الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيبتي .. ماما ..

هيام محمود

2018 / 4 / 22
الادب والفن


لا أذكرُ أنّي أَرَدْتُ يومًا حياةً "عاديةً" , لكني أذكرُ أنِّي كنتُ أريدُ أن أكونَ سعيدة كمَامَا .. كنتُ دائمًا أقول أنّ ماما أسعدُ اِمرأة في الكون لأنّ حُبَّ بابا لها بلا حدود , لكنّي كنتُ أرى أنّ حبّها له كان أقلَّ من حبِّه لها وكان ذلك لا يُعجِبني فيها ؛ ماما كانتْ تَأخذُ من "حصة" بابا وتعطي لخالتي .. أختها ..

أذكرُ أنها في كثير من الأحيان كانتْ تَقطعُ عشاءها معنا أنا وبابا وتَخرج بسرعة لتَلتحقَ بأختها وأنام قبل أن تعود , أيام الأحد أيضًا كانت كثيرا ما تتركنا وحدنا .. بابا كان يَغَارُ من خالتي وكان لا يحبّها وكذلك كان زوج خالتي مع ماما ..

كنت دائما أتساءل عندما تلتقي العائلتان لماذا لا تجلس ماما وخالتي كل بجانب زوجها ولماذا كانتا تُمضيان أغلب الوقت وحدهما إما في غرفة ماما أو في غرفة خالتي عندما نذهب لمنزلها .. أذكر مرة اِتصلَتْ خالتي تسأل عن ماما فقلتُ لها أن أصبعها جُرِحَ وهي تقصُّ الخضار فقطعَتْ الاتصال , ظَننْتُ أنه كان مجرد اِتصال ككل اِتصال وأنه مجرد جرح كأيّ جرح بسيط , لكن بعد وقت قصير حَضَرَتْ خالتي وكانتْ حالتها وكأنّ ماما قد دَهَسَهَا قطار .. أَذكرُ جيدًا أنها اِحتضَنَتْ ماما طويلا ثم قَبَّلَتْ يدها المجروحة وصرَخَتْ في وجهها وقالتْ لها ألا تَدْخلَ المطبخ مرة أُخرى لأنها ستُحْضِرُ لها مَنْ تَقُوم بكلّ شؤون الطبخ لكنّ ماما رفَضَتْ , بابا لم يكن في المنزل وقتها ولمّا عَادَ لم أَقُلْ له الذي حَصَلَ حتى لا يَغَارَ أكثر من خالتي ..

هكذا نوعًا مَا كنتُ أرى عندما كنتُ صغيرة , لا أَذكرُ هل طَلَبْتُ من ماما أن تُنْجِبَ لي أختًا لأحبّها كما تُحِبُّ هيَ خالتي لكني أَذكرُ جيدًا أني كنتُ أرى أنَّ ماما تُحِبُّ خالتي أكثر من بابا .. ولم يكن الأمر كذلك ..

اليوم أقولُ أنَّ الذي بينَ ماما وخالتي والذي لَمْ يَتَغَيَّرْ إلى اليوم , ليسَ حُبَّ أُخْتٍ لأختها بل حُبُّ اِمرأةٍ لامرأةٍ يتجاوز صلة الرحم والصداقة بكثير .. وعندما ذَكَرْتُ ( تامارا ) لماما لم تُبْدِ أيَّ اِستغرابٍ بل هيَ مَنْ سَاعَدَتْنِي على فَهْمِ أيّ حُبٍّ أَحْمِلُ لها , الأكيدُ أنَّنَا نتشابه وربّما الأمر فيه شيء من الوراثة .. ربّما .

.

يَوْمَ عَجَزْتُ عَنْ فَهْمِ
كَيْفَ أَرَاكِ
قُلْتُ أَنِّي ظَنًّا
أَزْعُمُ أَنِّي أَهْوَاكِ
وَأَضَفْتُ :
إِيَّاكِ !
وَهَذَا الهُرَاء إيَّاكِ !
فَبِئْسَ يَوْم جَهْلٍ
كِدْتُ فِيهِ
أَلْقَى هَلَاكِي !

.

مَجْنُونُ لَيْلَى حَكَمَ ذَا
كَــ ـالزَّمَنَ الذِي فَاتْ
وَاليَوْمَ هَا أَنَا إِلَى
هَيْكَلِكِ أَخْطُو الخُطُوَاتْ
دَائِسَةً فِي طَرِيقِي
عَلَى كُلِّ المُقَدَّسَاتْ
فَقَدْ أَظَلَّ زَمَانُ مَنْ
كُنَّ بِلَيْلَى مَجْنُونَاتْ

.

لَنْ يَكْفِيكِ غِنَائِي
غَيْرَ آبِهَةٍ بِكُلِّ اِسْتِهْزَاءِ
وَإِهْدَائِي
لَكِ
كُلَّ أَبْنِيَتِي
بِنَاءً بَعْدَ بِنَاءِ
سَأَتَطَفَّلُ عَلَى خَيْمَةِ الشُّعَرَاءِ
سَأَزْعُمُ أَنِّى اِبْنَةُ الخَنْسَاءِ
وَبِلُغَةِ المَوْتِ وَالفَنَاءِ
سَأَذْكُرُكِ فِي رِثَائِي
لِوَطَنٍ
أُزِيحَ عَنْ قِمَّتِهِ الشَّمَّاءِ
وَأُقَبِّلُكِ فِي هِجَائِي
لِدَهْرٍ ظَالِمٍ
حَطَّمَ قُلُوبَ الشُّرَفَاءِ
سَأَجْعَلُ مِنْكِ سِرَّ اِنْشَائِي
ودُونَ حَيَاءِ
سَأُلْقِي عَلَيْكِ رِدَائِي
فَأَنْتِ قَدَرِي وَقَضَائِي
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا
بِعُيُونِكِ الزَّرْقَاءِ









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى