الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بين مطرقة التكالب الإمبريالي و سنديان نظام ديكتاتوري

رضا سوخال

2018 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


سوريا بين مطرقة التكالب الإمبريالي و سنديان نظام ديكتاتوري

مقاومٌ بالثرثرة
ممانعٌ بالثرثرة
له لسانُ مُدَّعٍ..
يصولُ في شوارعِ الشَّامِ كسيفِ عنترة
يكادُ يلتَّفُ على الجولانِ والقنيطرة
مقاومٌ لم يرفعِ السِّلاحَ
لمْ يرسل إلى جولانهِ دبابةً أو طائرةْ
لم يطلقِ النّار على العدوِ
لكنْ حينما تكلَّمَ الشّعبُ
صحا من نومهِ
و صاحَ في رجالهِ..
مؤامرة !
مؤامرة !
و أعلنَ الحربَ على الشَّعبِ
و كانَ ردُّهُ على الكلامِ..
مَجزرةْ
أحمد مطر

عجيب هو أمر يسار شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فقتد تحول إلى مناصر للنظام البعثي السوري، ربما أكثر من السوريين أنفسهم، فما سر هذا الإعجاب البراق؟ والحب المبالغ فيه؟ وجرعة العاطفة والحنان الفياض؟
إن يسارنا العجيب الذي أصبح يعطي المواقف بشكل عشوائي رهيب، يبني تعاطفه مع النظام السوري، معتبرا هذا الأخير نظاما ممانعا ومقاوما ونظاما تقدميا، إنها عبارة قد تنطوي حيلتها على الهواة من من يعرفون اليسار بالاسم بدون تاريخ، يفهمون اليسار من صور ماركس و جيفارة، دون قراءة أبجديات الماركسية، لكنها لم تمر على من يفهم جيدا من هو اليسار الحقيقي. فحتى الشعار الذي حمله حزب البعث السوري"أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة" في إطار ما يسمى بالقومية العربية، لا يمكن أن يغفر جرائم البعثين والقوميين لا سواء بمصر أو سوريا أو العراق ضد الشيوعيين واليساريين، إن النظام السوري هو نظام كباقي الأنظمة العربية، فالدولة حسب كارل ماركس وحسب لنين هي أداة قمع طبقي، تستخدمها الطبقة الحاكمة لردع المعارضة لا سواء بالقتل والتصفية، أو بالإعتقال والنفي بعد العزف على وثر القانون،والدولة السورية لا تشكل استثناء في هذا الإطار قبل سنة 2011، أي سنوات قبل ما يسمى "الثورة السورية"،فماذا لو كانت سوريا دولة ديمقراطية حقيقة؟ هل كانت ستلجئ الإمبريالية العالمية على تمزقيها كما تفعل اليوم؟ أكيد أنها كانت ستحسب ألف حساب لتدخلها، وسيصعب عليها إيجاد مبرر مقنع للتدخل لا سيما وأن الأغنية الهندية حول أسلحة الدمار الشامل، فقدت بريقها، إن الإمبريالية وجدت طرف الخيط في تفتيت سوريا، ومن ساعدها في ذلك هو بشار، فالنظام السوري بديكتاتوريته المفرطة وقمعه للحريات السياسية والنقابية وتضييق الخناق على المجتمع المدني، أعطى الفرصة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في سرقة فكرة "الثورة" التي أصبحت موضة سنة 2011 لإعادة تقسيم الشرق الأوسط.
أعود إلى بيت القصيد، وهو موقف اليسار من الحرب الإمبريالية على سوريا، ومن هنا وجب التوضيح في أمر غاية في الأهمية، وهو أن تكون ضد بشار، لا يعني مطلقا أنك مع الحرب الإمبريالية على سوريا،فاليسار كفكرة نبيلة وكتاريخ غني بدروس الإنسانية والشجاعة والتضحية، كمقاومة للظلم والاضطهاد، وكمبدأ نظيف لم يضع يوما يده في يد ديكتاتور، حتى لو كان معاديا لقوى معادية للإنسانية، فلا يكفي أن يكون النظام السوري معاد للإمبريالية(إن وجدت أصلا هذه المعادات) والصهيونية لنصفه بالنظام التقدمي، فليس هناك نظام تقدمي يقمع شعبه،إستنادا ورجوع لماركس ولنين و ماو سيتوتغ والمهدي عامل وحسين مروة وغيرهم من المفكرين...،وهنا لا أتكلم عن القمع السوري لما يسمى "ثورة 2011" والملشيات الظلامية التي تسلب الحياة وتزرع الموت والخراب،ولكن أتحدث عن امتداد للنظام البعثي الذي ارتكب مجازر في حق معارضيه، فالسياسة ليست كالإسلام، بحيث تكفيك نطق الشهادتين لتكون وسط الملة، هذه من جهة، أما من جهة أخرى فالنظام السوري معاد لأمريكا الإمبريالية، لكنه في نفس الوقت صديق للإمبريالية الروسية، إلا إذا كان يسار شمال إفريقيا والشرق الأوسط الخفيف الظل، يعتبرها إمبريالية ناعمة ورقيقة المشاعر، وهي تخوض حربا لتخليص الشعب السوري من الظلم، وأن بوتن هو شيوعي متخف، يسأمم الشركات السورية، وسيقوم بالإصلاح الزراعي، وسيتبنى خطة سباعية تطويرا للخطة الخماسية وسيقنع النظام السوري بتبني شيوعية الحرب، وسيعقد مؤتمرا يعلن فيه إلغاء الملكية الفردية لوسائل الإنتاج بكل من روسيا وإيران وسوريا، أم أن يسارنا العربي إستهوته كرة القدم فأراد مغازلة روسيا، حتى يحضى بفتح حدودها له ليشاهد ميسى ورونالدو، ويحتسي ما طاب من خمر الروس.ربما من يدري فقد وصلنا إلى درجة أصبح فيها اليسار مجرد هواية لا غير. فلا يجود إمبريالية في محور الخير وأخرى في الشر، هناك إمبريالية واحدة والتي تعتبر أعلى مراحل الرأسمالية،فروسيا تقاتل من أجل مصالحها، وإيران تعلم جيدا أنها اللقمة التالية بعد سوريا.
وحتى لا تكون السخرية وحدها أداة للنقد،فإن الدارس لفكر البرجوازية وتطور النظام الرأسمالي من رأسمالية تجارية ساهمت الاكتشافات الجغرافية في ظهورها ووصولها لمرحة عليا بلغة إليتش لنين، سيعلم أن النظام الرأسمالي الذي تطور بالسرقة والأنانية والجشع، لا يمكن أن يدخل حرب من أجل مصلحة الشعوب،فلا مكان للإنسانية في قاموسه المليئ بمصطلحات الخداع والدم والنار، وهنا نحيل المطبلين، إلى موقف ألمانية تجاه المغرب قبيل الحماية الفرنسية، ألم يزر كيوم الثاني إمبراطور ألمانية طنجة وألقى فيها خطابا؟ألم تقم ألمانيا ببيع الوهم للمغرب الذي ضن أن ألمانيا ستقف إلى جانبه؟ولكن في حقيقة الأمر كانت تبحث لنفسها عن موطئ قدم داخل إفريقيا خلال حمى الاستعمار الأوربي إبان القرنين التاسع عشر والعشرين لتصريف فائض إنتاجها، واستنزاف خيرات الشعوب، وسرعان ما استفاق المغرب على كابوس مؤتمر الجزيرة الخضراء الذي كان بمثابة حجرة تكسرت عليها أحلام المغرب، فهذا المؤتمر الذي انعقد سنة 1906 بحضور 12 دولة أوربية لتفتيت المغرب،وقد سكتت ألمالنيا وهي ترى المغرب يمزق خوفا على ضياع الالزاس واللورين، وقد انتهى هذا الصراع بين ألمانيا وفرنسا باتفاق ودي بعد أزمة المغرب الثانية ـأزمة أكادير- سنة 1911، حيث تنازلت فرنسا لصالح ألمانيا عن جزء من الكونكو مقابل تخلي ألمانيا عن المغرب، فهذه العودة للماضي فقط تفسير الحاضر واستخلاص العبر، لأن التاريخ في كثير من الأحيان ما يعيد نفسه بشكل درامي وتراجيدي كما عبر عن ذلك كارل ماركس،فهل هي صدفة؟ أم هو مكر التاريخ؟
أما مسألة النظام السوري الممانع، فهي مسألة مردود عليها، فهذا البلد عجز عن استرجاع أرضه المحتلة (هضبة الجولان)، بل الأكثر من ذلك أنه كان هناك تفاوض مستمر بين الكيان الصهيوني وسوريا الأسد عبر وساطة تركيا،ولا داعي أن نذكر يسارنا حول موقف سوريا من حرب غزة، فلم يقم بأية ردة فعل اتجاه الفلسطينين، واكتفى بالمشاهدة والتنديد، إضافة إلى بثه المباشر للقصف البربري الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ونعم الممانعة، ونعم المقاومة، ونعم البطولة ونعم الصمود،فالممانعة موقف تجسده المقاومة الميدانية وليس مجرد لغو، فكيف يعقل أن تصف نظاما بالممانعة وهو لم يوجه حتى طلقة نارية إلى العدو المرابط على حدوده؟ هل هذا يعقل؟ إن اليسار العاجز عن فك شفرة الصراع الطبقي، وإخراج بلدانه من التخلف لا يعقل أن يحلل الأوضاع بسوريا بشكل سليم.
عذرا أيها اليسار فقد جانبت الصواب بإلباسك لديكتاتور جلباب المقاومة بمجرد موقفه من أمريكا، فما هكذا تعطى المواقف.إن الحرب على سوريا تتعدد أطرافها، فمنهم معارضة مزيفة تتحكم فيها الإمبريالية العالمية، وجبهة النصرة وداعش التي صنعت لتشعل حربا مقدسة، وروسيا التي تخوض معركة من أجل الوجود وتدافع عن حقها في كعكة الشرق الأوسط، ونظام سوري يقاتل من أجل الكرسي وليس من أجل الشعب أو من أجل سوريا التاريخ، والضحية هو الشعب السوري الذي أصبح يتسول في "البلدان العربية"، وأصبح لاجئ في العديد من الدول الأوربية.أختم وأقول ماذا لو كان بشار رئيسا منتخبا وليس مفروضا على شعبه، ماذا لو كان النظام السوري نظام ديمقراطي في حدوده الدنيا، أكيد سيكون الأمر مختلفا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر