الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الحركة النسائية العراقية -ملامح سريعة

ذياب فهد الطائي

2018 / 5 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يلاحظ، من دراسة مجمل الحركة النسائية العراقية ،انها يمكن ان تنسب الى مصطلح النسائية، ,وليس الى مصطلح النسوية (النسائية تعني المرأة ،والنسوية تعني الانوثة).
ذلك لأنها في العموم ظلت حركة تهتم بمشاكل المرأة والدفاع عن حقوقها، وكانت أبرز معاركها الاجتماعية، معركة السفور والحجاب في بدايات القرن الماضي وعلى نحو متلازم مع العمل في النشاط الوطني المعادي للاستعمار البريطاني وفي أنشطة خيرية متنوعة ،
يصف خيري العمري (1926 – 2003) حال المرأة في بدايات القرن العشرين فيذكر:
(كانت المنطقة غارقة في سبات عميق من الجهل، منكمشة على أعراف بدوية وقيم اجتماعية لا تكاد تعطي للمرأة أية قيمة إنسانية، بل كانت المرأة تعيش على هامش الحياة وراء جدران عالية من التقاليد وحواجز مرتفعة من العادات البالية، لا يسمح لها أن تطل على العالم إلا من خلال ثقب بباب أو برقع ونقاب، بل كانت المرأة أشبه بالعورة يجب أن تستر بستار كثيف من عباءتين وعلى الرجال أن يتحاشوا الإشارة إليها في مجالسهم خوف الفضيحة وخشية العار).
كان عالم النساء في ذلك الزمان عالما مستقلا استقلالا تاما عن عالم الرجال، كانت الحدائق العامة ودور السينما والنوادي تحدد أياما معينة وأوقات خاصة للنساء مراعية في ذلك إسلوب الفصل ألاجتماعي الذي كان متبعا، بل حتى البيوت كانت مقسمة بين ما يسمى بـ (الحرم) وهو مخصص للنساء وبين الديوان خانة وهي المخصصة للرجال .
وكانت الدعوة الى السفور جزءا من مطالب إصلاحية عديدة ، كان دعاة النهضة والتجديد قد تبنوها دفاعا عن حقوق المرأة، و(برغم كل ما لاقته هذه الدعوات من مقاومة عنيفة لم يتمكن المتعصبون من وقفها، إذ سرعان ما تطورت الأوضاع الدولية والاجتماعية وزال نفوذ الخلافة العثمانية وازدادت صلة العراق بالعالم الخارجي بحكم التقدم وتطور المواصلات فطفق العراق وهو في بداية نهضته يتطلع الى نهضة الشعوب من حوله ليقلد خطاها، كإيران رضاشاه وأفغانستان أمان الله وقبلهما تركيا كمال أتاتورك التي ألغت الخلافة وفصلت الدين عن الدولة وشرع زعيمها يلغي المحاكم الشرعية ويستبدلها بأحكام القانون المدني ويأمر برفع النقاب ومنع الحجاب).
في شباط عام 1922 أقام المعهد العلمي ببغداد مهرجانا شعريا عرف باسم سوق عكاظ ، ورأى بعض منظميه أن تساهم الفتاة العراقية فيه، فعارضه بشدة عبد الرحمن الكيلاني النقيب رئيس الوزراء آنذاك ،لاسيما وإن الفتاة التي وقع الإختيارعليها هي حفيدة الشيخ أحمد الداود الذي درس عليه الحديث والأصول، فثارت ثائرة المتشددين ونظموا حملة للتنديد بالمعهد وهدر دماء القائمين عليه .
في 23/11/1924 وبينما هذه المعارك قائمة في الأندية والمحافل، وأخبارها وأحاديثها تدور في المقاهي إذا بناد جديد يفتتح بإسم (نادي النهضة النسائية) تألفت هيئته الإدارية من (أسماء الزهاوي شقيقة الشاعرجميل صدقي الزهاوي ونعيمة السعيد وماري عبد المسيح وفخرية العسكري زوجة جعفر العسكري) فسارعت جريدة العراق الى الترحيب به معتبرة افتتاح النادي انتصارا لحرية المرأة).
ومما يلاحظ في مرحلة بدايات الحركة النسائية في العراق أن رائدات هذه الحركة كنّ من الطبقة الموسرة والأرستقراطية، وأعتقد أن هذه نتيجة طبيعية لحالة المجتمع العراقي آنذاك، إذ لم يكن التعليم متاحا للجميع وكان مقصورا على الموسرين هذا فضلا عن الثقافة التي كانت سائدة بسبب التخلف والجهل اللذين فرضهما الحكم العثماني طوال احتلاله للعراق
ويكتب رائد القصة العراقية محمود أحمد السيد في مجلة (الصحيفة) الماركسية:
(سنواصل مسيرتنا في سبيل الحرية الفكرية والحق والمثل العليا .. نحن أقوياء بأنفسنا أقوياء بأقلامنا، سنكشف قناع الرياء عن ميراث العصور المظلمة وسنزهق الباطل ونسحقه سحقا ونرفع للمرأة راية التعليم والتحرر الاجتماعي، وذلكم واجبنا الأكبر)
احتدمت المعارك بين أنصار التجديد وبين المحافظين المتشددين وأقبل الناس على الصحف التي أصبحت الآن ساح لها، ووصلت المشادات الكلامية في أحيان كثيرة الى التهديد والوعيد بالقتل، ناهيك عن الشتائم وإطلاق النعوت والألقاب والصفات المزرية على المجددين.
وعندما أخذ دعاة تحرير المرأة ينادون على صفحات جريدة (العراق) بإلغاء المحاكم الشرعية وسن قانون مدني جديد ينظم الأحوال الشخصية على قواعد تساير ألعصر طار صواب المحافظين لهذه المبادرة الجريئة وأخذوا يطاردون دعاة التجديد تارة بالتهديد بالقتل وطورا بالإرهاب)، فأضطر عدد من أنصارهم الى اللجوء للقضاء طالبين حمايتهم من المحافظين
في عام 1930 ظهرت أصوات نسائية بأسمائها الصريحة تدعو الى منح المرأة حقوقها وتلمح علانية بسفورها وضرورة إفساح المجال أمامها للدخول الى معترك الحياة، فأرتفع صوت (رفيعة الخطيب) يناقش الشريعة الإسلامية ما إذا كانت منعت السفور أم لا، وصوت الآنسة أمينة الرحال (شقيقة حسين الرحال) يدعو الى ضرورة استقلال المرأة استقلالا اقتصاديا . وعندما دعي العراق للمشاركة في المؤتمر النسائي الثاني الذي أتفق على انعقاده في العاصمة السورية دمشق في تموز من ذلك العام، بذل السياسي المعتدل ثابت عبد النور جهودا كبيرة من أجل إقناع الحكومة بضرورة المشاركة في هذا ألمؤتمر فكان إن رشحت الحكومة الآنسة أمينة الرحال (والتي لم تزل تلميذة في معهد المعلمات) ومعها الآنسة جميلة الجبوري لتمثيل العراق، فكان لكلمة العراق التي ألقتها أمينة الرحال صدى مميزا في أوساط المؤتمر
ومع توجه بعض رائدات الحركة النسائية نحو الصحافة فقد توجه عدد منهن نحو العمل التطوعي الاجتماعي،فأسسن جمعيات ذات طابع خيري كالفروع النسائية لجمعيّة الهلال الأحمر وجمعية حماية الأطفال وجمعيّات نسائية كجمعية مكافحة المسكرات والعلل الاجتماعية وبيوت الأمة والأخت المسلمة .
وفي السليمانية تأسست لجنة نسائية لمساعدة الفقراء في المدينة بتشجيع من السيدة (حفصة خان الحفيد) أثناء الحرب العالمية الثانية وتحولت فيما بعد الى الجمعية النسائية الكردية .
كما برزت اتجاهات جديدة في الحركة النسائية وربط قضية المرأة بقضية النضال من أجل الأهداف الوطنية وهي:
1- تأسيس أ ول منظمة نسائية باسم اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية في عام 1946
2- التحاق عدد من النساء بالأحزاب السياسية وساهمن في النضال السياسي
(وصلت آمنة الرحال الى عضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ألعراقي-1941)
3- شاركت المرأة في النضال الوطني ففي عام 1943 خرجت نسوة الكرخ بمظاهرة إحتجاجا على ارتفاع اسعار المواد الغذائية
4- اعلنت السيدة (عفيفة رءوف ) انشاء جمعية باسم (النساء)

5- تأسيس الاتحاد النسائي العراقي عام 1945 برئاسة السيدة آسيا وهبي وبقرار من الاتحاد النسائي العربي.
6- تأسيس عدد من الجمعيات والنوادي النسائية في تلك الفترة ذات أهداف خاصة:
نادي البنات البغدادي,جمعية خريجات دار المعلمات , نادي المعلمات، الجمعية النسائية لمكافحة الأمية, جمعيات دينية أسلامية ومسيحية كجمعية الدومنيكان / 1931، جمعية إسعاف المرضى 1934 الكلدانية عام 1932
راهبات القديسة كاترين / 1935، جمعية الرحمة.
ولكن ربما تكون رابطة المرأة العراقية من أهم هذه الحركات النسائية ،
بحكم وضوح أهدافها وسعة انتشارها وعدد المنتسبات لها، ولا يقلل من أهمية الرابطة أنها مدعومة من الحزب الشيوعي العراقي.
تأسست الرابطة في 10-3-1952 في بغداد وتحت اسم رابطة الدفاع عن حقوق المرأالعراقية وشاركت فيها، الدكتورة نزيهة الدليمي الدكتورة روز خدوري، سافرة جميل حافظ، خانم زهدي، سالمة الفخري، زكية شاكر، زكية خيري مبجل بابان .وحددت اهدافها:
1- النضال من اجل السلم والتحرر الوطني والديمقراطية .
2- النضال من اجل حقوق المرأة ومساواتها .
3-النضال من اجل حماية الطفولة وسعادتها .

* تشكلت لها فروع في كردستان والمحافظات الاخرى.
* اصدرت نشرتها الدورية باسم حقوق المرأة.
* قبلت الرابطة في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي كعضو عام 1953 .
* عام 1954 عقدت اول كونفرنس لها بشكل سري ساهمت فيه 54 مندوبة عن فروع الرابطة..
* ساهمت في مظاهرات الانتفاضة الشعبية 1952،ومظاهرات عام 1956 لنصرة الشعب المصري .
* في عام 1957 ساهمت في جبهة الاتحاد الوطني،ولعبت دورا بارزا في ثورة 14 من تموز 1958 .
* عقدت ثلاث مؤتمرات في الاعوام 1959،1960، 1961 وغيّرت اسمها الى رابطة المرأة العراقية، وبلغت عضويتها 42 ألف عضو .
* بعد انقلاب 1963،الغيت اجازة الرابطة،واعتقلت المئات من عضواتها وعذبن وحوكمن .
* في عامي 1966-1967 عادت الرابطة الى نشاطها .
*1969 قدمت الرابطة طلبا الى وزارة الداخلية لاجازتها،ولكنها رفضت الطلب، وشرّعت قانون المنظمات الشعبية الذي يحرّم العمل والنشاط لغير البعثيين.
* 1972- 1957 عقد مؤتمران محليان لفروع الرابطة في كردستان لدراسة اوضاع المرأة في كردستان .
* في الاعوام 73-74-1975 عقدت كونفرنسات محلية لفروع الرابطة في المنطقة الوسطى والجنوبية.
* في عام 1974 أجّلت الرابطة عقد مؤتمرها الرابع بسبب الظروف السياسية الصعبة وسيادة الارهاب .
* في عام 1975 ساهمت الرابطة بالاعداد للمؤتمر العالمي الذي عقد في برلين في نفس العام.
* عام 1975 جمّدت الرابطة نشاطها نتيجة لضغوط السلطة على القوى الوطنية الديمقراطية ومنها الرابطة.
* في شباط 1979 وعلى اثر تشديد وتيرة الارهاب والقمع ضد النساء في العراق قررت الرابطة الغاء قرار التجميد .
* في تموز 1980 ساهمت الرابطة في ملتقى كوبنهاكن العالمي، ووزعت كراسها بعنوان " المرأة العراقية ضد الارهاب " .
*في ت2 1980 ساهمت الرابطة في ندوة عدن العالمية من اجل السلام .
*في نيسان 1981 قبلت الرابطة في الاتحاد النسائي العربي .
* أيار 1981 عقد المؤتمر الرابع للرابطة تحت شعار " لتتظافر جهود النساء العراقيات مع القوى الوطنية من اجل اسقاط النظام الدكتاتوري واقامة نظام ديمقراطي، لا مكان فيه للحروب اوالدكتاتورية، ويحقق المساواة للمرأة والسعادة للطفولة".
*في اوائل 1989 عقدت الرابطة اجتماعا موسعا للجنة العليا، لدراسة وتحديد محاور النضال .
* تأسست في الثمانينات فروع للرابطة في البلدان العربية وبعض البلدان الاوربية.
*في 1982-1983 أصدرت الرابطة وفروعها في الخارج،عدد من الصحف،واسس المكتب المركزي للرابطة في الخارج.
* شاركت عدد من الرابطيات في الكفاح المسلح في كردستان .
* خلال التسعينات ساهمت الرابطة في النشاطات التالية :

*المشاركة في مؤتمرات خارج العراق في الاعوام 1991-1994 في انكلترا وفرنسا .
* ساهمت في تأسيس المكتب الاقليمي العربي الذي انعقد في بيروت.
* في 1991 تشكلت منظمات نسائية في كردستان، واصبحت الرابطة علنية .
* ساهمت الرابطة عام 1995 في محكمة النساء العربيات .
* ساهمت الرابطة مع رابطة نساء كردستان في مؤتمر بكين عام 1995 " مكافحة العنف ضد المرأة"
* حضرت مع رابطة نساء كردستان المؤتمر 12 الذي انعقد في باريس عام 1998 .
* في 1999 عقدت الرابطة سمينارا في كولن واصدرت كراسا .
* في سنوات التسعينات تأسست فروع للرابطة وجمعيات للعراقيات في البلدان الاوربية .
*عام 2000 عقدت الرابطة ثلاث اجتماعات للتحضير للمؤتمر الخامس وللمسيرة العالمية.
* المشاركة في المسيرة العالمية في بروكسل ونيويورك عام 2000 .
* تشكيل لجان تحضيرية للمؤتمر الخامس في العراق والخارج خلال 2001 ..
*في حزيران 2002 عقدت سكرتارية الرابطة مع اللجنة التحضيرية اجتماعا لمواصلة النشاط، وتقرر عقد اجتماع لاعضاء الرابطة في الخارج.
* عقد اجتماع تنظيمي للرابطة في الخارج وتأسست لجنة التنسيق للرابطة في الخارج.
* المشاركة في المؤتمر الثالث عشر المنعقد في بيروت في ت2- 2002 مع وفد رابطة نساء كردستان.
*في بداية 2003 اصدرت الرابطة نداء ضد الحرب على العراق، وبيان بمناسبة 8 آذار .
* بعد سقوط الدكتاتورية في 09-04-2003 مارست الرابطة نشاطها مع النساء وطالبت بحقوق المرأة والمساواة وتمكين المرأة من ممارسة حقوقها في المراكز القيادية.
* شاركت الرابطة في تأسيس شبكة النساء العراقيات .

*- وبعد ثورة 14 تموز 1958 استطاعت المرأة ان تحقق اكبر انجاز لها بحصول الدكتورة نزيهة الدليمي على وزارة البلديات في حكومة عبد الكريم قاسم، لتكون أول وزيرة عربية
*- استطاعت المرأة ان تكون عنصرا فاعلا في قطاع التعليم وكانت الدكتورة سعاد البستاني عميدة لكلية البنات التابعة لجامعة بغداد.
*- كما استطاعت المرأة العراقية عبر مراحل نضالها السياسي والاجتماعي أن تشارك في قيادة الاحزاب السياسية وتساهم في صناعة القرار في تلك الاحزاب،
ففي بدايات القرن العشرين كانت المحامية (آمنة الرحال )عضوا باللجنة المركزية للحزب الشيوعي وفي ثمانيات القرن الماضي كانت عايدة ياسين (استشهدت في المعتقل بعد اعتقالها في عام 1980 ) المرشحة للجنة المركزية تقود الحزب الشيوعي العراقي في عام 1979 ، كما كانت نادية محمود أحد العناصر المؤسسة للحزب الشيوعي العمالي في العراق

المصادر...............
خيري العمري،حكايات سياسية من تاريخ العراق [بيروت – الدار العربية للموسوعات 2008 ص 26
المصدر السابق
هامش ولدت صبيحة الشيخ داوود في بغداد سنة 1915 م ووالدها الشيخ أحمد الشيخ داود، والاب والجد من علماء بغداد وأعلامها، ومن مشاهير أساتذة علوم الدين والوطنية، وكانت لهما مشاركتهما في الحركة الوطنية العراقية.
ساهمت في مهرجان سوق عكاظ، الذي عقد في 24 شباط 1922 برعاية الملك فيصل الأول، بدور الخنساء راكبة جملاً مخترقة الجموع، ناشدة ما كانت تنشده الخنساء في سوق عكاظ
محمد جميل بيهم، فتاة الشرق،بيروت 1945 الصفحات 34-40
http://www.iraqiwomensleague.com/index.php?action=pages&id=2
موقع الرابطة على الانترنت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج