الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأول من أيار.. المناسبة والدلالات

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2018 / 4 / 30
ملف الأول من أيار عيد العمال العالمي 2018 المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي




في مثل هذا اليوم قبل 132 عاماً قامت البرجوازية بشنق قادة إضراب عمال هاي ماركت في مدينة شيكاغو أمام الحشود لتجرئهم على المطالبة بتقليل ساعات العمل والمزيد من الخبز والدواء يوم الأول من أيار ليس عيداً، فلا يمكن لذكرى جريمة ارتكبتها البرجوازية ضد الطبقة العاملة أن تصبح عيداً لهم.
إن المحاولات الأولى لإنشاء أول منظمة نقابية في بريطانيا كانت عام 18311 عندما تأسست "الجمعية الوطنية لحماية العمال". وبعد ذلك وفي عام 1834 تأسست على يد روبرت أوين "النقابة الموحدة الوطنية العظمى".
وقد دعت الأممية الأولى في مؤتمر جنيف عام 1866، العمال الى النضال من أجل يوم عمل من 8 ساعات (8 ساعات عمل، 8 راحة ونوم، 8 ثقافة وتعليم) وقد لقيت هذه الدعوة صدى واسعاً لدى عمال الولايات المتحدة في الثمانينات وفي عام 1884، دعت منظمة فرسان العمل الأميركية إلى تطبيق يوم العمل من 8 ساعات بدءاً من السبت الأول من أيار 1886 الذي عمت فيه الإضرابات والمظاهرات خصوصاً في المناطق الصناعية مما أغضب السلطات وأثار غضبها. وكانت مدينة شيكاغو أكثر المناطق التي شهدت تظاهرات ضخمة مطالبين بتحديد يوم عمل من ثماني ساعات. وعلى أثر نجاح الإضراب دعا عمال شيكاغو إلى تمديد الاضراب يومي 3/5 و 4/5/1886 حيث دعي لاجتماع سلمي في "هاي ماركت" إلا أنه تعرض لقمع السلطات الأميركية التي فتحت النيران على العمال بحجة قيام العمال بإطلاق النار على الشرطة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 (مائتي) عامل، واعتقلت الشرطة عدداً من القادة النقابيين حكمت على ثمانية منهم بالإعدام وسجنت البقية لسنوات تراوحت بين 3 سنوات و 15 سنة.
وعلى أثر المجزرة التي حدثت في أيار 1886، فقد دعت الأممية الثانية عام 18899 إلى اعتبار الأول من أيار يوماً عالمياً للعمال، يرمز الى تحركهم ونضالهم من أجل حقهم في العمل والراحة والثقافة والتعليم، وحددت الأممية الثانية الأول من أيار 1990 يوماً لبدء الاحتفال بالمناسبة.
ومنذ الأول من أيار 18900، بدأ العمال في دول أوروبا المختلفة بالاحتفال بالمناسبة، ثم انتشرت الاحتفالات إلى مختلف دول العالم ،حتى أصبح الأول من أيار رمزاً لوحدة العمال.
الأول من أيار مناسبة انطبعت عند أجيال متعاقبة ، لان الفكرة التي جسدها ذلك اليوم الأغر ما زالت تمثل الطموح الإنساني الأكثر شمولية والأكثر عدالة والأكثر حرية لكل جماهير العمال وكل المضطهدين والكادحين .
مناسبة الاول من ايار رمز الأحزاب العمالية في البداية وحلم وحدتهم الطبقية وتضامنهم العابر للقوميات والشعوب ..وهي رمز تحرر وثورة في زمن لاحق صوب تأسيس أممية ديمقراطية وثورية.
ففي الأول من أيار هذا العام وكل عام ...العمال والفلاحين الفقراء وكل المضطهدين العرب يبحثون عن أطر/أحزاب وحركات يسارية ديمقراطية وثورية ..
الكدح، والبؤس والشقاء والمعاناة والافقار والاستغلال والاذلال والعرق والدم ..صفات تلتصق بعمالنا وفلاحينا الفقراء العرب ..المشتتين في المصانع والمحاجر والورش والمزارع والعزب والمحلات التجارية وشركات المقاولات ، الفاقدين للاستقرار الاقتصادي أو الاجتماعي في حدوده الدنيا ...والفاقدين لاحوال الثبات في العمل، هذه هي الصفات التي اتسمت بها أوضاع عمالنا في كل البلاد العربية، إذ طالما عانوا من الفقر والبطالة ومن تدني الأجور وغياب التشريعات المنصفة لحقوقهم وغياب الحماية الاجتماعية، وغياب تكافؤ الفرص وتزايد الثروات في ايدي قلة من الطفيليين والكومبرادور الذين يمارسون ابشع مظاهر الاستغلال ضدهم ، ويكدسون الأموال ويساهمون في تأجيج الحروب والكراهية ؛ وكل انواع الصراعات ، الدينية، الطائفية، المذهبية، الى جانب تكريس البطالة والفقر، وتدمير للطفولة وخنق لامال الشباب من ابناء الفقراء، ورفع قاذورات الفكر والمعتقدات الخرافية البالية المتخلفة وغمر رؤوس العمال والفقراء بها ، ونفخ الحياة بكل ما هو متعفن ، ومهاجمة الديمقراطية والصراع الطبقي والفكر العلمي ، وتدمير ركائز العقلانية والترويج لمفاهيم رجعية ومتخلفه ، يبررون بها سلطتهم في ظل ضعف قوى اليساروالقوى الديمقراطية ، التي عجزت عن الاندماج في صفوفهم والتعبير عن قضاياهم وتوعيتهم وتنظيمهم من اجل ممارسة دورهم الطليعي في مسيرة النضال التحرري والديمقراطي ،الأمر الذي أفسح المجال لولادة حالة من الإرباك الشديد المتمثل في اختلاط وتداخل عوامل التغيير الديمقراطي المنشود، مع عوامل القلق المشروع من اتساع دور القوى اليمينية الكومبرادورية والبيروقراطية والليبرالية عموماً ، وقوى الاسلام السياسي وقوى الثورة المضادة خصوصاً، التي تتفاعل صعوداً، بدعم مباشر وغير مباشر من القوى الامبريالية و"حلف الناتو" وعملاءه من الحكام العرب في قطر والسعودية والخليج...إلخ ، ما يفرض علينا مجدداً طرحً السؤال التقليدي : ما العمل؟... ما هي العملية النقيض لذلك كله؟ إن الإجابة السريعة عن هذا السؤال مرهونة بصحوة حقيقية نشطة ، سياسياً وفكرياً وتنظيمياً ، من قبل أحزاب وحركات وفصائل اليسار العربي ، ومن ثم الالتزام بعملية النضال الحقيقي، السياسي الديمقراطي، عبر قيادة العمال والجماهير الشعبية الفقيرة وتوعيتها للخروج والمطالبة بتحقيق الأهداف التي طالما ضحت من أجلها، فلا يستطيع حزب الطبقة العاملة والكادحين عموماً ، ان يحقق اهدافها بنفسه، وانما من خلال الاندماج في اوساطهم والتعبير عبر الممارسة عن معاناتهم وتطلعاتهم لكي يستطيع توعيتهم وتحرضهم وتنظيمهم في اطار حزبي جماهيري ثوري يقودهم إلى تحقيق اهدافهم العظيمة عبر الثورة الشعبية الديمقراطية بافقها الاشتراكي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف