الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجن والعلم

محمد ليلو كريم

2018 / 4 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بحسب ما أفهمه من الفيزياء ؛ يتحول الجسم المادي الى طاقة إذا بلغ سرعة الضوء ، وأدبيات النصوص الدينية والمنقول الشعبي الديني يقول بأن الجن يستطيع بلوغ سرعة الضوء ، ولكن هذا القول لم يُثبت علمياً ، أي أن القول لم يدخل في حيز التطبيقات التي هي نتاج بحث علمي ، وضل القول بنصه ومنقوله بعيد عن البحث العلمي ، وبالتالي لا سبيل للتأكد منه عملياً عبر تطبيق علمي ، وليس بين أيدينا غير قصة ..
العرافين وأهل التكيات والسحرة يتعاملون مع كائن أسمه ( الجن ) ويؤكدون أنه كائن موجود ، مخلوق ، يمكن التواصل معه ، وتسخيره ، وهو يسبب أذى للإنسان ومنفعة ، ولكنهم لا يعرضون التطبيق العلمي العملي لكيفية التعامل مع الجن ، وبالتالي تضل القضية غامضة غير علمية ..
بما أن الجسم المادي حين يبلغ سرعة الضوء يتحول لطاقة فأن الجن كائن طاقي ، أي أنه ليس جسم مادي ، وإلا فلا يمكن له بلوغ سرعة الضوء والبقاء على قيد الحياة لو كان جسم مادي ، فإذا قلنا إنه طاقة ، فالطاقة ليست بثبات المادة ، فكيف للجن أن يستقر بحالة التوقف عن الحركة ، أو يتباطيء الى أقل من سرعة الضوء ..
هل للجن ككائن طاقي وعي ؟؟..
لا يبت هذا المقال في القضية ، ولا يقرر نظرية نهائية فيما يخص المادة والطاقة وسرعة الضوء ، والعلم بين لنا أن القوانين الفيزيائية ليست بذلك الثبات الذي ظنه الأقدمون من علماء الفيزياء ، وقد أذهلت قوانين فيزياء الكم عقول علماء العصر وما زالوا في حيرة منها وهي تتلاعب بهم وتتملص من أطواقهم ومصائدهم المختبرية .. لكنني أطرح القضية بحسب الفهم المتوفر والحد العلمي الذي وصله عقل الإنسان ومدركاته الحسية ، وأحتج على الذين يؤكدون أمكانية التعامل مع الجن ككائن يمكنه التواجد في مكان وبحالة مستقرة ثابتة ومخاطبة وعيه ، دون أن يأتوا بأي سند علمي رصين أو تطبيق علمي عملي ..
تطرق القرآن لموضوع الجن ، وأكد بأن الجن كائن عاقل مكلف دينياً ، والنص القرآني يقول : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .. وللجن سورة كاملة مخصصة تبين أن لهم لغة ووعي ، ولكن النص لم يطلعنا أي لغة يتحدث بها النفر من الجن في السورة ، أو في أي زمن من التأريخ جرت أحداث السورة ، ولهذا لا يمكن أعتبار سورة الجن توضيح علمي أو سند فيزيائي تطبيقي ، والسورة مجرد قصة تنتمي لعالم الأدب ..
في الإنجيل وبحسب الترجمة العربية كأن لفظ الروح الشريرة أو الروح النجسة يشير للجن ، وأوضح نص إنجيلي يتناول الجن ورد في إنجيل متى الأصحاح الثاني عشر : (( إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء ، يطلب راحة ولا يجد
 ثم يقول : أرجع إلى بيتي الذي خرجت منه . فيأتي ويجده فارغا مكنوسا مزينا ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخر أشر منه ، فتدخل وتسكن هناك ، فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله )) ولكن كلمة جن لم ترد في الانجيل بالمعنى الذي عناه القرآن (( وقد سأل قداسة البابا شنوده الثالث بعض أساتذة اللغة العربية فقالوا أن معناها مجرد أرواح تحت الأرض )) وبالرجوع للنص التوراتي حيث لفظ ( جن ) يأتي بحسب الترجمة العربية بينما الأصل العبري للكلمة هو (( "اوب" אוב ومعناها "أجوف" أو "اناء فارغ" )) ولا ذكر للفظة ( جن ) وفق المنطوق العربي ..
لا يمكن بأي حال مما يتقبله العلم العصري الركون الى اللفظ النصي الديني لكلمة ( جن ) في المصطلح العلمي الحديث ، والنص الديني لم يتطرق للجن بشرح علمي فيزيائي وكيميائي واضح ، بل راح يتحدث بصيغ أدبية روائية ، فتوصيفات مثل التخفي والتستر والأجوف والإناء الفارغ وجنود أبليس ليست علمية ، فهي أوصاف أدبية ، والكلمات المرصوفة بقصد أدبي لا تفيد الرصف الفيزيائي والترميز الكيمائي الذي يعتمد على الرياضيات والتراكيب بحسابات دقيقة يمكن أن يُعاد استخدامها من البشر لإنتاج المطلوب (( العلم (بالإنجليزيّة : Science) هو الفكرُ الناتج عن دراسة سلوك وشكّل وطبيعة الأشياء ؛ ممّا يؤدي إلى الحصول على معرفة عنها )) ..
وفق المعايير والشروط العلمية يضل الجن قضية بلا دليل ، أي أنه موضوع في حيز الأسطورة ، أو الخرافة ، وحتى رجال الدين بمختلف معارفهم لم يحققوا كشفاً علمياً في الموضوع ، وما زال الخلاف دائر بينهم حول طبيعة الجن وأشكاله وكل ما يتعلق به ، ولكن أهل الدين يعترضون وبشدة على أي منكر لوجود الجن وهذا تفكير غير منطقي ولا عقلي ..
لا أجد من تفسير لعدم إحالة المسائل التي يعجز عنها رجال الدين الى العلماء بحسب تخصصاتهم ، كالفيزياء والكيمياء ، فهناك مسائل تعجز عنها المجامع والمؤوسسات الدينية لأنها تتطلب أهل اختصاص علمي للنظر فيها ، ولكن أهل الدين يتحرجون من أدخال أهل العلم بالمسائل تلك ، ويضل الخلاف بين رجال الدين حولها ..
بالأمس استمعت الى مقطع يوتيوب للدكتور عبد الرزاق الحمد متخصص طب نفس ، وقد ذم وأنتقد أهل الدين وساوى بينهم والسحرة المشعوذين والعرافين الدجالين في استغلال جهل الناس لأجل المال والربح السريع ، مع أن هيئة الدكتور تدل على أنه متدين ملتزم ، وايضاً استمعت لطارق السويدان وهو يُنكر ويرفض القول بتلبس الجن بجسد الإنسان وفي جلسة من برنامج من تقديمه وافقه الرأي رجل من الملتزمين دينياً ، وهناك الكثير من رجال الدين من يُنكر القول بدخول الجن الى جسد البشر ويعتبرونه قولاً كاذب لا أساس ديني له ، ومع ذلك ؛ فهناك من رجال الدين ممن يُصر على القول بالتلبس ويُسخر النصوص الدينية لإثبات اعتقاده ، ولكن ليس من دليل علمي يُقدم يُثبت قطعاً اعتقاد المؤيدين للقول بالتلبس ..
لا الفيزياء ، ولا الكيمياء ، ولا المختبر أو الرصد العلمي وفر دليل قاطع في الجن ، وتضل القضية في حيز العرافين والسحرة والرُقاة ، وهولاء لا أدلة علمية ملموسة لديهم تثبت وجود الجن ، وحتى بعد مرور أربعة عشر قرن على القول القرآني في الجن والجان لم يثبُت فعلاً وجود هذا الذي تحدث عنه النص المقدس ..
يفصل القول القرآني في شكل الإنسان وتفاصيل وجهه (( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ )) بينما لم يتطرق القرآن للتفصيل في هيئة وشكل الجن .... !!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah