الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن وداع( أبو ذياب ) من بعيد - خطفه الموت باكراً -

محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)

2018 / 5 / 3
القضية الفلسطينية


رُوِيَ عن الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله : " عندما ترمي التراب فوقَ من تحب بعد أن يغادرَ الحياة ، ستدركُ حينها أنَّ الدُّنيا تافهةٌ جدّاً، والبقاءَ فيها لن يستمرَّ طويلاً .."
أحياناً ، يكتفي الإنسان بأن يُخرجَ كلَّ مشاعرِ الحزنِ والأَسى عبرَ دموعٍ صامتةٍ ، أو من خلالِ استرجاعِ شريطِ الذكرياتِ البعيدة والقريبة ، لكن (أبو ذياب) ياسر ذياب كلّم ،أغمضَ عينيه ونامَ في استراحةٍ أبدية ، راضياً بنهايتهِ تلك ، مقتنعاً بأنَّ للحياة نهاية ، فالموتُ هو جسرُ العبورِ إلى فضاءات ٍ أرحب .
إنّ الموتَ هو الوجهُ الآخرُ للحياةِ ، وفي لحظةِ حضوره يكونُ الاستسلامُ هو الخِيار.
بَكَتهُ بياراتُ اللَّيمونِ في الجليلِ ، بَكَتهُ حاراتُ الفقراءِ العُظماء في زواريبِ المخيمات .
رحلَ (أبو ذياب) ،وليس وقتَ رحيل ، فما زالت به حاجةٌ مُلِحَّةٌ .
(أبو ذياب) نسيجٌ بحدِّ ذاتِه ، حالةٌ متفردة ، لم يكن منغلقاً في أفكاره ، كان نقطةَ التقاءِ الجميع واحترامهم . كان صوتاً نقياً في كلماته ، يحملُ رائحةَ الأرضِ وعبقَ التاريخِ والجغرافيا .
رحلَ( أبو ذياب) وحوارُنا الذي بدأناه منذُ ربعِ قرن في زواريب مخيم شاتيلا لم يكتمل في عتمةِ الليل وما زالَ للكلامِ بقيّة ....
رحلَ (أبو ذياب) الحكواتي صاحب المواقفِ الطَّريفةِ والمشاعرِ الإنسانيّةِ والأخلاقِ الحميدة .
رحلَ تاركاً خلفَهُ ضحكتَهُ البَهيّة وروحَهُ المرحة وسمعَتَهُ الوطنيّة .
رحلَ (أبو ذياب) بعد أنَ هربَ من الوداع في برلين مارس/ آذار الماضي . لقد هربَ دونَ وداعٍ وأخذ معه الذّكريات الجميلة .
رحلَ( أبو ذياب) بعد أن نجا من مجزرة العزيّة بأعجوبة ، ومن أعالي دربِ البيّاضة راقبَ مشهدَ دمارِها وودَّعَهَا الوَداعَ الأخيرَ في 9-11-1977 م .
اندثرت قرية العزيّة ولم تسرِ الحياة على مدارجها مرة أُخرى منذ ذاكَ الزَّمن ، لكنَّ حكايتها ظلّت عالقةً كالوشمِ في ذاكرته . وبرحيله يكون قد أُسدل الستار عن جزء مهم من تاريخ قرية العزيّة .
زارَه الموت في مدينة برلين عصرَ يومِ السبت 21-4-2018 ، بعد أن غَرِقَ في النوم ، ودُفِنَ في مقبرة جمجيم (أبو الأسود) في جنوب لبنان وعيناه تنظران صوب الأُفق ، صوب فلسطين ، الوطن المسروق .
لن نَنسى يوماً ابنَ فلسطينَ البار ، وسَتبقى ذكراهُ خالدةً في نفوسنا ما حَيينا .
وداعاً (أبو ذياب) ،فالكلُّ يأتونَ بعدك ،وما هي إلاّ فترةُ انتظارٍ بسيطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة