الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ذكرى الخامسة لرحيل ابو محمود الصباح / ياسر عرفات ابو صالح اخوة السلاح وضحايا مشاريع دولية .
مروان صباح
2018 / 4 / 25مواضيع وابحاث سياسية
ذكرى الخامسة لرحيل ابو محمود الصباح / ياسر عرفات ابو صالح اخوة السلاح وضحايا مشاريع دولية .
مروان صباح / دمشق منطقة المزة فيلات غربية ، كانت الساعة تجاوزت الثانية صباحاً ، قُرع جرس الباب ، الجميع خالد في النوم ، باستثناء والدي وأنا ، قال لي أحضر المسدس ، كالبرق أحضرته ، بعد معاينته من خرم الباب المتعثرة ، فتح الباب ليجد أبو صالح ، نمر صالح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ونائب قائد قوات العاصفة ، قال الزائر وابتسامته على وجهه ، أعلم زوارك يرحلون متأخرين ، وأنت يا مروان أصنع القهوة وأمري إلى الله سأتحمل شربها وسأعتبر ذلك عمل نضالي ، ضحكنا جميعنا وأخذ مقعده في الصالون وأضاف ، أسرع في القهوة ، هذه المرحلة تاريخية وكل شيء فيها متسارع ، بالطبع ، كان موقف إطلاق النار على نفسي بالخطأ كفيل في بناء علاقة مَعَه ، لأن الرجل كان حريص بأن الحادثة لا تترك أثر سلبي عندي ، بعد رحيلنا من لبنان قصدنا سوريا . في البداية كانت الفنادق المحطة الأولى لنا وبعدها عثرنا على بيت جميل في منطقة أجمل ، كان يسكن في أخر الشارع دريد لحام ووزير النفط وأبرز رجالات المخابرات السورية من عائلة ذياب على ما اذكر ابوحسام ، لاحقاً ، ألتحق إلى ذات الشارع السكني ، ابو الوليد صعيد صايل وابو صالح نمر صالح .
لم استمع إلى أول الحديث ، لكن فيما بعد عرفت ، أي بعد سنوات طويلة ، أنه كان قد بدأ بسلسلة اجتماعات مع الأسد الأب ، واتفقا على القيام بخطوات تصحيحية ومحاسبة كل من له علاقة في سقوط جنوب لبنان وأيضاً من هو مدان بالقضايا المالية والأخلاقية ، في البداية قاطعه ابومحمود ، تريد يا ابو صالح أن تسلمنا للأسد ، كي ينتهي بنا الأمر في عهدة مسؤول فرع فلسطين ، أبداً سأعود إلى بيروت وسيصبح قرارنا مستقل ، ومن سيعيدك إلى لبنان ، يا حبيبي يا ابو صالح ، لقد اجتمعت الدنيا من أجل إخراجنا من لبنان ، وأظن هناك مؤامرة يحيكها الأسد من أجل تفتيتنا ، بل لو كان لنا وجود عسكري وسيطرة في لبنان ، بالتأكيد ، العلاقة مع الأسد تصبح ممكنة ، بعدين يا أخي ، أنت تعلم جيداً ، أغتيال ماجد ابو شرار ، جعل يسار فتح بلا فكر ، أي الساعة مؤاتية تماماً ، هناك فراغ عسكري وفكري ، ابو الوليد تم اغتياله وماجد قبله ، والامريكان وحدهم يدرون مسار المستقبل ، أي أن هناك ، كما يبدو طبخة ثقيلة والأسد لاعب فيها ، بعدين على صعيدي الشخصي ورغم علاقاتي العميق مع قيادات الحزب ، لست مصدقاً أن حزب البعث هو من يحكم سوريا ، فكيف تفسر لي وقوف الأسد الأب مع الخميني في حربه ضد حزب البعث العراقي ، هذا الاصطفاف يحتاج إلى ارطابونات العصور الماضية كي يفككوه ، لحظتها وقف ابو صالح وقال ، أنا بعرف أنت معي ، هذا صحيح ، معك على الموت ، لكن ، بكل إخفاقات ابوعمار ، يبقى أرحم على القضية من حافظ الأسد ، بإختصار ، عرفات مستعد للموت من أجل فلسطين ، هل الأسد على استعداد لذلك .
اشتد النزاع بين ياسر عرفات وابو صالح ، واشتدت قبضة النظام السوري على كل من يرفض فكرة القسمة القادمة ، في ليلة غامضة سافر ابو محمود إلى الجمهورية التونسية ، التقى فيها وزير الداخلية آنذاك ، إدريس قيقة ، استمع في اللقاء إلى رد إيجابي حول فتح مكتب لدائر التنظيم الشعبي ، طار على الفور إلى العراق ، طلب بعقد إجتماع لمجلس إدارة منظمة العمل العربية ، أخذ من المجلس قرار تأسيس الدائرة من الف إلى الياء مع موازنة تشغيلية ، ثم عاد إلى دمشق واجتمع مع درويش الأبيض ، مدير عام صندوق المنظمة ، آنذاك ، أخذ قرار بفتح مكتب رئيسي للدائرة ، دون أي تكاليف تترتب على عاتق الصندوق ، ثم أبلغنا قرار مغادرتنا دمشق ، بالفعل ، انتقلنا إلى تونس بفترة قصيرة جداً ، وبدأ يعمل من مكتب تونس على صعيدين ، إعادة ترتيب تنظيم جنوب لبنان عبر التواصل مع مصطفي سعد مسؤول التنظيم الناصري التى اغتالته إسرائيل بعبوة مفخخة في سيارته وأيضاً إعادة تنظيم الاتحادات الشعبية ، آثار فتح المكتب في العاصمة التونسية فضول ابوعمار ، فبدأ الأخير باتخاذ الدائرة مكتب له ، كون م ت ف كانت مقيدة في مقر واحد ، هو حمام الشط ، وفي إحدى جلساتهما ، سأله ابو عمار ، أنت زي ياخوي فتحت مكتب في العاصمة ، مهو حكم بلعاوي أبغلني بعدم رغبة الحكومة التونسية بوجود مؤسسات للمنظمة خارج حمام الشط ، ابتسم ابو محمود وقال ، يبدو حكم بضحك عليك ، هز برأسه وتبعها بكلمة ، ماشي بصير خير .
كان الخلاف دب بين ياسر عرفات والاسد الأب بعد حرب 1973 م ، ليس على التسوية مع الاسرائيلين ، بل ، سعى الأسد في إمساك بأوراق المفاوضات السياسية بالمنطقة وكان يطمح بقيادة الشعب الفلسطين وذهاب بهما إلى التسوية النهائية ، وبقت العلاقة بين مد وجزر إلى أن جاءت قمة فاس العربية 1982 م ، تغيب الأسد عن استقبال ابوعمار ورفض الالتقاء به واصطحب ابو صالح بطائرته الخاصة وعادوا الي دمشق ، منذ تلك العودة ، حسم ابو صالح مسألة الاصطفاف ، واعتبر لديه ثلاثة أوراق تؤمن له الاستحواذ على الحركة ، أغلبية أعضاء مؤتمر الرابع وإخفاق رجال ابوعمار في اجتياح لبنان 1982 م ونية عرفات باعتماد مسار السلام كسبيل وحيد ، كانت قمة فاس قد أعلنت بصراحة عن عملية سّلام قادمة ، لكنه ، لم يكن أبو صالح على دراية كافية ، بأن الأسد الأب من أهم مفاصل عملية السلام منذ حرب 1973 ، بل ، يُعتقد أنه الركيزة الأهم بعد تغيب السادات عن الحياة، وكل ما جرى حينها ، ليس سوى أضعاف صفوف الفلسطينين من أجل وصولهم إلى طاولة المفاوضات منهكين ، توالت الأحداث بشكل سريع ، حاولت جهة غير معروفة اغتيال عرفات وهو متوجه من دمشق إلى طرابلس شمال لبنان ، تم بعدها استدعائه إلى دمشق وطرده من سوريا إلى تونس وأبلغت السلطات السورية ابو جهاد الوزير بعدم رغبتها بوجوده على أراضيها ، في النهاية ، أعلن ابو صالح في نصف عام 1983 م حركته التصحيحية من دمشق وتوالت أغلب كوارد الحركة بالتحاق مع الحركة الانشقاقية ، كان ابو محمود في ذاك الوقت ، يترأس وفد فلسطين في منظمة العمل الدولية ، بجنيف سويسرا ، إجتمع عرفات بكوادر الحركة وأخرج من جيبه ورقة بكشف أسماء أعضاء لجنة ابو صالح المركزية ، كان اسم ابومحمود رقم ستة ، السادس ، وقال معلوماتي ، بأن صحبكم غادر جنيف إلى دمشق من أجل الالتحاق بإخوانه ، في اليوم التالي ، أتصل بي أبو ليل صديق ابو محمود ، وطلب مني ملاقته في مكتب الوالد، بالفعل ذهبت ، فقال علينا الاتصال بوالدك الآن ، أسرعنا بصعود إلى مكتبه الخاص واتصلنا بالفندق ، لم نتمكن من الوصول إليه ، المهم ، عاد إلينا بالاتصال ، سمعت قصة إلتحالقه بدمشق ورقمه في القائمة ، بعد انتهاء أبوليل من المكالمة ، سألته ماذا قال لك ، قال لي خليه يقول ما يشاء ، معذور ، فهو يعيش تحت إبتزازات وضغوط كبيرة ، اليوم التالي ، رِن الهاتف ، كان الاتصال من ابو محمود من جنيف ، قال سأحضر إلى تونس مساءً ، بالفعل ، توجهت مع المرافقين إلى مطار وونحن في طريق العودة ، قال سنذهب إلى المكتب ، على الفور ، بدأ بالدعوة إلى لقاء موسع لبعض أعضاء اللجنة المركزية ومجموعة من أعضاء المجلس الثوري وشخصيات إعلامية بالاضافة للاتحادات الشعبية ، كانت دائرة التنظم الشعبي تحتوي على قاعة كبيرة ونادرة في تونس ، لبت أغلب الأطراف الدعوة بأستثناء اللجنة المركزية ، حضر فقط ابواياد صلاح خلف ، في بداية الإجتماع ، رحب ابو محمود بالمجتمعين وقال على ما أذكر ، مازالت ذاكرتي تحتفظها ، قد تكاد لا تفارقني ، كلما امعنت بالأسباب التى أدت إلى إخفاق الثورة في تحقيق أهدافها ، قال ، كُتب لهذه الثورة أن لا تنتصر ، طالما تعتمد الوشاية كمعلومة مسلمة وحقيقة راسخة ، بل ، قبل البدء بالتحدث وافتتاح الجلسة ، بدقّة ، عندما إمتلأت القاعة بالكادر ، تسلل رجل من القاعة إلى الخارج وعاد بعد ربع ساعة ، كما أذكر ، عاد أيضاً متسلل بين الحضور ، وبأقل من عشرة دقائق تعاقبت المركبات في الخارج واندفعت مجموعة مرافقين يحملون كلاشينكوفات يتبعهم مجموعة أخرى يتوسطهم ياسر عرفات ، في هذه اللحظة ، انتقلت القاعة من معارضة مطلقة إلى تصفيق شديد والتفاف حول قائد أضاف صفة مكملة مع تعديل طوعي على مجرَى الحديث في الصالة ، ثم قال ، أرجوكم أتمنى منكم الجلوس وأنا سأجلس بين أخوي أبو محمود وأخوي أبو اياد ، ثم أتبع حديثه بقوله ، أنتم عرفين يا إخواني ، الوحيد الذي لم يقف على بابي ويبتزني من يوم خروجي من دمشق حتى في مسألة ابو صالح والانشقاق ، أخوكم ابو محمود ، بعدين هم ، ينشروا كلام حول انشقاق ابومحمود زي ما هم عيزين ، خليهم يتكلموا اللي عايزينه ، دا أنا بعتبره الرجل الثاني في م ت ف ، وانا باسمي وباسمكم ، بكلفك نيابة عني حضور وإلقاء كلمة فلسطين في مؤتمر عدم الانحياز .
هناك أربعة مراحل في مسيرة الثورة الفلسطينية ، من لم يلتقتها تماماً ، أصبح خارج المعادلة السياسية والأمنية ، 1973 م مرحلة السادات معاهدة سلام مع إسرائيل ، آنذاك ، أنتجت مجموعة تقدمت إلى الصفوف الأولى وتلتها مرحلة الثانية ، بعد قمة فاس 1982 والانشقاق 1983 م ، صحيح أنها شهدت مراوحة بضعة سنوات ، بل ، كادت أن تشهد متغيرات تاريخية عندما حاول صدام حسين عبر ابوجهاد الوزير رفع سقف المفاوضات مع الأمريكان والاسرائيلين ، استطاعا الرجلين إعادة توازن عرفات الذي فقده من حركة الانشقاق والنظام الأسدي ، فكانت الانتفاضة الأولى الشعبية والتخطيط والتمويل الذي تلقاه أبو جهاد من صدام ، بخصوص عمليات داخل الأراضي المحتلة ، ودعم الجنرال عون في لبنان ، رافعات جديدة ، لكن ، الأمريكي تنبه إلى ما يهدف إليه صدام ، أراد بذلك تحسين شروط التفاوضات وجلب الإسرائيلين إلى طاولة المفاوضات بصيغة ، لا غالب ولا مغلوب ، لكن هيهات هيهات أن يحصل هذا ، سرعان ما اتخذ قرار ترتيب لوقف الحرب الخليج الأولى ، وعلى الفور تم اغتيال ابوجهاد ، وبسرعة أكبر تم توريط صدام بمناكفات مع الكويت والخليج عموماً ، ثم ادخل العراق في غرفة العناية المشددة بعد تدمير أطرافه وقطع الإمداداته ، فأصبح الفلسطيني معزول من دمشق ، وحليفه الطبيعي السعودي والخليجي في حالة ضعف بعد تدمير العراق ، هنا ظهر التمدد الإيران في لبنان أكثر ، بات واضح المعالم ، تراجع الموقع السوري في لبنان حتى تم إخراجه ، أي انتقل القرار السوري اللبناني إلى طهران ، في غضون هذه التحولات والإخفاقات للعرب المتوالية ، تمكنت مجموعة أصغر من المجموعتين السابقتين ، كسر الخطوط الحمر ، وأنتجت اتفاق اسلو ، دون الدراية العميقة لأصول المشروع الصهيوني الغربي، حينها استبدل ابوعمار ادوارد سعيد وهشام شرابي ومحمود درويش بمجموعة سياسية لا تجيد معرفة الأصوليات والبنيويات والتركيبة الجديدة للاستعمار ، لكن رغم خطورة الخطوة ، كان هناك ضامن أسمه ياسر عرفات يستطيع قلب الطاولة في أي وقت يشاء ، بل الخطورة مستمرّة وتكمن في المرحلة الأخيرة ، لأنها مفترق طرق ، نهائي ، والضامن اليوم هو الرئيس ابومازن ، جميع المؤشرات تشير خلو حركة فتح والحركة الوطنية من شخصية قادرة على توفير الحنكة السياسية والحضور الدولي في المستقبل وقد يكون ابومازن أخر شخصية تستطيع قلب الطاولة أو تقول ، لاء ، بالتأكيد ، يسعى الأمريكي والاسرائيلي إلى الوصول لاتفاق مع الفلسطيني وهو في حالة قسمة على ذاته وبعد عمليات جراحية دقيقة ، قلعوا مخالبه وأنيابه اولاً ، وثانياً ، قد ضمنا وجود إيراني ومليشياوي طائفي ووجود أيضاً ، تركي بين منطقة سوريا والعراق ، أي أن قطاع غزة ، أصبح حسب المعايير والقياسات أفضل حال من العراق وسوريا .
اليوم تنقسم الجغرافيا العربية بين الإيرانيين والأتراك والعرب والغرب ، أي أن مصير الفلسطينيّين أصبح في أيدي هؤلاء ، وهذا يفسر باختصار استمرار الانقسام والتمدد الاستيطاني في الضفة الغربية وتهويد القدس ولكي يعود الفلسطيني إلى طاولة المفاوضات بصيغة لا غالب ولا مغلوب ، لا بد من عودة العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن ، وفك شيفرة التمدد السلس الإيراني في المنطقة ، لأن ، ما أشار له يوم ما الرحل ابو محمود ، أزعم أنه خلاصة الخلاصات ، قال ذات مرة عبارة ، مازالت ترتد صداها في ذاكرتي ، الخروج من المعادلات الدولية والإقليمية ، يحتاج دائماً وأبداً إلى مبادرة جيدة ، ليس ثمة مبادرة في تاريخ البشري عليها العين ، لم تتعارض مع مشاريع سابقة أو لا تتشابك مع مشاريع قائمة ، ما دامت المبادرة ، محاولة لإعادة إحياء ما طمسه المحتل وتجديد الذاكرة الإنسانية من أجل إعادة صياغة العالم وتذكيره بحقوق الفلسطيني اولاً وحقوق المسلمين في القدس ثانياً . رحمك الله يا ابومحمود الصباح رحمة واسعة ، لقد انحزت على الدوام للمواقف على المواقع . والسلام
كاتب عربي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الحملة الانتخابية لبايدن تجمع أموال أكثر من حملة ترامب |#امي
.. 33 قتيلا من المدنيين والعسكريين بينهم 5 من عناصر حزب الله ال
.. فيديوهات متداولة على منصات فلسطينية لاقتحام منطقة جبل النصر
.. حرب غزة.. محادثات مبكرة لتمويل مهمة قوات حفظ سلام في القطاع
.. هل فقدت الشهادة الجامعية أهميتها؟ |#رمضان_اليوم