الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اَلْدَّاْئِنُوْنَ اَلْخَطَرُ اَلْأَكْبَرُ عَلَى اَلْسُّوْدَاْنْ ..!

فيصل عوض حسن

2018 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


اَلْدَّاْئِنُوْنَ اَلْخَطَرُ اَلْأَكْبَرُ عَلَى اَلْسُّوْدَاْنْ ..!

د. فيصل عوض حسن

في غَمْرَةِ التمثيليات الإسْلَاْمَوِيَّة ومَتَاهَاتهم التي لا تنتهي، تَغَافَلْنَا نحنُ السُّودانيُّون عن حَدَثَيْنِ خطيرين، ولم نَتَوَقَّف عندهما ونتدبَّر مضامينهما وإشاراتهما الكارثيَّة، ونستعد (بجدِّيَّة) للتعاطي مع تداعياتهما المُرعبة وتبعاتهما المُتوقَّع تصاعُدها بمرور الأيَّام. الحَدَث الأَوَّلُ، يتعلَّق بدعوى التحكيم التي رفعتها إحدى شركات النفط والغاز ضد (حكومة السُّودان)، والحَدَثُ الثَّاني يَتَمثَّل في تخصيص (30) ألف فَدَّان من أراضي مشروع الرهد الزراعي لإحدى الشركات الصينيَّة، وكلا الحَدَثين – مهما أنكرَ المُتأسلمون وتلاعبوا بالألفاظ – مُرتبطان كُلَّ الارتباط بالقروض والأموال التي نالوها باسم السُّودان، و(رفضوا) تسديدها مما جعل ما تَبقَّى من بلادنا في مرمى الدَّائنين.
في هذا الإطار، ووفقاً لصحيفة الصيحة يوم 18 أبريل 2018، رفعت شركة ONGC الهنديَّة دعوى تحكيم في محكمة بلندن، ضد (حُكُومة السُّودان) لاسترداد مُستحقَّات مُتأخِّرة منذ عام 2011 بقيمة 98.94 مليون دولار، علماً بأنَّ العقود المُبْرَمَة مع الشركة مُسْتَنِدَة لـ(ضمانات سِيَادِيَّة). وذَكَرَت الصحيفة – وفق مصادرها – أنَّ دعوى التحكيم القائمة، تتعلَّق بـ(جُزءٍ) فقط من المُستحقَّات المُتأخِّرة التي تصل لنحو 425 مليون دولار، وسترفع دعاوى تحكيم (لاحقة) بشأن المبالغ المُتَبَقِّية في الوقت المُناسب! ومن جانبه، أكَّد وكيل وزارة النفط اتصالهم بالشركة لإظهار (التزامهم) بمُفاوضات جَادَّة، وتشكيل لجنة لتحديد الإطار الزمني لـ(سداد) المبلغ على أقساط! في ما تَحَجَّج سفير المُتأسلمين في الهند بـ(العقوبات) المفروضة على (السُّودان)، وتَعَثُّر المُعاملات المصرفيَّة مع الهند وغيرها من البلاد. وبالنسبة لمشروع الرهد الزراعي، فقد أفْصَحَ رئيس اتِّحاد مُزارعي المشروع السابق – وفقاً للصيحة في 18 أبريل 2018 – عن تخصيص ما يُسمَّى لجنة البركس، التي يرأسها عوض الجاز، لـ(30) ألف فَدَّان من أراضي المُزارعين لإحدى الشركات الصينيَّة، وذلك عقب التلكُّؤ (المُتعمَّد) في تأهيل وصيانة قنوات الري، وتعطيل (تمويل) المُزارعين كما كانت تفعل الدولة سابقاً، لأنَّ مشروع الرهد تَأسَّسَ أصلاً كمشروعٍ إعاشي/خِدَمي لمُساعدة صغار المُزارعين، مُقابل التزام الإدارة/الدولة بتوفير مُدخلات ومُستلزمات الإنتاج، وسار العمل بهذا النحو وحَقَّق المشروع نجاحاتٍ باهرة، إلى أن جاء المُتأسلمون وفرضوا أرباحاً عالية على التمويل في بداية التسعينات، ومنها بدأت مُعاناة المُزارعين وتفاقمت بمرور الأعوام، ووصلت ذُورتها بتدخُّل المُتعافي الذي نَزَعَ أراضي المشروع وأتاحها لشركة كنانة، التي تَنَصَّلَتْ من وعودها باقتسام الأرباح مع المُزارعين، بعدما دَمَّرت المشروع (عَمْداً)، بتغيير أنظمة الرى دون دراساتٍ مُتخصصة، وبالتجاوُزات الماليَّة والإداريَّة والمُقاولات والإنشاءات وغيرها. ثُمَّ جاء عوض الجاز (سمسار) الصين في السُّودان ليُكْمِل السيناريو، بتسليم المشروع لشركة نيو إيبوك (الصينيَّة)، وهو أمرٌ فَصَّلناه في مقالاتٍ وأوراقٍ عديدةٍ سابقة ولا يسع المجال لذكرها الآن! علماً بأنَّ الصين، سواء كدولة أو مُؤسَّسات أو أفراد، تُعَدُّ (أكبر) دَّائني المُتأسلمين، وبلغ إجمالي قروضها التي نَالَها البشير وعصابته باسم السُّودان – وفقاً للمراجع التي تَحَصَّلنا عليها – نحو 14 مليار و984 مليون و507 ألف و832 دولار، وذلك فقط للفترة خلال الفترة 2000-2014، ولم نتحصَّل على بيانات للقروض ما قبل هذه الفترة أو بعدها، نظراً للتعتيم الإسْلَامَوِي الكبير على تفاصيل القروض بصفةٍ عامَّة، والقروض الصينيَّة على وجه الخصوص!
ولكي ما يكون حديثنا علمياً وموضوعياً، من الأهمِّيَّة التذكير بأنَّ العالم باتت تحكمه المصالح فقط، ومن ذلك انتقال/حركة الأموال كالقروض والمعونات والاستثمارات، ولا مجال للعواطف والشعارات/الأهازيج النظريَّة. وبالنسبة للقروض، فبجانب (هَيْمَنَة) الدَّائنين/المانحين، فقد حَدَثت تغييرات كبيرة جداً في إجراءات ومُتطلَّبات/اشتراطات نَيْلِهَا منذ عقد الثمانينات، ولم تَعُد سَهْلَة المَنَال، وذلك عقب إنكار بعض الدول لقروضها وامتناعها عن سداد أقساطها، مما أسفر عَن أزمة الديون العالميَّة عام 1982. وعلى اختلاف شروط ومُتطلَّبات الديون الخارجيَّة، نجدها اتَّفقت – إجمالاً – على بعض المعايير أبرزها (طبيعة) الدَّائن، سواء كان دولة/حُكُومة أو مُؤسَّسة دوليَّة/إقليميَّة أو قطاع خاص (شركات، مصارف، ... إلخ)، ولكلٍ منها أهدافه/رُؤَاه. فالحكومات مثلاً تهتم بمصالحها السياسيَّة أو الاقتصاديَّة أو الاثنين معاً، في ما تُركِّز مُؤسَّسات التمويل الدوليَّة والإقليميَّة على مشروعات التنمية إذا لم يكن للدولة المَدِيْنَة مصادر تمويل بديلة/مُتاحة. أما القطاع الخاص كالمصارف والشركات/الأفراد، فيُركِّزون على الضمانات/الرهونات المُقدَّمة ومُعدَّلات الفائدة، وجميعهم يقومون بدراسة فترة السَمَاح وأقساط السداد، بجانب الأوضاع/المُستجدَّات الدوليَّة والإقليميَّة والمحليَّة، وكفاءة المُستَدِين الاقتصاديَّة وقُدراتها (ه) الإئتمانيَّة. وتَتَجَلَّى خطورة الديون الخارجيَّة حينما (تتعثَّر) الدولة المُستَدِينَة في تسديد أقساط القروض للدَّائنين، واضطرارها لإعادة جَدْوَلَتها رغم التعقيدات والمُتطلَّبات الصارمة، كتغيير شروط القرض الأصيلة وآجال وأحجام أقساط السداد، هذا إذا وافق الدَّائنون على مبدأ الجَدْوَلَة من أساسه. وفي حال رُفِضَت الجَدْوَلَة، سيستولي الدَّائنون على (الضمانات/الرهونات) المُقدَّمة لنيل القرض المعني! وسيُصبح كارثيَّاً، لو امتنعت الدولة المُستَدِينَة عن السداد (عمداً)، فحينها ستنهار سُمعتها الاقتصاديَّة وتفقد جدارتها الائتمانية، وتكون عُرضة للعقوبات الاقتصاديَّة والسياسيَّة (الجماعيَّة)، بما في ذلك احتماليَّة التدخُّلات العسكريَّة، وفق ما أصبح سائداً عقب أزمة الديون المُشار إليها في السطور السابقة!
المُتأمِّل لحالتنا السُّودانيَّة بِرَوِيَّة، يُدرك تماماً مُحاصرة الدَّائنين للبشير وعصابته، ومُطالباتهم المُتلاحقة بأقساط القروض التي نَالُوها بـ(اسم السُّودان)، وأحالوها لمصالحهم الشخصيَّة وقَدَّموا مُقدَّراتنا (ضماناً) لِنَيْلِ تلك القروض، وهذا أمرٌ أقَرَّ به المُتأسلمون أنفسهم وَوَثَّقه إعلامهم المأجور أكثر من مَرَّة، حينما أعلنوا صراحةً (امتناع) الدَّائنين/والمَانحين عن إقراضهم، رُبَّما لعدم سداد ما نَالُوه من ديونٍ سابقة، ورُبَّما لعدم وجود (ضمانات) بعدما تَخَلَّص البشير وعصابته من كُلِّ مُقدَّراتنا الوطنيَّة بما في ذلك السياديَّة/الاستراتيجيَّة. والأخطر في الموضوع، هو إحالة البشير وعصابته أموال القروض كأرصدةٍ واستثماراتٍ (شخصيَّة) بالخارج، ولجأوا لتسليم (الضمانات) التي قَدَّموها لنَيْلِ تلك القروض للدَّائنين بدلاً عن تسديد الأقساط، لأنَّهم لم يستخدموها أصلاً في الأغراض التي اقتُرِضَت لأجلها. علماً بأنَّ الضمانات التي قَدَّموها، هي أصول الدولة العقاريَّة ومشاريعنا القوميَّة بما في ذلك مُقدَّراتنا السياديَّة/الاستراتيجيَّة، واتَّخذوا من (أكذوبة) الاستثمار غِطاءً لهذه الخِيَانة الوطنيَّة غير المسبوقة على مَرِّ التاريخ الإنساني! ولعلَّ هذا يُفسِّر (أكاذيبهم) المُتواصلة، بشأن الاكتشافات المزعومة في كافة المجالات (معادن، آثار، ... إلخ)، ومُحاولاتهم المُستميتة والمُتسارعة لاقتلاع الأراضي من المُواطنين السُّودانيين رغم نجاح الكثيرين في استغلالها، وإتاحتها للمُغامرين الخارجيين بغطاء الاستثمار، الذي لم ولن نَرَى ثماره/أثره رغم الأرقام الفلكيَّة لتلك الاستثمارات، التي يشيعها المُتأسلمون وإعلامهم المأجور بين الحين والآخر، لإلهاء الشعب عن غدرهم المُتواصل ونتائجه الكارثية! ولنتأمَّل إجرامهم الأخير ضد مُواطني الجريف شرق، وهو إجرامٌ يستهدف اقتلاع الأراضي عُنْوَةَ بحِجَّة (الاستثمار)، لتسليمها إلى الدَّائنين الذين يضغطون بقُوَّة لاستلام (الغَنِيمة)!
واهمٌ من يعتقد أنَّ البشير وعصابته الإسْلَامَوِيَّة سيتوقَّفون، بل سيتواصل نهجهم التدميري هذا (حِرصاً) على الأموال التي نَالُوها بـ(باسم السُّودان)، وأحالوها كاستثماراتٍ تحتضنها في الغالب نفس الدول (الدَّائنة) كالصين والإمارات وتركيا والسعوديَّة وغيرهم، بما يُؤكِّد تَوَرُّط هذه الدول في تدمير السُّودان وابتلاع مُقدَّراته. وفي المحصلة، سيمضون بنا من سيٍ لأسوأ إلى أن يتلاشى ما تَبقَّى من بلادنا، ونحن السُّودانيُّون (وحدنا) المعنيُّون بتعديل هذه الأوضاع، وليتنا نُدرك هذه الأخطار الحقيقيَّة ونعمل (بجدِّيَّة) على تلافيها، بعيداً عن العواطف والهِتافات وبيانات المُناهضة والإدانة والتضامُن الهُلاميَّة وغير المُجدية. أمَّا مسألة إفلاس الدولة السُّودانيَّة فهي (حقيقة) واضحة لا لَبْسَ فيها، وليست (اكتشافاً) أتانا به غندور، الذي نجَحَ بمسرحيته الأخيرة في (إلهاء) العديدين، عن حقيقته القذرة وأدواره الخبيثة التي ظل يُؤدِّيها لعصابته الإسْلَامَوِيَّة الفاسدة، فَلْنَدَّخِر طاقاتنا ولا نَهْدِرْها في تَفَاهات المُتأسلمين وتمثيلياتهم المَكرُورة، ولنهتم بحشد أنفسنا – في كل السُّودان – ونَتَّحد لمُواجهة هذه العصابة المأفونة.
إنَّ الخطر الأكبر الذي يُواجهنا الآن ومُستقبلاً هم الدَّائنون، ومُجابهة هذا الخطر تأخذ خطَّين رئيسيين، أوَّلهما هو (مَنْع) المُتأسلمين من تسليم أيٍ من مُقدَّراتنا السُّودانيَّة (مُجدَّداً) لكائنٍ من كان، وعدم تصديق أكاذيبهم المُتناثرة عن الاستثمار والاكتشافات (الوهميَّة). والخَطُّ الثَّاني، يتمثَّل في الإسراع باقتلاع البشير وعصابته والحيلولة دون هروبهم، وإجبارهم على استرداد ما نهبوه من أموال، لتسديد أقساط الديون التي أخذوها باسم السُّودان، وهذه هي (خِياراتنا) الوحيدة لإنقاذ مُقدَّراتنا من أنياب الدَّائنين، الذين أصبحت لهم حقوق (على السُّودان) لا يُمكن إنكارها أو الامتناع عن إرجاعها، وفق ما أوضحنا أعلاه، كما سنحتاج لما تبقى من أموالنا المُسْتَرَدَّة لتسيير الدولة عقب اقتلاعهم. وبعبارةٍ أُخرى، نحن أمام خطر مُحْدِقْ، يحتاج لتضافُر جهود جميع السُّودانيين، خاصةً القانونيين والاقتصاديين، خاصةً مع التعتيم الإسْلَامَوِي المُتعمَّد على شروط وتفاصيل اتفاقيات القروض التي نالوها باسم السُّودان.. وللحديث بقيَّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير