الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهد ودموع (قصة قصيرة)

احمد عبدول

2018 / 5 / 2
الادب والفن


شهد هي البنت الوحيدة لأبويها لها أخوين يحبأنها أشد الحب ويؤثرانها أكبر الايثار وكيف لا وهي اخر العنقود التي أسرت قلوبهم واستأثرت باهتمامهم , الكبير حسين أكمل دراسته في كليه الطب وأخذ يعمل في احدى المشافي كان يحب مهنته حبا جما فيفرح اشد الفرح عندما يدخل السرور على قلوب مرضاه الذين كانوا يراجعونه في المشفى او داخل عيادته الخاصة , أما الاخ الاصغر لشهد فهو علاء ويعمل مهندسا في أحدى شركات الاتصالات وهو لايقل حبا لمهنته عن اخيه حسين اما الصغيرة شهد فكانت تنعم بطفولة هائنة وحياة وادعة ومستقرة بكنف أبويها كان والدها يعمل موظفا في القنصلية الجزائرية في اسبانيا أما والدتها التي ورثت منها شهد حب القراءة والاطلاع فقد تخرجت من كلية اللغات وتركت وظيفتها للتفرغ لأعمال المنزل والاولاد قبل سنوات .
وسط هكذا اجواء نشأت شهد فكان ان بدت عليها امارات النبوغ وعلامات الذكاء منذ وقت مبكر كان والدها رجلا طيبا هادىء الاعصاب حلو المعشر كريم النفس كان شخصية قوية اذا اتخذ قرارا فلن يتراجع عنه بسهولة متوسط الطول ابيض البشرة شديد الاهتمام بهندامه وتصفيف شعرة الذي اعتلاه المشيب في مقدمته كانت زوجته تحبه بشكل يفوق التصور فقد تزوجا عن علاقة حب امتدت لسنوات عدة فكانت تعامله معاملة الام لوحيدها فلا تبصر الدنيا الا من خلال عينيه الملونتين .
قضت شهد سنواتها الاولى في برشلونه التي تقع في الجزء الشمالي من شبه جزيرة ابييريا على شاطى البحر المتوسط حيث الجو اللطيف والنسيم العليل والحدائق الغناء وكثرة النصب والتماثيل والمجسمات والمباني الفاتنة ككنيسة العائلة المقدسة ذات المنظر الخلاب والارتفاع الشاهق حيث يقصدها السياح من سائرالبلدان .
انتقل أهل شهد بعد ذلك الى مونبوليه حيث اكملت هناك دراستها الابتدائية بعد ذلك عادت لبلدها الام الجزائر بلد المليون شهيد .كان أبويها فخورين بها فقد شقت مشوارها الدراسي بشكل يلفت أنظار القريب والبعيد منها ما ان انتهت شهد من اكمال دراستها الاعدادية حتى قررت ان تدخل كيلة العلوم قسم الفيزياء التي كانت لا تمل من قراءة كل ما يمت لها بصلة فهي شغوفة منذ صغرها بتقصي اسرار خلق الكون ونشأته فكان عقلها يكبر سنها بسنوات عدة . الا ان والدتها كانت تريد منها ان تدخل كلية الطب لكن شهد ورثت عن والدها قوة القرار وصلابة الموقف فكان ان أقنعت والدتها بأنها لاتجد نفسها ولا تحقق مستقبلها الا في كلية العلوم .
كان ثاني أيام عيد الفطرالمبارك استيقظت شهد مبكرا وبعد ان اكملت أعمال المنزل أخذت تعد الفطور وهي تدندن بينها وبين نفسها بأغاني العيد الشعبية التي يرددها الجزائريون صبيحة كل عيد سارعت لتوقظ أبويها وهي تلقي عليهم بتحية العيد فتمسك بيد والدتها وتاخذ بيد والدها فتشبعهما لثما وتقبيلا وهم يدعون لها بالنجاح ويبادلانها القبلات أخذت شهد توقظ اخويها حسين وعلاء فكان ان اجتمع الجميع وهم يتبادلون التحايا عرض الاب على أولاده اثناء تناولهم للفطور الاذي اعدته شهد ان يسافروا معه ثاني ايام العيد الى مدينة قسطنطينة المدينة الساحرة التي تمتاز بكثرة جسورها المعلقة وكهوفها ومساجدها ذات الطابع الاسلامي المميز ليعودا بعد انتهاء العيد لكن حسين وعلاء لم يرغبا بالسفر اما شهد فقد رحبت بالفكرة فكانت تواقة لذلك الامر .
في اليوم التالي وبينما كانت شهد تعد نفسها للسفر واذا بجهازها النقال يرن فتحت شهد الخط واذا بصديقتها أيام الدراسة الاعدادية جمانة وقد كانت في طريقها لزيارة شهد فقد اشتاقت لها كثيرا بعد فراق دام لسنوات عدة .لم تشأ شهد ان ترد طلب صديقتها فكان ان فاتحت ابويها بعدم الذهاب معهم الى قسطنطينة فلم يمانعوا تخلفها عنهم وقبلوا منها الامر على مضض مد والدها يده على شعرها المتدلي على كتفيها واخذ يدس اصابعه وسطه وهو ينظر اليها مستعرضا بمخيلته سنوات طفولتها الاولى وكأنه سوف لن يراها مجددا انكرت شهد تلك النظرات واخذت تستفهم من والدها لكنه لم يرد عليها جوابا واكتفى بابتسامته المعهودة اخذت زوجته تدفع به وهي تريد منه الاسراع للخروج من البيت لزيارة اقاربها الذين يسكنون مدينة قسطنطينة التي تغفو فوق سفوحها المباني الشاهقة وتتخللها الوديان السحيقة .
ودعت شهد أبويها لم يكن حسين وعلاء في البيت فقد خرج كل منهم لزيارة اصدقائه وتهنئتهم بمناسبة العيد انطلقت السيارة يقودها والدها بينما كانت زوجته تجلس بجانبه وقد امتلئت بهجة وسرورا على العكس من زوجها الذي اعتلت وجهه غمامة من الحزن دون ان يعرف السبب .
بعد اقل من ربع ساعة كان الباب الخارجي يطرق خرجت شهد مسرعة واذا بها وجها لوجه مع صديقتها جمانة وقد حملت معها باقة من الورد عانقت شهد زميلتها عناقا حارا فهي لم ترها منذ سنوات خلت , اصطحبتها لداخل المنزل وبعد ان جلسن سوية اخذن يتبادلن اطراف الحديث عن ايام الدراسة فتقص احداهما على الاخرى اخبار مدرساتهن ومن منهن ماتزال في التعليم ومن منهن قد احيلت الى نهاية الخدمة سارعت شهد لاعداد الطعام كانت بارعة باعداد الصنوف المختلفة من الطعام طلبت جمانة منها ان تساعدها قليلا فاذنت لها شهد فكان ان قضتا نهارا جميلا ووقتا ممتعا بعد سويعات رن الجهاز النقال واذا بأحدهم يبلغها بان والديها قد تعرضا لحادث وانهما قد فارقا الحياة بعد ان اصطدمت سيارتهم باخرى كانت مسرعة من الاتجاه المقابل فكان ان سقطا من أعلى الجسر وقد فارقا الحياة لم تكد شهد تسمع ما تسمعه حتى سقطت مغشيا عليها اضطربت جمانه فسارعت ووضعت رأس شهد بحضنها وهي تريد منها ان ترد عليها دون طائل .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق