الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات من السفر النضالي للطبقة العاملة العراقية

فاضل عباس البدراوي

2018 / 4 / 27
ملف الأول من أيار عيد العمال العالمي 2018 المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي


منذ عقود، والطبقة العاملة العراقية تخوض نضالات طبقية، تخفت أحيانا، وتتصاعد أحيانا أخرى، حسب الظروف السياسية السائدة في ألبلد، ففي ظل ألأنظمة الدكتاتورية، التي كانت تمارس العسف بأعلى درجاته، تجاه الطبقة العاملة وطليعتها السياسية، وتنصَب عملائها على رأس النقابات العمالية، بقرارات سلطوية، دون أجراء انتخابات نزيه، ليعبر العمال عن أرادتهم الحقيقية في اختيار ممثليهم الحقيقيين لقيادة نقاباتهم. كانت الحركة النقابية المجاهدة تتراجع أمام الهجمة التي تشن ضدها وينحسر دورها في النضال الطبقي. زاد ألأمر سوءا أبان النظام الدكتاتوري البعثي، عندما تحولت النقابات الى مراكز للتجسس، وتبعيث العمال عنوة، دون أرادتهم، تحت التهديد بالفصل من العمل وحتى ألأعتقال. أثناء الحرب العبثية مع أيران كانت تقوم نقابات السلطة بتجنيد العمال وأرسالهم الى جبهات الموت، وكثير من العمال ذهبوا ضحية تلك الحرب المجنونة. أما في فترة النظام الملكي فكانت الحركة النقابية، بين المد والجزر، كلما كانت الطبقة العاملة تقوم بأضرابات سلمية تحت قياداتها الثورية المنتخبة ديمقراطيا، كانت السلطة تعتقل قادة النقابات وتزجهم في السجون، وتغلق مقاراتهم.
أستعرض هنا بعضا من المحطات النضالية للطبقة العاملة العراقية، خلال العقود المنصرمة، هذا العرض يبين التاريخ النضالي المجيد لعمال العراق، فلم يكن يمر عام، الأَ ونجد اضرابا أو تظاهرة للعمال المطالبين بحقوقهم ألأنسانية المشروعة، ذلك في تحسين ظروف العمل وزيادة ألأجور والضمان ألأجتماعي والصحي أضافة الى حقهم المشروع في التنظيم النقابي الحر المستقل. ففي عام 1929 تجمع عدد من العمال الواعين، العاملين في بعض الورش الصناعية ألأهلية، قاموا بتأسيس جمعية اصحاب الصنائع العراقية، وانتخبوا الناشط العمالي محمد صالح القزاز رئيسا للجمعية، وتعد هذه الجمعية من بواكير التنظيم النقابي لعمال العراق، قدمت الجمعية عددا من المذكرات الى السلطات المسؤولة تضمنت مطالب للعمال، كزيادة ألأجور وتقليل ساعات العمل وغيرها من المطالبات. قادت الجمعية أول اضراب عمالي عام 1930، والمشهور، بأضراب الكهرباء، كانت مؤسسة الكهرباء تدار من قبل أدارة أنكليزية، لكن السلطات قمعت هذا ألأضراب ووقفت الى جانب ألأدارة ألأجنبية، بدلا من الوقوف مع العاملين العراقيين المطالبين بحقوقهم المشروعة، قامت السلطة بحل الجمعية وأعتقال رئيسها وأبعد الى خارج بغداد، بعد هذه الضربة حدث انكفاء في الوسط النقابي العمالي، أستمر ذلك الجمود الى أواسط أربعينيات القرن الماضي. بعد انتصار الحلفاء على المحور الفاشي النازي، بدأ بعض العمال المنتظمين سياسيا في صفوف الحزب الشيوعي العراقي وأصدقائهم، بالتحرك لتأسيس نقابات عمالية، بالفعل أجيزت بعض النقابات، من بينها نقابات عمال السكك والمطابع والميكانيك والغزل والنسيج وغيرها. كانت بواكير نضال النقابات العمالية هو ألأضراب البطولي لعمال السكك، التي قادها المناضل النقابي الراحل علي شكر الذي كان قد انتخب رئيسا للنقابة، كان يشرف على هذا ألأضراب الرفيق الخالد فهد شخصيا، حقق ألأضراب بعضا من مطالب العمال، أعقبها أضراب آخر في نفس العام، بسبب تنصل ألأدارة ألأنكليزية للسكك من وعودها بتلبية مطالب العمال، هذه المرة أيضا انبرت السلطات للوقوف الى جانب ألأدارة ألأجنبية ضد أبناء جلدتها من العمال العراقيين، عندما شنت حملة اعتقالات شملت قادة نقابة السكك وتعرض بعضهم الى الفصل من العمل في مقدمتهم المناضل علي شكر كما حلت النقابة. في عامي 1945 و 1946 أضرب عمال المطابع عن العمل لمرتين وتوقفت معظم الصحف عن الصدور، مطالبين بشروط عمل أفضل وبقية المطالب الواردة ذكرها آنفا، جن جنون الحكومة، وأعتقلت القائدين النقابيين، جعفر صالح رئيس النقابة وطه محمد صالح سكرتير النقابة، بعد ذلك انتخب محمد أسماعيل القريشي رئيسا للنقابة، بعد الحملة القمعية التي شنتها السلطة والتي اعتقلت خلالها قادة الحزب الشيوعي العراقي، (فهد، حازم، صارم) وعدد آخر من كوادر الحزب كان من بينهم، رئيس نقابة السكك علي شكر ولقد سجن لمدة خمسة أعوام أضافة لسجن رئيس نقابة عمال المطابع، محمد أسماعيل القريشي، اذ سجن لمدة عام واحد، وتم تجميد معظم النقابات العمالية. في ذلك العام، اضرب عمال شركة نفط الشمال في كركوك عن العمل مطالبين بحقوقهم المشروعة، تجمع العمال في منطقة كاورباغي بشكل سلمي، لكن شرطة حكومة أرشد العمري فتحت النار على العمال وأستشهد عدد منهم وأصيب آخرون وأعتقل عدد آخر من قادة ألأضراب، مرة أخرى وقفت السلطات العراقية الى جانب شركات النفط ألأجنبية التي كانت تنهب ثروات بلادنا بتواطئ معها. بعد وثبة كانون المجيدة عام 1948، نظم العاملين في مصفاة أيج ثري التي تقع قرب مدينة حديثة، مسيرة سلمية متوجهين الى العاصمة للمطالبة بحقوقهم، مرة أخرى تصدت شرطة الحكومة لتلك المسيرة السلمية وفرقتها بالقوة وأعتقلت عددا من قادة المسيرة. في بداية عام 1951 أجازت الحكومة بعض النقابات للعاملين في القطاع الخاص، كنقابة عمال النسيج والمطابع والسكائر والبناء والخياطة والنجارة وسواق السيارات، قامت تلك النقابات بتشكيل مكتب نقابي مركزي لها، تم انتخاب النقابي عبدالقادر العياش سكرتير نقابة المطابع سكرتيرا له. بعد أن لاحظت السلطة النشاط الملموس لذلك المركز وعدم انصياعه لتوجهاتها عبر بعض النقابيين المندسين في صفوفه، قامت بغلق النقابات المذكورة، وسجن واعتقل عدد من قادتها منهم المناضل النقابي عبد القادر العياش. أواسط عام 1952 اعلن عمال الموانئ في البصرة اضرابا عن العمل، تم قمع ذلك ألأضراب من قبل السلطة في بدايته. الاَ ان كل تلك ألأجراءات القمعية لم تفت في عضد العمال، حيث اعلن العاملين في شركة نفط الجنوب في البصرة اضرابهم البطولي في خريف عام 1953. وقد كان الرفيق الخالد سلام عادل، يشرف شخصيا على ألأضراب، اذ كان حينذاك مسؤول الحزب على المنطقة الجنوبية، على اثرها اعلنت حكومة فاضل الجمالي ألأحكام العرفية في البصرة وشنت هجوما مسلحا على المضربين، حيث أستشهد أحد العمال وجرح آخرين وأعتقل عدد من قادة ألأضراب وأصدرت المحاكم العرفية العسكرية أحكاما ثقيلة بحق عدد من قادة ألأضراب، كل تلك ألأجراءت القمعية ضد العمال من قبل حكومات العهد الملكي، ووقوفها الى جانب شركات النفط ألأجنبية ضد العمال العراقيين المطالبين بحقوهم، تثبت دون أدنى شك بعمالة حكومات العهد الملكي للأجنبي وخيانتها للشعب العراقي ومصالحه الوطنية، بخلاف ما يروج له البعض من مزوري التاريخ الذين يحاولون عبثا من اضفاء صفة (الوطنية والديمقراطية)، على ذلك النظام، الأَ ان شمس الحقيقة والوقائع التاريخية لن تحجب بغربال. بعد ثورة 14 تموز المجيدة أجيزت النقابات العمالية وأنظم اليها مئات ألألأف من العمال وتشكل ألأتحاد العام لنقابات العمال، وانتخب العمال قياداتهم بكل حرية وشفافية، فاز فيها من أضطلع بقيادة الحركة النقابية خلال عقود، وتحمل كل العسف الذي مورس ضدهم أبان النظام الملكي المباد. لكنه ومع ألأسف انحرفت حكومة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم عن النهج الديمقراطي للثورة، بعد عامها ألأول، عندما فسحت المجال أمام العصابات ألأرهابية البعثية والرجعية للسيطرة على النقابات المجاهدة بالقوة، وبحماية الشرطة وألأمن العامة. لم تكتف سلطة الزعيم بهذا ألأمر، فلقد شنت حملة أعتقالات شملت قادة الحركة النقابية دونما سبب، حيث اعتقل العشرات من قادة ألأتحاد والنقابات العمالية، وكان من ضمن المعتقلين، قادة ألأتحاد العام لنقابات العمال، علي شكر وصادق الفلاحي وكليبان صالح وحسين علوان وعبدالقادر العياش وعاصم الخفاجي ومحمد غضان وشملت الحملة عددا من الكوادر النقابية من بينهم كاتب السطور وطارق السامرائي القياديان في نقابة المطابع وحسين ناجي وجاسم الدليمي من نقابة البناء وعلي الغزالي من نقابة الخياطة وصبحي المشهداني من عمال السكك وعدد كبير من نشطاء الحركة النقابية. بعد انقلابي 8 شباط 1963 وتموز عام 1968، زيفت ألأنتخابات العمالية، بل أكثر من ذلك كانت عمليات تنصيب قادة النقابات تتم بمراسيم من (قيادة الثورة المزعومة ). لا يفوتني أن أذكر ألأضراب البطولي لعمال الزيوت النباتية الذي جرى في خريف عام 1968، بعد سيطرة البعث الفاشي بأنقلابه المشؤوم على السلطة، حيث تم قمع ذلك ألأضراب بقوة السلاح واستشهد عامل وأصيب آخرون وأعتقل عدد من قادة ألأضراب.
واليوم والطبقة العاملة العراقية تشارك رفاقها شغيلة العالم بعيدها المجيد، لا يسعني ألأَ أن انحني أجلالآ وأكراما لشهداء الحركة النقابية العراقية وأحيي الرواد ألأوائل لها، الذين قضوا ردحا من أعمارهم في سجون ومعتقلات ألأنظمة الدكتاتورية والرجعية، لنضالهم من أجل حياة أفضل لعمال وكادحي العراق، وتحية خالصة للسائرين على دربهم، المناضلين لغد أفضل للطبقة العاملة العراقية.
والمجد للأول من أيار العيد المجيد لشغيلة العالم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء