الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية السياسية أداة الخيانة الوطنية

ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)

2018 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


إن احدى البديهيات الجلية في نجاح تجارب الأمم والدول والأنظمة السياسية الديناميكية والعقلانية والإنسانية تقوم في تصنيعها لفكرة المرجعيات الكبرى العامة وتذليل مختلف أشكال وأصناف ومستويات التجزئة والبنية التقليدية. والسبب يكمن في أنها توجه القوى الاجتماعية بمختلف نوازعها وهمومها واهتماماتها وقدراتها صوب القضايا العامة والمنفعة العامة والمصلح العامة، أي صوب المستقبل. على عكس البنية التقليدية التي تجعل من التمسك بالماضي وتجاربه المحدودة همها الأكبر. بمعنى تبذير وصرف قواها وطاقاتها الجسدية والعقلية والروحية صوب أمور لا قيمة فيها بالنسبة للحرية والتطور والارتقاء. بل على العكس من ذلك.
والطائفية من حيث الأصل والجذر والبنية والاستعداد والغاية والوسائل تنتمي إلى الماضي والانغلاق والتقوقع، أي أنها احد أكثر الأشكال تقليدية وتخلفا في مجال البنية الاجتماعية والروحية. وذلك لأنها تجعل من الانغلاق والعصمة الذاتية مرجعية كبرى. مما يضعها دوما في تناقض مستعص مع الفكرة العامة.
وليس مصادفة أن تتحول الطائفية بشكل عام والسياسية بشكل خاص إلى قوة مدمرة للفكرة الوطنية والقومية، وذلك لأنها أفكار عامة. وهو أمر جلي في ظروف العراق الحالية، عندما تحول الانقسام الطائفي (السني- الشيعي) إلى قوة مدمرة للفكرة الوطنية (العراقية) والقومية (العربية)، مع ما ترتب عليه من انحدار فكري وسياسي وأخلاقي وروحي لعل ظاهرة التدمير العشوائي والقتل المجاني للنفس والآخرين احد نماذجه "الرفيعة"، أي الأكثر تعبيرا للانحطاط الذهني والعقلي والأخلاقي والنفسي والاجتماعي. الأمر الذي يجعل من الطائفية السياسية احد أكثر مظاهر الطائفية انحطاطا للروح الإنساني، والأكثر تعبيرا عن الرذيلة والخيانة. وقد يكون موقف (القائمة العراقية) من إخراج قوات الاحتلال واستعادة الاستقلال السياسي والوطني الناجز الذي جرى تحويله من أيام فرح بمعايير الفكرة الوطنية إلى أيام إرهاب مادي ومعنوي بمعايير الحزبية، والدعوة الدائمة للاعتماد على "الدول العربية" (والمقصود بذلك دول الجزيرة شبه العربية من إمارات مرذولة وملكيات صعاليك ومماليك متهرئة، التي أكثر من ناصبت الدولة العراقية العداء على امتداد تاريخه الحديث والمعاصر) او دعم "الرئيس البرازاني" (أي أكثر الشخصيات تخريبا للفكرة الوطنية العراقية وأشدها انهماكا في المؤامرات الصغيرة والكبيرة، واحد نماذج العصابات الإقطاعية الجبلية، إذ لا زراعة ولا حصاد) وما شابه ذلك، سوى احدى الأمثلة النموذجية بهذا الصدد.
كل ذلك يكشف عن أن الطائفية السياسية تؤدي بالضرورة إلى مستنقع الخيانة الفجة والعلنية للمصالح الوطنية. ليس ذلك فحسب، بل وتحويلها إلى أسلوب وشعار المعارك السياسية!! وهو اشد الأنواع والأساليب ابتذالا للفكرة السياسية أيضا.
إن استدراج الطائفية السياسية للخيانة الوطنية هي صفة عامة وملازمة لكافة الحركات الطائفية السياسية المغلقة بدون استثناء، أي تلك التي تغلّب فكرة الطائفة المذهبية وأنماطها الاجتماعية ومصالحها الاقتصادية والسياسية الضيقة على أي اعتبار آخر. الأمر الذي يجعل منها مرضا أكثر مما هي رؤية وموقف.
بعبارة أخرى، أن الطائفية السياسية من حيث حقيقتها هي مجرد أداة لا غير. وحالما يتحول الشعار والفكرة إلى مجرد أداة، عندها يصبح الاستعداد لقبول كل شيء وتبريره، بما في ذلك اشد الأشكال والمظاهر خيانة أمرا عاديا. وحالما تصبح الخيانة خيارا "طبيعيا" و"عاديا" للحركة السياسية، عندها ستقف بالضرورة أمام الموت او الانتحار. وهذا بدوره لا يصبح نتاجا لمأزق ذاتي، بل ومهمة ينبغي للدولة الشرعية أن تضع على عاتقها مهمة تنفيذها من خلال إرساء أسس البديل الشامل للطائفية السياسية ومحاربة ومعاقبة كل أشكالها العلنية والمستترة.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا