الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تهافت الألاف من الطلبة الجزائريين على المركز الثقافي الفرنسي؟

ماجيد صراح

2018 / 4 / 26
التربية والتعليم والبحث العلمي


عد أن تعود الجزائريون على صور و أخبار العشرات من الشباب الذي يخاطر بحياته لعبور الضفة الأخرى من المتوسط، و أصبحت مثل هذه الأخبار لا تكتب بالبند العريض في الصحف، استيقظوا يوم 29 أكتوبر 2017 على طوابير طويلة لآلاف الطلبة أمام المركز الثقافي الفرنسي ينتظرون من أجل حجز موعد لاجتياز امتحان معرفة اللغة الفرنسية و ذلك من أجل ملف الدراسة بالجامعات الفرنسية. توقيف المركز الثقافي الفرنسي إمكانية حجز موعد للتسجيل لاجتياز الامتحان و دفع حقوق التسجيل عبر موقع المركز الإلكتروني كي يتم ذلك مباشرة في المركز و دون موعد مسبق، و ذلك بسبب اخلال البعض بمواعيدهم و بسبب قيام اخرين "بالبزنسة" بتلك المواعيد جعل كل أولئك الذين كانوا ينتظرون حجز موعد عبر الموقع الإلكتروني، يتجهون نحو المركز.

ذلك العدد الهائل من المترشحين جعل مسيري المركز الثقافي الفرنسي يلغون التسجيل في ذلك اليوم لعدم امتلاك المركز للإمكانية اللازمة للاستقبال و ليقوم بعدها ببرمجة رزنامة للتسجيلات و ذلك حسب الترتيب الأبجدي للألقاب.
تلك الصور تناقلتها وسائل الإعلام المحلية و الدولية و سارع الكثيرون للتعليق عليها و الإدلاء بدلوهم حتى قبل الحصول على الإجابة على السؤال "ماذا حدث؟" فمنهم من ربط الحادثة بعشية الإحتفال بالفاتح من نوفمبر فاتحا النار على فرنسا متهما إياها بتدبير ذلك للإساءة لصورة الجزائر و منهم من تهجم عل أولئك المترشحين متهما إياهم بالخيانة كما هنالك أيضا من علق و قال أن ذلك ظاهرة صحية تدل على اهتمام الشاب الجزائري بالدراسة و البحث.

للتعرف أكثر على هؤلاء الطلبة و ما يدفعهم للسعي للهجرة لفرنسا لمواصلة دراستهم اتجهنا نحو مدينة تيزي وزو التي ينحدر منها أكبر عدد من الطلبة الجزائريين بفرنسا. توجد بالجزائر خمسة مراكز"كومبوس فرانس" للاستقبال طلبات الراغبين بالدراسة بفرنسا بالجزائر العاصمة، عنابة، قسنطينة، وهران وتلمسان. أكثرها استقبالا للطلبات هو مركز الجزائر العاصمة بحيدرة الذي يستقبل المترشحين من الوسط. في تصريح له أثناء زيارة لولاية تيزي يوم الثلاثاء 10 ماي من العام الماضي، قال السفير الفرنسي السابق بالجزائر "برنار إيمي" أن نصف الطلبة الجزائرين بفرنسا ينحدرون من منطقة القبائل أي ولايات تيزي وزو، بجاية و بويرة.

ملاحظة إلى أي مدى يريد الطالب في هذه المنطقة الهجرة للدراسة بفرنسا لا تحتاج لا التدقيق و لا التحقيق، و لو عاد "ألبيرت كامو" للحياة لأضاف لكتابه "بؤس منطقة القبائل"، الكتاب الذي جمع فيه ريبورتاجاته التي أنجزها بالمنطقة في 1939، فصلا كاملا حول ظاهرة هؤلاء الطلبة الذين يهاجرون لفرنسا لمواصلة دراستهم. للقاء هؤلاء أو حتى العثور على أثار أولئك الذين سبقوهم و هاجروا، يكفي الإتجاه إلى جامعة مولود معمري و سؤال الطلبة عن ما يفكرون فيه من مشاريع ما بعد التخرج للإصطدام بالإجابة "مواصلة الدراسة بفرنسا"، هذا لا يقتصر فقط على الذكور بل حتى الإناث و لا يقتصر على تخصص معين، فحتى خريجو هذه الجامعة الذين درسوا اللغة الأمازيغية، الإختصاص غير المتوفر في عديد من كليات اللغات بالجزائر، يقصدون الجامعات الفرنسية لمواصلة دراساتهم في اللغة الأمازيغية و ذلك في المعهد الوطني للغات و الثقافات الشرقية "إينالكو" أو بجامعة مرسيليا.

عشرات نوادي الأنترنيت المحيطة بالجامعة تعج أيضا بهؤلاء الطلبة الذين يفكرون للعبور نحو الجهة الأخرى من المتوسط. ميسيبسا، مسير لنادي أنترنيت قريب من الجامعة يقول "لما كان حجز الموعد يتم عن طريق الموقع الإلكتروني للمعهد الثقافي، الموقع كان يفتح صباحا كي يتم حجز كل المواعيد في مدة قصيرة، كنا نفتح النادي على الساعة السابعة صباحا للسماح لمن ليس لديهم أنترنيت و للطلبة المقيمين بالإقامة الجامعية حجز موعد. كنا دائما نجد على الأقل عشرة طلبة على الباب في انتظارنا".

نوادي الأنترنيت سواء المتواجدة بمدينة تيزي وزو أو في مختلف المناطق الأخرى و القرى أضافت لخدماتها إعداد ملفات الطلبة الراغبين بالإلتحاق بالجامعات الفرنسية. تقديم ملفات الترشح يمر بخمس مراحل: ترجمة الشهادات المدرسية و كشوف النقاط للغة الفرنسية، اجتياز اختبار معرفة اللغة الفرنسية مع دفع حقوق الإمتحان التي تترواح بين 10000 دج و 14000 دج حسب نوع الإمتحان، فتح حساب بالموقع الإلكتروني ل"كامبوس فرونس" تحميل الشهادات و اخيار الجامعات و التخصصات، ثم تقديم نسخ من الملف بمركز كومبيس فرونس مع دفع حقوق معالجة الملف و المقدرة ب 8000 دج، و من ثم إجراء مقابلة بالمركز و شرح مشروع الطالب الدراسي و و حوافزه. باستثناء الإمتحان و المقابلة الشفوية بالمركز، فإن نوادي الأنترنيت تتكفل بإعداد الملفات مقابل 3000 دج إلى 7000 دج.

حسب محدثنا، التكاليف المالية لا تهم كثيرا المترشين. فحتى مع ارتفاع هذا العام حقوق الإمتحان إلى 10000 دج بعد أن كانت 8000 دج العام الماضي و حقوق معالجة الملف إلى 8000 دج بعد أن كانت 6000 دج العام الماضي لم تؤثر على المترشحين الذين يرتفع عددهم. "قمنا العام الماضي بإعداد 95 ملفا، أما هذا العام فحاليا لدينا أكثر من 100 ملف و ننتظر أن يبلغ العدد 500 مع نهاية التسجيلات في شهر مارس".

عن الأسباب التي تدفع هؤلاء الطلبة للهجرة للدراسة بفرنسا جميع من تحدثنا عنهم يجمعون على ثلاثة أسباب رئيسية: تراجع مستوى الجامعة الجزائرية التي تأتي في ذيل الترتيبات العالمية للجامعات، الوضعية الإقتصادية و غياب فرص الشغل بعد التخرج فلا مشاريع و لا مؤسسات بهذه الولاية.

*الروبورتاج سبق ونشر في نوفمبر 2017 بموقع الهوفنغتون بوست عربي الذي أغلق مؤخرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا