الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3 دروس صعبة ... في حكاية محمد صلاح

فاطمة ناعوت

2018 / 4 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


3 دروس صعبة ... في حكاية محمد صلاح


مبروك لمصر، وللمصريين، هذا التاجُ الجديد الذي تَوجَّ به هامةَ مصرَ الشريفة، اللاعبُ المصريُّ "الجادُّ" كابتن محمد صلاح: أفضلُ لاعب في الدوري الإنجليزي. وقريبًا: “أفضلُ لاعب في العالم" بإذن الله وإرادة لاعبنا المصري المحترم، وبحبّ العالم أجمع له، أيقونة فرادة واستحقاق.
وحين أقول: "الجادُّ"، فقد دخلتُ مباشرةً في: "الدرس الأول"، من عنوان المقال.
الدرسُ الأول هو: "الجدية". صلاح "موهوب" دون أدنى شك. ولكن الموهبة منحةٌ أو هديةٌ من الله تعالى، يمنحها لمن يشاء؛ موزّعًا هداياه على أبنائه البشر. بالعدل، كلٌّ ينالُ ما يناسبه من هدايا، أو مواهب، في: الموسيقى، والرسم، والنحت، والكتابة، والصوت، والرياضة، والذكاء، والفراسة، والمعادلات الرياضية، والحفظ، والتوقّع، والإدارة، والتمثيل، وغيرها من مئات الأنواع من المواهب، أو الهدايا السماوية الغالية. لهذا لن أناقش تلك العطايا الربوبية في مقالي "الأرضيّ" هذا، لأن الأمور الربوبية، لا يناقشُها بشرٌ، لأن لها أسرارًا وألغازًا وحساباتٍ شديدةَ التعقيد، قد لا نستوعبها، نحن بني الإنسان. الموهبة، أمرٌ خارجٌ عن إرادتنا نحن البشر، ولو كان بإرادتنا لمنح كلُّ لإنسان لنفسه ولأطفاله جميع المواهب؛ ولحظتها سوف تتوقف الحياة. لأن اتزان توزيع المواهب هو سرٌّ قدسي وعبقري من أسرار السماء لكي ينتظم حراكُ الأرض وإعمارها. فأنا أحتاج إليك لكي "تُغنّي" فتملأ روحي بالفرح، حتى أستطيع أن أرسم لك كمهندسة بيتًا تسكنُ أنت فيه، أو أكتب قصيدة تُغيّر من حياة إنسان ما. فيطمئن ذلك الإنسانُ بدوره وينحت تمثالا لموسيقيٍّ كبير أو زعيم خالد، يراه إنسانٌ آخر فيُبدع في تأليف رواية تكون إلهامًا لإنسان آخر، فيصنع منها فيلمًا أو مسرحية تُعدّل من مسار مجتمع، وهكذا. مواهبُنا جميعًا نحن البشر، هي السرُّ الخالدُ في دورة الحياة وتطور المجتمعات وبناء الحضارات عبر العصور. وذلك ليس مضمون مقالي. لن أتكلم عن موهبة محمد صلاح، لأنها منحة سماوية لا تُناقَش. لكنني أتأمل أمرًا أرضيًّا إنسانيًّا، بوسع إنسان أن يفعل، أو لا يفعله، بإرادته الكاملة، هو: "الجدّية" والإصرار على النجاح.
هذا اللاعبُ الأسطوري، هل بوسعنا نحن المتابعين له، أن نتخيّل كيف يمرُّ يومُه؟ هو لا يأكل كما نأكل، ولا يمارس حياته بالأسلوب الذي نعيشه من "حرية"، لكيلا أقول “فوضى”. الطعامُ بجرامات محسوبة، الصحو في مواعيدَ محددةٍ، الإحماءُ والتريّضُ الشاقُّ، لا ينتهي. النوم بقَدر محسوب بكل دقّة. ربما لا يعرف صلاح ما نمارس من "رفاهات" مثل الذهاب إلى السينما والمسرح والأوبرا والتمشية على الكورنيش مع الأصحاب والجلوس بالمقاهي والتهام الشطائر والمحمّرات والمقرمشات وثرثرات الهواتف والتشات وغيرها مما يسرق الأعمار. يومُه شاقٌّ لا مجال فيه للحظة خطأ أو دقيقة غير محسوبة. تلك هي "الجدية" لتحقيق الهدف.
الدرس الثاني، في حكاية محمد صلاح، أو أسطورته، كما يحلو لنا أن نُسمّيها هو: “الوطنية". محمد صلاح لا يُغنّي لمصر كما نغني لها كل يوم. ولا يدخل في جدالات وسباب مع خصوم مصر على فيس بوك كما يفعل الكثيرُ من المصريين حين يُلاكُ اسمُ مصر على صفحات الدردشات. ولا يكتبُ مقالاتٍ وقصائدَ في حب مصر كما أفعلُ أنا وغيري من كتّاب مصر وشعراؤها. إنما هو يرفعُ علمَ مصر (بالفعل) لا (بالقول)، كما يفعل جنودُنا في سيناء، وكما يفعل السير مجدي يعقوب في مستشفاه، وكما يفعل علماؤنا ومهندسونا وفنانونا المصريون في كل مكان في مصر وخارجها ممن يصنعون مجد مصر بالعمل الجاد والحب الحقيقي للوطن.
أما الدرس الثالث، فهو "العلمانية". والعلمانيةُ التي أقصدها هنا هي بالتعريف المعجمي الصحيح لها، وليس بالتعريف الهزليّ "الخبيث المشوّه" الذي زرعه الإخوان والمتأسلمون في وعي البسطاء، لكي "تتشيطن"؛ فينفرُ منها الناسُ، وهو ما حدث بالفعل بكل أسف. العلمانيةُ في تعريفها الصحيح هي: احترام جميع الأديان. هي العدل بين البشر كافة، وعدم الحكم عليهم في أمر "مِهنّيّ" من منطلق ديني. هي الوقوف على مسافة متساوية من جميع الأديان، حال مناقشة قضية حياتية ما. فإن عُقدت مسابقةٌ بين عدة شعراء، وكنتُ في لجنة التحكيم، لا أحابي الشاعرَ المسلمَ، لأنه من ديني وأظلم شاعرًا مسيحيًّا أفضلَ منه! وإن تنافس مهندسون في تصميم، لا أميز بينهم على أساس ديني بل يكون الأساسُ "الأوحد"، هو الكفاءة وفقط. وهكذا. هذا ما فعله الدوري الإنجليزي مع محمد صلاح فتوّجه أفضلَ لاعب، لأنه أفضلُ لاعب، ولم ينظروا إلى عقيدته، التي تختلف معهم، ولا إلى عِرقه المصري الذي لم ينسلّ من أعراقهم الأوروبية.
هل نتعلّم دروس أسطورة "محمد صلاح"، بدلًا من الاكتفاء بالتصفيق له؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كيف يا حاجة فاطنة !؟
أنور نور ( 2018 / 4 / 29 - 16:02 )
علي مهلك شوية يا حاجة فاطنة
ماذا جري بالضبط ؟
القري المصرية فيها ما لا يقل عن ألف واحد مثل لاعب الكرة محمد صلاح
لكن البلاد والشعب موش محتاجين أساطير كورة .. البلد والشعب محتاجين لأساطير سياسة .. في السياسة يا حاجة فاطنة . لكي ينشلوها هي وشعبها مما هم فيه . ويجعلوا منها دولة عظمي
وأساطير السياسة المصريين موجودين أكيد بس مكتوم علي انفاسهم . وانتي عارفة من مين
هي البلد بتولد عباقرة يحصلوا علي نوبل في العلوم والآداب - زويل , نجيب محفوظ , وتولد العبقري مجدي يعقوب , وعلماء بوكالة ناسا للفضاء .. ولا تعرف تولد في السياسة أبدا , سوي من يغرقوها باستمرار ويخربوها !!؟؟
تقول الحاجة فاطنة : لن أناقش تلك العطايا الربوبية في مقالي -الأرضيّ- هذا، لأن الأمور الربوبية، لا يناقشُها بشرٌ، لأن لها أسرارًا وألغازًا وحساباتٍ شديدةَ التعقيد
---
بقي كدا يا حاجة.. يا سلام يا سلام ... يا حلاوة كدا
أهكذا تتكلم مهندسة تعيش في القرن الواحد والعشرين ؟؟ وعارفة الانترنت ! الكلام دا خلينا نسمعه من واحدة ست ريفية طيبة واقفة تقرأ الفاتحة في ضريح السيدة زينب أو السيد البدوي
مدد يا حسين.. شيللاه يا بدوي
ههههه


2 - معذورة الحجية - الحاجة - فاطمة
الرفيق صلعم ( 2018 / 4 / 30 - 00:15 )
لأنها لا تعرف انها قبل ما تولد - وعندما كانت صغيرة في المهد - هي وأم اللاعب محمد صلاح .. كان يوجد لاعب مصري كبير يلعب ويتألق في أوربا , ومنحته النمسا لقب : المايسترو صلاح سليم
ومنذ أكثر من 60 عاماً كانت كرة القدم هي اكبر وسيلة لالهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية ولابعادهم عن مناقشة مشاكل بلادهم , واستبدال ذلك بالجدل الصاخب حول الأهلي والزمالك

اخر الافلام

.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت


.. العالم الليلة | ليست نيتساح يهودا وحدها.. عقوبات أميركية تلا




.. شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ