الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا بديل عن الديمقراطية التشاركية

علي غالب القزويني

2018 / 4 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لا بديل عن الديمقراطية التشاركية علي غالب القزويني
لا يقتصر غموض العديد من المصطلحات الشائعة في انحاء العالم على مصطلح "الديمقراطية"، على الرغم من وضوحه النسبي في نصوص الكتابة الاغريقية القديمة، واشارته الى نظام حكم مارسه فعليا مواطنون (مدنيون) في الدولة-المدينة أثينا قبل 2500 سنة، وإدارتهم النموذجية للحياة الاجتماعية فيها لعدة عقود. لقد كتب هيرودوت عن ثلاثة انواع لأنظمة الحكم: حكم الفرد الواحد (مونارشي) الذي يحكم رعيته لمجده ولمصلحته الخاصة، وحكم الأقلية (اوليجارشي) التي تحكم مميزة نفسها برقيها العائلي الموروث وثروتها المادية ومهاراتها الدينية والعسكرية، وحكم الأكثرية (ديمقراطية) التي تحكم لكونها الشعب العامل المتكون من التجار والكسبة والحرفيين والمزارعين وصيادي السمك، في المدينة والريف والبحر. وكتب ارسطو عن ثلاثة أشكال للتجمعات الحيوانية : العائلة كأصغر مجتمع لأفراد تجمعهم رابطة الدم، والقرية التي تتكون من عائلات تجمعها رابطة المصلحة الخاصة والصراع من اجل البقاء على قيد الحياة، والمدينة التي يعيش فيها الانسان "كما ينبغي ان يعيش رجل" لأنه "لا وحش ولا اله"، ولأنه "يملك اللغة"، أي قابلية الكلام بشكل معقول، والتفكير منطقيا بما يقوم به من أفعال وقرارات طوعية يكون وحده مسؤولا عنها وعن نتائجها، لكون اتخاذها ناتج عن الحوار والنقاش والمطارحة العقلانية العلنية، بسبب حبه للحكمة والعقل (الفلسفة)، والتي لا مجال لخلطها بالأساطير والخرافات والأديان والغيبيات التي تعزى الى قوة خارقة او حقيقة الهية مطلقة لا تقبل النقاش وتدعي فهمها قلة.
كذلك ينفع التذكير بالممارسة الاغريقية للقانون. ففي العصر الاقطاعي الأول، قبل ابتكار الديمقراطية، تسلطت العائلات الثرية الكبرى بقوة نفوذها الاقتصادي والعسكري والديني على الشعب العامل، وكثرت الحروب والنزاعات العنيفة التي تواجهت بها العائلات فيما بينها، وبينها وبين سكان الريف والمدن التي تزايدت عددا ونشاطا، فصارت أكثر عنفا وتقتيلا وانهاكا للمتناحرين، فدفعهم ذلك لوضع حد لها وتجنب الهلاك الجماعي باللجوء الى التحكيم، اي اللجوء الى شخصية عاقلة اشتهرت بينهم جميعا بالحكمة والرشد والحياد وانعدام المصلحة الشخصية، مثل دراكون ثم سولون، والقبول بما تقترحه من مشورة ونصيحة لتثبيت قواعد عامة لتأطير اللعبة الاجتماعية على ضوء مبادئ ومفاهيم واضحة ومعروفة عند الجميع، وحلول تعود فوائدها لصالح الكل، بتحديد دور كل فرد في الدفاع عن الشؤن العامة وإدارة المدينة عبر مؤسسات اجتماعية لاتخاذ القرارات الملزمة للجميع، ومؤسسات للقضاء في حالة وجود خلافات بين الافراد، وتقرير العقوبات للجرائم والجنايات المرتكبة. وبذلك حلت النصوص المكتوبة المنطقية الواضحة والعلنية (القوانين) محل الثأر والانتقام والعقوبة الجماعية والمغامرات والعواطف والعصبيات والخرافات والتقاليد والأعراف الخاصة الغامضة التي لا حدود لها ومجهولة نتائجها.
بقيت تجربة أثينا ماثلة حتى الان لأنها كانت رائدة بابتكارها ممارسة نظام حكم فريد: "حكم الشعب" لنفسه مباشرة، لا بالاعتماد على اولياء او ممثلين عنه. وعلى الرغم من نواقصها، كاقتصار المواطنة على الذكور من مواليد المدينة وعسكرتهم المفرطة واستثناء النساء والغرباء، فإنها لا تزال ملهمة لجميع شعوب العالم بسبب تأسيسها للتطبيق الفعلي للإدارة الذاتية للمدنية، وتحقيقها للسلم وللاستقرار ولاهم الإصلاحات الاجتماعية بالفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والفصل المنطقي بين الدين والدنيا والدولة، أي للفرد حريته الخاصة في التردد على المعبد، "البانتيون" المحل المغلق للآلهة، وللجمع الفضاء المفتوح، "الاجورا"، لتلاقي جميع المواطنين الذين لهم الحقوق والواجبات الأساسية في مناقشة علنية لأمورهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، في المجالس المركزية العامة والمجالس المحلية (البلدية)، والممارسة الفعلية لحق الكلام والتشاور واتخاذ القرارات وصياغة القوانين واختيار القضاة وكبار المسؤولين، والمساواة امام القانون وفي تسنم الوظائف الرسمية والدفاع عن المدينة...
بعد انهيار التجربة وعودة النزاعات والحروب بين المدن الاغريقية والامبراطوريات المجاورة، ثم بزوغ الدولة-المدينة روما على خطاها، وعودة الدين ونظام الحق الإلهي والحقيقة المطلقة والتسلط الفردي الذي تدعمه الأقليات الاقطاعية العسكرية خلال ألفي سنة، وبداية الخروج النسبي من ذلك قبل خمسة قرون، فالعودة الى الحضارة الاغريقية والرومانية القديمة والثورة العلمية والفكرية التي تبعتها اطلق عليها "نهضة" ثم "تنوير" و"حداثة" و"تقدم" وبنيان جديد للحضارة الإنسانية، ولو انها عودة الى الجوانب السلبية أيضا، كتوطيد علاقة القوة لصالح اقلية ذكورية متسلطة بالقوة والعنف والاكراه، بالعسكرة والوصاية النخبوية والهيمنة على دول الاستغلال والطغيان المدمرة للطبيعة والانسان.
ان غالبية انظمة الحكم في دول العالم اليوم تبنت تسمية الديمقراطية، ولكنها قائمة في الواقع بتنظيم هرمي عمودي يحوي مزيجا من حكم الفرد وحكم الأقلية المكونة لأعلى ووسط الهرم الاجتماعي الذي تصوره افلاطون، المولد للازمات والطبقات والفئات الاجتماعية المتواطئة المتصارعة، الغارقة في تبرير وتمرير المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة، وتدوير هيمنة وسيطرة اقلية مالكة لكل شيء وتتحكم في كل شيء، بغطاء الديمقراطية التمثيلية (الليبرالية). وفي عصر العولمة الحالي للدولة-الامة المهيمنة بممارسة وتدوير تملك اقلية لراس المال واستثناء واقصاء طبقات قاع الهرم، الأغلبية المهمشة من النساء والاطفال. لقد تغيرت وتعددت أسماء وعناوين القيادات الاجتماعية وتبدلت اشكالها، ولكنها في الواقع بقيت كما هي في جوهرها وطبيعتها القديمة. ومنذ القرن السابع عشر صار الملك في المملكة المتحدة، وبدعم من الطبقة الارستقراطية، "يسود ولا يحكم"، والحكم يمارسه رعايا الملك من العموم، بواسطة ممثلين منتخبين للقيام بذلك بالنيابة عنهم. وفي القرن الثامن عشر، حصل نفس الشيء في جمهورية الولايات المتحدة الامريكية بعد الاستقلال، وفي جمهورية فرنسا بعد الثورة الفرنسية، ولكن بجمعية تأسيسية لصياغة دستور مكتوب للدولة، وبنظام حكم اقلية يقودها رئيس جمهورية في قمة الهرم، والدساتير التي تبعتها مقلدة لها عقود اذعان.
الدستور، من الناحية النظرية، ينبغي ان يكون صيغة للعقد الاجتماعي الطوعي لمجموع المواطنين (العقود نوعان، عقود الطوعية وعقود الإذعان)، وهو شريعة المتعاقدين والقانون الأساسي الأعلى المؤسس للدولة، ويحدد شكلها، وينظم السلطات العامة واختصاصاتها (التشريعية والتنفيذية والقضائية) والعلاقات بينها وحدود كل منها، وبين الحاكم والمحكوم، ويضع الضمانات اللازمة للأفراد والجماعات تجاه السلطة، فهو موجز شامل للأطر التي تعمل الدولة بمقتضاها في الشؤن الداخلية والخارجية. ولكونه القانون المؤسس للدولة فلا يمكن تعديله بالأساليب العادية، وينبغي ان تكون صياغته وتبنيه، او المصادقة عليه، حالة خاصة يقوم فيها جميع المواطنين بانتخاب ممثليهم في جمعية تأسيسية موقتة، مهمتها صياغة الدستور الدائم ثم عرضه عليهم للمصادقة عليه وبداية العمل به، وفي هذه الحالة الاستثنائية فقط لا بد من ممارسة الديمقراطية التمثيلية، ولكن تبقى الديمقراطية التشاركية (المباشرة) فقط شكل للمثل الأعلى للحكومة، ويقاس التقدم الاجتماعي بالسير نحوه للاقتراب منه. والجمهورية هي كل دولة تدار بالقوانين، وبالإرادة العامة، وعندها تحكم المصلحة العامة، وفيها الشيء العام شيء مهم، والحكومة موجهة بالإرادة العامة، واي شكل من أنواع الحكم قد يأخذ الغلاف الرسمي للجمهورية.
الديمقراطية مصطلح لمبدا سياسي يقوم على ان السيادة يجب ان تعود الى مجموع المواطنين، وتعني شكلا غير محدد مسبقا للمجتمع، فهي تركيب رمزي له، ومجرد تنظيم للسياسة، تنظيم دائري افقي، لكي يمارسون من خلاله تلك السيادة مباشرة عن طريق السلطة التي تقتصر على كونها مجرد وظيفة ورمز، ويظهر مكانها كمكان فارغ لا يمكن ان يحتله أحد، وان المتعاقدين الذين يتعهدون ممارسة السلطة السياسية يقومون بذلك لزمن محدد مسبقا وبشكل وقتي غير قابل للتمديد، ضامنة تغيير السلطة نفسها على الدوام، ومنع بروز هيمنة فردية او طبقية تهدد المصلحة العامة، ويأتون فيه اليها بعد منافسة علنية محددة شروطها مسبقا، وتبقى هذه الشروط عامة وثابتة دون تغيير.
ان شرعية السلطة القائمة مرتبطة بديمومة الصراعات والنزاعات الاجتماعية والقدرة على طرح حلول لفضها، لا بإلغائها ولا بتجاهلها، لان هذه الشرعية لا أساس لها ولا قدسية لها على الاطلاق، فان الشرعية المسبقة للسلطة، مهما كان مبررها، أساسها مكر وخداع المتسلطين وعبيد نزعة الهيمنة والاستغلال لتمرير مصالحهم الخاصة وامتيازاتهم الانانية على حساب المصلحة العامة لمجموع المواطنين والمساواة المطلقة فيما بينهم، في العمل والعلم والعقل، وفي الحقوق والواجبات والحريات الأساسية للإنسان. وان اهم ما تقدمه ممارسة الديمقراطية التشاركية هو ان المجتمع يعكس صورته الحقيقية من خلالها، ويعبر عن نفسه كما هو، بكل انقساماته ومشاكله والمصالح المتضاربة لأفراده وفئاته وطبقاته، دون الحاجة الى خلق شكل مزيف له ومهما كانت التسميات والتبريرات. وان اهم لولب للحيوية الديمقراطية هو مشاركة المواطنين جميعا، وبدون أي استثناء، بكل ما يعنيهم من شؤون وعلى كافة المستويات، والاعتراف الكامل بالنزاعات الاجتماعية واختلاف مستوياتها وتطلعاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية، والسعي الدائم لحل المشاكل والأزمات بالطرق السلمية بدلا من استعمال العنف والقوة الهمجية المفرطة القاتلة المدمرة، أي بالحوار والمطارحة والمناقشة والمناظرة والمجادلة والحجج المقنعة والمقبولة طوعيا، لا بالحرب والتقتيل والإرهاب والتدمير والقهر والاذعان، لان الحياة تخلق على الدوام الرغبة الازلية للإنسان في الكرامة والسلام والامن والعمل والتعلم والتفكير والتحرر والانعتاق والاستقلال والبناء والتعمير والابداع والدفاع والمقاومة والتعاون والتضامن والاجتماع والاختلاف والتوافق، بما في ذلك الاتفاق على عدم الاتفاق.
بعد مرور أكثر من خمسة قرون على اكتشاف كروية الأرض، وخمسة عقود على رؤيتها بالعين المجردة من الفضاء بفضل العمل الدؤوب والتقدم العلمي، وصدمة التأكد من كونها ضئيلة ورقيقة ومتناهية، ولا شيء في الكون اللامتناهي، وإنها الوطن الوحيد للإنسانية، وفي خطر كبير بسبب المبالغة في استغلال وتدمير مواردها الطبيعية وتصاعد تهديد الحياة عليها بالتقتيل والدمار والتهافت على تملك وتراكم المال... فان العقل يفرض على كافة أعضاء الاسرة البشرية واجب ملح لصيانتها وحماية بيئتها وكافة انواع الحياة فيها بالاستفادة من ثمرات التقدم العلمي ومن كافة تجارب الماضي الإيجابية، والتمسك الواعي بكل ما هو ضروري وممكن منها لبناء مجتمع كوني محوره الانسان، مجتمع متضامن محليا وعالميا لتعزيز البناء الشخصي، الفردي والاجتماعي والفكري للإنسان، لتعزيز التواصل بين الأجيال والشعوب، وضمان الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والسلام الدائم للجميع، والمقاومة السلمية العنيدة لكل ما يعيق عملية البناء، او إعادة البناء، وكل ما يعيق استدامتها من سلبيات، محليا وعالميا، على المدى القريب والبعيد.
هناك ارتباط وثيق بين بناء الشخص الإنساني وبناء مجتمع كوني محوره الانسان، وبين البناء المحلي والعالمي، وبين عملية البناء والامن والسلام والاستقرار، وبين صلابة اساسات البناء والمبادئ والمفاهيم التي يستند عليها وصلابة صرحه، وبين شكل التنظيم الاجتماعي والوسائل المادية وغير المادية المتوفرة واستعمالها في أقصر الطرق للوصول الي الاهداف بكفاءة اكيدة لتحقيق الخلاص الجماعي الشامل كغاية منشودة مستدامة واولوية مطلقة لا نقاش فيها. وعلى هذا الأساس، لا بد من البداية بالاهم، والمبادرة بالخروج من فخ التنظيم الهرمي العمودي المظلم الظالم والدخول في تنظيم دائري افقي يضمن المساواة ويمنع التقديس والشخصنة والوصاية والتسلط والتبذير والسرية والامتيازات، سواء كان ذلك في العائلة او في القرية، في المدينة او في العالم. وان أقصر الطرق وأسهلها وأكثرها كفاءة لا يمر عبر اصلاح الواقع المرزي او ترميمه او ترقيعه، بل عبر العمل الصبور والمرابطة والصمود في عملية بناء جديد للشخص الإنساني، مع بناء عالم المواطنة العالمية واحترام حقوق الانسان والطبيعة، ولا بديل عن سلوك هذا الطريق بالعمل والعلم والعقل، بالتحكيم والتعليم والعقد الاجتماعي.
التحكيم
ليس هناك أفضل من اللجوء الى الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الوقت الحاضر، لأنه نص لخلاصة تاريخية لما توصلت اليه التعددية والتنوع الثقافي والفكري للإنسانية، ويحتوي على قيم ومبادئ ومفاهيم تشكل اعلى تطلع لجميع أعضاء الاسرة البشرية، ويحصل على أكبر اجماع عند شعوب العالم، ومن الممكن والضروري الان كسب الوقت باللجوء اليه والاحتكام به والانطلاق منه لدعوة جميع الافراد والشعوب، وبجميع اللغات، لتأكيد ايمانهم بحقوق الانسان الأساسية وتعهدهم الطوعي لتحقيق النهوض بها، وعزمهم على النهوض بالتقدم الاجتماعي، وبتحسين مستويات الحياة في جو من الحرية، ومراقبة تطبيقها باستمرار، ومتابعة ضمان الاعتراف الفعلي بها وبمراعاتها، والالتزام بتحقيقها فعليا في كل ناحية من العالم، خاصة في عملية ملحة لإعلام وتعليم ضحايا الاستثناء والتهميش والحرب والدمار.
التعليم
ليس هناك أفضل من العلم، كوسيلة وسلاح، وسيلة للبناء الفردي والاجتماعي والبيئي في جو من الحرية والمساواة والتضامن والسلام، والمعالجة الجذرية للسلبية والجهل والحماقة، وسلاح نبيل لمقاومة ومحاربة الحرب والدمار والعنف والتقتيل والإرهاب وصناعة وتجارة السلاح وكل ما يضر الانسان والطبيعة ويعيق عملية البناء. ان التعليم الذي يعزز تمكين النساء والاطفال ممكن وضروري بالتشارك في اللغة وثرواتها الهائلة المتوفرة حاليا، وبشكل مستقل عن الدولة والمصلحة الخاصة، فاللغة وسيلة رئيسية واداة لازمة لا غنى عنها لبناء الانسان واعداده الاجتماعي "من المهد الى اللحد"، من بداية حياة الانسان الى نهايتها الطبيعية، وترسيخ الوعي بقيم العمل والجدية والجد والجهد والمعرفة والعقل والحكمة والحرية والمساواة والاعتماد على النفس والاستقلال والمسؤولية والتضامن والتعاون واحترام الذات واحترام الاخر والمحبة والسعادة والسلام، للتواصل والتعليم والاعلام والتفكير والمشاركة الفعلية الفاعلة الفعالة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وتعزيز الروابط التضامنية والتعاونية بين الأجيال وبين الشعوب في كافة مجالات المصلحة العامة المفيدة للجميع.
العقد الاجتماعي
ان تعزيز التعاقد الطوعي والمشاركة المستدامة في اتخاذ القرارات والتوافق على حلول وبدائل تعود فوائدها لصالح الجميع في كافة المجالات والاصعدة والمستويات، في العائلة او في المدينة او في الدولة او في العالم، ممكن وضروري واكثر سهولة الان بسبب وفرة وسائل الاتصالات السمعية والبصرية التي حولت العالم الى قرية، وبحسن استعمالها لتمكين النساء والأطفال، وبقوة الإرادة ودينامية الحركة يتم توطيد العلاقات الطيبة بين المتعاقدين لتحقيق حقوقهم وواجباتهم ومسؤولياتهم الفردية والجماعية، وبناء المؤسسات المؤهلة بفظ النزاعات فيما بينهم، محليا وعالميا. وبما ان غالبية العقود الحالية في العالم عقود اذعان وطغيان، فرضها الأقوياء على الضعفاء، واللذين يعلمون على اللذين لا يعلمون، والذين يملكون على اللذين لا يملكون، فقد ان الأوان لتغييرها وتعزيز المشاركة في الحوار والنقاش والتوافق بين جميع أعضاء الاسرة البشرية، بقصد إعادة النظر في كافة العقود ومراجعة مضامينها وصياغتها والغاية منها، بشكل يقبله كافة الأطراف بكامل الحرية، وتتعاقد فيها بطوعية لا شائبة فيها، بما في ذلك التعاقد بعقد اجتماعي عالمي تأسيسي يعيد بناء المؤسسات العالمية، ويعيد صياغة الإعلان العالمي لحقوق الانسان.
لايزال النظام الاجتماعي الحالي، المحلي والعالمي، يعاني من التحديات المتراكمة عبر العصور، مقيدا بسلبيات التنظيم الهرمي العمودي العتيق، وسلبيات التقدم العلمي ووسائل الاتصالات السمعية والبصرية التي اصبحت من اهم أدوات اقلية الأقوياء المستعملة في عملية التسلط والاستغلال والحفاظ على المكاسب والامتيازات بتقييد وتضليل وايهام وتلهية الضعفاء واسرهم في مستنقع الجهل والحماقة ودوامة العصبيات والدردشة الغبية والتسلية المملة، بقصد ابعادهم عن التفكير في جدية مشاكلهم الحقيقية، وتضييعهم في متاهات الثرثرة وتظاهرات الاستنكار والمطالبات وصياغة الشعارات وطقوس الاحتفالات التذكارية، بعيدا عن طريق الخلاص الجماعي بالتنظيم الدائري الافقي، الطريق الوحيد نحو الحرية والمساواة والسلام الدائم، ولا حلول غير التي تصب في مساره وتقترب من هذه الغاية النبيلة على الدوام، من الان وعلى المدى القريب والبعيد، ولا بديل عن الديمفراطية التشاركية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رواية النصف الحي


.. زواج القاصرات كابوس يلاحق النساء والفتيات




.. خيرات فصل الربيع تخفف من معاناة نساء كوباني


.. ناشطة حقوقية العمل على تغيير العقليات والسياسات بات ضرورة مل




.. أول مسابقة ملكة جمال في العالم لنساء الذكاء الاصطناعي