الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوقف الخراب؟

بلقيس حميد حسن

2018 / 4 / 26
المجتمع المدني


أخطر أساليب قوى الشر هي إلهاء الناس وإشغالهم بأمور تبعدهم عن التفكير بشرورها ، ولكي تتحكم بالعقول تخلق سباقا ولهاثا محموما بين الناس يشغلهم الى حدٍ يجعل حياتهم تدور حوله، ليخضع الناس بعد ذلك كل القيم وكل ماتعلموه، وبكل طاقاتهم لذلك الفوز ، حتى ليصبح الفوز ذاك كالمرض عندها تدور حياتهم حوله ، يحركهم كالمجانين أو المغيبين وفِي حمأة التنافس نراهم ياتون بتصرفات وحشية أحيانا أو انفعالات غير سوية تعبيرا عن سيطرة ذلك الفوز كلياً على عقولهم ، هو دون سواه حتى ليغدو أهم من حياتهم أحيانا فيجازفون ويغامرون غير آبهين بنداء العقل .
وتدفع المؤسسات تلك بسخاء لجر الناس وغسيل عقولهم الى كل مايخلق التنافس بين البشر ويخلق الغيرة والأحقاد ، وبالتالي ما يخرّب القيم، ويباعد بين الناس ويفسد فطرتهم، فالمسابقات والجوائز وكل هذه المؤسسات التي تعمل بحجة تشجيع المواهب والصحة والأدب والعلم والثقافة هي بؤرٌ لخراب النفوس وللتطاحن وللانحيازات وخلق حروب وصراعات نفسية وأحقاد غير معلنة بين البشر، لأنها مهما حاولت أن تكون غير منحازة إلا للأفضل كما تبدو، فهذا ليس حقيقيا لأن من يتحكمون بها ويكوّنون لجانها المختصة بالاختيار الْيَوْمَ ليسوا من كبار أصحاب القدرات والضمائر الحية بالمطلق فبهذه المقاييس لايوجد إطلاق أصلا ، وكما نعرف أن في مجال الأخلاق كل شيء نسبي، ومن الظلم اعتبار شخص ما منزه من الأهواء مائة بالمائة، وهم مهما كانوا كبار العقول والتجارب، إلا أنهم غير معصومين عن الخطأ، ولا معصوم منه حتى الأنبياء والقديسين كما علمنا التأريخ والحياة ، وقد نصب هؤلاء بتلك الهيئات لعلاقة أو مصلحة مع صاحب تلك المؤسسات أو الجهة التي تصرف لها الأموال، وغالبا ما تناسب تقييماتها مصالح تلك المؤسسة وتوجيه الناس صوب ماتريد من أفكار وطروحات وشخصيات تخدم اهدافها.
كل شيء بات يباع ويُشترى للأسف، فسحقا لهكذا حياة طغت بها الرداءة وتردت كل القيم، ضاعت بها اللغة والآداب، والثقافة الحقيقية وانهارت منظومة الأخلاق تبعا لذلك.
فهل نستغرب بعد لماذا العالم بات خانقا ولماذا طغى الشر وصار القتل أمرا طبيعيا نراه على الشاشات ونقبله ولا أحد من الشعوب يحرك ساكنا!
كان مشهد مقتل الأطفال سابقاً يجعل الشعوب تتظاهر وتبات كلها في الشوارع، ذلك الزمن الذي كان به مايسمى المنظومة الاشتراكية التي عملت الولايات المتحدة المستحيل على القضاء عليها وبها قضت على أروع قيمة انسانية وهي التضامن بين الشعوب والنداء بالتعايش السلمي فيما بينهم فلا شعب أفضل من شعب ولا أمة خير من أمة .
واليوم كل العالم يرى أطفال سوريا واليمن وبورما وفلسطين وغيرهم و على كبر مساحة الدول المستضعفة والتي هي هدف للاستغلال والاحتلال من قبل القوى الكبرى في العالم، ولا أحد يحرك ساكنا، لقد غدا مشهد الدم مألوفا ودخل الانسان عصر التوحش ، ومازال يدّعي بانه إنسان!.

كثير مما جاءت به الحضارة الحديثة تحت عناوين انسانية ومسميات حضارية كذبة مغلفة ورياء سبب تراجع الثقافة والصحة والأخلاق وتسبب في صعود مالايستحق وتهميش من يستحق حسب العلاقات والأضواء التي هي أول الخراب بحيث جعلوا للبعض التافه والمنحط قيمة بالقنوات الفضائية وغسلوا عقول الناس حتى انقلبت الموازين في نظر الناس، بل أتعبوا قلوب المقتدرين والموهوبين حقا والمبتعدين عن الأضواء بسبب علو ورفعة نفوسهم وعقولهم وزهدًا في هراء الفضائيات وزيفها الهادف للمساهمة بإحداث الفوضى التي أسموها خلاقة، وهم في حقيقة الأمر كل مايفعلونه كان ومازال يتسبب في إحباط الخير لصالح الشر ، وإظهار الرداءة على حساب الجودة، وإسناد الانحطاط على حساب السمو الروحي والانساني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط