الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى صلاح حسين..شهيد الحركة الوطنية المصرية

رياض حسن محرم

2018 / 4 / 29
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


فى 30 أبريل عام 1966 "عشية عيد العمال" تم إغتيال الشهيد "صلاح حسين" على أيدى الإقطاع بقريته كمشيش عائدا من القاهرة،
" فوق كل مائدة طعام .. يوجد شئ من جهد فلاح جائع "
صلاح حسين

أغتيل صلاح حسين بيد الإقطاع فى لحظة تاريخية حاسمة، فى الوقت الذى بدأت فيه مظاهر الترهل على التجربة الناصرية، والنتائج الغير متوقعة للخطة الخمسية الأولى (60-1965)، حيث قرر النظام تمديدها لعامين إضافيين لإستكمال أهدافها، وإكتمال المؤامرة التى حاكتها إسرائيل والإمبريالية العالمية بقيادة أمريكا التي استدرجت لها مصر، فى تلك الأثناء بدأت القوى الرجعية تستعيد بعض عافيتها لترفع رأسها من جديد وتتآمرعلى الحركة الوطنية، ومن ذلك مؤامرة الإخوان فى 1965، وبعد توريط النظام المصرى فى حرب ضروس فى اليمن، هذا ما سجله قلم المناضل صلاح حسين من مظاهرما حدث فى عزاء والدة صلاح الفقى بكمشيش متضمنا أرقام سيارات كبار الإقطاعيين الذين قدموا من مختلف المحافظات لعقد إجتماع لهم تحت ستار العزاء.
لقد عمل صلاح منذ تشكل وعيه على البحث عن بوصلة تساعده في تحديد الطريق الواضح للعمل، وخاض فى ذلك تجارب عديدة ومتناقضة من جماعة الإخوان المسلمين إلى الفكر القومي المتطرف ممثلا بحزب مصر الفتاة إلى الإيمان بفكر جمال عبد الناصر لينتهي به المسار للوقوف على مشارف الماركسية، بعد أن تعرفت رفيقة حياته وابنة خاله شاهندة على الفكر الماركسي من خلال مدرستها فى شبين الكوم"وداد متري".
بعد أن عاد صلاح من فلسطين عقب مشاركته فى صفوف الفدائيين العرب"حركة الضابط أحمد عبد العزيز" إتجهت أنظاره الى الداخل، وتحديدا الى قريته "كمشيش" حيث يوجد نموذج من أبشع أنواع الإقطاع فى ذلك العصر ممثلا فى عائلة الفقى وعلى رأسها عميدها " صلاح الفقى"، وكانت مديرية المنوفية تتواجد بها مجموعة من العائلات الإقطاعية عريقة فى خيانتها للوطن منذ أحداث الثورة العرابية ممثلة فى عائلات الفقى وعبد الغفار وأبو حسين وغيرها، وكانت هذه العائلات تمتلك الأرض ومن عليها من فلاحين بسطاء، لها خفرائها ومرتزقتها وسجونها وتمتلك القانون بيدها، وتقيم أبشع أنظمة السخرة حيث الفلاحين يرغمون على العمل فى أرض الإقطاعى بدون أجر ويجبرون على تقديم بناتهم للعمل خادمات فى قصورهم.
بدأ الشهيد مسيرته بين طلاب قريته وهم مجموعة من الحالمين الثوريين الذين عاصروا قهر عائلة الفقى وجبروتها حيث كان للعمدة "صلاح الفقى" سطوة عاتية، يمنعهم من ارتداء الأحذية والطواقى وعدم المرور من أمام قصره، وقرر منع التعليم بإغلاقه المدرسة الوحيدة فى القرية، لذا كان توقهم شديدا للتخلص من هذا الجبروت والثورة عليه، فتحولقوا حول صلاح بصفته اكثرهم خبرة وثقافة ووعيا ويمتلك صفات القيادة، يقول صلاح حسين واصفا هذا المشهد(.. هبت روح الثورة عاتية على مجتمعنا القديم وخرج الطلبة في شوارع شبين الكوم يهتفون "إلى أنقرة يا ابن المرة" وذلك عقب هزيمتنا في فلسطين، وكان لا بد أن نتأثر بهذا التيار وكان الطلبة في هذه الحالة هم القوة الثورية التي يمكن أن تبتدئ العمل الثوري..). .
كانت المشكلة الكبرى لهذه المجموعة الثورية من الطلاب كيفية الإلتحام بالطبقة التى يسعون الى تحريرها وهم الفلاحين، ولم يكن ذلك ممكنا فى ظل الوضع القائم الا من خلال معارك حقيقية على أرض الواقع بينهم وبين الإقطاع، وحاولوا إيصال صوتهم من خلال تحريض الفلاحين ضد نظام السخرة، وانتهزوا مناسبة عزاء فى القرية ليمسك صلاح حسين بالميكروفون فى سرادق العزاء، ويعلو صوته (.. أيها الفلاحون ارفضوا السخرة طالبوا بأراضيكم المغتصبة عيشوا أحرارًا فوق أرضكم..)، وكانت المرة الأولى التى يجرؤ فيها صوت على هذه المواجهه، ويستجيب الفلاحين لهذا النداء وترفض اعداد كثيرة منهم الذهاب الى أرض الوسية، ليقوم العمدة الإقطاعى بالقبض عل صلاح حسين ورفاقه وايداعهم سجنه ويعذبهم زبانيته، ولكنهم يستطيعون إيصال صوتهم الى المديرية "ليحدث تدخل وتحقيق من أجهزة الأمن"، يقال على أثره العمدة ولكنه سرعان ما يعود مرة أخرى محتميا بنفوذه وسلطته، ولكن كانت النتيجة هى تحقيق انتصار جزئى للفلاحين فى انهاء السخرة أو القنانة وفى نفس الوقت اكتساب صلاح حسين ورفاقه ثقة الفلاحين الفقراء والذين أطلقوا عليهم إسم " الأحرار".
تفتحت شهية الفلاحين لخوض الصراع ضد مغتصبيهم فكانت المعركة الثانية فى عام 1953، هى ما عرف بإسم "معركة الملال" وهى قناة صغيرة شقها الإقطاع داخل اراضى الفلاحين لتمرير مياه الرى الى أراضيه ومنعها من الوصول لأراضيهم، فقرر الفلاحين ردمها، وحدثت معركة كبيرة بينهم وبين أعوان الإقطاع إنتهت بإصابة 17 فلاحا وفلاحة، قبلها استطاع الفلاحين هدم سد أقامته أسرة الفقى لحجز المياه عن الفلاحين لتبوير أراضيهم وتسهيل الإستيلاء عليها فيما عرف بمعركة السد، وسقط منهم عدد من الشهداء على رأسهم عبد الحميد عنتر وأبو زيد أبو روّاش وغيرهم، وعندما فشل أعوان الإقطاع وخدمه فى التصدى لحركة الفلاحين استعانوا بالمرتزقة "الأعراب"،وهم نوع من المرتزفة كانوا متواجدين على هامش القرى وفى خدمة من يدفع أكثر، كانوا منتشرين هم والغجر فى الريف المصرى وكان هؤلاء الأعراب يتم إكترائهم للقيام بالعمليات القذرة التى تصل الى القتل وغيرها من العمليات الإجرامية ودارت معارك بينهم وبين الفلاحين كانت تنتهى عادة بتدخل أجهزة الأمن ضد الفلاحين والقيام بنشر الهجانة على ظهورالجمال وحظر التجول.
وجاء تدخل حركة يوليو من خلال تشكيل لجنة وساطة برئاسة الصاغ " أنور السادات" والذى ظهر انحيازه واضحا لعائلة الفقى منذ البداية، مما سيكون له أثر فى المستقبل على علاقته (بعد توليه الرئاسة) مع فلاحى كمشيش، وعلى كل حال فإن موقف نظام يوليو من الحركة الثورية لفلاحى كمشيش لم يكن وديا فى الغالب وحتى بعد حل الإتحاد القومى وتأسيس الثورة للإتحاد الإشتراكى كحزب وحيد لها، تضمنت قوائم العزل السياسى عام 1952بلإضافة لعائلة الفقى القيادات الفلاحية والأحرار فى آن واحد وعلى رأسهم الشهيد صلاح حسين فى الوقت الذى كانوا ( أى الفلاحين) يعتبرون أنفسهم الرديف الثورى لحركة يوليو، مما ترك مرارة وإحباطا لهم وتأتى كلمات صلاح حسين لصديقه "وسيم خالد" معبرة عن ذلك فى رسالته التى يقول فيها (.. أفبعد هذا وفي فجر الثورة الاشتراكية التي ناضلنا من أجلها نقف والإقطاعيين في حظيرة أعداء الشعب، محال أن يساوي العزل بين من خاضوا المعارك حماية لمؤخرة الثورة وبين من كان يروج الإشاعات عن عودة الملكية..)، وتقول شاهندة فى رسالة منها لجمال عبد الناصر( ثورة 23 يوليو مستمرة في التشوه بمزيد من مهادنة الإقطاع.. الحقيقة واضحة لا تسمحوا بتجاهلها..).
ورغم وقوف صلاح حسين ورفاقه الى جانب الثورة وصدور قانون الإصلاح الزراعى وعودة معظم الأراضى التى إستولى عليها الإقطاع الى فقراء الفلاحين وصدور قوانين التأميم ومعاداة الإستعمار والإمبريالية فإنها لم تستطع حماية الشهيد صلاح حسين من أن يتم إغتياله على يد الإقطاع وزبانيتة عشية إجتماعه بأمين الفلاحين فى الإتحاد الإشتراكى " عبد الحميد غازى" وتسليمه إياه تقريرا عن تحركات الإقطاع والثورة المضادة فى الريف المصرى.
لقد تحولت ذكرى شهيد الفلاحين "صلاح حسين" الى مؤتمر سنوى للقوى والحركات الثورية وذلك فى قريته كمشيش، حيث يقام إحتفال تأبينى يضم نخبة من الشعراء والفنانين، وكم شهدت هذه الأمسيات أصوات ضمت عبد الصبور منير والأبنودى وسيد حجاب وزين العابدين فؤاد وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى وعشرات غيرهم يمثلون النبض الحقيقى للشعب المصرى.
عاشت حركة الشعب المصرى وكافة الشعوب المضطهدة عاليا حتى النصر الأخير والنهائى على كل مضطهديهم
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا وألف لا لتحويل المراهق الثورجي إلى شهيد
معلق قديم ( 2018 / 5 / 1 - 14:32 )
ولا وألف لا لحجب تعليق يحترم قواعد الحوار لأنه يخالف سياسة كاتب المقال

الأستاذ رياض حسن محرم احترمته وكنت أقدّر رجاحة عقله وأثمّن ما يكتب حتى مع اختلافي مع كثير من منطلقاته السياسية والفكرية...لكن الآن وبعد التجائه إلى حجب الرد بدأت أنفر من عقلية دكتاتورية لا تختلف كثيرا عن غقليات الحكام المتسلطين الذين تسببوا في خراب بلادهم

خسارة وألف خسارة!

اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024