الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة حول ما هو الارهاب!؟ (2)

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


مناقشة حول ما هو الارهاب!؟
(الجزء الثاني)
هل ينطبق مفهوم الارهاب على بعض الفلسطينيين الذين يحاربون الاحتلال الصهيوني!؟.... وهل مارس النبي والصحابة بعض أعمال الارهاب والوحشية ضد الأعداء!؟؟.
********************
علّق أحد الأصدقاء على مقالتي ( بين مفهوم الارهاب ومفهوم الاختلال العقلي!؟) فقال متسائلًا : "حسب ما فهمتُ من تعريفك للإرهاب فإن ما يقوم به بعض الفلسطينيين ضد المستوطنين المدنيين (الإسرائيليين) يقع تحت هذا المفهوم!؟ أي استهداف المدنيين كدهسهم بالسيارات او تفجير المقاهي والأسواق العامة!، وأيضًا لو عدنا الى السيرة النبوية والتراث الاسلامي لأنهما مصدران أساسيان في تشكيل الوعي والفكر لدينا نحن المسلمين وهما مرجعية لتلك الجماعات والتنظيمات المسلحة، أقول لو عدنا الى السيرة لوجدنا ان النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق لدك حصون الطائف، وأنت تعلم ان وراء تلك الحصون كان يعيش الاطفال والنساء والمدنيون العُزل!، فهل هذا ايضًا يقع تحت مفهوم الإرهاب والوحشية!؟... تحياتي".
***
فكان جوابي كالتالي : "بالنسبة لاستهداف المستوطنين اليهود (المدنيين) في فلسطين المحتلة وفيهم بلا شك نساء واطفال وعجائز في المقاهي والأسواق والشوارع سواء بالتفجيرات الانتحارية او العبوات المفخخة او بالدهس بالشاحنات في اعتقادي هو عمل ارهابي وجبان بالفعل!، ولا يدخل ضمن الكفاح المسلح المشروع والشريف الذي ينبغي أن يستهدف أركان الاحتلال وحرس وجنود دولة الصهاينة، فالإرهابيون كما عهدناهم في أغلب أحوالهم جبناء يختارون الهدف الأسهل لممارسة ارهابهم و وحشيتهم وهو أمر لا يتفق مع أخلاقيات الاسلام ومبادئ الشرف للمقاتلين والمناضلين الشرفاء...
***
أما ما قيل لنا أنه جرى في عصر النبي والصحابة من اعمال قد نعتبرها في زماننا من أعمال الوحشية وانتهاك حقوق البشر، فجوابه من عدة وجوه:
(1) أولاً: لسنا متأكدين من صحة تلك المرويات الواردة في كتب الحديث والتاريخ وصحة نسبتها للنبي محمد بشكل قطعي 100% كحال تأكدنا وثقتنا في نسبة نصوص القرآن لله تعالى بنسبة 100%، فإذا كنا اليوم بحاجة إلى مراجعة كُتب المرويات المحكوم بأنها من (الصحاح) كالكتب المعتمدة لدى السنة والشيعة والاباضية وغيرهم بمنهجية منضبطة ومتشددة وبغربال أكثر صرامة من غربال هؤلاء العلماء الذين نقحوها وصححوها لنا منذ قرون - رحمهم الله - فكيف بما رواه منْ هو دونهم أو ما جاء في كتب السيرة والتاريخ من أخبار وروايات لا نستطيع الجزم القاطع بثبوتها وصحتها!؟؟؟.
***
(2) ثانيًا: نحن المسلمين سنةً وشيعة واباضية وكل أهل القبلة لدينا (صورة معنوية) ارتسمت في أذهاننا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، صورة لصفاته السلوكية ولشخصيته الأخلاقية العالية التي شهد بها حتى الأعداء بل حتى قبل ظهور نبوته حيثُ عُرف في قومه (قريش) بالعفة والأمانة حتى أنهم لقبوه بـ(الصادق الأمين)، وهي صورة ارتسمت في اذهاننا أولًا من خلال استقراء شهادات الله تعالى للنبي في القرآن الكريم بأنه على خلق عظيم وأنه رؤوف ورحيم وأنه رحمة للعالمين، وكذلك تكونت في أذهاننا ثانيًا باستقراء الكثير من الروايات عن سيرته المستقيمة والرحيمة والكريمة والنبيلة والتي وصلت في كثرتها إلى حد التواتر، لهذا اذا جاءنا أي (نص وخبر وحديث جزئي) ولو في كُتب الصحاح ووجدنا فيه ما يُخالف سمات وطباع وأخلاق النبي الثابتة بالتواتر وما يتناقض مع هذه (الصورة المعنوية والفكرة العامة) عن شخصية النبي النبيلة والثابتة والمستنبطة بالاستقراء، فإننا نرد هذا النص والحديث الجزئي المتناقض مع (العموم الثابت بالتواتر والاستقراء) ونعتبره من (الشواذ) التي سقطت من بعض الثقوب في غربال علماء وخبراء الروايات والإسناد، فكل حديث وخبر مخالف لما ثبت عن شخصية واخلاقيات النبي قبل الوحي وبعد الوحي!، هو حديث وخبر شاذ وغريب، نرده ولا نبالي وبهذا المنهج العلمي والعقلي المنضبط!.
***
(3) ثالثًا: بالنسبة للخبر الوارد عن أخذ النبي باقتراح أحد الصحابة باستخدام المنجنيق لدك حصون ثقيف في الطائف أثناء الحرب، فإن صح هذا الخبر ولسنا متأكدين من صحته فيمكن تفسير ذلك من خلال النقطتين التاليتين:

- النقطة الأولى : ثبت بنصوص صحيحة وصريحة أن النبي نهى المسلمين المحاربين عن قتل النساء والأطفال وكبار السن أو المتعبدين في محاربيهم أو قطع الأشجار ، ولهذا فهذه هي التعاليم الإسلامية الثابتة عند الحرب، وهذا هو (قول النبي) وقد قال بعض العلماء : "إذا وجدنا حديث لصحابي أو تابعي يروي فيه أن النبي فعل كذا وكذا ثم وجدنا أن هذا الفعل يخالف (قول النبي) في حديث آخر، فإن المنهج الصحيح هنا إذا عجزنا عن الربط بين الخبرين بشكل عقلاني ومنطقي سليم فإن الموقف الفقهي السليم حينئذ هو أن نقدم (قول النبي) على (فعله) إذ أن دلالة القول (الأمر والنهي) هي الأقوى".

- النقطة الثانية : الوضع كان وضع حرب وقتال وكان العدو (ثقيف) متحصنًا داخل الحصون ولهذا فإن الخطط العسكرية تلزم باستعمال (قوة المدفعية) لدك هذه الحصون المنيعة حتى يمكن للجيش أن يدخل المدينة بالرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى إصابة بعض المدنيين غير المقاتلين الذين كان من واجب قادة تلك القرية المحصنة أن يبعدوهم قدر الإمكان عن مواطن الخطر وهم يشاهدون عدوهم يجهز المنجنيق لدك حصونهم!، والمنجنيق هو مدفعية زمان النبي، ولم يكن الهدف قطعًا باستعمال قنابل المنجنيق النارية هو استهداف المدنيين من أطفال ونساء إنما الهدف كان هو (تحطيم تلك الحصون المنيعة) التي يحتمي خلفها العدو بعكس ما يحصل في العمليات الإرهابية في زماننا أو عند الخوارج عبر التاريخ حيث يقوم الارهابيون والخوارج باستهداف المدنيين غير المقاتلين بل واستهداف حتى المعابد عمدًا بقصد قتل الأبرياء العُزل بوحشية إما من باب النكاية والتشفي والانتقام أو من باب تحقيق أغراض دعائية وإعلامية وسياسية منها بث الرعب واحراج موقف الحكومات وتصويرها بأنها عاجزة عن حماية رعاياها !!، وهكذا فإن قياس تلك (العمليات الحربية) المنسوبة للنبي والصحابة بهذه (العمليات الإرهابية) التي تنفذها بعض الجماعات الإسلامية المسلحة بدعوى الجهاد في سبيل الله هو قياس مع الفرق الفارق شكًلا ومضمونًا بالتالي هو قياس فاسد وغير منطقي!.
***
(4) رابعًا: أن هناك بعض الأحكام والتصرفات والسياسات خصوصًا في أعمال الحرب والسياسة تظل ابنة ظروف زمانها وطبيعة عصرها، فهي مرتبطة بالعرف الدولي السائد في تلك الحقبة - أي في عصر النبي والصحابة - العرف السياسي والعرف الحربي - فنحن اليوم نتفهمها ونتفهم ظروفها وملابساتها في ذلك العصر ولكن لا يعني هذا بالضرورة أنها صالحة لكل زمان ومكان أو يمكن القبول بها في عصرنا الحالي وفي ظل عرفنا الدولي الراهن والحديث!، فالعبودية والرقيق والغزو كلها كانت مشروعة ومباحة في ذلك العصر لأنها تقع ضمن (العرف الدولي العام) السائد في كل مجتمعات ذلك الزمان، أما في عصرنا الحاضر فلا يمكن القبول بهذه الامور وهذه التصرفات لأن العرف الدولي والحس الإنساني بات يرفضها ولا يقرها، وللعرف - سواء المحلي أو الدولي - في شريعتنا الإسلامية اعتباره في كثير من الأحكام، ولهذا تجد في الاسلام وفي تصرفات النبي عليه الصلاة والسلام نوعين من الأحكام والتصرفات النبوية :

- النوع الأول : احكام وتصرفات وتعاليم ثابتة وخالدة صالحة لكل زمان ومكان بل ومطلوبة في كل زمان ومكان ولن تتغير إلى يوم القيامة كما هو حال أحكام المعتقدات والعبادات والمحرمات المعروفة وبعض العقوبات المقررة بالقرآن وهو ما صدر عن النبي بوصفه نبي مرسل ومبلغ عن ربه ومشرع مأذون له بالتشريع الديني!.
- النوع الثاني : أحكام وتصرفات وتعليمات متغيرة تتغير بتغير الأحوال الزمانية والمكانية صدرت عن النبي بوصفه قائد الدولة والأمير الناظم الحاكم للحياة العامة للمجتمع المسلم الأول وفق حاجات ومشكلات زمانه، فهي صدرت عن النبي من باب التنظيم والإدارة والقيادة العامة للحكم أي من باب (السياسة الشرعية) - ومنها بعض أصناف العقوبات الجنائية (التعزير) - فالسياسة تقوم على تحقيق المصالح العامة للأمة والدولة وفق المتغيرات والمعطيات المتعددة والمتجددة في كل بيئة، وهي بالتالي مرتبطة بملابسات وظروف عصر النبوة والعرف الاجتماعي المحلي والدولي في ذلك العصر ولا يمكن أخذها وتطبيقها حرفيًا في زماننا بل المطلوب منّا أن ندرسها ونفهمها ونتفهمها ونستخرج منها الدروس والعبر وقواعد الفقه السليم للشرع في تحسين سياساتنا الشرعية المناسبة لزماننا وحاجاتنا ومشكلاتنا الراهنة، وهكذا فإن من أحكام السياسة الشرعية بل أحكام الفتوى الدينية ما هو قابل للتغير بتغير الأحوال واختلاف النوازل، ومن يطلع على فقه الشريعة يفهم هذه الحقيقة وهذه الطبيعة في تصنيف أحكامها لثابت ومتغير!.

وهذان النوعان من الأحكام والتصرفات (الثابتة والمتغيرة) نأخذهما في إطار عام يتضمن (قواعد ومقاصد الشريعة) المبثوثة في القرآن الكريم والتي تمثل (روح الشريعة) التي توجه عقولنا في فهم وفقه نصوص ومنطوق الشريعة!، هذه القواعد والمقاصد الكلية والعامة لشريعة ولإسلام نحتاج اليوم في استنباطها إلى مزيد من إعمال العقل لتحقيق استقراء كلي وفقهي واع ومستنير لكل نصوص القرآن الكريم وأحاديث النبي بقصد استخراج هذه القيم والمبادئ العامة والثابتة للإسلام وهو ما يحتاج إلى جهود عقلانية فقهية مخلصة وجادة من المسلمين بدلًا من تبديد طاقاتهم العقلية على اجترار النقل والمرويات ومحاولة تطبيقها في زمانهم حرفيًا والسلام بدعوى أن هذا حكم الله وحكم النبي وقول الصحابة والتابعين والسلف الصالح...الخ ... دون ربطها بالبنيان الكلي الكامل والشامل للفقه الإسلامي أو قواعد ومقاصد الشريعة وكذلك بفقه الواقع والوقائع المعاصرة وطبائع البشر، فهذا المنهج النقلي الاخباري الاجتراري لم ولن يُخرجنا من مستنقع التخلف الحضاري والضعف العقلي والاخلاقي والذل السياسي الذي نتخبط فيه منذ قرون، لابد من تصحيح المسار وإعادة الاعتبار للعقل (المسلم) كي يفكر ويفهم الدين والدنيا بشكل صحيح ومتوازن وينقح ويصحح هذه المرويات ويجتهد ويستنبط مقاصد وقواعد الشريعة ويجدد منهج فقه النصوص الدينية وضرورة تصنيفها إلى ما هو منها ما يدخل في حكم (التاريخ) المرتبط بعصر الأنبياء والنبي محمد والصحابة وفجر الاسلام وما هو يدخل ضمن (الشريعة والحكمة) المطلوب الالتزام بها في كل زمان ومكان وفهمها بشكل عقلاني واع رشيد... تحياتي.
***********
سليم الرقعي
2018









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث