الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقة الجدلية بين المواطن والوطن

فلاح أمين الرهيمي

2018 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


إن الشخصية الإنسانية هي حصيلة نشأة وتربية الإنسان في بيئتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولذلك فإن تأثيرات هذه العوامل البيئية والتربية لها دور فعال كان سلبياً أو إيجابياً في عملية التغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في الوطن ولذلك تعتبر الشخصية الإنسانية ونشأتها وتربيتها انعكاس ودور في عملية تلك التغيرات. وتعتبر العوامل والأسباب للمعرفة الإنسانية تأثيرات مهمة في البيئة والتربية، حيث توجد داخل كل إنسان (منظومة قيم) هي التي تحرك السلوك الإنساني وتوجهها نحو السلوك والتصرفات إذا كانت إيجابية أو سلبية وتترك آثارها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية عليها.
إن الإنسان لا يدرك أن هذه (المنظومة من القيم) هي التي تحرك سلوكه وتصرفاته وتوجهها في المجتمع لأن سلوك الإنسان تختلف بين شخص وآخر بسبب (منظومة القيم) والثقافة والمعرفة الناجمة عنها وتكون مختلفة نوعياً وكمياً لأن هذه القيم لا تولد مع الإنسان منذ الفطرة وإنما يكتسبها من خلال النظام التربوي (الأسرة والمدرسة والسلطة (نظام الحكم)). كما أن هذه القيم تشترك معها وتحركها وتؤثر عليها في ظروف مختلفة بعض الشخصيات المرموقة في المجتمع من خلال سلوكهم وأعمالهم كالفلاسفة والمفكرون والمبدعون في مجالات الحياة الأخرى والسياسيون وتكون لهذه القيم والشخصيات بمثابة الأطر الإنسانية التي تمثل النخب المؤثرة والفاعلة في المجتمع ويعتبر مجمل الذي يكتسبه الفرد في إطاره الاجتماعي والسياسي والثقافي ومنشأه يعمقه كمورث اجتماعي من عادات وآداب وفنون وتقاليد وعرف اجتماعي وتكون هذه الصفات ذات تأثير كبير على وعيه ومعرفته الشخصية والإنسانية وارتباطها بهويته الوطنية بالرغم من الأفكار والنزعات الشوفينية والطائفية والفئوية والعشائرية التي تحيط به داخل المجتمع كالفسيفساء مختلف الألوان والنزعات ولكن تصون فكره وتحميه حب الوطن والتضحية من أجله تترك آثارها الإيجابية الإنسانية وتجمعه وتربطه بهم الهوية الوطنية العراقية وهذه النزعة الإنسانية وتمسكه بهويته الوطنية تخلق لديه وعي وثقافة تحافظ على نسيج وثوابت الشخصية الوطنية.
بعد أيام تجري الانتخابات وهذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات السابقة وتشكل منعطف مصيري في تاريخ العراق الحديث. وهذه الانتخابات تحدث الآن بعد تجربة مريره ومؤلمة ومأساوية وكارثية. كابوس يجثم على صدور أكثرية أبناء الشعب العراقي أفرزت خلالها الطائفية المقيتة والفساد الإداري المدمر والفقر والبطالة وانتشار المخدرات بين الشباب وانتشار التسيب والانفلات الخلقي وأصبح العراق دولة ريعيه يعتمد على عائدات (النفط) بعد انفلات الحدود واستحواذ ظاهرة العولمة التي أغرقت من خلالها الأسواق العراقية بالسلع والحاجيات الصناعية والزراعية المختلفة الأجنبية وقضت على المشاريع الإنتاجية وأدى تجفيف الأنهار التي تنبع من أراضي الدول المجاورة إلى تصحر الأراضي وعدم صلاحيتها للزراعة مما أدت إلى قيام هجرة من الريف إلى المدن ونتيجة التخرج من الكليات والجامعات العراقية يجد الطلبة الخريجين انقسم في مستنقع البطالة بعد أن كان الخريجون تستقبلهم المشاريع الإنتاجية أو المؤسسات الحكومية والأهلية.
إن هذه السلبيات التي أفرزتها الظاهرة الجديدة في الحكم سلبت الإنسان العراقي من قيمه ووجوده وجعلت منه كالسلعة قيمتها حسب العرض والطلب في السوق أما كيانه ودوره وطاقاته البدنية والعلمية فتقدرها ضرورة الحاجة إليه حسب العرض والطلب واستغلال وضعه النفسي والمعيشي في الحياة. والآن نستعرض هذه القيم (الأسرة والمدرسة وسلطة الحكم).
الأسرة العراقية :- إن الأسرة العراقية أصبحت الآن مفككة ومتسيبة لأن رب العائلة أصبح الآن يركض ليله ونهاره من أجل توفير لقمة العيش له ولأفراد عائلته فأصبح بعيداً عن الاهتمام بأفراد عائلته وحتى بعيداً عن معرفة ما يحيط بوطنه من أوضاع لأنه أصبح مرهقاً ومتعباً عندما يعود إلى عائلته ويلجأ إلى النوم ليس عنده وقت أو مجال يتابع أولاده في المدارس وحتى لا يشاهدهم يجثم عليهم كابوس الإرهاق والخوف والقلق واليأس والإحباط. مما جعل الرابطة العائلية ضعيفة وبدون عاطفة أو شفقة وإنسانية لأن المعيشة وظروف الحياة قد همشت وأهملت القيم في مجتمعنا المادي الآن وقد قال الفيلسوف أبو العلاء المعري (إذا ساد المجتمع قيم مادية فالقيم الروحية والإنسانية تزول .. وإذا ساد المجتمع قيم روحية فإن القيم المادية تزول).
المدرسة :- كانت المدرسة في السابق (تربية وتعليم) وهي أحد المؤسسات التي ترعاها وتشرف عليها الدولة وكان المربي مدرس أو معلم يحتضن بشريان قلبه حباً وإخلاص وتضحية أبناءه التلاميذ. وكان الطالب يطيع ويحترم ويحب المعلم أو المدرس كحب واحترام أبيه أو أخيه الكبير (وتقودني الذكرى إلى أيام الصبا حينما كنا طلاب في الأولى والثانية في المرحلة الابتدائية. حينما ينقل معلمنا من مدرستنا أو صفنا نبكي عليه). أما الآن فليس هنالك تربية أو تعليم حتى أصبحت المدارس الأهلية أكثر من المدارس الحكومية وأصبح المعلم أو المدرس الجيد يقدم على إحالته للتقاعد من أجل العمل في أحد المدارس الأهلية التي يكون رابتها الشهري أكثر من راتب الدولة.
ونتيجة لما يشاهده أو يسمعه أولياء أمور الطلبة حول الكليات أو الجامعات يتخرج طلابها وترميهم في مستنقع البطالة ويصبحون عالة على عوائلهم أو يغادر ويهجر عائلته ووطنه يذهب ويبحث عن عمل في أرض الله الواسعة فيستقبله البحر ويبلعه ويجعله طعام إلى السمك والحيتان. فيضطر ولي أمر الطالب أن يسحب ولده أو أولاده من كراسي الدراسة ويدفعهم للعمل عتالين أو يبيعون أكياس النايلون في الأسواق وأكثرهم نتيجة اختلاطهم مع آخرين أصابهم الانفلات الخلقي وأصبحوا يتناولون المخدرات والسكاير والنركيلة.
السلطة أو نظام الحكم :- لا حاجة لكي أدخل في موضوع عريض وطويل وعويص ولكن أختصر الموضوع بمقولة للمفكر الكبير كارل ماركس حينما قال : (إن التاريخ يعيد نفسه مرة على شكل تراجيدي (مأساوي) ومرة أخرى على شكل كوميدي (مهزلة)). والآن ومنذ حوالي قرن من الزمان قال شاعرنا الكبير الراحل معروف الرصافي :-
علمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمـــــــــــــــــــــــةٍ كُلٌّ عن المعنى الصحيح مُحرّفُ
فالعلم العراقي مطرز عليه اسم الجلالة (الله أكبر) ورأس الحكمة مخافة الله وهذا العلم مرفوع فوق دوائر الفساد الإداري. وأعتقد هذا يكفي ويختصر الحديث الذي أصبح مفهوماً.
والآن أتوجه بكلامي وندائي إلى أخي الناخب الكريم وإذا كان لم يكن أخي في الدين فهو شبيه لي في الخلق وأقول له وأسأله ... لمن تعطي صوتك يا ناخب ؟
إن هذه الانتخابات تعتبر وتشكل منعطف تاريخي في تاريخ العراق الحديث.. أما العودة إلى القرون الوسطى .. أو إلى منعطف يبعث الأمل والرجاء تشييد أسسه الهوية الوطنية العراقية والقيم والأخلاق العراقية ... والأم والأب يعيشون مع أبنائهم في استقرار واطمئنان نفسي والابتسامة على الوجوه ... والضحكة تنطلق من القلوب .. والشباب يتوجهون صباح كل يوم إلى عملهم ... والناس تعيش في أمان لأن الرجل المناسب في المكان المناسب ... وحينما تتجول في الأسواق تجدها قد امتلأت بالمنتوجات العراقية .. وسوق المخضرات بالإنتاج العراقي ... الرزق العنبر ذات الرائحة الزكية تمتلئ في الصحون ... والشباب العراقي يعملون بجد وإخلاص في المصانع والمعامل والمشاريع الأخرى بإخلاص وتفاني .. كل واحد حسب كفاءته وطاقته وكل واحد حسب عمله ... يعيشون بعملهم وعرق جبينهم بشرف وعز. والجميع يعيشون بسعادة ورفاهية بين أهله وأحبائه.
أخي الناخب الكريم لاشك أنك في السنوات السابقة كانت معرفتك وثقتك بالحقيقة مزعزعة بين المرشحين ... والآن بان لك الفجر وأشرقت الشمس وبانت لك الحقيقة التي عرفناها ووصلنا إليها من خلال المعلومات المستخلصة من التجربة والواقع الملموس وعلاقتها بالسبب والنتيجة فظهرت وانكشف الخلل وبان السبب وظهر النتيجة ولذلك أصبحت مسؤولاً أمام التاريخ حينما تستعرض الأجيال أمام منصته فتشاهد الفاسدين من أصحاب الكروش وقد اسودت وجوههم تحت لعنة التاريخ ولعنة الإنسانية لأنهم خانوا الأمانة وأصبحوا فاسدين في الأرض عليهم اللعنة. والأمل كبير بأبناء العراق العظيم في التغير والسير والتقدم بالعراق العظيم نحو شاطئ الأمن والاستقرار يرفل بأبنائه النجباء يعيشون ويخدمون وطنهم العزيز في عز وشرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان