الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف سنضع معارك شعبنا الراهنة على سكة الانتصار الواقعي؟

أحمد بيان

2018 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كانت ولازالت قضيتا التحرر من التبعية للإمبريالية والقضاء على الديكتاتورية ببناء السلطة الوطنية الديمقراطية الشعبية في أفق بناء المجتمع الاشتراكي هما القضيتين الجدليتين الدافعتين، وبكل قوتيهما، لنضالنا كماركسيين لينينيين باستمرار، إلى أن يتم حسم الصراع على السلطة السياسية بالقضاء على سلطة الكمبرادور والملاكين العقاريين الكبار وبناء المجتمع الاشتراكي. ولكن، في حقول الصراع الطبقي لا تبرز هذه القضايا بشكل مباشر في كل مراحل تطوره، وفي نفس الآن. كما لا يعني عدم بروزها في مرحلة محددة في ميدان النضال الطبقي، أن قضيتي التحرر وبناء الاشتراكية قد أزيحتا للهامش؛ بل إنهما يعكسان نفسهما على أرضية قضايا ملموسة وملحة تشكل نبض الشارع في كل مرحلة من مراحل الصراع الطبقي بارتباط وتوازن قوى أطراف الصراع محليا ودوليا، ولمستوى تقدم الوعي والتنظيم الطبقيين للعمال والفلاحين الفقراء؛ وهذه القضايا الملموسة والملحة قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو حقوقية... وتصير خلفية التشهير والدعاية والتعبئة للمعارك الطاحنة بين الجماهير الشعبية والنظام القائم لتعميق تشبث الجماهير، وفي المقدمة العمال، بمطالبهم المشروعة والعادلة التي لا يمكن تحقيقها بشكل جذري إلا بإسقاط النظام. وقد تكون القضايا الملحة في مرحلة من مراحل التاريخ ذات بعد اقتصادي، لكن ذلك لا يعني انتفاء البعد السياسي، أي لا يعني انتفاء قضيتي الثورة؛ بل إنها تتجسد في ذات البعد أي البعد الاقتصادي باعتباره الميدان المحدد الذي تخاض على أرضيته المعركة الثورية في شروط تاريخية ملموسة ومحددة. وسيفتح الانخراط الفعال والمسؤول للمناضلين الماركسيين اللينينيين على قاعدة حل ثوري، مع فضح وتعرية ما يزرعه النظام وكل خدام البرجوازية من أوهام ووسائل التضليل، الآفاق للنضال الجذري ويرتقي به إلى قبول واقتناع الجماهير بالشعارات الثورية. ودون ذلك ستنحصر نضالات الجماهير في الإطار الاقتصادي دون أن ترسم لنفسها الطريق الى الحل الواقعي والجذري.. وفي شعار "الخبز والسلام" للحزب البلشفي، قائد البروليتاريا ومعلمها لينين، الذي التف حوله الشعب الروسي لخوض معركة أكتوبر 1917 الاشتراكية العظيمة والحاسمة مثال رائع وتاريخي، ودرس مهم لكل الماركسيين اللينينيين، باعتباره تعبير صريح وواضح عما كان العمال والفلاحون الفقراء والجنود يشعرون به ويريدون تحقيقه في مرحلة دقيقة من التاريخ، مرحلة الحرب العالمية الأولى، وهو الدرس العميق المطلوب منا تعلمه بدل اجترار الحديث بالنصوص وتقليد تجارب تاريخية عملا على إخضاع الواقع ومعطياته لها.
فالعمل السياسي الثوري لا يمكن إخضاعه لما نتعلمه في الكتب أو لظروف وحيثيات تاريخية محددة في الماضي، لأن في ذلك انعكاس بوعي أو عن غير وعي لفهم يخضع العمل السياسي لمقص الماضي وهو فهم سخيف وفظيع، واجترار لهزيمة اقتحام الحقل السياسي. ومثله مثل من يرغب في جعل الناس من هذا العصر تعيش على إيقاع ظروف ومعطيات الماضي بحيثياته ومعطياته، وليس كما هي عليه في الواقع الحي والفعلي؛ أو قل كمن يلم بكل تفاصيل الأماكن البعيدة بلغتها وعاداتها وثقافتها ويجهل لغة وكيفية الحديث والتواصل والتفاعل مع أهل الدار.
إن العمال والفلاحين الفقراء وكل من ليست لهم المصلحة في استمرار نظام الاستغلال والاضطهاد والقمع والنهب لثروات البلد، خدمة لمصالح الامبريالية والصهيونية والرجعية، هم اليسار الثوري الحقيقي في المرحلة الراهنة. لكن هل جل قواعد هذه التشكيلة الطبقية يعرفون بأنهم هم اليسار الثوري فعلا؟ أقول إن جل قواعد هذه التشكيلة لا تعرف أنها يسار حقا أو يمين حقا. وأكثر من ذلك، في وسطها من تؤطرهم تنظيمات "اليمين" الرجعي وكذا "اليسار" الانتهازي. لكن أغلب عناصر هذه التشكيلة، أي العمال والفلاحين الفقراء والكادحين، تعرف حق المعرفة أنها مستغلة وتعرف أكثر من غيرها أنها تعيش الاضطهاد وأنها صارت محرومة من لقمة العيش وتتعرض للقمع وتقدم فلذات أكبادها كشهداء ومعتقلين. وهذا الواقع الذي يكرسه النظام القائم هو ما ترغب هذه القاعدة التخلص منه وتغييره نحو الأفضل. وهذا الطموح لا ينزاح عنه الكادحون مهما بلغ تأثير "اليمين" والقيادات الانتهازية المحسوبة على اليسار زورا، وحجم التضليل وأوهام النظام. لهذا شكل التفقير والتجويع اللذان يفرضهما النظام المدعوم من الامبريالية والصهيونية والرجعية، على الجماهير الشعبية الكادحة والقمع والاعتقالات التي تطال الحركات الاحتجاجية والانتفاضات الشعبية ومناضليها ميادين صراع العمال والكادحين ضد النظام في المرحلة الراهنة. ففي هذين الميدانين، ميدان النضال ضد التفقير والتجويع وميدان النضال من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، تتجسد استمرارية المعركة الطبقية في الشروط الراهنة والدقيقة التي يمر بها نضال شعبنا. وعلى هذين الميدانين، مدعوون كماركسيين لينينيين، للانخراط المسؤول بجانب جماهير شعبنا للنضال ضد التفقير والتجويع والنضال من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين. وهذين الميدانين للمعركة الطبقية، لا يمكن فصلهما أو اعتبارهما مستقلين عن بعضهما البعض، لأن النظام بحكم طبيعته وعمالته للامبريالية لتصريف أزماتها على حساب قوت أبناء شعبنا يقمع نضالات الجماهير وتنتفي فيه أي إمكانية ليكون ديمقراطيا أو مستجيبا لمطالب العمال وعموم الكادحين. وهو ما يرهن تحقيق المطالب بمهمة إسقاط النظام. والسؤال العميق والمحوري هو كيف نجعل كماركسيين لينينيين من معارك العمال والكادحين في المرحلة الراهنة على الميدانين الاقتصادي والديمقراطي في شخص إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين معركة استمرار النضال الثوري؟ أي ما هي مسؤوليتنا لتتخطى نضالات شعبنا المستوى الاقتصادي وتضع المعركة على سكة الانتصار الواقعي كما عبر عن ذلك تيار البديل الجذري(1) بقوله "لنحول الثورة من الشعارات ومن التطلع الفكري إلى حركة فعلية وواقعية للجماهير الشعبية"؟
إن انحسار نضالات الكادحين على المستوى الاقتصادي كما تجسد بشكل ملموس في انتفاضة الريف وجرادة يعد في العمق تراجعا ملحوظاعن التراكم السياسي لما قدمته انتفاضة 20 فبراير. وهي نتيجة ملموسة لقدرة النظام على اختراق الفعل النضالي وعلى ممارسة التضليل على جميع الواجهات، ولاستفادته من خدمات وأوهام القوى الانتهازية المساومة والقوى الظلامية والشوفينية التي تنطلي على قاعدة واسعة من الكادحين، وكذا من الفراغ الذي خلفه/يخلفه غياب التنظيم الثوري واستمرار التشتت وسط المناضلين الثوريين وانخراطهم في المعارك الهامشية وتغافلهم للرسالة التاريخية. لهذا تعد مهمة وضع المعركة الطبقية القائمة في الميدانيين الملموسين، " لقمة العيش والاعتقال السياسي"، في المرحلة الراهنة على السكة الثورية، مهمة الثوار، مهمة المناضلين الماركسيين اللينينيين بالدرجة الأولى. وهو ما عبرت عليه أعلاه بالانخراط المسؤول والفعال تأطيرا وتنظيما على أرضية الحل الثوري مع فضح وتعرية ما يزرعه النظام وكل خدام البرجوازية من أوهام ووسائل التضليل وسط الجماهير الشعبية. وهو الحل الذي ليس بمقدور المناضلين مشتتين أو فرادى تقديمه مهما بلغ حضورهم الميداني، وهو ما يتطلب الاستناد الى حل بروليتاري يبنى خلال مسار المعركة الطبقية على كل الواجهات بالموازاة مع التقدم في عملية البناء للأداة السياسية الثورية "بمعنى خوض معركة البناء تحت نيران العدو في ظل اختلال الموازين" (2)
....
(1) و(2) المرجع: مقال "مزيدا من الصمود أيها الرفاق" تيار البديل الجذري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا