الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدور الايراني في سوريا والصراع مع اسرائيل

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2018 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يبرز الصراع الإسرائيلي – الإيراني في المنطقة، ما بعد الهجمات الصاروخية الغربية الأخيرة، في سوريا، الاسبوع الماضي، بصورة أكثر حدّة، من قبل. فالإغارات الجوية الاسرائيلية، ضد أهداف في العمق السوري لم تتوقف. يُشار الى أنها مواقع عسكرية تشغلها أو تديرها إيران لصالح فيلق القدس، أو القوى الجوية الإيرانية، التي تعزز وجودها الإحتلالي ببناء قواعد عسكرية متعددة الأغراض، في الوقت الذي تواجه فيها ضغوطات كبيرة لتقليص دورها وبالتالي وجودها، تمهيداً لإخراجها من المشهد السوري، كما يُعتقد.
يتجاوز الدور الإيراني، دعم السلطة السورية، في قمع الانتفاضة الوطنية ضد الاستبداد، وتمكين النظام أمنياً وعسكرياً ومالياً، من مواجهة استحقاقات الحرب التي يشنها ضد المدنيين منذ سبع سنوات، ومواصلة سياسة الخيار الأمني الذي تديره طهران بقوة، من أجل استمرار بقاء النظام، ومنع سقوطه.
فقد بدأت إيران فعلياً بتنفيذ برامج متعددة لبناء القوة، ما يعني اعتماد استراتيجية البقاء طويل الأمد في سوريا. من ضمنها الاستثمار في الاقتصاد، وبناء المنشآت، وشراء الأراضي والعقارات، وتجنيس إيرانيين، وإنشاء الشركات المتعددة الأغراض. ذلك يضاف الى مشروعاتها العسكرية الاستراتيجية: التسليح. وخاصة في مجال الدفاع الصاروخي، وبناء القواعد الجوية، وفقاً لتوزع استراتيجي يهدف لوضع جميع المناطق تحت السيطرة.
دعم نظام الأسد، وتعزيز التمدد الإيراني في المنطقة، هو جانب أول في استراتيجيات إيران. لكن الجانب الآخر، يتصل باسرائيل، والمواجهات المحتملة معها، في المستقبل، في ضوء التطورات والتغيرات، سواء في علاقتها مع الولايات المتحدة، بصورة خاصة، أو الغرب عموماً، ومدى تأثير ذلك على مشروعها النووي، وعلى دورها المتنامي في الشرق الأوسط.
سنحت سنوات المحنة السورية، الفرصة واسعة، لتقوم إيران بتحديث استراتيجاتها المتصلة بالمنطقة، بما فيها الصراع مع اسرائيل، وتبدى ذلك جليّاً، في أنها نقلت مركز النشاط العسكري والأمني الى سوريا، وجعلت من تواجدها هناك محورياً، بدل أن كانت سورياً تقوم بدور مساند لها، فيما يتصل بالساحة اللبنانية، ودعم وكلائها هناك وفي مقدمهم حزب الله. بلا شك أن تواجدها في العراق أكثر أهمية نتيجة عواملين أساسيين هما الاتصال الجغرافي، والهيمنة الأمريكية، إضافة الى الهيمنة على المرجعيات الدينية. إلاّ ان وجودها في دمشق، يمنحها قوة في التعاطي مباشرة مع ازمات المنطقة، وكذلك التدخل المباشر في الصراع مع إسرائيل، وبالتالي أصبحت التحالفات مكشوفة، ولم يبد أي طرف في المنطقة رغبته في إخفاء أهدافه أو التعتيم عليها، وبالطبع إيران في المقدمة.
انتقلت المواجهة من الساحة اللبنانية، الى الساحة السورية، بصورة مباشرة، مع بقاء التوتر قائما في الجنوب اللبناني، في درجة متدنية، لصالح تفاقمه بين الطرفين خلال السنوات الأخيرة، منذعام 2012، بشكل متنام، مع تطور التواجد العسكري الإيراني في سوريا. تستهدف إسرائيل بصورة شبه منتظمة، قواعد ومواقع تجمعات، ومستودعات عسكرية تشغلها إيران في سوريا. في تطوير واضح لسياسة اسرائيل لقطع طرق إمداد ووسائل، ما تعتبره اسرائيل دعماً لحزب الله، الذي يجعل المنطقة على فوهة الحرب باستمرار. ومنذ عام 2006، بدأت باستهداف قوافل الإمداد الإيرانية بالسلاح، داخل سوريا.
لعب التدخل الإيراني في سوريا، دوراً مهماً في الوصول الى ما نحن عليه، من خراب ودمار هائلين، وفي ارتكاب جرائم حرب بشعة، ضد عشرات آلاف المدنيين، وفي ممارسة القتل والتعذيب الممنهج في المعتقلات، وفي تجريف السكان من مناطق عيشهم وسلبهم ممتلكاتهم، وفي بدء عملية تغيير ديمغرافي ماتزال قائمة، وفي دعم سياسة النظام في الحصار والتجويع. خاصة خلال الفترة الممتدة من 2011 حتى بدء التدخل العسكري الروسي المباشر في سبتمبر عام 2015، لتبدأ مرحلة التجاذب في الأدوار والمصالح بين موسكو وطهران. لكن درجة المشاركة في الجريمة المنظمة ضد السوريين، ظلت في ارتفاع مستمر.
الضربة الأمريكية – الغربية، تبدو في أحد أوجهها أنها محاولة للجم التمركز الإيراني في سوريا، والذي تتم مقاربته بالنظر الى تأثيره في الصراع مع اسرائيل. ومع ذلك، لايمكن إغفال الأسباب الأخرى المتصلة بالعلاقات الروسية المتردية مع الغرب، بريطانيا بشكل خاص، والولايات المتحدة التي تشعر بان الكرملين يتجاوز الحدود المتعارف عليها، في اللعبة الدولية منذ سقوط الاتحاد السوفييتي. وهذا مثار قلق كبير للإدارة الامريكية، فيما يتصل بهيمنتها على القرار الدولي. واشنطن لا تريد شريكاً لهافي ذلك. لكنها بالمقابل عاجزة في الحقيقة عن أي تدخل حاسم في القضايا الدولية، والقضية السورية مثال مهم على أداء السياسة الخارجية الأمريكية، بما تعنيه تلك القضية للصراعات التاريخية الكبرى في المنطقة، سيما القضية الفلسطينية، والتمرد الإيراني المتنام.
استخدام النظام للسلاح الكيمياوي، آخر الأسباب التي دفعت واشنطن لتنفيذ ضربة جوية، هي القشّة التي قصمت ظهر البعير. تدلنا التجربة، أن ما يحدث من جرائم في سوريا، لم تشكل قيمة دافعة لدى ترامب والإدارة الامريكية بشكل عام، كي يتخذ قراراً باستخدام القوة. فالنظام السوري ومعه إيران وروسيا بكل ثقلهما العسكري والأمني يرتكبون مجازر يومية بحق المدنيين. تدرك واشنطون وحلفاؤها، أن محاربة الإرهاب مجرد كذبة، لكنها جارية! تأثير لندن في اتجاه معاقبة روسيا بضرب قواعد سورية، رسالة واضحة، ولسنا بحاجة للتذكير بأن السوريين يدركون أن الضربة لم تأت لحمايتهم، وأنها ليست رسالة موجهة للأسد كما قال وزير الدفاع الامريكي جيمس ماتيس مؤخراً.أجل فهم الأسد الرسالة: يمكنه استخدام جميع الأسلحة المتاحة ضد السوريين، باستثناء الكيمياوي. في اليوم التالي، استهدف نظام الأسد ريف حمص الشمالي.
قبل نحو عام، وجه ترامب ضربة جوية لمطار الشعيرات. كانت مجرد خدش طفيف على أصابع المجرم. اعتقدنا أننا أمام حالة جديدة، وأن التعاطي الأمريكي مع المسلة السورية، سيختلف حتماً، وأن ما قبل قصف الشعيرات، ليس كما بعدها. لقد شهدنا الأسوأ، ازدادت عمليات القصف بالكيمياوي والنابالم وغيره. تغولت إيران بعد محطتي أستانا وسوتشي، أصبحت شريكاً تُرغَم الأطراف الرافضة لدورها، على القبول بها. لم يختلف الأمر كثيراً عن سياسة أوباما حيال إيران، فقد رفض البيت الابيض طوال سنوات مشاركة طهران في مفاوضات جنيف، والنتيجة، جميع لقاءات جنيف لم تنته الى شئ. لقد عطلت إيران وموسكو أي تقدم يمكن أن يُنجز في سياق تطبيق قرارت الأمم المتحدة المعنية بالحالة السورية.
لا يمكن الوثوق – حقيقة – بما تقول الولايات المتحدة، بشأن سوريا. ليست هناك استراتيجية واضحة، وليست هناك فكرة لدى ترامب بشأن المستقبل. الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تعتزم عدم القبول بمرشح ترامب للخارجية مايك بومبيو. تقول أنه لايملك سياسة واضحة، تجاه القضايا الأكثر أهمية في العالم!
كان يمكن للضربة الأمريكية أن تكون مفيدة جداً، إذا تم توظيف نتائجها المباشرة، في دفع عملية التفاوض قدماً. لكن شيئاً من ذلك، قد لا يبدو ممكناً في القريب المنظور، فأستانا تنتظر جولة جديدة في أيار/ مايو، ولا أخبار عن موقف امريكي – أوروبي ينهي الجرائم المرتكبة في سوريا، يترافق ذلك مع تخبط في اتخاذ سياسة محددة حيال مستقبل الوجود الأمريكي في الشمال السوري، والبحث عن بدائل عربية، لملء الفراغ الذي يمكن أن يُحدثه سحب الجيش الأمريكي.
هذا المناخ، إيجابي ومثالي للغاية، بالنسبة لطهران. لا تبدو هناك أية قوة حتى الآن قادرة على وقف التمدد والتغلغل العسكري الإيراني في سوريا. حتى الغارات الإسرائيلية محدودة التأثير. وكأن هناك اتفاقاً ما يُبقى سوريا أرضاُ مفتوحة لتنفيس الاحتقانات بين مختلف الأطراف، وأن الوضع تحت السيطرة، سيبقى كما يريدون، جبهات باردة بين اسرائيل وإيران، وبين الولايات المتحدة وإيران، والجميع غير مكترث بالكوارث التي تحلّ يومياً بالسوريين جرّاء الحروب التي يحرقهم سعيرها بلا هوادة.
إيران دود يتغلغل في الجسد السوري، ولا علاج له سوى الكيّ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في