الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيبتي .. و ( زوجها ) .. 2 ..

هيام محمود

2018 / 4 / 25
الادب والفن


قرابة الحادية عشرة والنصف اِتّصلَ بي ( جاد ) , قال أنّ ( تامارا ) ليسَتْ على ما يُرام اِتَّصلَتْ به وكانتْ غريبةَ الأطوار وقالَتْ أنّها ستخرجُ لأنها لا تُريدُ البقاءَ في المنزل .. ( جاد ) كان في منزل صديقه أمّا هيَ فقد غادرنَا من عندها مع العاشرة ولم نُلاحِظ أيّ شيء غريب في كلامها أو تصرّفاتها .. وعندما ذَكَرْتُ ذلك لِـ ( جاد ) قال أنه يَعتقدُ أنها تُريدُ أن تكون معنا دائمًا وعلينا أن نَتَكَلَّم في الأمر بجديّة نحن الأربعة , لكنه يخشى غضبها لأنها طلبَتْ منه ألا يُعْلِمنا برغبتها وطلَبَ منّي ألا أُعلِمها أنّه أخبرني بذلك فوعدتُه .

بعد اِنتهاء الاتّصال معه , لم أَستطِعْ مُخاطبتها لكنّي أَرسَلْتُ لها "Te odio" وبَقيتُ واقفةً أمام أيقونتها أُداعِبُ وجهَهَا وأَقولُ "أنا أيضًا أُريدُ لكني لا أعلمُ كيفَ !" .. ( علاء ) كان مُستلقِيًا في غرفة الجلوس أخذهُ النعاس , لم أشأ أن أُوقِظه وبَقيتُ في مكاني أنظرُ لأيقونة ( تامارا ) وأنتظرُ ردّها على رسالتي لكنها لم تَرُدّ ..

بعد قليل , ذَهبتُ وجَلستُ أمام ( علاء ) , نَظرتُ إليه طويلا , أردتُ تقبيله لكني لم أفعل خِشيةَ أن يستيقظَ فعدلتُ وفضلتُ النظر إليه .. كنتُ أرَاهَا بجانبه نائمةً مثله وأنا أَحرسهما , رَأَيْتُ نَفسي أُمًّا تَسْهَرُ على راحة طفليْهَا ؛ كان شعورًا غريبًا لكنه كانَ جميلًا وفَريدًا , وتَسَاءَلْتُ : لِمَ لا نكونُ مَعًا ؟ وكيفَ سيكونُ ذلكَ ؟ كيفَ سنتصرَّفُ مع الجيران ؟ كيف سيكون الحلّ مع أعمالنا ؟ وإذا ما زَارَنَا أحد من أهالينا أو من أصدقائنا ؟ و ( جاد ) وصديقه ؟ .. أسئلة كثيرة خطرَتْ ببالي , لم أجد لها غير جوابٍ وحيدٍ قلتُهُ لِـ ( علاء ) النائم أمامي : "عزيزي , أنا لا أعرفُ كيفَ سيكون ذلك لكنّي مُتأكِّدة أنكَ ستعرفُ وستجدُ كيفَ !"

قَاطَعَ خُلوتي تلك مع ( علاء ) صَوْتُ فتح الباب ... دخلَتْ ( تامارا ) ومَشَتْ ببطءٍ نحونَا , المفاجأة كانتْ كبيرة بالنسبة لي حتى سَمَّرَتْنِي في مكاني .. وَقَفَتْ أمامي ومَدَّتْ يَدَيْهَا فناوَلْتُهَا يديّ .. وقَفْتُ فالتصَقَتْ بي ثمّ مَسَكَتْ وجهي بين يدَيْهَا وقرَّبَتْ وجهها حتّى ألصَقَتْ أنفها بأنفي .. عيناها كانتا أمام عينيّ مباشرة , أَغْمَضَتْهُمَا عكسي أنا ووشْوَشَتْ "Neither do I" .... كان ذلك ردّها على رسالتي .. ثم تَرَكَتْنِي واِستدَارَتْ نحو ( علاء ) النائم خَلفَهَا , جلَسَتْ على ركبتيها أمامه وبأصبعٍ شرَعَتْ تُدَاعِبُ أنفه حتّى اِستيقظَ مُستغرِبًا وسَأَلَها وهو يَنظرُ لي تارةً ولها تارةً أخرى : "ماذا ؟ هل أنتِ بخير ؟ متى جئتِ ؟ ما الذي يَحْدُثُ ؟" .. فوَضَعَتْ يَدَهَا على فَمِه : "ششششش .. خير .. خير .. جِئْتُ فقط لأراكما .. لَمْ أَستطِعْ البقاء وحدي" ثم وَقَفَتْ أمامه ومَدَّتْ يديْهَا ليَقِفَ فَفعَلَ فاحتَضَنَتْهُ .. وَضَعَ يَدَهُ اليُسرى على ظهرها ونَظَرَ لي مُسْتَفْسِرًا باليُمنى عن الذي يَحْدُثُ فأجَابَتْهُ مَلَامِحُ وجهي أنِّي لا أَعْلَمُ ..

بَقيَا كذلك قليلا ثم نظَرَتْ إليه وقالَتْ : "لا أُرِيدُ العودةَ إلى منزلي" .. تَرَكَتْهُ واِسْتَدَارَتْ لِي .. ثمّ اِقتَرَبَتْ منِّي واِحتَضَنَتْنِي قائِلةً : "نعم , لا أُرِيدُ العودةَ ! أُرِيدُ أن نَهُجَّ من هذا البلد القذر !"

( أُفقٌ بعيدٌ يَزدادُ بُعدًا عنّي كلّ يَوْمْ
يُنادِيني
يَهْجُوني
يَسُمُّنِي
يُجَافيني
ثم يَنْسى الهَجْرَ واللَّوْمْ
ويَصْرُخْ ويَئِنّْ أنْ أَنْقِذِينِي !
اِتْبَعِينِي
لا تَتْرُكِيني
نَاجِيني
وإياكِ أن تَهْجُرِيني
لأَحضانِ شمسٍ أو قمرٍ أو نَوْمْ !


غريبٌ أَمْرُهُ
والأغربُ منهُ
أَمْرِي
طَبَّنِي سِحْرُهُ
كيفَ أُرْقَى منهُ ؟
لا أَدْرِي !
كلّمَا اِسْتَعَذْتُ بِهِ مِنْهُ
يَعودُ فَيُغْوِينِي
يُنَادِيني
ويَقُولُ اِسْمَعِي لِأَنِينِي


قدركِ أنا
أَرَدْتِ الحياةَ فَاسْتَجَبْتْ
أفقكِ أنا
سَامِحِيني
كلّ الآفاقِ عنكِ حَجَبْتْ
اُعْبُدِيني
وَحِّدِيني
لا أُفقَ إلا أنا
لكِ
وعليكِ
كلّ الجلابيب والخمر فَرَضْتْ
اُشْكُرِيني
اِمْدَحِيني
سَبِّحِيني
واِسْمَعِينِي
أُغَنِّيكِ


اُحْجُبِينِي عَنْ كلّ بشرٍ
فقد سَئِمْتْ
وأبصارَهم هَجَرْتْ
آمالَهم
وأوثانَهم
ولَكِ أَسْلَمْتْ
رَكَعْتْ
سَجَدْتْ
دَعَوْتُ وَسَلَّمْتْ
سلامٌ لَكِ أيتها التي عليها أَنْعَمْتْ !
سلامٌ لِي أخيرًا عَلمْتُ أني أَحْبَبْتْ ! )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما