الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا مستقبل لأمة لا تقدس العمل ولا تحترم العامل

حميد طولست

2018 / 5 / 1
ملف الأول من أيار عيد العمال العالمي 2018 المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي


لا مستقبل لأمة لا تقدس العمل ولا تحترم العامل
الإسلام دين يحث على العمل ويجعله بمنزلة العبادة، وأحد أبواب الأجر والجزاء بدليل قوله تعالى : "و قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " وقوله سبحانه : "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" ، سورة الزلزلة ، صدق الله العظيم الذي استحق العامل منه سبحانه وتعالى التقدير والاحترام والجزاء وإعلاء قدر يده البناءة وتفضيلها على اليد السفلى التي تأخذ دون أن تعطي ، ومكافأة العمل الصالح ومجَازاته على بناء الأوطان والارتقا بها ، الذي لا يتم إلا بالتكريم والتقدير والاحترام ، الغاية النبيلة التي جعلت المجتمع الدولي يتنبه إلى مفعول تشجيع العمل وقدرته على منح العالمل الثقة بنفسه وبعمله ، وشحد همته وتقوية عزمه ، ودفعه إلى المزيد من البذل المثمر ، ولأجل هذه الغاية النبيلة تم التفاق بين أغلب دول العالم على تحديد يوم عالمي لتكريم كل الذين يكدّون ويتعبون طيلة العام من أجل كسب الرزق ، في مختلف قطاعات الإنتاج ، والاعتراف بجميلهم ، وذلك في في عيد سنوي أختير له الأول من شهر مايو من كل عام ، واطلق عليه "عيد العمال العالمي" والذي تعود جذوره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، القطب الرأسمالي في هذا العالم، وليس إلى الاتحاد السوفيتي السابق، الذي كان يُعتبر مهد الاشتراكية والشيوعية في العالم ، والذي كانت بداية هذا العيد العمالي في أستراليا عام 1856 ، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886 وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا ، بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات ورفع مستوى المعيشة وتحسين ظروف العمل وتنظيم الأجور والتمتع بالإمتيازات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تتناسب وكمية الإنتاج الهائلة التي توفرها الشغيلة .
إلى هنا فالمعلومات المذكورة هي معلومات عادية ، وربما لا تضيف للموضوع أي جديد ، لأنها معروفة لدى الجميع وحتى لدى تلاميذ المدارس الإبتدائية الذين يعرفونها عن ظهر قلب، لكن الجديد الذي أردت إثارته هنا ، هو آراء الكثير من شيوخ الظلام وفتاواهم المتخلفة التي لم تستثن حمّاها المنتشرة على القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية الاحتفال بعيد العمال من التحريم ، على اعتبار أنه من البدع المحدثة التي ليست من العبادات التي يُتقرب بها إلى الله تعالى ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، ولما فيها من تشبه بالكفار الذي لا يجوز اقترافه - رغم خلوها من المنكرات ، ولا يقصد بها غير مصلحة الوطن - الأمر الذي وضع المسلمين في موقف حرج ومتناقض بين دعوة الإسلام لتكريم كل من يكدّ ويتعب من أجل كسب رزقه بالحلال البعيدا عن كل رذائل الغش والكذب والحلف الكاذب، والذي هو واجب ديني ، يوجب علينا تقدّير جهد العامل والاحتفال به وتشجعه على بذل المزيد من المجهودات بمختلف أنواعها، الفكرية أو البدنية حتى يقضي حوائجه ويتغلب على الظروف الصعبة التي قد تواجهه، مع تطور الحياة وكثرة الاحتياجات في الوقت الحاضر ، وذلك مصداقا للكثير من الأدلة الواردة في كتاب الله واحاديث نبيه الشريفة ، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" النحل 97 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" و قَوالَه عَلَيْهِ السَلامَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَة"، وبين فتاوى التحريم التي أصبحت ظاهرة لافتة ومقلقة –كما اسلفت - لا تقل ضراوة من الممانعة والتعنت الذي واجهته فكرة الاحتفال بالعمال ، من طرف التوجهات الرأسمالية الإحتكاري، التي لم تريد لآلة الإنتاج أن تتوقف ، ولو ليوم واحد ، والتي لم يرقها ما حققته قضية العمال من إنجارات ، التي شكل لهم إزعاجا ليس مادياً فقط ، بل ونفسياً أيضاً ، فسعوا للحيلولة دون إستمرارية زخمها، وضرب ما حضي به من تضامن عالمي ، وتشتيت مفهومه وإبعاده كيوم تتوقف فيه عجلات الإنتاج عن الحركة ، وكرمز إستطاعت نضالات الطبقة العمالية العالمية أن تجعل منه يوماً عالميا للعمال ، الأمر الذي لم تستسلم له الطبقة العاملة بفضل الوعي الطبقي الذي شكل القوة الأساسية التي عملت النقابات العمالية والقوى المؤيدة لها تأجيجه لردع الرأسمال عن المضي في تشويهه عيد الاحتفال بنضال الطبقة العاملة.
و من المفارقات الساخرة ، أن تشاركة حكومة كان بعض أعضائها وراء غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار ، في تظاهرة نقابية تحمل شعار "لا لارتفاع الأسعار".
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع