الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدوان الثلاثي ومصير الحل السياسي

منذر خدام

2018 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


العدوان الثلاثي ومصير الحل السياسي
منذر خدام
شغل التساؤل حول مصير الحل السياسي للازمة السورية، بعد العدوان الصاروخي على سورية الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، الأوساط الاعلامية والدبلوماسية والسياسية الدولية والمحلية، وذهب كثيرون من هذه الأوساط مذاهب شتى في الجواب عنه. بعضهم عد الحل السياسي قد صار دانيا بعد العدوان ، وان الدول الثلاث التي قامت بالعدوان أرادت التعجيل به. لكن بعضهم الأخر ذهب باتجاه ان الحل السياسي صار صعباً، وان الظروف المهيئة له صارت معقدة جداً. وهناك فريق ثالث قال بان العدوان الثلاثي جاء للقضاء على الحل السياسي تماما.
يحاج من يقول بالجواب الأول ان الضربة الصاروخية، التي قاربت ان تكون نوعا من المسرحية، صبت نتائجها السياسية كلها في صالح النظام، لكنها، مع ذلك ، كانت ضرورية لفتح الأبواب أمام مشاركة الدول الثلاث أمريكا وفرنسا وبريطانيا في الحل السياسي، الذي أوصدت روسيا أبوابه أمامهم. وبالفعل ما كادت ضجة مسرحية الضربة الصاروخية تشارف على الانتهاء حتى صرح الرئيس الفرنسي ماكرون بضرورة تسريع الحل السياسي، جارته في تصريحاته أيضا رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا مي. وفي الوقت ذاته اعاد ترامب تأكيده بأن أمريكا سوف تنسحب من سورية عاجلا، في رد يكاد يكون مباشرا على ما قاله الرئيس الفرنسي في حينه من أنه اقنع ترامب بضرورة بقاء قواته في سورية.
أما من يحاج بأن الحل صار بعيد المنال نظرا لأن الظروف المهيئة له صارت معقدة جدا بعد العدوان الثلاثي على سورية، وان روسيا التي شعرت بالإهانة لتجاهل تحذيراتها بخصوص الضربة الصاروخية، لن تتساهل بعد الضربة بإعطاء أي دور يذكر للدول الغربية فيه، وهي ماضية بدعم الجيش السوري للقضاء على الوجود المسلح للجماعات الاسلامية المتطرفة، بل ذهب البعض منهم( وزير الدفاع ووزير الخارجية) إلى ان المحاذير الأخلاقية للامتناع عن تزويد الجيش السوري بمنظومة الدفاع الصاروخي s300 لم تعد موجودة.
اما الفريق الثالث الذي يقول بان العدوان الثلاثي على سورية قد قضى على الحل السياسي تماما ، فإنه يحاج بان الدول الغربية عموما لا تريد أي حل سياسي بل تدمير سورية بالكامل، وان الرد عليها يكون في الميدان بتحقيق مزيد من الانتصارات حتى القضاء نهائيا على عملائها وادواتها من قوى ارهابية . فالدول الغربية بحسب كثير من مسؤولي النظام وايران ما انفكوا يختلقون الأكاذيب ليبنوا عليها سياساتهم التدخلية في الشأن السوري، وبالتالي فإنه لا يجوز منحهم أي دور ليس فقط في الحل السياسي بل وفي اعمار سورية في المستقبل، او في استثمار الثروات النفطية والغازية الواعدة التي يجري الحديث عنها بإطناب في الفترة الأخيرة.
بعيدا عن هذه الاستقطابات الحادة في مواقف الأطراف الدولية والمحلية من الأزمة السورية، ومن الحلول المطروحة لها، فإن للواقع ما يقوله في هذا المجال.
بداية ينبغي التأكيد على أن ما من أزمة محلية او دولية إلا وكانت نهايتها بحل سياسي. حتى الذين يرفضون الحل السياسي فهم لا يرفضونه من حيث المبدأ، بل يرفضون الحل الذي لا يحقق مصالحهم. فالدول الغربية تريد الحل السياسي الذي يحقق لها نفوذا طويل الأمد في سورية، ولذلك نراها تضغط باتجاه تحويل سورية إلى نظام فدرالي يجعل سورية مركبة تركيبا طائفيا او اقواميا او جهويا، يجعل السلطة المركزية ضعيفة. ولا تخفي ايضا مطالبتها بالقطع مع النفوذ الإيراني في سورية. واللافت ان الدول الغربية، ومعها بعض الدول العربية للأسف، تهدد بتقسيم سورية إذا لم تتحقق مطالبها، خصوصا بعد ان خسرت رهانها على القوى الاسلامية المتطرفة في تحقيق ما تصبو إليه.
على العكس من مواقف الدول الغربية فإن روسيا لا تقبل بتقسيم سورية، ولا تقبل أيضا بان يؤدي أي حل سياسي إلى اضعاف نفوذها في سورية الذي حققته بالدم كما تقول بعض الأوساط الروسية، وهي تريد لهذا النفوذ ان يكون ممتدا في الزمن. وإذا كانت الدول الغربية ومعها بعض الدول العربية الخليجية قد استثمرت في الارهاب لتحقيق مصالحها في سورية، وفي ذلك يكمن ضعفها السياسي، فإن روسيا ومعها ايران قد استثمرتا في محاربة الارهاب وفي ذلك تكمن قوتهما السياسية. لكن رؤية روسيا للحل السياسي لا تتطابق تماما مع رؤية ايران، فروسيا تريد حقيقة نظاما سياسيا منفتحا، يسمح بهوامش حقيقية للحرية وللحياة السياسية لكنها هوامش مضبوطة. اما ايران التي كانت قد تقدمت في وقت سابق بمبادرة سياسية كانت أقرب إلى وجهة نظر روسية سرعان ما تخلت عنها بعد تغير موازين القوى على الرض بشكل حاسم لصالح الجيش السوري وحلفائه، وصارت أقرب إلى وجهة نظر النظام التي تقول بان الحل السياسي ينبغي ان يكون داخليا صرفا، بلا أية مرجعية قانونية دولية، وهذا لن يتحقق إلا بعد اعادة سيطرة الدولة على كامل الجغرافيا السورية.
بعيدا عن رغبات أي طرف متدخل في الأزمة السورية فإن الواقع يقول:
1-ان موازين القوى الميدانية قد تغيرت بصورة حاسمة لصالح النظام وحلفائه، وهذا سوف ينعكس في الحل السياسي المحتمل.
2-سورية باتت موزعة إلى مناطق نفوذ يصعب القضاء عليها عسكريا، فهناك منطقة نفوذ تركية، ومنطقة نفوذ امريكية ومنطقة نفوذ إسرائيلية، ولا بد أن يكون لأصحاب النفوذ في هذه المناطق من دور يؤدونه في أي حل سياسي محتمل سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة.
3-إن اعادة الاعمار تتطلب جهودا دولية كبيرة، لا يستطيع النظام وحلفاؤه القيام بها لوحدهم، وهذا يدفع باتجاه حل سياسي يعطي لأصحاب النفوذ، ولأصحاب الأموال، دورا فيه.
4-الانقسام المجتمعي العميق الذي حصل في سورية نتيجة الصراع المسلح يصعب اعادة لحمه مع بقاء النظام على حاله وبالتالي لا بد من حل سياسي يؤدي إلى مزيد من الانفتاح في قوام النظام الحالي وأليات اشتغاله، يتيح في المجال لهوامش حقيقية للممارسة الحرية والديمقراطية وحكم القانون. ويبدو لي أن بعض اوساط النظام بدأت تستشعر ضرورة ذلك ، فالنظام الذي هو في وعي كثير من السوريين يتحمل القسط الأكبر من الدمار الذي حل بسورية، وان القول بمحاربة الارهاب لا يكفي وحده لإزالة هذه الصورة النمطية، فلا بد بالتالي من إجراء اصلاحات جدية وعميقة في قوام النظام تتيح بنوع من التعددية السياسة وبمزيد من الحرية وحكم القانون.
في ضوء الوقائع السابقة، يمكن القول لا بد أن يتغير النظام، وإن المدخل إلى ذلك هو في اعداد دستور جديد، او تعديل الدستور الحالي، باتجاه اعادة هيكلة النظام لكي يصير اكثر انفتاحا وديمقراطية، وهذا ما يعمل عليه الروس مع اطراف دولية اخرى، بعيدا عن مسار جنيف الذي صار من الماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي