الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة الموت

بوذراع حمودة
(Boudra Hamouda)

2018 / 4 / 19
عالم الرياضة


ان كل الأشياء الملموسة والحسية تتحدد وفق قانون جوهري وهو ما يسمى بالمفاهيم الأساسية أو المفاهيم القاعدية التي من خلالها تتحدد مفاهيم الأشياء والغاية منها، وان كل فعل أو نشاط ينحرف حول مفهومه القاعدي أو الأساسي يتولد عن ذلك بالضرورة شذوذ في مسار الفعل أو السلوك، وعلى هذا الأساس جاء هذا المقال ليتطرق لأحد المواضيع التي تشغل الرأي العام الشعبي في الجزائر والذي تطاولت تداعياته الى مستوى التعنيف اللفظي بل وحتى التعنيف الجسدي.
ان المفهوم الأساسي للألعاب الرياضية هو تقوية الجانب الجسدي للاعبين من جهة وكذلك الترفيه لكل من اللاعبين والجماهير المشجعة، والالتزام بهذا المفهوم تترتب عنه تبعيات محببة ومرغوب فيها على غرار التقارب الانساني ونشر مفاهيم الانسانية والتحضر، والتبادل الفعال للأفكار والخبرات والتعريف بالمكونات الاجتماعية والثقافية للشعوب والأمم، لكن ماذا لو انحرفت هذه الألعاب الرياضية عن مفهومها الأساسي والغاية التي من أجلها وضعت في الأساس ؟
ان انحراف الألعاب الرياضية عن مفاهيمها الأساسية يولد بالضرورة تداعيات خطيرة غير محمودة لا على الجانب الشخصي للأفراد ولا كذلك على الجانب الاجتماعي، ومن بين أشهر هذه الألعاب الرياضية نجد كرة القدم التي أصبحت الشغل الشاغل للشباب في الجزائر وفي جميع أنحاء العالم، أصبحت تستزف رؤوس أموال طائلة وضخمة تقدر بالملايير، واستنزاف للقوى البشرية اليافعة وكذلك استنزاف رهيب للوقت الذي يعد أثمن شيء للانسان، لاعبون يباعون ويشترون، قنوات تلفزيونية لا تعد ولا تحصى، ملاعب في كل بقاع العلم بميزانيات خيالية، محللون ومعلقون..... وما خفي أعظم، لكن السؤال الذي ينبغي علينا أن نطرحه في هذا الصدد هو أيعقل أن هذه الكرة الجلدية المنفوخة تستحق كل هذا؟ أوليست هذه الرياضة قد أخذت قيمة أكثر من قيمتها الحقة؟ أوليست هذه اللعبة مجرد بيدق في اللعبة الكبرى؟ أوليست هذه اللعبة مجرد وسيلة لديها منظروها وغايتها التي نجهلها؟
ان انحراف هذا اللعبة –كرة القدم- عن مفهومها الأساسي وهو الصحة والترفيه ووقوعها في مستنقع التعصب القبلي والجهوي وبل حتى الأممي جعل منها لعبة سياسية وغيروها من لعبة الترفيه الى لعبة الدم
ان ما نشهده في الملاعب لشيء مخز ومعيب، حيث يشتم الانسان أخاه الانسان من أجل قطعة جلد تتراكل بين أرجل اللاعبين، أوليس من العار أن نعايش مثل هذه التصرفات التعصبية في حضارة القرن الواحد والعشرين في عصر التطورات التكنلوجية في عصر الأقمار الصناعية والمخابر الذرية؟
أيعقل أن تصل شعوبنا للحد الأدنى من الانحطاط لدرجة ارتكاب جرائم القتل من أجل لعبة مستغلة ومستنزفة سياسيا، أو يعقل أن يصل بنا الحد من الحيوانية لدرجة حرق انسان حي؟ لرجة رمي شاب في عمر الزهور الى مستنقع للموت؟ من أجل ماذا؟ من أجل اللاشيء لا أحد منا يمكن أن يجيب على هذا السؤال وكل من يحاول أن يجيب عليه انما هو يزيد الطين بلة ويقدم أعذار أقبح بملايين المرات من الذنوب المرتكبة
ان جل ما نستطيع قوله أن هذه التصرفات ليست نابعة من الوعي الانساني للشعوب وانما هي مجرد ردود فعل شرطية للسلوكيات التي برمجت عليها شعوبنا، وفي حقيقة الأمر أنني أفضل العبودية في شكلها التقليدي حيث الأجساد والأعناق مكبلة بالسلاسل في حين أن العقول حرة تطالب بالحرية وتعي ما هي عليه حاليا، أما اليوم فان الأجساد حرة غير مكبلة بالسلاسل في حين أن العقول مكبلة ومبرمجة لغايات لاعبين أساسيين ومن أجل الحشد الشعبوي للعبة الكبر في لعبة التحكم بالشعوب، انها ليست مجرد لعبة محلية أو وطنية بل تتعدى الى لعبة عالمية قذرة ما نحن فيها سوى بيادق يتم التضحية بها ان لزم الأمر ذلك.
أصبح لا يتطلب الكثير أن تحشد الشعوب وخاصة الشعوب العربية والمغاربية وذلك راجع للأوضاع الثقافية المزرية والتأخر العلمي الفاذح الذي نشهده، وان كل ما يتطلب لجعلنا نهتاج ولجعلنا نغضب ونصرخ نشتم ونضرب نقتل ونحرق، هو منشور على الفايسبوك، وأخر على التوتر أو فيديو على اليوتيوب، فنحن لا يهمنا صاحب المنشور ولا نتحقق من أي شيء، كل ما يهمنا هو أن نهيج أن نشتم ونضرب لأننا حقا مستعدين الى ذلك، ومبرمجون على ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | ملاكمة وضربة قاضية.. برلمان جورجيا يتحول لحلبة بين


.. مانشستر سيتي يواجه ريال مدريد في إياب ربع نهائي دوري أبطال أ




.. الزمالك يفوز على الأهلي بمباريات الدور الأول للمرة الأولى من


.. دوري أبطال أوروبا: هل يفوز سان جيرمان على برشلونة.. ماذا قال




.. العاصمة السعودية الرياض ستحتضن نزالا على اللقب العالمي الموح