (شماعة) نحاول أن نعلق عليها جهلنا وعجزنا وخيبتنا القوية!!، كي نلعب دور الضحية المسكينة المغلوب على أمرها!!، ولعل بعض الخبثاء من أعداء الأمة أعجبهم هذا الأمر وأصبحوا يروجون لهذه (النظرية) حتى أغرقوا عقولنا في مستنقعها العميق إلى درجة باتت معها (نظرية المؤامرة) في تقديري هي في حد ذاتها (مؤامرة) على العقل العربي!، لتكون نتيجة نظرية المؤامرة أمرين :
(1) النتيجة الأولى:
تعطيل عقولنا عن فهم التفسير الحقيقي لأحداث التاريخ وأحداث الواقع الحاضر، فنظرية وعقيدة المؤامرة أصبحت تعطينا تفسيرًا جاهزًا لكل ما يحصل لنا من كوارث!، إنه الغرب والصهاينة واليهود والعلوج الصليبيون وأدواتهم من الحكام العرب (العملاء!) و(المرتدين!!)!... هكذا بكل بساطة وبهذا التسطيح والتعميم وبكل اختصار وانتهى الموضوع!، ولا حاجة بالتالي للبحث والتقصي وارهاق العقل في البحث والتحقيق والتدبر العميق والتفكيرالدقيق، وتبديد الوقت والجهد في إعمال العقل في دراسة أحداث التاريخ والواقع المعاصر بشكل علمي وموضوعي صارم لفهم لماذا حدث لنا ما حدث!؟ ولماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه!؟، فالإجابة السهلة هي : إنهم الصهاينة والصليبيون والإمبرياليون الحاقدون على الأمة العربية المجيدة (خير أمة أخرجت للناس!!)... هكذا في سطرين وانتهى الموضوع!.
(2) والنتيجة الثانية :
رد الفعل المتطرف والمنحرف وغير العقلاني وهو يتخذ صورتين :
أ - صورة رد الفعل الانهزامي الرُكوني :
ويتمثل في الشعور بالضعة والدونية والركون (مافيش فايده!)(الله غالب!!) والاستسلام أمام جبروت هذا العملاق الخفي الجبار شبه الإله (الغرب والصهاينة) الذي يملك من المعلومات والأسرار والقوة والاقتدار ما يجعله يقود الأحداث على هواه في بلداننا كما يشاء كيف يشاء ومتى يشاء!، ولا قبل لنا بمقاومته!!.. وبالتالي استمراء لعب دور الضحية كمخرج نفسي مريح للهروب من تحملنا المسؤولية عن فشلنا العام المزمن!.
ب - صورة رد الفعل الصدامي الجنوني :
ويتمثل في دخول مواجهات صدامية جنونية انتحارية وانتقامية من الدول الغربية قد تبلغ إلى حد ممارسة الارهاب كما فعل بعض اصحاب التوجه العروبي القومي الاشتراكي مثل بعض التنظيمات العربية الراديكالية واليسارية في الستينيات والسبعينيات أو كما فعل بعض القادة العرب المحسوبين على التوجه العربي الاشتراكي والثوري مثل العقيد معمر القذافي وصدام حسين!... وكما فعل في زماننا بعض أصحاب التوجهات الإسلامية الأصولية الراديكالية مثل تنظيم القاعدة والدواعش!... فرد الفعل هنا يكون في صورة أعمال ارهابية أو انتحارية وصدامية غير محسوبة العواقب تكون ثمرتها حنظلًا!، تزيد العرب فشلًا على فشل وذلًا على ذل!.
فهذه هي النتيجة العملية للإيمان بنظرية أو عقيدة المؤامرة العالمية علينا، فالثمرة هي تعطيل العقل وتأصيل الذل واستمرار الفشل!.. وهلّم جرًا ...!!
وإلى اللقاء في الجزء الثاني لمحاولة فهم ما يُسمى بـ(المؤامرة) بشكل واقعي صحيح...
**************
سليم الرقعي 2018
[1] كما هو مشهور ومنشور فإنه قيل لنا في تفسير الثورة ضد خليفة المسلمين (عثمان) رضي الله عنه أنها: "حدثت نتيجة (مؤامرة يهودية) خبيثة يقودها شخص يهودي إسمه (عبد الله بن سبأ) ولا داعي للدخول في التفاصيل!!".
[2] الغريب والمضحك هنا في (ثورات الربيع العربي) أن خصومها وأنصار الأنظمة الفاشلة المنهارة يصرون على أنها جاءت نتيجة مؤامرة غربية مسبقة ضد العرب، بينما أنصارها يصرون على أنها انتهت للفشل نتيجة مؤامرة غريبة ضد العرب وضد المسلمين أيضًا !!، فمن يمكن أن نصدق، المؤامرة الأولى أم الثانية!؟؟؟، ثم مع اتفاق أنصار هذه الثورات على أنها فشلت نتيجة مؤامرة غربية فإن العلمانيين يزعمون أن الغرب دعم الاسلاميين لإفشال الثورة بينما خصومهم من الإسلاميين يزعمون أن الغرب استعمل العلمانيين لإفشال هذه الثورة والانقلاب عليها!!!.. فمن نصدق برأيكم!؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة