الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا سيحدث لو جاء السيّد كارلوس غصن ليعملَ في العراق؟

عماد عبد اللطيف سالم

2018 / 4 / 19
الادارة و الاقتصاد


ماذا سيحدث لو جاء السيّد كارلوس غصن ليعملَ في العراق؟



كارلوس غصن Carlos Ghosn رجل أعمال لبناني برازيلي فرنسي، ولد في البرازيل ودرس في لبنان وفرنسا، ويحمل جنسية الدول الثلاث ، ويتقن اللغات العربية والبرتغالية، الفرنسية ، اضافة للإنكليزية.
دخل مجال صناعة السيارات عبر شركة ميشلان لتصنيع الإطارات المطاطية، ثم شغل عدة مناصب قيادية -في وقت واحد- في شركات عالمية رائدة في المجال، وهي رينو ونيسان وميتسوبيشي.
أنقذ غصن شركة “نيسان” من الإفلاس عام 2000، وحولها للربحية خلال عام واحد، فأنهى 20 مليار دولار من الديون خلال 3 سنوات فقط ، وهي مهمة وصفت حينها بالمستحيلة . واليوم يعد كارلوس غصن واحداً من أبرز 50 رجلاً في عالم السياسة والأعمال على مستوى العالم .
عام 1996 نجحت شركة رينو الفرنسية للسيارات في استقطاب كارلوس غصن للعمل لديها، وعينته في منصب نائب رئيس تنفيذي مكلف بتطوير عمل الشركة وفتح أسواق جديدة لها، كما كلف أيضا برئاسة قطاع الشركة في أميركا الجنوبية.
وتمكن غصن عبر سياسة خفض الكلفة من إعادة هيكلة ، وتحويل ، شركة نيسان التي كانت على وشك الإفلاس إلى شركة رابحة بلغ رقم أعمالها السنوي نحو مائة مليار يورو . ويعتبر كارلوس غصن رابع شخص غير ياباني يرأس هذه الشركة .
وإلى جانب مناصبه في رينو ونيسان شغل كارلوس غصن عدة وظائف في شركات كبرى للسيارات، بينها شركة أفتو فاز الروسية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016 أتمت نيسان سيطرتها على 34% من شركة ميتسوبيشي، وأصبح غصن بذلك رئيسا لثلاث شركات عالمية.
أُرِّخَتْ قصة حياة غصن كبطل خارق في سلسة كتب في اليابان بعنوان القصة الحقيقية لكارلوس غصن، وفي كتاب المانغا Big Comic Superior، وقد نشرت هذه السلسة في كتاب عام2002 .
كذلك فقد أطلق اسمه على "صندوق بينتو" في بعض قوائم الطعام في بعض المطاعم . وصناديق بينتو معروفة لدى رجال الأعمال والطلاب ومن يرغب بوجبة غداء سريعة. وقد اعتبرت صحيفة فاينانشيال تايمز ذلك مقياسًا للنمو السريع لشعبية غصن في اليابان ، خاصة أن اليابانيين يحافظون على عاداتهم ولا يرحبون بالطرق الأجنبية الدخيلة . لذلك فإن "غصن بينتو"يعبر عن مدى حب الشعب الياباني وإعجابه بكارلوس غصن.
يعد غصن عنوانا للكثير من المواضيع ورسائل الماجستير والمقالات بين طلاب إدارة الأعمال. ومن الجدير بالذكر أن Cyber Essay لها قسم مخصص للكتابات التي تتحدث عن إدارة غصن للشركات . ومن أكثر الرسائل العلمية شيوعا هي رسالة الماجستير التي كتبها كوجي ناكي من مدرسة سلون للإدارة والتي تقارن بين غصن والجنرال الأمريكي دوغلاس ماك آرثر الذي أعاد بناء اليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
وقد كتب الدكتور أحمد الفهد على حسابه الشخصي في الفيسبوك متسائلاً : "أنّ الموازنة العراقية تنفق مليارات الدولارات ( الحلوة ) على قطاعات خاسرة او غير منتجة او غير مفيدة .. فهل لنا بشخص مثل ابن عمنا اللبناني كارلوس بشارة غصن ليقلّل الخسائر" ؟
لن أضيف شيئاً هنا غير محاولة الاجابة عن سؤالٍ مهمٍّ كهذا .
تُرى من الذي سيترك خبيراً اقتصادياً ، وإداريّاً فذّاً مثل السيّد كارلوس غصن ، ليعملَ على تقليل خسائرنا الفادحة (في مختلف المجالات ، وليس في المجال الاقتصاديّ وحده) ؟؟؟.
من سيسمح لهُ بوضع الخطوات الكفيلة بتحويل شركاتنا العامة الخاسرة الى وضع أفضل من خلال عقد "الشراكات" الفاعلة ، و "التحالفات" الناجحة ، و "التحويل" الى القطاع الخاص / و "إعادة الهيكلة" ؟؟
هل هناك من يعتقد أنّه سيتمكن من العمل في العراق ، ولو لساعةٍ واحدة ؟
هناك اقتصاديون عراقيون لا يزالون يعملونَ هنا .. في هذا "الداخل" الكابوسيّ .. في هذه المتاهة .. صَرَخوا ، و كتبوا البحوث والمقالات ، وشاركوا في اعداد الدراسات والخطط التنموية ، وصمّموا السياسات ، وقدّموا الخبرات ، واقترحوا الحلول .. وما يزالون يفعلون ذلك ( لأنّ "بعوضة الأمل" تطنُّ في آذانهم أحياناً ) .. فطواها ، وطواهم النسيان والأهمال .. وماتوا "سريرياً" من القهر والهمّ و الحزن والاحباط و الكمد .. او أعتزَلوا هرباً ، و "هجيجاً" من العراق ، وما بهِ ، وما فيه .
وفي "الخارج" المُلتَبِس عقول أخرى جميلة (بكلَ ما في مفردة الجمال من دلالاتٍ و معانٍ) تشردّتْ في اصقاع الأرض ، وعافت الأهل والعباد والبلاد ، وحفرتْ بأظافرها وتعبها النبيل مجاهل القارّات القديمة والجديدة ، من الأمريكيتيّن ، الى اوروبا ، الى أقصى شرق آسيا ، الى استراليا (مروراً بـ سيدني ، وغير سدني) ، وصولاً الى نيوزيلندا ، و واكا واكا .. وأوكلاند .. و جزر القمر ، و واق الواق .
هناك أيضاً ( و وفقاً لواقع الحال) بعض الخبراء ، الذين أصبحوا مجرّد "موظّفّين حكوميّين" ، يُبرّرون الأخطاء والحماقات الاقتصادية (وغير الاقتصادية) الجسيمة ، و"يُنظِّرون" لكبار الأميّين التنفيذيّين شطحاتهم القاتلة ، ويرتضون لذواتهم وتاريخهم أن يكونوا مجرّد ديكورٍ عتيق.
لقد تمّ في العراق انجاز ما يقرب من ثلاثين استراتيجية ( منذ عام 2010 وحتّى الآن) ، اضافةً لثلاث خطط تنمية وطنية ، غطّتْ كلّ أوجه القصور في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. من الأمن الوطني ، الى التربية والتعليم ، والمرأة والشباب ، والفقر والهشاشة ، والتشغيل ، والأمن الإنساني ، والصناعة والزراعة والطاقة .. وأُنفقتْ الحكومة عليها الكثير من المال والوقت والجهد ، وشاركت في اعدادها خيرة العقول العراقية في الداخل والخارج ، وأشرف على بعضها أفضل خبراء المنظمات الدولية .. وبعد ذلكَ ركنَها المعنيّون بها في أدراج مكاتبهم ، وسرعان ما ماتتْ على الرفّ بعد مدّة قصيرةٍ من أعدادها ، واقتصرَ الاحتفاء بها على مجرّد "إطلاقها" في احتفالاتٍ رسميّة مهيبة .
لو أنّ 10% (فقط ) مما ورد في هذه الخطط والاستراتيجيّات كانَ صحيحاً ودقيقاً وصالحاً للاستخدام . لو كان 10% (فقط) من هذه الخطط والاستراتيجيات قد تمّ تطبيقه والعمل به . لو توفّرت (فقط ) الإرادة السياسية اللازمة لفعل ذلك ، لكان العراق ( ومنذ سنوات) في وضعٍ افضل بكثير ممّا هو عليه الآن .
لو أنّني همستُ في أذن السيد كارلوس غصن ، ببضعة معلومات وبيانات موجزة ، و مُتواضِعة ، عن الكيفية التي يعمل بها الاقتصاد العراقي ، وعن طبيعة "البيئة" المُعادية والطاردة ، التي يعمل بها رجال الأعمال ، و الاقتصاديّون(و غير الاقتصاديّين) ، هُنا في هذا العراق العجيب ، لامتلأ رأسهُ شيباً ، وفاضت روحه الحلوة رُعبا .. ولَما تذكّرَ ابداً أنّ 1+1 = 2 !!!! .
سلاماً لـ كارلوس غصن .
سلاماً للكثير من العقول العراقيّة الجميلة في العراق ، وفي خارج العراق (في مختلف الاختصاصات) .
تلك العقول التي لا يلتفتْ اليها أحد ، ولا يعرفها أحد، ولم يسمع بها أحد ، ولا يعرفُ مصير البعض منها أحد .. ولا يدري أحدٌ منّا في أيّ أرضٍ تعيشُ الآن .. ولا في أيّ أرضٍ ستموت .

أشهر أقوال كارلوس غصن :
"لا يمكنك بناء شخصيتك من خلال فعل ما يفعله الجميع."
"لا تصدقوا ما أقول، صدقوا ما أفعل".
"حان وقت السيارات الكهربائية، بل أنّ الوقت بدأ ينفد".
ماذا كنت ستفعلُ وتقولُ يا كارلوس بشارة غصن ، لو أنّك عشتْ في العراق ، وعاصرتَ زمن "الستّوتات" ، و عربات الجرّ (الآدميّة وغير الآدميّة ) ، وهذا الطراز النادر من "الزعامات" .. و هذا النمط الكارثيّ من "الإدارات" ، وهذا الكمّ الهائل من الأكاذيب والدجَل العظيم.. ونحنُ على أعتاب العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين ؟؟
ماذا كان بإمكانكَ أن تفعَل ؟
ماذا كان بوسعكَ أنْ تقول ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با