الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب وموقفه من الديموقراطية والاخوان المسلمين!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 4 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


الغرب وموقفه من الديموقراطية والاخوان المسلمين!؟
محاولة للفهم!
*************************
الغرب ليس شيئًا واحدًا بل هو مصالح ورؤى ومخاوف وطنية وقومية متعددة ومتجددة بل وأحيانًا متناقضة تتدافع بل ربما تتصارع ... ولا يجب النظر للغرب كجسم واحد أو أنه ثابت الرؤى والارادة في خط واحد عبر الزمن لا يتغير ولا ينقلب!، فالسياسات تتغير بتغير الأحوال وتطور التجارب عندهم بل حتى الإستراتيجيات تغيرت وتبدلت من الحرب العالمية الأولى مروراً بالحرب العالمية الثانية وصولاً لزماننا الحاضر، فالغرب كما أنه ليس جسمًا واحدًا هو أيضًا ليس شيئًا ثابتًا بل هناك تغيرات كثيرة حدثت وتحدث وستحدث في مجتمعاتهم تمس أحيانًا حتى عمق الفكر الليبرالي لهذه المجتمعات كما أن هناك تقلبات بخصوص الموازنة عندهم بين تركيز الجهد أكثر هل يكون على السياسات والحاجات الداخلية المحلية أم على السياسات والحاجات الخارجية والدولية فتختلف كل إدارة عن الأخرى في تقدير هذه الموازنات!، ولابد لفهم الغرب وفهم مواقفه وسياساته بشكل صحيح في منطقتنا أخذ كل هذه الأمور والعوامل بعين الاعتبار وإلا ستكون النتيجة هي استنتاجات طوباوية غير واقعية أغلبها يقوم على (نظرية المؤامرة) التي باتت عندنا في منطقتنا من ثوابت ومقدسات العقل العربي المأزوم والمهزوم!!، حيث نظرية المؤامرة نظرية تعطل العقل وتحجب الرؤية عن العرب لرؤية العالم ورؤية أنفسهم بشكل صحيح وسوي تمامًا كما لو أنهم يرون العالم ويرون أنفسهم من خلال (مرايا) غير طبيعية تارة تظهر الأمور والوقائع بشكل ضاحك يدعو للسخرية!، وتارة أخرى تظهرها بشكل مخيف مرعب يدعو للهلع وربما للشلل !!.

أولاً : الموقف من مسألة الديموقراطية في العالم العربي !؟
************************************
نجد في الغرب (أوروبا وأمريكا) للتعامل مع العالم العربي ومسألة الديموقراطية عدة رؤى واجتهادات وأهمها كالتالي:
(1) رؤية ترى أن العرب لا يستحقون الديموقراطية لأنهم غير مؤهلين لها وأن الديموقراطية عندهم تنقلب إلى فوضى تهدد الإستقرار العام في المنطقة وتهدد مصالحهم الاستراتيجية الأمنية والاقتصادية لهذا يُفضل هذا الفريق وجود ديكتاتوريات (ناعمة/مهذبة/ناجحة) في المنطقة كما في دول الخليج والمغرب والأردن ...
(2) وهناك رؤية أخرى في الغرب ترى أن العرب يمكن دمقرطتهم بحيث يصبحون مجتمعات ذات دول ديموقراطية تتمتع بقدر واسع من الحريات الليبرالية كما حدث في بعض الدول المسلمة في أسيا ويعتقدون أن دمقرطة هذه المجتمعات هو ما يضمن الإستقرار العميق وبعيد المدى وليست الديكتاتوريات...
وبعد ثورات الربيع العربي مالت الكفة لصالح هذه الرؤية الأخيرة أي تشجيع ودعم مسألة توطين الديموقراطية كطريقة للحكم في العالم العربي ولكن ما حدث في ثورات الربيع العربي ودخول الإسلاميين المتطرفين (الارهابيين) على خط هذه الثورات وتحولها بالتالي إلى خريف مخيف (!!) وكذلك الصراع الحاد بين الاخوان وخصومهم في مصر وليبيا وهزيمة الإخوان والبطش بهم... كل هذا جعل كفة اصحاب الرؤية الأولى تنتصر اليوم!.. أي الرؤية القائلة أن العرب لا يستحقون حكمًا ديموقراطيًا وغير مهيئين له بعد ولا يصلح معهم إلا الديكتاتورية لتحقيق الإستقرار العام ... وهكذا نجد في الغرب عدة رؤى حول طريقة التعامل مع العالم العربي بل وحتى مع الإسلاميين وخصوصأ الاخوان !، فالبعض يُغلّب مطلب الاستقرار على مطلب الديموقراطية والبعض العكس فيغلب الديموقراطية ويزعم أنها هي ما يحقق الاستقرار العميق البعيد المدى!.... وهكذا فإن الواقع والوقائع تؤكد لنا أن هناك عدة اجتهادات ورؤى ومواقف في الغرب من مسألة توطين وتمكين الديموقراطية في عالمنا العربي والموازنة بينها وبين الاستقرار وتحقيق مصالحهم الاستراتيجية الأمنية والاقتصادية في منطقتنا!.
***
ثانيًا الموقف من الإسلاميين ؟
******************
وكذلك في الموقف من الاخوان المسلمين وما شابه من تنظيمات الإسلام السياسي التي تنخرط في النشاط السياسي فإن هناك فريقان:
(1) فريق يرى امكانية احتوائهم بانخراطهم في السياسة والحكم وأنهم بهذا الانخراط لن يشكلوا ضررًا على الغرب كما هو حال أردوغان وكحال الإسلاميين في المغرب والجزائر والأردن.
(2) وفريق يرى أنهم أصوليون راديكاليون مخادعون قد يتحولون مثل النموذج الإيراني وحكم الملالي (حكم ولاية الفقيه/ المرشد)!.

وهكذا تختلف قراءات العقل الغربي للواقع العربي وبالتالي تتعدد الرؤى والتقديرات والسياسات داخل المجتمعات الغربية في الموقف من الإسلام السياسي بل وتختلف الرؤى والاجتهادات في طريقة التعامل مع (جماعة الاخوان) مثلًا من دولة إلى أخرى، ففي بداية ثورات الربيع العربي كان موقف أمريكا وبريطانيا يرى أن الاخوان هم البديل المرحلي للأنظمة المتهاوية وأن الاخوان يمكن احتوائهم سياسيًا من جهة إذا وصلوا للسلطة ومن جهة سيتصدون لأصحاب التوجهات الإسلامية الراديكالية العنيفة بقوة بل سيصطدمون بها حتمًا كما حصل في غزة عام 2009 حينما أعلنت (جماعة أنصار الإسلام) الجهادية السلفية المسلحة عن قيام إماراتهم الإسلامية وبدأت في أخذ البيعة من الناس!!، فماذا فعلت (حماس) الإخوانية يومذاك ؟؟؟، الجواب: تصدت لهم بشدة وصرامة وداهمت مسجد (ابن تيمية) مقر الإمارة بالقوة المسلحة وقتلت (أمير الجماعة) وحطمت هذا التنظيم الاسلامي بالقوة!، هذا يعني أن الاخوان إذا كانوا في الحكم سيتصدون بقوة الدولة التي يقودونها لهذه الجماعات الإسلامية الراديكالية التي تستهدف ضرب المصالح الغربية من خلال الارهاب كهدف أساسي في استراتيجيتها الحربية وسيكونوا لها بالمرصاد أولًا لأنها تهدد حكمهم من جهة وثانيًا لأنها تضع الدولة التي يقودونها في موقف حرج في الساحة الدولية!!، وبالتالي حسب هذا الرؤية فإن القبول بتصدر الإخوان للمشهد السياسي - وإن كان القبول به تم من باب قاعدة أهون الشرين وأخف الضررين - إلا أنه بالمحصلة يخدم أجندة الغرب في مكافحة الارهاب ويخدم مسألة تحقيق الاستقرار خلال هذه المرحلة العاصفة وغير المستقرة في بعض الاقطار العربية المتصدعة!، لهذا كان الموقف الامريكي والبريطاني داعمًا للاخوان في مصر وليبيا على أمل احتوائهم واستعمالهم في تحقيق الاستقرار وانهاء الفوضى على الأقل حتى تهدأ المنطقة ويمكن بعد ذلك دعم الليبراليين من خلال الديموقراطية لهزيمة الإخوان .. أما الموقف الفرنسي فكان منذ البداية رافضًا لهذه الرؤية ومؤيدًا للتوجهات الوطنية العلمانية والليبرالية وخصوم الاسلاميين.
وهكذا فهناك تعدد في الرؤى والمواقف في الغرب حول طريقة التعامل مع مشكلات العالم العربي بما فيها مشكلة الاسلاميين والديموقراطية ولا يصح علميًا وموضوعيًا أن نلجأ لنظرية المؤامرة (المسطحة) و(المجنحة) للهروب من الفهم العميق والدقيق للمواقف الغربية المتباينة والمتغيرة وما المنطلقات التي تقوم عليها!... إن الفهم الصحيح لواقعنا وواقعهم - بعيدًا عن عقيدة وعقلية نظرية المؤامرة - هو الخطوة الأولى لتصحيح مسارنا نحو حل مشكلاتنا والنهوض بمجتمعاتنا !.
*****
سليم الرقعي 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك