الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية (مقتل فخر الدين )

زهير إسماعيل عبدالواحد

2018 / 4 / 24
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


قراءة في رواية) مقتل فخر الدين(
للروائي المصري )عز الدين شكري فشير(
الرواية الاولى للكاتب والتي صدرت طبعتها الاولى عن دار الشروق في عام 1995 ، تقع في 308 صفحة من القطع المتوسط.
من خلال احداث الرواية التي تدور حول قضية قتل شخص يدعى "فخر الدين"، يتضح اسلوب الكاتب المتطور جداً وقدرته الهائلة على شد إنتباه القارئ حتى نهاية احداث روايته وكأنها تجميعات لكتابات ومذكرات وكلام "فخر الدين"، كما ان اعتماد الكاتب اسلوب الفلاش باك في التحقيق حول قضية القتل الذي يقوم به "عمر فارس" احد اهم شخوص الرواية أضافت إلى الرواية متعة أخرى وجمالية، واما المفاجأة فهي إغلاق القضية بشكل غريب جدا.
الرواية في أجزائها السته تبدأ من حياة " فخر الدين" في القرية ومن بعدها فترة الجامعة و دراسته بكلية الحقوق وماشملته من تقلبات نفسية وهنا هي الصعوبة والمتعة معاً التي يستخدمه المؤلف ، فالتحولات النفسية للبطل التي تتصاعد مع أحداث الرواية والمواقف العاطفية مصيرية لحياة "فخر الدين" ، يليها الفترة التي قضاها في الجيش والتي تزامنت مع توقيت دخول العراق إلى ل
الكويت ، ثم تليها فترة عملة كمحامي وعلاقتة بحبيبته "شيرين" ،التي يتبين لنا من خلالها شخصية " فخر الدين" بحسناتها وعيوبها.
"فخر الدين" هو شخص مثالي جدا متمسك بمبادئه التي رافقته من الصغر، محب لغيره ولكن عيبه الوحيد والكبير هو كبرياءه الذي كلفه الكثير ، كلفه حتى روحه في نهاية الرواية ، فصار أشبه بالجثة الحية، حي ولكنه فقد روحه. مع نهاية كل فصل يؤكد أحدهم موت فخر الدين
بطريقة مختلفة،مما قد يقود البعض الى الظن بانّ كلاً منهم يتحدث عن "فخر الدين " مختلف ولكنه نفس "فخر الدين" الذي قتلته خيبة أمله في أهله و خيانتهم له بعد وفاة أمه وأبيه ، قتلهُ تخلى اول أصحابهُ عنه مع أول مفترق طريق، قتلتهُ وحشية مهنة المحاماة وجشع المجتمع.
مات فخر الدين..وهنا يتطرق الكاتب إلى الموت بأفعال الآخرين ، فكلماتهم موت لا يوجد فيه دماء و تسقيط مجتمع، وهذا أخطر بكثير من الموت الحقيقي، أداة الجريمة هي الكلمة و الفعل من الآخرين.
لقد جاء في مورثنا الديني إنّ (الكلمة الطيبة صدقة) وأيضا جاء
إنّ (الموت ليس هو أن يواري جسدك التراب لكن ان تموت بإفعال و أقول الآخرين).
مات فخر الدين أكثر من مرة وفي كل مرة نتأكد أن فخر الدين مات بشكل أو بآخر في مرحلة من مراحل حياته .
على الرغم من البداية البوليسية للرواية إلا أنها رواية إجتماعية ذات طابع سياسي تكشف عيوب المجتمعات العربية من خلال" فخر الدين" الذي لا يخلو من عيوبه الخاصة والتي سنتعاطف معها ونقرر أغفالها لما نراه من قسوة العالم حوله.
أما جماليات الرواية:
- أولها : التنقل السريع في الزمان وفي الشخصية.
- ثانيا: التغيرات النفسية الرائعة التي تطرأ على شخصية فخر الدين الذي تحول من محامي إلى إرهابي؟!
- ثالثا: مزج الكاتب عز الدين بين اشعار محمود درويش في بداية كل فصل ونهايته، مما أعطى الرواية نكهة خاصة بها و زاد من جماليتها وهذا الاسلوب يُعتمد لاول مرة في الروايات المصرية
وتكون الأشعار حسب المواقف والاماكن.
- رابعا: قمة في روعة الحبكة والسرد والمتعة واللذة أثناء القراءة.
- خامسا: هذه الرواية هي من أربع أجزاء تبدأ من (مقتل فخر الدين)
وتنتهي بـ ( أبو عمر المصري).
- سادسا: جمال الصوره النصية المتحركة التي اعتمدها الكاتب مما يجعلك تشعر وتحس و ترى هذه الصور وتقبل بها.
لقد تحولت هذه الرواية إلى مسلسل تحت اسم أبو عمر المصري
لعام 2018، حيث قامت الكاتبة (مريم نعوم) بجمع الجزء الأول (مقتل فخر الدين) والجزء الأخير( أبو عمر المصري) ، يقوم باداء ادوار المسلسل أحمد عز وباقة من نجوم التمثيل المصري.حري بهذه الرواية أن تكون عمل درامي رائع كونها رواية درامية بحته من ناحية الأسلوب الذكي.
- ثامنا...مما زاد في متعة الرواية هو التحولات النفسية للبطل وتطور الطبيعي للشخصية كأي رواية .
- تاسعا: اللغة التي استخدمها المؤلفمن خلال البطل
على شكل خطاب يشعرك بأنه شخص مثقف ولم يستخدم المؤلف الكلمات العامية المصرية ماعدا القليل منها.
- عاشرا:استخدم المؤلف (النص المتسع كما يسمى بالنقد)، لا أعرف أن كان يقصد ذلك منذ البداية لهذا تتطور الرواية إلى أربع أجزاء.
الرواية تستحق القراءة والكتابة عنها وخصوصا انها أول عمل للكاتب.
(عز الدين شكري فشير) روائي مصري يدرس العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية ، صدرت له ست روايات " مقتل فخر الدين "(1995) و" أسفار الفراعين"(1999) و "غرفة العناية المركزة" (2008) والتي رشحت للجائزة العالمية للرواية العربية(البوكر العربية) و " أبو عمر المصري" (2010 ) و " عناق عند جسر بروكلين"(2011) والتي وصلت للقائمة النهائية للجائزة العالمية للرواية العربية(البوكر العربية)
للعام نفسه، وأخيرا صدرت له رواية " باب الخروج" .
من اهم مقاطع رواية (مقتل فخر الدين) :

" أخرج فخر الدين رأسه من تحت البطانية، ما الذي أيقظني مبكرا هذا الصباح؟ هذا الصمت مبالغ فيه. وقف فخر الدين في الصالة يحدق في النافذة... نظر طويلا إلى قمة المنزل المجاور، ثم ارتسم على ملامحه هدوء وسلام مد يده إلى جلبابه الأبيض وسرواله الأبيض...أكمل ارتداء ملابسه وعاد إلى الصالة وجال بنظره على الأشياء مودعا....فتح الباب وخرج.
عندما خطا فخر الدين خطوته الأولى في شارع العهد الجديد، أدرك أن الجو الغريب في أحكام سيطرته تماما...صمت مرعب يشل الشارع...
الوجود الخفي كثيف ومنظم عشرات العيون الخبيئة ترقبه ويسلمه بعضها لبعض...ثم انهال الصوت داميا متفجرا من كل نافذة و مدخل وسطح. متتاليا سريعا متدفقا متصلا نافذا وقاتلا.سقط فخر الدين سقطة واحدة على رصيف الشارع في دمه الأحمر القاني المنساب ساخنا على ردائه الأبيض...أفسح الهواء صادرا لإشارة الصمت؛ فصمتت الرشاشات الآلية صمتا شاملا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا