الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعاد (قصة قصيرة) الحلقة الرابعة والاخيرة

احمد عبدول

2018 / 4 / 17
الادب والفن


ما ان استقرت سعاد داخل السيارة التاكسي التي يقودها الشاب الوسيم وهي تنطلق صوب العاصمة بغداد عند الساعة السابعة والربع صباحا حتى اخذت المخاوف والهواجس تنتابها بشكل مفاجىء وكأنها كانت تغط في نوم عميق سرعان منتبهت منه فتغير لونها وضاق صدرها وكأنها تصعد في السماء نظرت اليها رائدة التي تجلس بجنبها داخل السيارة فأنكرت عليها شحوبها واضطراب حالها كانت سعاد لا توى على الكلام وهي بتلك الحال فكانت سارحة طوال الوقت وهي تجمع كفيها وتضعهما وسط فخذيها الحزن والخوف يرتسمان على محياها وقد تراءى لها جبر وهو يمسك بعصا غليظة ويهوي بها على راسها الصغير حتى الموت .
اخذت سعاد تلقي على نفسها بالعديد من الاسئلة فتستغرب بينها وبين نفسها اشد الاستغراب مما اقدمت عليه من فعل فكيف طاوعها قلبها ان تغادر بيت اهلها دون علم منهم ؟ لما لم تفكر بموقف والدها الرجل المعروف بين اهالي القرية بهيبته وشجاعته وقد تسببت له بكل ذلك الاذى والاحراج ؟ كيف كان حال والدتها وهي تتفقد ابتنها الوحيدة داخل الدار دون ان يكون لها اثر ؟ ما هو موقف اخيها علي الذي كان يقف معها في كل صغيرة وكبيرة امام اخيه الاكبر جبر ؟ ما الذي دفع بها لمغادرة الدار مع امراة غريبة معروفة بسمعتها غير الطيبة ؟ كيف قضت ليلتين وسط اناس غرباء لاتربطها بهم رابطة ولا تجمعهم بها قرابة كل تلك الاسئلة وغيرها كانت سعاد تلقيها على نفسها فلا تجد لها من اجوبة شافية بل ان حيرتها كانت تزداد فيزداد اضطرابها وتتضاعف مخاوفها .
عند الساعة التاسعة صباحا وصلت السيارة التاكسي التي تقل سعاد ورائدة وامها الى القرية وقد انعطفت السيارة صوب بيت سعاد فأخذت تقترب شيئا فشيء من الدار عند ذاك تراءت لها جموع الرجال المدججين بالسلاح وقد تجمعوا امام الدار بينما كان الصبيان يلتفون حولهم. اصفر لون سعاد وهي تبصر ما تبصره لذا راحت تكلم ام رائدة وتذكرها بتلك العهود التى قطعتها لها بأنها اذا ما تأزمت الامور فأنها سوف تكون لجانبها فتدخل معها البيت وتكلم اخيها جبر لكن ام رائدة أخذت لا تلتفت الى كلامها بل انها طلبت منها ان تنزل من السيارة فورا فهي لم تنم الليلة الماضية كما ينبغي وهي لا تريد الدخول مع اهلها بمشاكل ثم انها لم تعط اي وعود لأحد من قبل وان كل ما في الامر ان سعاد هي من رغبت بالسفر معها دون علم أحد.
كانت سعاد لا تصدق ما تسمعه من ام رائدة وهي تذكرها بكلامها ووعودها ثم تمسك باطراف ثيابها وتتوسل بها ان تبر بقسمها الا ان ام رائدة نزلت من السيارة وسحبت سعاد بقوة ودفعتها ارضا وهي تلعن ذاك اليوم الذي تعرفت فيه على هكذا بنت سيئة انطلقت السيارة وقد ارتسمت على محيا ام رائدة ابتسامة صفراء وهي تلتفت لابنتها فتؤكد لها انها قد انتقمت لها من جبر شر انتقام .
أبصر بعض الصبية سعاد من بعيد فكان ان اخذوا يركضون صوبها وهم يصيحون بأعلى اصواتهم باسمها تسمرت هي في مكانها وقد اسودت الدنيا بعينيها فتمنت انها لو لم تكن من قبل شيئا اقترب الصبية من سعاد وهم يحدقون بها وكانهم لم يروها من قبل صاح بهم أحد ابناءعمومتها وهو يقترب منها وقد احمرت عيناه وانتفخت اوداجه ثم سارع بسحبها من يدها متجها بها نحو الجموع التي كانت تتجمهر امام الدار كان جبر يضع مسدسه وسط حزامه فلما ابصر سعاد وقد اقتادها ابن عمه انقض عليها كما ينقض الاسد على فريسته وهو يشبعها ضربا بكلتا يدية حتى سقطت مغشيا عليها فأخذ يسحلها وقد سقطت عباءتها بينما كانت رجلاها تخطان الارض فلم ينكر على جبر احد قسوته بل على العكس من ذلك كان اغلب الحضور من ابناء عمومته ينصحونه بقتلها على الفور القى جبر بسعاد وسط باحة البيت ثم خرج وقد اذن للجميع بالانصراف فقد عادت الخائنة للدار وانه سيتكفل بمحاسبتها وانهم لم يقصروا في شيء وسوف يعلمهم بذلك الذي اغراها بالهروب من الدار في الوقت المناسب فكان ان تفرق الجميع .
اخذ جبر ير ش على وجه سعاد الماء وقد اقتربت منها والدتها وهي تصرخ بأعلى صوتها اما والدها فكان ينظر اليها لكنه لم ينبس ببنت شفه فهو لم يشهد هكذا موقف من قبل طلب على من اخيه جبر ان يرأف قليلا بحال اخته الصغرى لكنه كان يكيل لها التهم ويصفها بالفاجرة التي سوف تنال جزاءها على يده خلال ساعات قليلة أفاقت سعاد وهي ترتجف وقد بلغ بها الاعياء مبلغا ارادت ان تكلم والدتها لكن جبر مانع بقوة وطلب من ابويه واخيه ان لا يكلموها حتى يتبين منها كل شيء وضع جبر لها كرسي من الخشب واخذ يلقي عليها بالاسئلة على ان تصدقه القول فكان ان اخذت سعاد تقص عليه كل ما جرى بالتفصيل ابتداء من تعرفها على ام رائده التي كانت تلتقيها بالقرب من بيت ابو الياس مرورا بالحاحها عليها بالسفر دون علم احد من اهلها وصولا الى سفرها الى بغداد وكل ما جرى هناك .
كان جبر يلح على سعاد ان تعترف له بمن اقترب منها من الرجال اثناء اليومين اللذين قضتهما في العاصمة فكانت ترد عليه بأنها اخته ولا يمكن بحال من الاحوال ان تسمح لرجل غريب ان يمسسها فاذا لم يصدقها فما عليه الا ان يسأل ام رائده وابنتها عن كل شيء كذلك فهي مستعدة ان تأخذها احدى النسوه لعرضها على احدى الطبيبات داخل القرية للتأكد من انها بنت عذراء لكن جبر كان يكذبها في كل ما تقوله ثم يرد عليها بقوله انه حتى لو صدقها فكيف بكلام الناس وقد صارت سمعتهم على كل لسان وانها قد جلبت لهم العار والشنار فهي مهما قالت وفعلت فلا سبيل امامها سوى القتل لكي ننتهي من كلام اهالي القرية ونسترد شيء من هيبتنا كان على يرد على جبر بان اختهم طاهرة وانها اخطأت واقرت بخطئها فلا يمكن بحال من الاحوال ان يقدم جبر على قتلها لكن جبر كان ينظر الى اخيه شزرا ثم يهدده بقتله معها اذا تطلب الامر .
ما ان حل الظلام حتى سمح جبر لوالدته ان تجلب قليلا من الماء والطعام لسعاد لكي يصحبها الى الغرفة التي كانت مخزنا لجلود واصواف المواشي اعلى الدار لكي تنام هناك فلا تدنس الدار باتت سعاد ليلتها داخل تلك الغرفة المظلمة التي كانت رائحتها لا تطاق بينما كان جبر يجلس امام الغرفة وهو يدخن ويده على مقبض مسدسه كانت ليله عصيبة على الجميع فلم يستطع احد ان ينام او ينفك عن التفكير بمصير سعاد عند الفجر نزل جبر وسعاد تتقدمه وهي متثاقلة الخطوات شاحبة اللون تكفكف بدموعها بطرف ثوبها الذي تمزق على جسدها من شدة الضرب فلما استقرت داخل باحة البيت خرج والداها من غرفتهم كما خرج على واخذوا ينظرون الى سعاد وهي على هذا الحال راح الحاج جاسب يكلم ولده كانت الكلمات تخرج من فمه بصعوبه بالغة فسأله ما الذي يرآه مناسبا بحق اخته التفت جبر لوالده وهو يقول لابد من قتلها على الفور اخذت قدما سعاد ترتجف دون ارادة منها بينما تجمدت الدموع في عينيها اما على فكان ان اخذ يطوق جبر بكلتا يديه وهو يتوسل به ان لا يقدم على قتل نفس بريئة وطاهرة لكن جبر راح يهدد بقتله مرة اخرى سكت الجميع وقد صوب جبر نظره الى سعاد ثم طلب منها ان تنطق الشهادتين عسى ان تنالها رحمه الله وان كانت ابعد ما تكون عن تلك الرحمة كانت سعاد لا تريد ان تصدق ما تسمعه لذا كانت تتوسل بأخيها وتذكره بانها اخته الوحيدة التي فرحت بزواجه اشد الفرح لكن جبر كرر عليها نطق الشهادتين وهي تتوسل به وتذكره بحبها لزوجته واطفاله فما كان منه الا ان مد يده على مسدسه وافرغ اطلاقتان بصدرها فسقطت من على الكرسي بقوة الى الارض وقد اخذت بقعة الدم تتسع من تحت ظهرها بينما كانت عيناها تتجهان صوب والدتها ركض علي فاحتضنها وقد الصق خده بخدها وهي تجود بنفسها وهو يريد منها ان تكلمه وان ترد عليه لكنها سرعان ما لفظت انفاسها فصرخ على صرخة مدوية وهو ينظر الى السماء نظرة فيها شيء من اللوم والعتاب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي