الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحديث السياسي مفهومه وتوجهاته

جاسم محمد دايش
كاتب وباحث

(Jasem Mohammed Dayish)

2018 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


التحديث السياسي مفهومه وتوجهاته
جاسم محمد دايش
اعتبر التحديث السياسي ظاهرة اجتماعية مرتبطة بتأسيس انساق وقيم جديدة للمجتمع منها الثقافة السياسية والكفاءة في الأداء والتقدم في النظم الاقتصادية , وهو قائم على التغيير أيضاً نحو قيام أسس جديدة في التنمية بكافة أشكالها وهو قد ظهر منذ بداية ستينات القرن العشرين . ويعتقد "صموئيل هنتنغتون" بأن التحديث السياسي : هو " استبدال عدد كبير من السلطات السياسية التقليدية ,والدينية ,والعائلية ,والعرقية بسلطة سياسية, وطنية ,علمانية واحدة " . وكذلك أيضاً . هو " التمييز بين الوظائف السياسية الجديدة ,وتطوير بنى متخصصة لتنفيذ هذه الوظائف " .
وقد عرف "التحديث السياسي" , }جيمس كولمن{ بأنه : " مجموعة من التحولات البنيوية والثقافية في الأنساق السياسية للمجتمعات التي تقوم بالتحديث، بمعنى أن التحديث السياسي يشير إلى عمليات تمييز البنية السياسية وعلمنة الثقافة السياسية مما يعزز قدرة النسق السياسي وفاعلية وكفاءة أدائه " . وقد علل البعض ان التحديث السياسي قد سبقه مصطلح "التنمية السياسية" أنّها عبارةٌ عن مجموعةٍ من الوسائل التي تستخدمها الدول في تطويرِ سياستها الداخليّة والخارجيّة " ، وأيضاً , تُعرّفُ " التنمية السياسيّة " : " بأنّها الطريقةُ التي تهدفُ إلى تطبيقِ إستراتيجية سياسيّةٍ تؤدّي إلى تطوير حالة الضعف السياسيّ المنتشرة في دولةٍ ما، وتسعى إلى المحافظةِ على استقرارها سياسياً ضمن البيئة التي توجدُ فيها " ، ومن التعريفات الأخرى " للتنمية السياسيّة " : هي " العمليات التنمويّة التي تحرصُ الدول على تطبيقها من أجلِ تعزيز قدرتها على مواجهةِ التحديات السياسيّة الدوليّة " .
من هنا فلقد اتجه بعض الكتاب إلى أن التحديث السياسي والتنمية السياسية متطابقان , بحيث أن التحديث السياسي هو مظهر للتنمية السياسية , إلا أن " صموئيل هنتنغتون" قد اعتقد غير ذلك ، فقد قام بإقناع جميع زملائه بضرورة وجود مفهومي التحديث السياسي , والتنمية السياسية على مستويين مفهومين منفصلين , وأن لم يتساويا , فـ " لتحديث السياسي " هو شئ قد يكون ولكن ليس بالضرورة مرتبطاً بالشعوب الحديثة , أو المجتمع , أو الاقتصاد الحديث . أما " التنمية السياسية " , فيجب أن تنطبق بشكل متماثل على كل من الحالات الحديثة , وغير الحديثة .
ويعتقد " صموئيل هنتنغتون " أيضاً , أن هناك فرقاً أساسياً تم إغفاله , وهو النظر إلى " التحديث السياسي " من زاويتين مختلفتين , تفصل بينهما مسافة كبيرة ، أولاً " هي كونه إطاراً للانتقال من نظام سياسي تقليدي إلى آخر حديث "، والثاني " هي كونه إطاراً للأوجه والمؤثرات السياسية للتحديث الاجتماعي والاقتصادي والثقافي " .
يمكن القول أن الأدبيات السياسية تعتقد بأن " التحديث السياسي " إن أي تغيير يطرأ على النظم السياسية التقليدية وتؤدي إلى انحلاله لا يعني بالضرورة الانتقال إلى نظم سياسية أخر حديثة ، كما أن التغييرات الاجتماعية التي تظهر بفعل التحديث السياسي في دول عالم الجنوب لا تتجه بالضرورة إلى تغييرات سياسية مماثلة , كالاتجاه نحو الديمقراطية أو الاستقرار السياسي والتمايز البنيوي والاندماج القومي من ناحية أخرى . وإنما السبيل الوحيد هو العمل بطرق سياسية قائمة على المأسسة وتطوير جميع المتغيرات المتعلقة بالتحديث السياسي وهذه العملية لا يمكن أن تحدث من ذاتيتها .
لقد اختار " صموئيل هنتنغتون" ثلاث مجموعات أساسية من المتغيرات المستقلة لتفسير التحديث السياسي , منها " عقلنه السلطة " , و" التخصص البنيوي " , و " المشاركة السياسية " ، لذلك فان الطبيعة الدقيقة للعلاقة بين هذه المتغيرات, لا يمكن تحديدها إلا عبر التحليل التجريبي ومعرفة مدى نجاحها في التغيير والتوجه نحو التحديث . ويتفق " جيمس كولمن " مع " صموئيل هنتغتون " حول هذه المتغيرات وهو أن هناك تداخلاً طبقياً بين هذه المتغيرات الثلاثة والتي سيصبح التحديث السياسي بموجبها هو محاولة الحصول تدريجياً على قدرة سياسية واعية وجديدة نوعياً ومعززة تتجسد في أولاً : المأسسة الفعالة لأنماط جديدة من التكامل والاختراق بحيث تنظم وتحتوي التوترات والصراعات الناتجة عن عملية التمايز . ثانياً : المشاركة في الموارد وتوزيعها بشكل يستجيب بصورة ملائمة للمطالب الناتجة عن مضامين المماثلة ، وثالثاً: المرونة المتواصلة في وضع الأهداف الجديدة وتحقيقها .
وقد قدم " جيمس كولمن " مساهمة كبيرة في التحديث السياسي , فهو يعتقد أن الخصائص أو المتغيرات الأساسية التي ارتبطت بعملية التحديث السياسي يمكن وضعها تحت ثلاثة عناوين رئيسة , وهي , أولاً : التمايز الوظيفي , وتشير إلى عملية الفصل المتزايد والتخصص في جميع الأدوار , وكذلك الأطر المؤسساتية , والروابط في تطوير الأنظمة السياسية جميعها . وثانياً : المماثلة , وتشير إلى المضمون الأخلاقي السائد في النماذج الناشطة لمختلف مناحي الحياة الحديثة والتي تقاس الحداثة بموجبها , وتقاس الشرعية السياسية على أساسها . وثالثاً : القدرة بوصفها تجسد القدرات التكييفية والخلاقة المتزايدة بشكل متواصل , والتي يمتلكها الإنسان لمواجهة بيئته الداخلية والخارجية .
ويقدم " جيمس كولمن " متغيرين أساسين , يرجعان إلى النظام السياسي الحديث , وهما " الديمقراطية " و " الدولة القومية " ، فالديمقراطية وجدت من يؤيد ضرورتها في أي نموذج للتحديث السياسي , سواء على أسس أخلاقية أم بسبب كونها تعزز القدرة التكاملية , و التكييفية للنظام السياسي , وتضفي عليه المرونة المطلوبة , وهذه الرؤية الأخيرة هي أساس تشخيص المكون الديمقراطي , نظاماً تطورياً ومستهلاً أساسياً في التحديث السياسي ، أما الدولة القومية فيرى البعض أن التأثير الأساسي للتحديث تمثل بخلقها ، فمفهوم بناء الدولة لم يستعمل كثيراً بعداً أساسياً للتحديث فحسب , وان كمرادف له , ولايمكن إنكار حقيقة أن الدولة القومية القائمة على المركزية كانت منذ التاريخ وحدة تجريبية للتحديث السياسي على كافة الصعد أن كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية .
أن تطوير أي نظام سياسي لابد أن يرتكز على قيم حديثة وجهد كبير من اجل قيام توازن معتدل واستيعاب لجميع التوجهات والمطالبات الحديثة الناتجة عن التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية , وهذا التوازن سيكون له مميزات حتى وان سبب اختلالاً بسبب تواجد عوامل جديدة على عوامل أخرى لا يمكن الاستهانة بها بل العمل على تطويرها وتحديثها بنسق جديد وحديث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن