الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة العمالية في مواجهة الاستغلال الرأسمالي

فواد الكنجي

2018 / 5 / 1
ملف الأول من أيار عيد العمال العالمي 2018 المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي


ان الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعي التي تضرب منطقتنا الشرقية لا يمكن تجازوها إلا عبر ثورة اقتصادية واجتماعية وطنية تحرريه من أي تبعية اقتصادية كانت لكي لا تؤثر على المجتمع وتحد من قدراته الشرائية، وان تباشر الدولة تدخلها الفعلي لتوجيه عملية التنمية عبر إجراءات إصلاحية شاملة في كل مؤسساتها وإعطاء أولوية في المؤسسة التعليمة والتربوية وأجهزة البحوث العلمية والتقنية وتكنولوجية لاستثمارها في تطوير خبرة القطاع العام الوطني في مجال الاقتصاد بما يغني عن أي الاعتماد على الاستثمار الأجنبي والتي وان وجدت عليها يجب أن تكون تحت ضوابط وطنية لأخذ الخبرة فحسب دون الاعتماد والتوكل عليها، وهذا التوجه لا يمكن إن يتم دون إن تكون الطبقة العاملة لها دور مؤثر في سلطة الدولة وان تكون لها تشريعات خاصة بها لتكون قادرة للقضاء على أي استغلال رأسمالي لإنهاء العمل المأجور و ملكية وسائل الإنتاج وبما يخدم المواطن ويرفع من مستوى معيشته وتدخل في تحديد أسعار السلع والحد من ارتفاعها و بما يناسب سعر صرف العملة الوطنية في السوق المحلية ليرفع من قدرة المواطن الشرائية وبما يخلق رفاهية في المجتمع وينهي الباطلة ويخلق فرص عمل لكل الفئات العمرية وبما يناسب مع مؤهلاتهم، وفتح مراكز تأهيل وتطوير قدرات العمال المهنية وفتح المراكز الصحية والرعاية الاجتماعية لتقدم خدمات مجانية للمجتمع.
ولما كانت شعوب منطقتنا هم من غالبية الطبقة العاملة - وبحسب إعدادهم - فان توجه القوى الثورية اليسارية المناضلة باتجاه هذه الطبقة ودعمها عبر كل الوسائل الثورية والنضالية والكفاحية أمر تحتمه ظروف منطقتنا لما تملكه من مسؤولية وطنية وخبرة وعمل تنظيمي وكفاحي وتعلمي وتربوي زاخر بالعمل والانجاز لتوجيه عمل الطبقة العاملة نحو أهداف سامية ليمكنها ممارسة حقوقها ودورها النضالي بكفاءة وقدرة وحرية لرفع معنوياتهم وعلى كافة المستويات و بما يليق بمكانتهم وكفاحهم بعد موجة إحباط ويأس التي ذاقته الطبقة العاملة في هذه المرحلة بتكالب قوى الشر والطغيان وتدفق موجات الإرهاب العميلة للاستعمار الغربي واحتلال أجزاء واسعة هنا وهناك وبما مارسوه من إعمال تخريب وتدمير البنية التحية والفوقية لمؤسسات الدولة في منطقتنا، ولان شعوبنا بغالبيتهم العاملة فلا بد إن يكونوا هم أصحاب السلطة، لان مسيرة كفاحهم و هدفهم الاسمي هو التوجه نحو الاستقلال والحرية، ولهذا يجب إن تتوفر كل الوسائل الممكنة لطبقة العاملة لممارسة حقوقها وحريتها، وان أي حكم وسلطة لا ينحاز إلى هذه الطبقة لا يمكن إن يصمد مهما مارس من قوة وفرض إجراءات قمعية، لان تبعات ذلك ستجعل من هذه الطبقة أداة تستغلها وتحولها إلى أشياء ككل الأشياء المادية ليتشيء الإنسان بشكل سافر وهذا ما تحاول الطبقة الثورية العاملة ذات توجهات يسارية انتشال الإنسان من تشيئه ليكون قادرا بفرض إنسانيته ووجوه كانسان يمتلك مشاعر وبيده قوة التغير والإصلاح. ولهذا فان اليساريون يعتبرون أنفسهم جزء من هذه الطبقة إن لم يكن أغلبية كوادر الطبقة العاملة من اليساريين لإيمانهم بان اليسار هو المعبر عن طموحاتهم وفي استقلالية قراراتهم للقضاء على أي شكل من أشكال الاستغلال والتبعية للقوى الرأسمالية المستغلة، وان اليسار هو وحده لقادر على الخلق والابتكار أعظم انجازات لصالح الطبقة الكادحة وفي حياة الأمة ومعركتهم المصيرية ضد أي شكل من الإشكال الاستغلال والتبعية الاقتصادية التي يمارسها الاستعمار للهيمنة على دول المنطقة والذي اليوم هو مدخل لتبعية استعمار الدولة عبر استغلال ثرواتها الوطنية أبشع استغلال ليوقعها تحت التبعية والخضوع والهيمنة الاستعمارية للقوى الامبريالية بشكل مباشر وغير مباشر، ليتم فرض الضغوط والابتزاز بأبشع صور وإشكال على القرارات الوطنية لدول منطقتنا الشرقية لكي لا يبقى لها شيء من الإرادة والقوة والقرار المستقل.
فكل الأزمات التي تضرب منطقتنا اليوم هو انعكاس لتدهور الثورة الصناعية والاقتصادية والتربوية والتعليمة وتدهور آلة البحوث العلمية والاعتماد على الاستثمار الأجنبي وبضائعه وإهمال الاستثمار الوطني والقومي في مجال الصناعة الإنتاجية أو الاستهلاكية وترك عجلة الحياة تدار من قبل طواغيت الاحتكار والسلب والنهب لتحد مخالب الرأسمالية المتوحشة في كل مؤسسات الدولة ليتم استباحتها بأساليب قذرة عبر احتكار الإنسان للإنسان لتسرق منه الحياة الكريمة ولتديم الاستغلال ولتخلق ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لإعادة إنتاجها وفق متطلباتها. وهذا المناخ كان حافزا لنمو مشاعر الثورة والمقاومة والرفض بين صفوف الطبقة العاملة ضد توجهات الرأسمالية لتنهي هذا الاستغلال ونمو نظامه في مفاصل دول المنطقة باعتبار هذا النظام، أي النظام الرأسمالي، هو من يشرعن نمو الفساد في مؤسسات دول المنطقة برمتها، فالفساد السياسي هو فساد في السلطة والنظام وهو انحراف عن القوانين الحاكمة والمنظمة لفعل هذه السياسات وهذا ما أدى إلى تدهور أوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية بما ترتب عنه انقطاع التنمية الوطنية بعدم تخصيص ميزانية له وان خصصت فبالكاد تذكر وبشكل ملحوظ، وذلك باعتماد على الاستثمار الأجنبي كبديل عنه وهو استثمار في صناعات استهلاكية - كونه هو المجال الذي يدار لهم إرباح أكثر من أي استثمار أخر - والذي اثر بشكل كبير على الصناعات الوطنية الاستهلاكية بما ترتب عنه دون الاعتماد على مشاريع وطنية مستقلة يغني عن أي استثمار أجنبي، وهو ما ترتب عنه كل السلبيات التي ظهرت على السطح بإحداث مأساوية دمرت البنية التحتية والفوقية لأغلبية دول منطقتنا.
ولهذا لابد العمل الجاد بالاعتماد على الإنتاج الوطني وفي بناء اقتصادياتنا باقتصاد حر وطني غير خاضع للقوى الرأسمالية والامبريالية وفي كل المجالات، وحين يكون التوجه دولنا بهذا النحو فانه لا محال ستحاول تطوير قدراتها في مواكبة التطور العلمي والتكنولوجي وهو ما يوسع كل إمكانيات البشرية والمادية في خدمة المشاريع الاستقلالية وهذا بطبيعة يحرك التعاون الدولي بين الأقطار العربية من اجل التكامل الاقتصادي ليتم فيما بينها نمو زاخر يرجع مردودة لشعوب المنطقة ذاتها، ومن هنا يأتي أهمية إن تكون مصادر الثروة بيد دولة، دولة تحكمها قوانين وسياسات وطنية تحدد مهام القطاع العام والخاص بضوابط وطنية غير خاضعة لأملاءات أجنبيه بهذا الشكل وذاك، وبما يحقق تنمية ليس على مستوى الاقتصادي فحسب - رغم أهميته بكون تحقيق رفاهية المجتمع تتوازى مع زيادة إنتاج وتوزيعه بشكل سليم والابتعاد عن الاحتكار ليتم رفع مستوى المعيشة - بل تنمية متكاملة وعلى كافة مستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمة والتربوية والثقافية وبشكل متوازي لتطوير قدرات المجتمع في كل المجالات ومن ضمنها الأمنية والعسكرية لحماية مكتسبات الطبقة العاملة وإنتاجها، وعدى ذلك فان أي استغلال للاقتصاد بعيدا عن إدارة الدولة الوطنية فان الاحتكار سيظهر على السطح، لان طبيعة أمره يعود بعلاقة الإنتاج بين المالك والعامل فالمالك عبر وسائل الإنتاج تكون غايته تحقيق أقصى درجات الإرباح وهذا يأتي على حساب العامل الذي يستغل أبشع استغلال مقابل أجور بسيطة لا تسد لقمة عيشه، فهذا الاستغلال الطبقي من قبل القوى الرأسمالية التي تجني إرباح على حساب الطبقة العاملة مضت قدما في الاستغلال باتجاه كل الخدمات المقدمة للمجتمع مقابل ثمن وعلى حساب الطبقة العاملة فخدمات العامة أصبحت سلع كالتعليم والصحة تباع وفق جودتها وبأسعار عالية ولكل من يستطيع أن يدفع ومن لا يستطيع يكون نصيبه الفقر والجوع والأمية، هذه هي آفة الرأسمالية التي تخلق ظروف مجحفة بحق الطبقات الكادحة بعد إن تكون الدولة قد رفعت يدها عن دعم هذه القطاعات الخدمية والاجتماعية كالصحة والتعليم، لتفرز وقائع نمو الرأسمالية وسير الدولة باتجاهه هو بمثابة استهداف الطبقة العاملة باستغلالهم استغلال بشعا لتحقيق أقصى إرباح برفع أسعار السلع بما لا يتناسب مع ما يتقاضاه العامل من اجر، والدولة ترفع يدها عن الخدمات العامة وتحديد أسعار السلع في السوق المحلية وتقوم بخصخصة القطاع العام ليزيد من عبئ على هذه الطبقة والتي كما قلنا هي الغالبية في المجتمع فكيف سيكون أوضاع المجتمع وفق هذه المعطيات....!
لهذا ما انكفأت الجماهير الكادحة بالخروج في التظاهرات واحتجاجات التي جلها تقتصر بمطالب اقتصادية وفي تحسين ظروف العمل والكف عن الاستغلال الاقتصادي في صراعات سياسية وحزبية ضيقة الأفق والذي هو واحد من أهم مطالب الثورية للطبقة العاملة، لان هذا النوع من الاستغلال هو في صميم الفكر الرأسمالي الذي لا تريده الطبقة العاملة، وهو نقد الذي توجه على سياسة الدولة التي تحاول إغراق الدولة بالفساد الرأسمالي الذي يخلفها هذا النظام في كل مفاصل ومؤسسات الدولة ومن هنا فان الجماهير الكادحة تطالب بإجراءات ثورية وإصلاح النظام الاقتصادي وتطهيره من الاحتكار والفساد.
فتفشي الفساد والاستغلال والانحرافات التي واكبت توجهات الدولة نحو الرأسمالية عوامل تزيد من محنة الطبقة العاملة بما تكبلها مزيد من أعباء، وهو ما يجعلها أكثر إصرار على المضي قدما نحو النضال والكفاح والقضاء على بؤر الفساد والاستغلال من اجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية وظروف عملهم وتحرير أوطانهم من أية تبعية أجنبية استعمارية، لان (لا) استقرار للمنطقة والمستعمر يعمل فيها وفق أجندة اقتصادية واستغلال الاستثمار من اجل فرض شروط وجوده، ولهذا فان توجه الطبقة العاملة برفع مستوى مطالبها الإصلاحية التي تطالب بها هي بطبعتها وسائل مرحلية لهدف جوهري للوصول إلى (الاشتراكية الثورية الاجتماعية) للقضاء على أي توجه نحو الرأسمالية، لان التوجه نحو الرأسمالية هو منفذا يتم تدمير قدرات المنطقة الإنمائية والإنتاجية بما يخدم مصالح الغرب الاستعماري وليس مصالح شعوب منطقتنا الشرقية وهو نضال لا تحد عنه الطبقة العاملة في بلداننا مهما كان الأمر وطال الأمد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران