الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب ( كنت في الازل )

فؤاد ربيع

2018 / 4 / 25
الادب والفن


من كتاب (كنت في الأزل)

الجري نحو القمة
للكاتب : فؤاد ربيع

الفصل الخامس

لقد شغلتني قصة عبدو وكيفية مصادرة عربته وكنت أتساءل هل أستطاع تحقيق حلمه ولو حتى جزءاً منه كل ذلك جعلني أحاول وبجد الوصول اليه . وأخبرني أحد أخوته عن مكانه أولا ثم أخبرني أن الدعلج الذي سيطر على العربة قد أحتجزه مدير الامن لأنه سجل هذا الحادث المهم أمنيا على مجهول ولم يستطع التعرف عليه وسهولة هروب الجاني ورغم التواجد المستمر للدعلج ومساعديه في تلك المنطقة . وتمكنت من الوصول ووجدت عبدو لا يستطيع الوقوف أن جرحه قد ألتهب ولم يخضع للعلاج في حينها بل بقي عدداً من الايام وحينما وصل الى بيت أبنته في العاصمة بغداد منطقة الشعلة قد عولج تحت اشراف مضمد لأنه في المستشفى يحتاج الى تقرير من الشرطة لأنه مصاب بطلق ناري كما عرفت ، ويشكو من ارتفاع درجة حرارة جسمه . قص علي كل تفاصيل عملية مصادرة عربته وكيف تناثرت الجرائد في الشارع واطلاق النار عليه وهروبه حتى وصوله بيت أبنته رغم كل آلامه لم تفارقه البسمة والنكتة وسألته عن جهوده في اعادة التنظيم أقر أنه قد حاول أن يعيد تنظيم خيطي وكل الخطوط تبدأ مني وضحكت لأضيف إذن أنت كنت مصدر ضوء وذهب بعيدا ، بعيدا وقد أذهل هذا الضوء السراق الى أن حضر الدعلج ليطفئ ذلك النور وأجابني مبتسما ، لا يستطيع ذلك المسخ الذي باع نفسه أن يطفئ نور الشغيلة بل تبقى رايتنا عالية وشمسنا لا تغيب .وسألته عن عدد الخطوط وعن مهنهم أجابني كان معظمهم من الشباب وتجاوز العدد عشرة خطوط بينها خط للنساء، كانت مرحلة صعبة قد سحق فيها الناس الجوع والحرمان ما يؤجج ثورة ولكن القمع المرعب الذي طال جميع أبناء الوسط والجنوب أبان الانتفاضة ما زال حياً في الذاكرة وبين حين وآخر تحدث اعتقالات وتحت ذرائع شتى والذي يذهب لا يعود وكما يقال الطايح رايح . كان العمل السياسي في تلك الفترة اشبه بالمستحيل وخطرا ومن بين الأحاديث قد تكلمت مع صديقي عبدو وقلت له أنت مقدام يا عبد الاله عرفتك لا تقبل الظلم وتقف ضده وقد فرحت بك حينما شاهدتك تحمل رشاشاً في الانتفاضة وتقاتل . ولكن حينما رفعت بطل الويسكي وتقول إنها الجائزة ! وليس من المعقول أنها الجائزة اتجاه ما عمله الشعب بكل أطيافه وقدم التضحيات ورد ضاحكا وقال أنت تعرفني إني دائم النكتة وأحاول أن أسعد الذين حولي ولو في ابتسامة حتى في أحلك الظروف فأجبته لا أنا شاهدتك تشرب وبشراهة ! ردني مسرعا الذي تحدثت به صحيح وتركني أدافع عن فكرتي الخاصة بي وأنا أنفرد بها عن الناس لا أعتبر الخمر حرام بل من المكروهات التي نهى الاسلام عنها وانه المكروه الوحيد الذي وعدنا الله به ونجدة في الجنة ولا أراه أنه لذيذاً بل نتائجه البهجة والسمو ،انه يجعلك محلقا بين النجوم وأنه يحررك من كل هموم الحياة ، وأنا محمل بهموم كل الناس كما تعلم ولآن هل اقتنعت ! ولا أريد ان ترى ما أراه أنا . أنت أحترم رأيي وانا أحترم رأيك وقلت له . لقد نسيت الموضوع . انه يملك خصالاً جيدة ورائعة وأستطيع أن أتجاوز عن بعض السلبيات وحاولت أن ألطف الجو وأذكُره بأنشودة كان يرددها سابقا مطلعها
لا تستهن بي يا صديقي ..
صحيح أنها قطرة مطر
ولكن تتجمع لتصبح غديراً أو نهر
مشاعل الحرية تحتاجنا لأننا وقودها .. نحن الشرر !
وقمت لأودعه وجدت عينيه قد غرقت بالدموع . عند عودتي تذكرت الآية الكريمة رقم 14 من سورة محمد وحتى الآن كلما أقرأ القران وأصل الى هذه الآية الكريمة أتذكر عبدو .. وبعد أسبوع من لقائي قد استلمت خبر أن عبد الاله والذي نسميه عبدو وتناديه أمه لهوه قد فارق الحياة وكتب في تقرير المستشفى أسمه الكامل عبد الاله ابراهيم بربن وأن سبب الوفاة التسمم بالدم نتيجة الاصابة بطلق ناري وعلقت لقد انطفأ مصباح عمود الكهرباء ! وعم الظلام.

الكاتب
فؤاد ربيع
بابل - العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى


.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب




.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً