الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاتبات يعوضن ضعف أدوات السرد بطرق الأبواب المغلقة رويٌّ لكشف المستور وفضح المحروس

شكيب كاظم

2018 / 4 / 17
الادب والفن


دأب الكثير من كاتبي القصة والرواية ولاسيما كاتباتها على ولوج الأماكن المحظورة أو التابوهات، من اجل جلب الأنظار وكسب الشهرة، التي لا تكسبهن خلودا، وفرق كبير بين الشهرة الزائلة، وخلود أعمال تبقيهم أو تبقيهن في الذاكرة، فلقد قرأت أكثر من عمل روائي لروائيات عربيات أو من غير العربيات، فوجدت ضعفا واضحا في اللغة والسرد وإدارة دفة العمل الروائي، ما يؤكد ضعف القابلية، وضمور الموهبة، فكان التعويض عن هذا الخسران، بتناول ما يدغدغ الفتيات والفتيان والمراهقين والمراهقات، لا بل وجدت لها أثرا حتى لدى من فارق أو فارقت هذه المرحلة الزمنية من العمر. رجاء الصانع في روايتها (بنات الرياض) أقامت عملها الروائي على المكالمات الهاتفية والرسائل السريعة الهاتفية، لكنها ضاجة بكل ما يثير، فلغتها ضعيفة وأداتها السردية اضعف، فكان التعويض بطرق الأبواب الموصدة، والمناطق المحروسة، من اجل كشف المستور، وفضح المحروس. هذه الأفكار عاودتني وانا اقرأ الرواية المثيرة للجدل والمحفزة للغرائز، والتي أسقطت عن سردها الروائي، حتى ورقة التوت، التي كانت تستتر به امنا حواء، من نظرات آدم المتلصصة، ولم تبق الجنس الطبيعي، بل فارقته حتى الى غير الطبيعي، المثلي، السحاقي. هذه الروائية، التي بشر بها الإعلام الصيني المحنط بأفكار الحزب الواحد، القائد، لكنها ما ان اكتنزت بالشهرة التي وفرها لها هذا الإعلام المؤدلج، حتى فجرت قنبلتها الجنسية، الروائية واعني بها روايتها (شنغهاي بيبي) فانقلب السحر على الساحر، فحاربها إعلاميا ووصمها بأنها كاتبة (منحلة) و(منبوذة) وعبدة الثقافة الأجنبية، ومنعت هذه السلطات روايتها من التداول وسحبت من أسواق الكتب وأحرقت منها عام 2000 أكثر من أربعين ألف نسخة، علنا وأمام عيون الإشهاد، لكن عملية الإحراق هذه، وكثيرة هي عمليات إحراق الكتب منذ بدء التاريخ، فقديما احرق يوسف بن تاشفين كتب المذاهب الأربعة، بحجة التأويل والتعليل الفقهي لأنه جاء بالمذهب الظاهري، ودراسة الأمور الدينية على الظاهر في مواجهة التأويل والتعليل. ان عملية الحرق هذه زادت من شهية القراء، وانجذابهم نحو الممنوع والمحظور، وهي ما فعلته تلك الفتوى مع آيات سلمان رشدي الشيطانية، او تلك التظاهرات الصاخبة الناتجة عنها، هي التي لم تقرأ الرواية، أصلا، لأنها لا تقرأ أبدا، وبينها وبين الحرف المكتوب طلاق بائن، بينونة كبرى!!بل تعتمد في اندفاعاتها على ثقافة الهمس والوشاية، ما زاد في انتشارها، وما أرى ذلك الا ردا مبطنا على سياسة الدولة الضاغطة على حريات الناس في تلك البلاد الصفراء.
الروائية الصينية (وي هيوي) التي تحولت من نجمة صاعدة في عالم الأدب الصيني الى منبوذة امبريالية، كاتبة منحلة بعد ان أصدرت روايتها (شنغهاي بيبي) واهدتها الى (والدتي، حبيبي، وجامعة فودان)، التي درست فيها بمدينة شنغهاي ثاني مدن الصين، هي التي واكبت أيام الفوضى وهدر حقوق الإنسان، إبان الثورة الثقافية التي أطلقها زعيم الصين الراحل ماوتسي تونغ عام 1966، التي لم تبق شيئا ولا ودعت او وَذَرَت شيئا، انطلقت جموع الغوغاء لتسقط كل شيء في حضارة الصين، ولم يسلم منها حتى تمثال بوذا، ولم يسلم منها كذلك حتى من أطلقها، وأشعل نارها الموقدة (لين بياو) الذي كان يوصف بالساعد الأيمن لماو، وقد هاله ما حصل من هذه الثورة الثقافية، التي اطلق شرارتها الاولى، هرب تحت جنح الظلام لتسقط طائرته فوق الأراضي المنغولية، ليذهب سره معه، وليموت بموته. هذه الروائية التي ولدت في تلك الأيام، او ما سبقها بأعوام قليلة، وقضت ثلاثة أعوام من طفولتها في معبد احتله الجيش الصيني وطرد منه رهبانه، ارق مخلوقات الله على أرضه، وأبعدهم عن العنف والأذى، وما اشد ما كان يؤلمني منظرهم وهم يتعرضون الى الضرب بالعصي والهراوات، ايام التظاهرات المنددة بالحكم العسكري في بلادهم النيبال، ميانمار حاليا، خريف عام 2007، لقد كانت قوات مكافحة الشغب تضربهم بقسوة مفرطة، هؤلاء الزهاد النساك المتبتلون العابدون.
رواية (شنغهاي بيبي) للروائية الصينية (وي هيوي) تمثل سيرة ذاتية، لفتاة جامعية، عانت الكبت بكل صوره، وأعمال السخرة، وما كان يطلق عليه بالعمل الشعبي، في حين ينعم الاباطرة بقصورهم، ويتضور الناس تحت لهيب الشمس المحرقة، في عمليات السخرة الجماعية والتدريبات العسكرية للدفاع عن البروليتاريا!! التي تذكرنا بعمليات جمع الملح التي كان يقوم بها زنج البصرة، في تلك القرون الخاليات، ما أدى الى تمردهم على السلطة المركزية في بغداد العباسية وهو ما عرف بثورة الزنج في التاريخ، او تمردهم، ولك ان تختار الصفة وتطلقها، وشهدت تفتح جسدها، وتبرعم الإثارة والتشهي فيه فكتبت روايتها المسطحة البسيطة لكنها أكثرت من الدق على الأوتار الحساسة في الجسد الإنساني واعني به الجنس، وتناولته بانفلات واضح، فيما ترجمته ظبية خميس التي توصف بانها شاعرة إماراتية، والمولودة عام 1958، بانفلات اوضح، في اللغة والإملاء وقواعد اللغة، ولقد أصلحت المعطوب نحويا ولغويا، فانا اذ اقرأ، تكون عدتي الى جانبي، وعدتي القرائية: القلم الرصاص، الممحاة، والموسى، قلم الرصاص للتعليق، وتصحيح الخطأ اللغوي او النحوي او الإملائي، الماحية، لمحو الخطأ الذي قد يقع، والموسى لإزالة بعض الحروف او النقاط في المواقع الخطأ، لكن كثرة هذا الغلط النحوي واللغوي والإملائي الذي وقعت فيه، الدارسة للعلوم السياسية في بريطانيا والأدب والانثروبولجيا في الولايات المتحدة الأميركية، المترجمة ظبية خميس، جعلني أغادر القلم الرصاص واتركه، كي أحظى ببعض متعة القراءة.
ان الترجمة عن لغة وسيطة، كثيرا ما تضعف العمل المترجم، خاصة اذا كان ركيكا في الأصل وضعيفا، اذ ان المترجمة الدارسة في بريطانيا وأميركا، تجيد اللغة الانكليزية، لكنها لا تعرف الصينية التي كتبت بها (وي هيوي) روايتها، لذا فان المترجمة ظبية خميس وصلت الى لغة الكاتبة (وي هيوي) عن طريق طرف ثالث ترجمتها من الصينية الى الانكليزية، ما أضاف إليها ضعفا على ضعف ووهنا على وهن. لكن الشاعر العراقي المغترب خالد جابر المعالي، ابن بادية السماوة، والمؤسس لدار الجمل، دار النشر المضادة للساكن والراكد والمألوف على حد وصف صاحبها المعالي لها، في حديثه الصحفي الممتع، الذي أدلى به الى الأديب جابر محمد جابر ونشرته جريدة (المشرق) يوم الثلاثاء 16/12/2009 شاء تقديم هذا العمل الروائي الضاج والمشاكس للروائية الصينية الشابة (وي هيوي) هو الذي اصدر اكثر من جهد في نصوص صادمة ومشاكسة، لعل من أمثلها في الذهن، اقدامه على نشر كتاب (الشخصية المحمدية) او (حل اللغز المقدس) الذي كتبه الشاعر معروف الرصافي أيام إقامته في مدينة الفلوجة 1933-1941 والذي قرأته مخطوطا، بخط المرحوم ابي عن نسخة خطية حصل عليها سنة 1949، فضلا على نشره اكثر من عمل صادم ومشاكس. لكن كنت اتمنى لو أوكل ترجمة الكتاب الى مترجم او مترجمة يحسن او تحسن الترجمة، او على طريقة اضعف الإيمان، عرض مخطوطة الترجمة على خبير لغوي حاذق، كي يخلص النص المترجم من الأخطاء اللغوية والإملائية، وليس ذلك بعسير على الشاعر خالد جابر المعالي، الذي له فضل كبير على الثقافة العراقية، داخل الوطن العراق، او خارجه، اذ نشر للمبدع الكبير المغترب فاضل العزاوي فضلا عن السياب والبياتي، وكذلك الراحل، الشاعر سركون بولص، الذي قتلت المنافي موهبته وإبداعه، والتي عوضها بالترجمة، لكن شتان ما بين الاثنين، ان يتحول الشاعر المبدع الى مترجم، الابداع الشعري، او الترجمة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا