الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية الجنسية بين اغتصاب العقل واغتصاب الجسد

عبد الوافي العزوزي

2018 / 4 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


التربية الجنسية : بين اغتصاب العقل و اغتصاب الجسد
غالبا ما نرى ونسمع عن حالات اغتصاب واعتداءات جسدية على الاناث من طرف الذكور ، لكن لم نسمع أبدا أن الذكور هم أيضا ضحية الاغتصاب الجماعي لعقولهم من طرف مجتمع يعيشون فيه، ككلاب ضالة لا كرامة ولا إنسانية . مخدرات وأقراص مهلوسة وفوارق اجتماعية غير منسجمة اغتصبت عقولهم قبل أن تغتصب أجسادهم ،هذا الاغتصاب شارك فيه الفرد والمجتمع على حد سواء.
نبدأ أولا بالاغتصاب الجسدي: هذا واضح وسببه هو انه لا احد تحمل مسؤوليته في تربية أبنائه على ثقافة الجنس ولم يعير أي اهتمام للتربية الجنسية باعتبارها من الأمور المحظورة والمسكوت عنها علنا في مجتمعاتنا ، لكن في المقابل نجدها من الأمور الأكثر حديثا فيها سرا وبالتالي هذا التناقض في المجتمع ينتج لنا شخصا عقيما يعاني من ازدواجية في شخصيته، الأمر الذي يؤدي إلى اضطرابات ومشاكل نفسية تنعكس عليه سلبا ، و يعتقد البعض بان التربية الجنسية لا تناسب الحديث فيها علانية، وإنها غير صالحة لنربي أبنائنا عليها . لكن هذا الموضوع المثير إن لم نتحدث فيه مع أطفالنا ونربيهم على احترام الجنسين، وان نغرس فيهم منذ الطفولة قيم الأخلاق النبيلة والعفة والمروءة ، ونقدم لهم نصائح الابتعاد عن كل ما يثير الشهوة الجنسية . وما دمنا لم نفعل كل هذا وأكثر سنعاني في المرحلة التي يكتشف الطفل فيها هذه الأمور الجنسية لوحده ، خاصة أن الطفل اليوم أصبح يتعلم من الأقران ومن التكنولوجية أكثر مما يتعلمه من الأسرة وبالتالي أن لم نوجه أبناءنا ونصاحبهم مصاحبة الأصدقاء رغم أننا أباء لن نفهمهم ولن نحقق أهدافنا في الوصول إلى التربية السليمة التي الكل يترقبها ويسعى إلى تحقيقها .
انه من الواضح إذا أردنا أن يتحقق مبتغانا ما علينا إلا أن نقوم بمهمتنا التربوية بشكل صحيح لان تربية أولادنا حق من حقوقهم علينا، لذا من الواجب أن نثقف أنفسنا ونعمل على حماية أطفالنا من كل الأمراض النفسية المنتشرة في المجتمع . هذه الأمراض بالضبط لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالثقافة الجنسية التي علمنا أبناءنا عليها حيث اعتبرنا بأنه عيب ان نتكلم مع أطفالنا في هذا الموضوع . لكن العيب هو ان نخسر صحة أطفالنا النفسية بالسكوت عليه علنا والحديث فيه سرا .
ما وضحناه باختصار شديد هو يقتصر فقط على كيفية التعامل مع أبنائنا لاجتناب اغتصاب الأجساد . لكن الأخطر في الأمر هو اغتصاب العقول.
كيف يمكن أن نقيم هذه الظاهرة ومن المسؤل ؟وهل يمكن أن نعالج الضحية المعتدى عليه في هذه الحالة أم انه يبقى رهينا بوعينا الجماعي على مدى أهمية الحفاظ على عقول شبابنا ؟ وما هي الخيارات والحلول المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها ؟
لاغتصاب الجسدي علاقة غير منفصلة مع اغتصاب العقول ، واذا عرفنا كيف نعالج المشكلة الاولى لا محال من القضاء عل المشكلة الثانية دون اي جهد او عناء وهنا اعتبر ان العقل قبل الجسد . حيث اعتبر أن العقل هو مصدر الابتكار بينما الجسد هو رمز الاستهلاك فقط لهذا وجب حماية أطفالنا من الاستهلاك التكنولوجي السلبي وتعليمهم على تسخير المعلوميات بصفة خاصة ، بعقلنة وحذر واجتناب كل من يساهم في تخريب عقولهم . لكن ليست التكنولوجية وحدها من "تخرب العقول" بل المخدرات والأقراص والحقن بالإضافة إلى الخمور والمشروبات الكحولية التي تجعل الإنسان في غياب تام عن وعيه كلها تساهم في تخريب العقول واغتصابها . مما ينتج عنها ارتكاب جرائم في حق الآخرين كالقتل والاغتصاب والسرقة والأكثر من ذلك أن ضحية الاغتصاب العقلي يصل في بعض الحالات إلى الاعتداء على نفسه، وهذا ما يفسر انتشار ظاهرة الانتحار وكذلك إحداث بعض الجروح على جسده وتعرضه لبعض الحوادث الخطيرة والمميتة . فكيف يمكن للذي يعتدي على نفسه ألا يعتدي على الآخرين ؟ لكن في حقيقة الأمر ان هذا لم يكن معتديا على نفسه ولا على الآخرين بل هو مورس عليه هذا الاعتداء الذي جعله شخص غير مستوي وغير مرغوب فيه من طرف الجميع حيث اغتصب عقله من طرف مجهول ، هذا الذي لم ينل عقابه بعد . وظاهرة اغتصاب العقول نراه بشكل يومي لكننا لا نعير اهتمام ولا نبالي او بالأحرى لا ندرك ذلك لأننا بكل بساطة لسنا واعون أتم الوعي بالظاهرة رغم أنها هي الأكثر انتشارا وأكثر خطورة من الاغتصاب الجسدي . والحل الأنسب للقضاء على هذه الظاهرة هو إنصاف الإنسان وإعادة الاعتبار له وتمجيد العقل وتحفيزه على الابتكار والمساهمة في الإنتاج بدل من الاستهلاك السلبي لكل ما يوجد حوله . وهنا تتحمل مسؤولية التنشئة والتربية وحماية العقول من الاغتصاب كل مؤسسات المجتمع دون استثناء : الأسرة ، المدرسة ، المجتمع المدني ،الأحزاب السياسية ، الأمن والقضاء .
فمن واجب كل هذه المؤسسات الوعي بكل مرحلة تمر بها تنشئة الطفل ومراعاة خصوصيات كل مرحلة على حدى، وهذا ما يستدعي الالمام والانفتاح على مختلف العلوم التي تعنى بالتربية الناشئة واجرئتها بما يفيد على ارض الواقع منهجيا وتاهيل الفرد للتفاعل ايجابيا مع محيطه ومجتمعه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي