الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المزاج الشعبي والانتخابات

حسين رشيد

2018 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



كبقية الديمقراطيات الناشة والمحميّة بعدة مظلات، تخضع العملية الديمقراطية في العراق (الانتخابات) للمزاج الشعبي العام في الاقتراع والتصويت والاختيار الذي ربما سيختلف هذه المرة نوعاً ما، خاصة بعد دخول البلاد في مرحلة جديدة أمنية واقتصادية وسياسية، لكن هذا المزاج الذي يقاوم الضغوطات اليومية بمقاطعة الانتخابات نتيجة الخيبات المتوالية، أو تلك التي تدعوه للمشاركة بفعالية في الانتخابات لأجل التصحيح وترميم ما تهدم في البنية الاجتماعية العراقية أو القطاع الاقتصادي الذي يعاني التشوّه والركود ما تسبّب بزيادة معدلات البطالة وارتفاع نسبة الفقر وفق المؤشرات الحكومية والمتمثلة ببيانات جهاز الاحصاء المركزي التابع لوزارة التخطيط، كما يأمل تحسين قطاع الخدمات الأساسية التعليم والصحة والسكن وبقية القطاعات الأخرى، التي توفر لها سبل العيش الكريم.
هذا المزاج الخاضع يومياً لجملة أحداث متقاطعة ومتصلة، وجملة أخرى من التشريحات والتحليلات التي يخضع عدد منها الى أجندات تحاول تشويه صورة الفرد والمجتمع العراقي، والمقاوم لجملة ضغوطات دينية وسياسية واعلامية وثقافية أخذ يتكسر ويتصلب بذات الوقت، التكسر نتيجة التشظي القائم بكل شيء من القوائم الانتخابية الى الأحزاب والقوى السياسية وغياب البرامج التوعوية الحقيقية نتيجة غياب المؤسسات والمنظمات الوطنية التي تعمل على رسم خارطة انتخابية حقيقية تؤسس لنظام حكم حقيقي مستنداً إلى العمل المؤسساتي وبناء كل أجهزة الدولة وفق رؤى وطنية وأسس علمية دقيقة ومديات عمل قصيرة ومتوسطة وطويلة تأخذ بالحسبان أحداث الخمسة أعوام الماضية وما نتج عنها.
كما يمتد هذا التشظي الى الصراعات الحزبية الاعلامية التي أخذت تستعر بهدوء مريب، فكل جهة تملك وسائل اعلامية تلفازية وإذاعية وكالات أنباء ومواقع خبرية والخطر الأكبر (مرتزقة السوشيال ميديا) الجيوش الالكترونية التي ستدخل مرحلة الإنذار(ج) كلما اقترب موعد الانتخابات، اذ ستتعدد أشكال وأنواع الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي التي ستتحول الى محاكم متبادلة بين القوى والأحزاب المتنافسة في الانتخابات، وهذا تأثير آخر اكثر خطورة على المزاج الشعبي العام الذي يحاول مقاومة الزيارات (الاستذكارية) التي يقوم بها عدد من الساسة ورؤساء الأحزاب والكتل والقوائم الانتخابية برفقة المرشحين عن كل منطقة. وبالمناسبة بعض هذه الزيارات ثمّة سيارات (حمل) ترافق مواكب المسؤولين محمّلة ببعض الحاجيات العينية التي يأمل منها استمالة الناس اثناء الانتخابات.
ويتصلب بوجه كل المحاولات التي تريد اخضاعه الى رؤى معينة لا تحاول الفكاك منه إلا بالرضوخ التام لما تريد، وهذا ما يصعب حدوثه جداً، فالشعب العراقي من الشعوب العصية جداً على الانقياد التام، وإن حدث ذلك لفترة معينة، فهو نتيجة ظروف غير طبيعية ولدتها إرادات وأجندات مختلفة، وحتماً المزاج العام لمثل هكذا شعب يكون بقوته ومرونته في التعامل مع الظروف العامة والخاصة.
وفق التجارب الانتخابية السابقة لم يكن للبرامج السياسية للقوى والأحزاب المتنافسة في الانتخابات البرلمانية أي دور في المزاج العام، إن كان بسبب غيابها نتيجة جهل الكتل السياسية بأهميتها أو بسبب الظروف الامنية والاجتماعية التي رافقت إجراء تلك الانتخابات. أو لعدم وجود برامج انتخابية أصلاً، وهذا مؤشر خطير على ديمومة الديمقراطية العراقية الناشئة. وهنا ثمة تساؤل لجوج، لماذا تختفي البرامج والمشاريع السياسية للقوى والأحزاب المتنافسة للاستحواذ على اكبر عدد من مقاعد البرلمان، يكامله تساؤل آخر، لماذا هذا التنافس الانتخابي إن كان المزاج العام يعيش في دوامة الخيبات المتلاحقة جراء ممارسة ديمقراطية يفترض أنها تضمن حقوقه وتقدم له مجمل الخدمات. ورغم وجود الأجوبة الواضحة والمعلومة، لكن حتماً هناك أخرى خفية تحتاج لبعض التنقيب والكشف، ليس الإعلامي فحسب، والذي يفترض بها أن يستند الى الحقائق الملموسة والصحيحة دون إسراف أو تزوير أو تزويق، بل المؤسساتي والأكاديمي، وبخاصة علم النفس السياسي الذي عليه تشريح وتحليل هذه الظاهرة بتفاصيلها الدقيقة ووضعها بتناول الجميع كونها تمثّل تجربة مهمة من تأريخ البلاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م