الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( بابا كمال ) ..

هيام محمود

2018 / 4 / 16
الادب والفن


"الحبّ من أوّل نظرة" .. تلكَ الخرافة اللطيفة التي لا يقولُ بها أحد , لكنّ الكثيرين يتمنّونها في دواخلهم ولا يُفصحون ولا يعترِفون .. المنافِقون الكذبة ! .. حدوتة جميلة من ضمن القصص التي يعرفها الجميع لكن حقيقتها يعرفها أصحابها .. فقط . هذه واحدة تُضافُ إلى بقيّة "الأفلام الهندية" و "المسلسلات المكسيكية" و .. "التركية " .

.

رجل لمْ أنسَهُ يومًا وإلى اليوم أَتمنَّى حُضوره .. لذكراه أكتبُ هذه السطور , تأخّرتُ في القيام بذلك .. ربّما لأني على ثِقَةٍ أنه لنْ يلومني كما هيَ عادته ..
حتى لحظة كتابة هذه السطور , لم أستطعْ أنْ أَغْفِرَ لماما رغم "تفهّمي" لموقفها ولِـ "مشروعيّته" كَـ "أمّ" .. ولا أظنّ أنِّي سأفعلُ .

.

كنتُ في الطابق العُلوي عندما سَمعتُ ماما تُكلِّمه عند الباب , جَريْتُ إلى غرفة نومها واِلتصقتُ بالنافذة لأسمعَ الحوار بينهما .. نافذةُ غرفةِ النوم كانت فوق الباب الرئيسي .. فسمعتُ كل شيء .. تَألَّمْتُ حتى بَكَيْتُ وقَرَّرْتُ مُواجهتها وقلتُ في نفسي أنْ لَنْ أَسمحَ بأنْ تتواصل الأمورُ هكذا .. لن أسمحَ لها بأنْ تَمنعني مِنْ رؤيتهِ .. نزلتُ مُسرِعةً وهرعتُ إلى الباب لأفتحه وألتحق به فصرخَتْ ماما في وجهي وحاولتْ منعي لكني تمكنتُ من تجاوزها ..

عند فتحي للباب رأيتُه يشارِف على الخروج من الباب الخارجي بعد أن تجاوز الحديقة , ناديته فتوقّف , جَرَيْتُ نحوه وعند اِقترابي منه نَزَلَ على رُكبتيه وفتحَ لي ذراعيه .. اِرتميتُ في حُضنه فاحتضنني بقوة .. قالَ لي أنه أرادَ رُؤيتي قبلَ أن يُغادِرَ المدينة , عنده "شغل" لأيام قد تطول بعضَ الوقت .. قلتُ لهُ أني أُريدُ الذهابَ معه فذكّرني بالمدرسة وقال أني لا يجبُ أن أُغضِبَ ماما منِّي .. أخرجَ مِنْ معطفه حلوى وشكولاتة .. قَبَّلني وغادرَ . عندما قَبَّلني رَأَيْتُ الدّموعَ في عينيهِ , كانتْ تلكَ آخر مرّة رأيتُه فيها حتى سمعتُ بوفَاتهِ بعدَ شهرين تقريبًا وبأنه دُفِنَ في الجبّانة القريبة من مدرستي .

قالوا عنه كل شيء ولم يتركوا أيّ أمرٍ شنيعٍ إلا به ألصقوه , خمر مخدرات سرقات .... كل شيء قالوه فيه , لم يكن له زوجة .. لا أهل له .. كان وحيدًا وكنت الوحيدة التي اِهْتَمَّ لها .. لمْ أَرَ منه شيئا من كل أقوال ماما , كان لطيفا معي وكان جلّ أيام الأسبوع ينتظرني أمام المدرسة حامِلا لي هدية وسلامًا ..

كان الجميع يخشاني في المدرسة حتى المديرة الشريرة التي أَعْلَمَتْ ماما ؛ صديقتها .. زُرْتُه عديد المرات في منزله وكنتُ سعيدة , كان يلعبُ معي كما لم يفعل ذلك بابا يوما , كان يقول لي أنه لا يهتمّ لأحدٍ غيري وقال لي : لا تُصدِّقي ما يقولون عني .. ولم أُصدِّقهم يومًا حتى ماما لم أُصَدِّقها .. حتى عندما قالتْ أن عصابة مخدرات قَتَلَتْه لم أُصَدِّقها ..

كنتُ دائما أزور قبره وأُكلّمه .. أحكي له كل شيء .. كنتُ دائما أبكي عند قبره وفي مرات عديدة سألني رجال ونساء عن قرابتي به وفيهم من أَبْلَغَ ماما فعملتْ كل جهدها لتَمْنَعَنِي من زيارته لكنها لم تنجحْ ..

أفتقده إلى اليوم , كان أول رجلٍ أحبّني من أول نظرة .. هكذا قال لي عندما رآني أول مرة مع صديقاتي أمام المدرسة .. لا أعلم هل أنا أيضا أحببته من أول نظرة أم لا .. الذي أَذْكُرُه جيّدا أني لم أخفْ منه عندما ناداني .. أنتِ يا صغيرة .. تعالي .. ما اِسمك ؟ .. اِبنة منْ ؟ .. لم أخفْ , وذهبتُ نحوه فكانتْ البداية .. بضعة أشهر ثم غادر من أجل الـ "شغل" ولَمْ .. يَعُدْ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى